موقع Allah Mahabba الاثنين الخامس من الصوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس 5: 3 – 13
يا إخوَتِي، أَمَّا الفُجُورُ وكُلُّ نَجَاسَة، أَوِ الجَشَع، فلا يُذْكَرْ حتَّى ٱسْمُهَا بَيْنَكُم، كَمَا يَلِيقُ بِالقِدِّيسِين؛
ولا البَذَاءَةُ ولا الكلامُ السَّفِيه، أَوِ السُّخْرِيَّة، كُلُّ هذِهِ لا تَلِيق، بَلْ بِالأَحْرَى الشُّكْرَان.
إِعْلَمُوا هذَا جَيِّدًا: إِنَّ كُلَّ زَانٍ، أَو نَجِس، أَو جَشِعٍ عَابِدِ أَوثَان، لا مِيرَاثَ لَهُ في مَلَكُوتِ المَسِيحِ والله.
لا يَخْدَعَنَّكُم أَحَدٌ بِكلامٍ بَاطِل، فبِهذَا يَنْصَبُّ غَضَبُ اللهِ على أَبْنَاءِ العُصْيَان.
فلا تَكُونُوا لَهُم شُرَكَاء.
لَقَدْ كُنْتُم مِنْ قَبْلُ ظَلامًا، أَمَّا الآنَ فأَنْتُم نُورٌ في الرَّبّ: فَٱسْلُكُوا كأَوْلادِ النُّور.
فثَمَرُ النُّورِ هُوَ في كُلِّ صلاحٍ وَبِرٍّ وحَقّ.
ومَيِّزُوا مَا هُوَ مَرْضِيٌّ لِلرَّبّ.
ولا تُشَارِكُوا في أَعْمَالِ الظَّلامِ العَقِيمَة، بَلْ بِالأَحْرَى وَبِّخُوا عَلَيْهَا؛
لأَنَّ مَا يَفعَلُونَهُ في الخُفيَةِ يَقْبُحُ حتَّى ذِكْرُهُ.
وكُلُّ مَا يُوَبَّخُ عَلَيْهِ يُظْهِرُهُ النُّور،
إنجيل القدّيس مرقس 5: 1 – 20
وَصَلَ يَسُوعُ وتَلامِيذُهُ إِلى الضَّفَّةِ الأُخْرَى مِنَ البُحَيْرَة، إِلى بَلَدِ الجِراسِيِّين.
ومَا إِنْ نَزَلَ يَسُوعُ مِنَ السَّفينَةِ حَتَّى لاقَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ القُبُورِ فِيهِ رُوحٌ نَجِس.
كانَ يَسْكُنُ في القُبُور، ومَا كانَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يُكَبِّلَهُ حَتَّى بِسِلْسِلَة.
وكَثيرًا ما كَبَّلُوهُ بِقُيُودٍ وسَلاسِل، فكَانَ يَقْطَعُ السَّلاسِل، ويَكْسِرُ القُيُود، ومَا كانَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَضْبِطَهُ.
وكانَ عَلَى الدَّوَام، لَيْلاً ونَهَارًا، في القُبُورِ وفي الجِبَال، يَصْرُخُ ويُهَشِّمُ جَسَدَهُ بِٱلحِجَارَة.
ورَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ وسَجَدَ لَهُ.
وصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وقَال: «مَا لي ولَكَ يا يَسُوعُ ٱبْنَ اللهِ العَلِيّ؟ أَسْتَحْلِفُكَ بِٱلله! لا تُعَذِّبْني!»؛
لأَنَّ يَسُوعَ كانَ يَقُولُ لَهُ: «أُخْرُجْ مِنَ الرَّجُل، أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِس!».
وسأَلَهُ: «مَا ٱسْمُكَ؟». فقَالَ لَهُ: «إِسْمي فِرْقَة، لأَنَّنَا كَثِيرُون!».
وكانَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ كَثِيرًا أَنْ لا يَطْرُدَهُم مِنْ ذلِكَ البَلَد.
وكانَ هُنَاكَ قَطِيعٌ كَبيرٌ مِنَ الخَنَازيرِ يَرْعَى قُرْبَ الجَبَل.
فتَوَسَّلَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ إِلى يَسُوعَ قَائِلَة: «أَرْسِلْنَا إِلى الخَنَازِيرِ فَنَدْخُلَ فِيها!».
وأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ، ودَخَلَتْ في الخَنَازِير، فَإِذَا بِٱلقَطِيعِ – وعَدَدُهُ نَحْوُ أَلْفَيْن – قَدْ وَثَبَ مِنْ عَلَى المُنْحَدَرِ الوَعْر، وغَرِقَ في البُحَيْرَة.
