موقع Allah Mahabba الثلاثاء السادس من الصوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 8: 12 – 18
يا إخوَتِي، لا دَيْنَ عَلَيْنَا لِلجَسَد، فنَعِيشَ كأُنَاسٍ جَسَدِيِّين؛
لأَنَّكُم إِنْ عِشْتُم كأُنَاسٍ جَسَدِيِّينَ تَمُوتُون، أَمَّا إِنْ أَمَتُّم بِالرُّوحِ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَتَحْيَون؛
لأَنَّ الَّذينَ يَنْقَادُونَ لِرُوحِ اللهِ هُم أَبْنَاءُ الله.
وأَنْتُم لَمْ تَنَالُوا رُوحَ العُبُودِيَّةِ لِتَعُودُوا إِلى الخَوف، بَلْ أَخَذْتُم رُوحَ التَّبَنِّي الَّذي بِهِ نَصْرُخُ: أَبَّا، أَيُّهَا الآب!
وهذَا الرُّوحُ عَيْنُهُ يَشْهَدُ مَعَ أَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَولادُ الله.
فإِنْ كُنَّا أَوْلادَ اللهِ فَنَحْنُ أَيْضًا وَارِثُون: وارِثُونَ للهِ وَمُشَارِكُونَ للمَسِيحِ في المِيراث؛ لأَنَّنَا إِنْ شَارَكْنَاهُ حَقًّا في آلامِهِ، نَشَارِكُهُ أَيْضًا في مَجْدِهِ.
وإِنِّي أَحْسَبُ أَنَّ آلامَ الوَقْتِ الحَاضِرِ لا تُوَازِي المَجْدَ الَّذي سَوْفَ يتَجَلَّى فينَا.
إنجيل القدّيس يوحنّا 7: 1 – 13
بَعْدَ ذلِك، كَانَ يَسُوعُ يَتَجَوَّلُ في الجَلِيل، ولا يَشَاءُ التَّجَوُّلَ في اليَهُودِيَّة، لأَنَّ اليَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ.
وكَانَ عِيدُ اليَهُود، عِيدُ المَظَالِّ، قَريبًا.
فقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «إِنتَقِلْ مِنْ هُنَا، وَٱذْهَبْ إِلى اليَهُودِيَّة، لِكَي يُشَاهِدَ تَلامِيذُكَ أَيْضًا ٱلأَعْمَالَ الَّتِي تَصْنَعُهَا.
فَلا أَحَدَ يَعْمَلُ شَيْئًا في الخَفَاء، وهُوَ يَبْتَغِي الظُّهُور. إِنْ كُنْتَ تَصْنَعُ هذِهِ الأَعْمَال، فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَم»،
لأَنَّ إِخْوتَهُ أَنْفُسَهُم مَا كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «مَا حَانَ وَقْتِي بَعْد، أَمَّا وَقْتُكُم فَهُوَ حَاضِرٌ فِي كُلِّ حِين.
لا يَقْدِرُ العَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُم، لكِنَّهُ يُبْغِضُنِي، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَة.
إِصْعَدُوا أَنْتُم إِلى العِيد، وأَنَا لا أَصْعَدُ إِلى هذَا العِيد، لأَنَّ وَقتِي مَا تَمَّ بَعْد».
قَالَ لَهُم هذَا، وبَقِيَ في الجَلِيل.
وبَعْدَمَا صَعِدَ إِخْوَتُهُ إِلى العِيد، صَعِدَ هُوَ أَيْضًا، لا ظَاهِرًا بَلْ في الخَفَاء.
فَكَانَ اليَهُودُ يَطْلُبُونَهُ في العِيد، ويَقُولُون : «أَيْنَ هُوَ ذَاك؟».
وكَانَ في الجَمْعِ تَهَامُسٌ كَثِيرٌ في شَأْنِهِ. كَانَ بَعْضُهُم يَقُول: «إِنَّهُ صَالِح»، وآخَرُونَ يَقُولُون: «لا، بَلْ هُوَ يُضَلِّلُ الجَمْع».
ومَا كَانَ أَحَدٌ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ عَلَنًا، خَوْفًا مِنَ اليَهُود.
