موقع Allah Mahabba الأربعاء السادس من الصوم الكبير
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل تسالونيقي 4: 1 – 9
يا إخوَتِي، لَقََدْ تَعَلَّمْتُم مِنَّا كَيفَ يَجِبُ أَنْ تَسْلُكُوا وتُرْضُوا اللهَ، وهكَذا أَنْتُم سَالِكُون، لِذلِكَ نَسْأَلُكُم ونُنَاشِدُكُم في الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ تَسْتَزِيدُوا أَكْثَرَ فأَكْثَر.
فإِنَّكُم تَعْلَمُونَ أَيَّ وَصَايَا ٱسْتَودَعْنَكُم بِالرَّبِّ يَسُوع.
إِنَّ مشيئَةَ اللهِ هِيَ تَقْدِيسُكُم، أَيْ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الفُجُور؛
وأَنْ يَعْرِفَ كُلُّ واحِدٍ مِنْكُم كَيْفَ يَصُونُ جَسَدَهُ في القَدَاسَةِ والكَرَامَة،
لا في أَهْوَاءِ الشَّهْوَة، كَمَا يَفْعَلُ الأُمَمُ الَّذِينَ لا يَعْرِفُونَ الله؛
وأَلاَّ يتَعَدَّى أَحَدٌ عَلى أَخِيهِ ويَسْتَغِلَّهُ في هذَا الأَمْر، لأَنَّ الرَّبَّ يُعَاقِبُ عَلى كُلِّ هذِهِ الأُمُور، كَمَا سَبَقَ فَقُلْنَا لَكُم وَأَنْذَرْنَاكُم.
فاللهُ مَا دعَانَا إِلى النَّجاسَة، بَلْ إِلى القَدَاسَة.
إِذًا فَمَنْ يَحْتَقِرُ أَخَاهُ لا يَحْتَقِرُ إِنْسَانًا، بَلْ يَحْتَقِرُ اللهَ الَّذي يَمْنَحُكُم رُوحَهُ القُدُّوس.
أَمَّا المَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فلا حَاجَةَ بِكُم إِلى أَنْ نَكْتُبَ إِلَيْكُم في شَأْنِهَا، فأَنْتُم أَنْفُسُكُم تَعَلَّمْتُم مِنَ اللهِ أَنْ تُحِبُّوا بِعْضُكُم بَعْضًا.
إنجيل القدّيس لوقا 11: 37 – 48
فيمَا يَسُوعُ يَتَكَلَّم، سَأَلَهُ فَرِّيسيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ. فَدَخَلَ وَٱتَّكأ.
وَرَأَى الفَرِّيسِيُّ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَغْتَسِلْ قَبْلَ الغَدَاء، فَتَعَجَّب.
فَقَالَ لَهُ الرَّبّ: «أَنْتُمُ الآن، أيُّها الفَرِّيسِيُّون، تُطَهِّرُونَ خَارِجَ الكَأْسِ وَالوِعَاء، ودَاخِلُكُم مَمْلُوءٌ نَهْبًا وَشَرًّا.
أَيُّها الجُهَّال، أَلَيْسَ الَّذي صَنَعَ الخَارِجَ قَدْ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟
أَلا تَصَدَّقُوا بِمَا في دَاخِلِ الكَأْسِ وَالوِعَاء، فَيَكُونَ لَكُم كُلُّ شَيءٍ طَاهِرًا.
لَكِنِ ٱلوَيْلُ لَكُم، أَيُّها الفَرِّيسِيُّون! لأَنَّكُم تُؤَدُّونَ عُشُورَ النَّعْنَعِ وَالسَّذَابِ وَكُلِّ البُقُول، وَتُهْمِلُونَ العَدْلَ وَمَحَبَّةَ ٱلله. وَكانَ عَلَيْكُم أَنْ تَعْمَلُوا بِهذِهِ وَلا تُهْمِلُوا تِلْكَ.
أَلوَيْلُ لَكُم، أَيُّهَا الفَرِّيسِيُّون! يَا مَنْ تُحِبُّونَ صُدُورَ المَجَالِسِ في المَجَامِع، وَالتَّحِيَّاتِ في السَّاحَات.
أَلوَيْلُ لَكُم، لأَنَّكُم مِثْلُ القُبُورِ المَخْفِيَّة، وَالنَّاسُ يَمْشُونَ عَلَيْها وَلا يَعْلَمُون».
فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّوْرَاةِ وَقَالَ لَهُ: «يا مُعَلِّم، بِقَوْلِكَ هذَا، تَشْتُمُنا نَحْنُ أَيْضًا».