وهَرَبَ رُعَاةُ الخَنَازِير، وأَذاعُوا الخَبَرَ في المَدِينَةِ والقُرَى، فذَهَبَ النَّاسُ لِيَرَوا ما جَرَى.
فلَمَّا وصَلُوا إِلى يَسُوعَ شَاهَدُوا المَمْسُوس، الَّذي كانَ فِيهِ فِرْقَةُ شيَاطِين، جَالِسًا، لابِسًا، سَلِيمَ العَقْل، فخَافُوا.
والَّذين رَأَوا أَخْبَرُوهُم بِمَا جَرَى لِلْمَمْسُوسِ وَلِلْخَنَازِير،
فبَدَأُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلى يَسُوعَ أَنْ يَرْحَلَ عَنْ دِيَارِهِم.
وفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ إِلى السَّفينَة، تَوَسَّلَ إِلَيْهِ ذَاكَ الَّذي كانَ مَمْسُوسًا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ.
فلَمْ يَسْمَحْ لَهُ يَسُوع، بَلْ قَالَ لَهُ: «إِذْهَبْ إِلى بَيْتِكَ، إِلى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُم بِكُلِّ ما صَنَعَ الرَّبُّ إِلَيْك، وَبِرَحْمَتِهِ لَكَ».
فذَهَبَ وبَدَأَ يُنَادي في المُدُنِ العَشْرِ بِكُلِّ مَا صَنَعَ إِلَيْهِ يَسُوع، وكانَ الجَمْيعُ يَتَعَجَّبُون.
التأمل
”أَخَذوا يَسأَلونَ يَسوع أَن يَنصَرِفَ عَن بَلَدِهِم“
إِنَّ واقِعَ حَياتِنا البَشَرِيَّة وَما فيها مِن أَخبارٍ وَأَحداثٍ عَلى اختِلافِ تَنَوُّعِها وَأَشكالِها، تَزيدُ لَدَينا الرَّغبَةَ في البَحثِ وَالسُّؤال بِخاصَّةٍ حَولَ المـَواضيعِ الَّتي تَقومُ عَلى التَّناقُدَ وَاللَّامَنطِق، إِذ تَجتَذِبُنا مِن ناحِيَة وَتُحَيِّرُنا من ناحِيَةٍ ثانِيَة، على سَبيلِ المـِثال، كَيفَ يُرفَضُ الإِنسانُ عَلى خَيرٍ صَنَعَهُ، في حينٍ هذا الخَير يَعني الشَّخص الرَّافِض، وَمَصلَحَتَهُ البَعيدَةَ الأَمَد. هَل يَعودُ السَّبَبُ هُنا لِلجَهلِ الرُّوحيّ، أَم لِأَهواءِ النَّفس وَللرَّذائِل؟ في كُلِّ الأَحوال، إِذا أَرَدنا أَن نَفهَمَ شَيئًا ما نَستَطيعُ فَهمَ البَعضَ مِنهُ، يَبقى المـَطلوبُ مِنَّا تَجَنُّبَ كُلّ ما يَجعَلُنا خارِجَ قَبولِ الخَيرِ أَو صُنعَهُ، لِأَنَّنَا فيهِ نَجِدُ سَلامَنا الدَّاخِلي، وَمَعَهُ نَعرِفُ نِعَمَ اللهِ وَحُضورِهِ المـُمَيَّزَ في حَياتِنا. أَمامَ مَواقِفَ رَفضِ الخَير، عَلَينا أَن نَأخُذَ بِالإِعتِبار بَعضاً مِنَ الأَسباب الّتي تَجعَلُنا نَرفُضُ الخَير: الجَهلَ، الكِبرِباءَ، العِناد، رَفض صانِعِ الخَير، رَفض تَغيير العادات والتّقاليد، عدا ما يَتَأَتَّى مِن تَركيبَة الإِنسانِ النَّفسيّة، وَتَأَثُّرَهُ بِالبُعدِ التَّربويّ الإجتِماعيّ. عَلى الخَير أَن يَكون خَيارنا.