التأمل
”لَم يَأتِ وَقتي بَعد وأَمَّا وَقتُكُم فهوَ مُؤاتٍ لَكُم أَبداً“
يُعرَفُ الحَماسُ بِالتَّسَرُّعِ، بَينَما طَويلُ الأَناةِ يَستَحسِنُ التَّأَمُّلَ مَعَ التَّفكيرِ وَالتَّرَويّ وَالتَّأَنّي. مِنَ الصّعبِ عَلَينا أَن نَتَرَوَّى عِندَما تَهُبُّ روحُ الحَماسَةِ فينا على مَوضوعٍ ما، أَو مَشروعٍ ما، أَو فِكرَةٍ ما، نَجِد أَنَّنا سَنُحَقِّق أَنفُسَنا فيها، لَكِنَّ التَّواضُعَ وَحدَهُ يَمُكِّنُنا أَن نَعيشَ الحَماسَ مُطَعَّمًا بِالتَّرَويّ وَليدَ الحِكمَة الَّتي نَنهَلُها مِن روحِ الرَّبِّ القُدُّوس. لَقَد تَمَيَّزَ الرَّبُّ يَسوع بِصِقلِ شَخصِيَّتِهِ إِذ يَجمَع باعتِدالٍ لا نَظيرَ لَهُ، ما بَينَ الحَماسَةِ وَالتَّرَويّ، في الوَقتِ الَّذي كانَ تَلاميذُهُ مُتَهَوِّرينَ بِحَماسَتِهِم الَّتي عاشَوها على أَثَرِ أَوَّلِ خِبرَةٍ رَسولِيَّةٍ لَهُم، وَاليَهودُ الَّذينَ لَجُّوا بِطَلَبِهِم مِن يَسوع في الإِسراعِ بِإِعلانِ مَجدِهِ لِلجُموعِ في أَوَّلِ عيدٍ يَحتَفِلونَ بِهِ في هَيكَلِ أُورَشَليم. يَرتَبِطُ حَماسُنا بِكَثيرٍ مِنَ الأَوقاتِ بِحُبِّ الظُّهورِ، فيما المـَطلوب مِنَّا قَبلَ أَيِّ حَرَكَةٍ تَقييمِ وَتَمييزِ هَذِهِ الحَماسَة، إِن كانَت تُنتِجُ خَيرًا أَم ضَرَرًا يَعودُ عَلَينا وَعلى الآخَرين بِعَدَمِ الفائِدَة، وهذا الأَمر نَتَعَلَّمُهُ مِنَ الرَّبَّ يَسوع نَفسُهُ مَتى أَخَذنا على عاتِقِنا التَّتَلمُذَ لَهُ وَالتَّعَلُّمَ مِنهُ.
يَا بُنَيَّ، لَقَد أُعطِيَ الوَقتُ لَكَ لِتَستَفيدَ مِنهُ، فَلا تَهدُرهُ سُدىً، وَلا تَكُن مِمَّن يَهدِرونَ أَعمالَهُم بِسَبَبِ ضيقِ الوَقتِ أَو لِتَسَرُّعٍ ناجِمٍ عَن طَبعٍ وَشَخصِيَّة. لِكَي تَعيشَ اللَّحظَةَ الرَّاهِنَة، عَلَيكَ أَن تَرجِعَ دائِماً إِلى الهَدَفِ الَّذي تُريدُ بُلوغَهُ، انطِلاقاً مِن هُنا، تَستَطيعُ أَن تُوَفِّقَ ما بَينَ الحَماسَةِ وَالتَّرَويّ، وَأَن تَكونَ قَنوعاً في مَعيشَتِكَ الَّتي تَبغي مَخافَةَ اللهِ قَبلَ وَفَوقَ كُلِّ الأَشياء. أُهرُب مِنَ مِقياسِ المـُقارَنَة الَّذي يُوَلِّدُ الغيرَةَ، بَدَلاً مِنَ المـُنافَسَةِ الإِيجابِيَّة، وَالَّذي يَجعَلُكَ تَعيشُ بِتَماهٍ مَعَ الآخَرينَ، بَدَلاً مِنَ البَحثِ عَن اكتِشافِ شَخصِيَّتِكَ وَفَرادَتَكَ. ها