فَقَال: «أَلوَيْلُ لَكُم، أَنْتُم أَيْضًا، يا عُلَمَاءَ التَّوْرَاة! لأَنَّكُم تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً مُرهِقَة، وَأَنْتُم لا تَمَسُّونَ هذِهِ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُم.
أَلوَيْلُ لَكُم! لأَنَّكُم تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاء، وَآبَاؤُكُم هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوهُم.
فَأَنْتُم إِذًا شُهُود! وَتُوَافِقُونَ عَلَى أَعْمَالِ آبَائِكُم، لأَنَّهُم هُمْ قَتَلُوهُم وَأَنْتُم تَبْنُونَ قُبُورَهُم.
التأمل
”أَلَيسَ الَّذي صَنَعَ الظّاهِر، قَد صَنَعَ الباطِنِ أَيضاً؟“
يَجنَح تَفكيرُنا بِحَسَبِ التَّربِيَة الَّتي تَشَرَّبناها مِنَ الأَهلِ وَالمـَدرَسَة وَالمـُجتَمَع وَالأَصدِقاء، وَعَلَيهِ نَبني مُعتَقداتِنا، وَنُؤَسِّس لِخُلُقِيَّاتِنا. نُلاحِظُ في حَياتِنا الضَّيِّقَة، وَفي حَياةِ المـُجتَمَعاتِ على مُستَوىً واسِع، اختِلافًا بَينَ شَخصٍ وَآخَر، وَبَينَ شَعبٍ وَآخَر في مَوضوعِ المـَبادِئِ وَالقِيَم. إِذا أَرَدنا أَن نُقارِنَ وَنُمَيِّزَ بَينَ الفَرّيسيّينَ وَيَسوع، نَكتَشِف أَنَّ الرَّبَّ يولي أَهَمِّيَّةً كَبيرَةً لِلقَلبِ، بَينَما أُولَئِكَ يولونَ اهتِماماً للظَّاهِر، فَيَسوع لا يَكتَرِث وَلا يَهتَمّ لِما يَقولُ النَّاسُ فيهِ، بَينَما الفَرّيسيُّونَ يَهتَمُّونَ كَثيراً لِهذا الأَمر. صَحيحٌ أَنَّ التَّصَرُّفَ الجَيِّد وَالصَّالِح يُقَدِّمُ شَهادَةً مُفيدَةً لِلمُجتَمَع، وَلَكِن عَلَيهِ أَن يَنتُج مِن قَلبٍ عَرَفَ مَحَبَّةَ اللهِ وَصَلاحِهِ وَغُفرانِه، وَلَيسَ تَصَرُّفاً شَكلِيًّا يُطبَعُ بِمَنطِقِ الواجِبِ وَالعَيب تُجاهَ تَلميعِ صورَةِ الذَّات، وَلَيسَ بِهَدَفِ مَحَبَّةِ الآخَر وَمُشارَكَتِهِ بالنِّعَمِ وَالمـَواهِب المـُعطاةِ مِنَ الله. مِن هُنا، نَكتَشِفُ أَنَّ المـَوضوعَ يَطالُ الثِّقَّةَ بِالنَّفس: واحِدٌ يَستَمِدُّها مِن نَظرَةِ الآخَرينَ على أَساسِ تَصَرُّفاتِهِ الخارِجِيَّة، وَآخَر انطِلاقًا مِن نَفسِهِ وَالله.