يَا بُنَيَّ، لَم أُرفَض لِمَرَّةٍ واحِدَةٍ في حَياتي وَحَسبُ، لا بَل عَرَفتُ الرَّفضَ مِراراً وَتَكراراً وَبِمُناسَباتٍ عَديدَةٍ وَمُختَلِفَة. مِن يَومِ ميلادي عَرَفتُ الرَّفضَ، وَيَومَ دَخلتُ مَجمَعَ النَّاصِرَة في شَبابي كُرِّرَ الأَمرَ نَفسَهُ، وَتَتابَعَ مَعَ كُلِّ كِرازَةٍ قُمتُ بِها إِلى حين عُلِّقتُ على الصَّليب، حَيثُ بَرَزَ كَمُّ الرَّفضِ الكَبير تُجاهي، فَقابَلتُهُ بِكَمّ رَحمَتي اللَّامُتناهِيَة. يَومَ عبرتُ إِلى ناحِيَةِ الجَرّاسِيّين، إِلى تِلكَ الأَرضِ الوَثَنِيَّة، أَرَدتُ أَن أَفتَحَ لِأَبنائِها بابَ الخَلاص، كَيما يَخرجوا مِن ظُلمَةِ قُبورِهِمِ الَّتي تُشيرُ إِلى كُلّ أَنواعِ العِبادَة الخاطِئَة وَالمـُضِلَّة وَالمـُنحَرِفَة الَّتي تُطابِقُ بِأَبعادِها تَصَرُّفاتِ ذاكَ الرَّجُلِ الفاقِد الرُّشد. لَيسَ سَهلاً وَلا مُستَحَبّاً أَن تَأتي بِجَديدٍ يَشعُرُ الآخَر أَنَّ قَديمَهُ مُهَدَّدٌ، فَلَم يَقبَل أَهلُ تِلكَ النَّاحِيَةِ بالبُشرى الحَسَنَة، وَهذا ما تَراهُ اليَوم عِندَ الَّذينَ يَرفُضونَ مَبدَأ تَجَسُّدي فَلا يَقبَلونَ مَنطِقَ المـَحَبَّة الّتي تَكسِرُ كُلَّ القُيود، بِمـا فيها حُرمَةَ القُبور، لِتَبعَثَ حَياةً جَديدَةً وَقِيامَةً مَجيدَةً للنُّفوسِ الضَّالَّةِ والتَّائِهَةِ وَالخاطِئَة. صَحيحٌ أَنَّ أَهلَ وَسُكَّانَ تِلكَ الأَرضِ طَلَبوا مِنِّي الإنصِرافَ عَن أَرضِهِم، لَكِنَّني تَرَكتُ هُناكَ لي شاهِدًا يُخبِرُ عَن رَحمَتي وَمَحَبَّتي حَتى إِذا سَمِعوا يَتوبوا.
يَتَناوَل حَدَثُ تَحرير الرَّبَّ يَسوع لِذاكَ الرَّجُلِ المـَسكونِ مِنَ الأَرواحِ النَّجِسَةِ وَالمـُنتَمي إِلى بيئَةٍ وَثَنِيَّة، مَوضوعَ الخَلاص لَدى الشُّعوبِ وَالأَديانِ الغَير مَعروفَة بِالأَديانِ السَّماوِيَّة، مِمَّا يَفتَح أَفاقاً تُبَيِّنُ لَنا أَنَّ الرَّبَّ يَسوع، لَم يَأتِ مِن جَماعَةٍ واحِدَةٍ وَدينٍ وَإِتنِيَّةٍ وَشَعبٍ خاصّ، بَل جاءَ مِن أَجلِ الجَميع، القَريبينَ وَالبَعيدينَ، وَذَلِكَ لِكَي يُعطي خَلاصَهُ بِمَجَّانِيَّة، يَبقى على الإِنسان أَن يَنفَتِحَ بِإِيمانٍ عَلى تِلكَ العَطِيَّة، مُولِياً اهتِماماً لَها يَزيدُ على مَحَبَّتِهِ لِبيئَتِهِ وَثَقافَتِهِ وَعاداتِهِ، لِأَنَّها تُعطيهِ المـَعنى الكامِل لِحَياتِهِ، فيما تِلكَ بَعيدًا عَنها تُصبِحُ قُيوداً مَوروثَةً تَزدادُ ثِقلاً بِقَدَر التَّمَسُّكِ بِها كَأَساسٍ وجوديّ. كُن حَذِراً مِن كُلّ تَسَرُّعٍ قاتِل وَلا تَرفُض عَمَلَ خَيرٍ قَبلَ أَن تَتَأَمَّلَ بِمَصدَرِهِ وَغايَتِهِ قَد يَصِلُكَ بِالله.
رَبّي يَسوع، أَنتَ الَّذي عَرَفتَ الإِضطِهادَ وَالرَّفضَ على طولِ حَياتِكَ الزَّمَنِيَّةِ، وَرُغمَ هذا، بَقيتَ ثابِتاً بِمَحَبَّتِكَ لَنا، فَلَم تَتَبَدَّل هُوِيَّتُكَ وَلَم تَتَلَوَّن بِسَبَبِ ثَقافاتِ الشُّعوبِ وَالأَديانِ وَالأَعراقِ وَاللُّغات، لا بَل وَحدَكَ الَّذي يَستَطيعُ أَن يُطَعِّمَها بِمُعجِزاتِ الخَيرِ وَالصَّلاح، إِذ تُضَمِّد وَتَشفي وَتُحَرَّر بِقُوَّةِ روحِكَ القُدُّوسِ الصَّالِح وَالمـَجيد وَالمـُحيي، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!