هُم اليَهود يُريدونَ أَن أَعمَلَ وَفقًا لِمَواقيتِهِم، وَأَنتَ في كُلِّ مَرَّةٍ تَطلُبُ نِعمَةً في الصَّلاةِ مِنّي، وَتَروحُ تَدورُ في دوَّامَةِ الإِنتِظارِ الفارِغ لأَنَّكَ أَيضاً على مِثالِهِم أَرَدتَ أَن أَكونَ طِبقاً لِمَواقِيتِكَ وانتِظاراتِكَ، لِذَلِكَ أَدعوكَ لِتَتَجَنَّبَ هَذِهِ التَّجرُبَة عَن طَريقِ التَّأَمُّلِ الَّذي مِن خِلالِهِ تُصغي لي بِثِقَةٍ أَكثَر مِن إِنصاتِكَ لِأَهوائِكَ الَّتي تَجعَلُكَ مُتَحَرِّقًا بِحَماسَةٍ تَبوءُ آخِرَ المـَطافِ إِلى خَيبَةِ أَمَل. ما أُعطِيَ لَكَ مِن وَقتٍ غَيرَ مَنوطٍ بِما أُعطِيَ لِسِواكَ، كُلٌّ يَعيشُ حَياتَهُ على مُستَوى خاصّ وَإن بِإِطارٍ عام.
يُبَيِّنُ لَنا الإِنجيليّ يوحَنَّا الرَّيبَةَ الَّتي على أَساسِها كانَ اليَهودُ يَتَعامَلَونَ مَعَ يَسوع، إِذ كانوا يَضَعونَ لَهُ فِخاخًا، بَدَلاً مِن مُصارَحِتِهِ بِصِدقٍ وَبَساطَة. هم يَطلُبونَ الأَعمالَ مِنهُ لا لِكَي يُؤمِنوا، بل لِيُثبِتوا رَيبَتَهُم وَشَكَّهُم فيهِ، كَما وَأَنَّهُ رَبَطوا أَعمالَهُ بِانتظاراتِهِم، فَلَم يَسمَحوا لِنَفسِهِم أَن يَرَوا النُّبُؤات الَّتي تَحَقَّقَت على يَدِه. يُذَكِّرُنا طَلَبُ اليَهودِ مِن يَسوع، بِتَجرُبَة إِبليس لَهُ في البَرِّيَّة حَيثُ طَلَبَ مِنهُ أَن يُظهِرَ مَجدَهُ لِلعالَم، وَالرَّبُّ أَبى الإِنصِياع. لَقَد أَتى رَدُّ الرَّبِّ على اليَهودِ مُتَوازِياً مَعَ رَدِّهِ على الشَّيطان، فَهو لَم يَسِر على مَواقيتٍ تُخالِفُ ساعَةَ المـَجدِ الَّتي أَعَدَّها لَهُ الآب السَّماويّ، لِكَونِهِ كانَ يَلتَمِسُ دائِماً مَشيئَةَ الله. كُن مِمَّن يَعيشونَ وَفقًا لِمَشيئَةِ الله، لا وَفقًا لِمَواقيتِ النَّاسِ وَالعالَم.
رَبّي يَسوع، يَا مَن عِشتَ حَياتَكَ وَأَنتَ تَلتَمِسُ مَشيئَةَ أَبيكَ السَّماويّ بِكُلِّ صِدقٍ وَرَغبَةٍ بِصُنعِ الخَير، وَلَم تَرى في الوَقتِ إِلَّا نِعمَةً تَستَفيدُ مِنها بِهَدَفِ البَحثِ عَن مَشيئَةِ أَبيكَ وَالعَمَلِ بِها. إِنَّكَ على الرُّغمِ مِن كُلِّ الضُّغوطاتِ الَّتي لَحِقَت بِكَ مِن جانِبِ اليَهودِ وَسِواهِم، بَقيتَ أَمينًا لِصَوتِ الرُّوحِ القُدُسِ فيك، حَتَّى تَبلُغَ ساعَةَ المـَجد، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!