يَا بُنَيَّ، رُبَّما عِندَما تَأتي الأَزمِنَة اللِّيتورجيَّة الكَنَسِيَّة لِتَدعوَكَ لِتَعيشَ خِبرَةً مَعَ شَعبِ اللهِ مِنَ الصَّومِ وَالصَّدَقَةِ وَالصَّلاة، تَسأَلُ نَفسَكَ وَالآخَرين، لِماذا علَينا أَن نولي اهتِمامًا للصَّومِ، يَكفينا أَن نُصَلِّي وَنَتَصَدَّق؟ أَو رُبَّما تُعطي اهتِمامًا مُبالَغًا للصَّومِ لِتُهمِلَ البَقِيَّة. عِندَما تَكونُ المـَحَبَّةُ هيَ الهَدَفُ الَّذي تَصبو لِتَعيشَهُ، تَبحَثُ عَن كُلِّ وَسيلَةٍ جَيِّدَة وَصالِحَة وَمُتاحَة وَمُمكِنَة لِتَستَخدِمَها، لِأَنَّ كُلَّ الوَسائِل بِما فيها الصَّومُ وَالصَّلاةُ وَالصَّدَقَة، خارِجاً عَن المـَحَبَّة لا تُؤتي ثَمَراً صالِحًا، بَل قَد تُصبِح لَدَيكَ ذاتَ عادَةٍ فَرّيسيَّة وَتَقليدٍ كَنَسيّ تَعيشُهُ مِن بابِ الواجِب وَالمـُلزَم. لَقَد أَرَدتُكَ أَن تَكونَ حُرّاً، لِذَلِكَ دَعَوتُكَ لِتَهتَمَّ لِقَلبِكَ أَوَّلاً قَبلَ أَيّ شَيءٍ آخَر، وَلِكَي تُحَرِّرَهُ مِن قُيودِ الأَهواءِ وَالإِهتِمامِ لِنَظرَةِ الآخَرينَ بِكَ، عَلَيكَ أَن تَسمَحَ لي أَن أَدخُلَ إِلَيهِ فَيَعُمَّهُ سَلامي الَّذي بِواسِطَتِهِ تَتَصالَح مَعَ نَفسِكَ وَمَعَ تاريخِكَ وَالآخَرين. عِندَما يُصبِح تَركيزكَ على قَلبِكَ لِسَبَبِ حُضوري فيهِ، تَنمو في مَعرِفَةِ نَفسِكَ، وَهَكَذا تَتَعَلَّمُ مَعَ عامِلِ الوَقت ما يَزيدُكَ نُمُوًّا وَحُرِّيَّةً وَسَلاماً، فَتَخرُجَ مِن دائِرَةِ الإهتِمام لِآراءِ الآخَرين، لِتَهتَمَّ بِكُلّ ما هو خَيرٌ مِنّي.
مَن يَرجِعُ إِلى تَعاليمِ الرَّابّيين اليَهود، يَجِدُ حَيِّزًا واسِعًا يُرَكِّزُ على بُعدِ التَّصَرُّف الخارِجيّ لِمَدى تَأثيرِهِ عَلى صورَةِ المـَرء، وَعلى عَلاقَتِهِ بِمُحيطِهِ. في تَعليمِ الرَّبّ يَسوع نَجِدُ خُروجاً مِن هذا التَّيَّارِ الرُّوحيّ، لِيَتَمايَز في تَركيزِهِ عَلى مِحوَر وَمَركَزِيَّة القَلب، فَنَراهُ في خِطاباتِهِ يَرِجعُ إِلى الكِتابِ المـُقَدَّس لِيُثَبِّتَ تَعليمَهُ، كَيما مِن خِلالِهِ يَتَحَرَّرَ مُستَمِعوهُ مِنَ القُيودِ الَّتي يَفرِضُها المـُجتَمَع وَنَظرَة الآخَرينَ عَلَيِهِم. كَما يُعنى الإِنسانُ بِمَظهَرِهِ الخارِجيّ، عَلَيهِ أَن يُعنى بِحالَةِ نَفسِهِ وَروحِهِ، وَكما يَلجَأُ إِلى مَوادٍّ مُختَلِفَة بِهَدَفِ العِنايَة الخارِجِيَّة، عَلَيهِ أَيضًا أَن يَلجَأَ إِلى كَلِمَةِ اللهِ وَإِلى مِثالِ الرَّبّ الَّذي يُطَهِّر القَلبَ وَيُنَقِّيهِ، فَيَتَجَدَّدَ بِقُوَّة النِّعمَة الإِلَهيَّة. إِمضِ اليَومَ إِلى الكاهِنِ وَأَرِهِ حالَةَ قَلبِكَ، تائِباً مُقِرّاً بِخَطاياكَ.
رَبّي يَسوع، هَبني نورًا مِن عَينَيكَ، لِأُبصِرَ حالَةَ قَلبي، فَأَسأَلُكَ الشِّفاءَ الرُّوحيّ، قَبلَ أَيِّ أَمرٍ آخَر. هَبني قَطرَةً مِن مائِكَ الَّذي أَفَضتَهُ مِن جُرحِ جَنبِكَ الطَّاهِرِ لِأَغتَسِلَ بِهِ، فَيَتَنَقَّى تاريخيّ وَكِياني، مِن أَدرانِ خَطيئَتي الشَّخصِيَّةِ القاتِلَة. هَبني روحَ حِكمَتِكَ لِكَي لا أَعيشَ للنَّاسِ وَتَطَلُّعاتِهِم، وَلا لِروحِ العالَمِ بَل لِأَحيا لَكَ وَحدَكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!