موقع Allah Mahabba اثنين الرماد
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 5: 10 – 21. 6: 1 – 7
يا إخوَتِي، نَحْنُ سُفَرَاءُ ٱلمَسِيح، وكَأَنَّ ٱللهَ نَفْسَهُ يَدْعُوكُم بِوَاسِطَتِنَا. فَنَسْأَلُكُم بِٱسْمِ المَسِيح: تَصَالَحُوا مَعَ ٱلله!
إِنَّ الَّذي مَا عَرَفَ الخَطِيئَة، جَعَلَهُ ٱللهُ خَطِيئَةً مِنْ أَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ فِيهِ بِرَّ ٱلله.
وَبِمَا أَنَّنا مُعَاوِنُونَ لله، نُنَاشِدُكُم أَلاَّ يَكُونَ قَبُولُكُم لِنِعْمَةِ ٱللهِ بِغَيْرِ فَائِدَة؛
لأَنَّهُ يَقُول: «في وَقْتِ الرِّضَى ٱسْتَجَبْتُكَ، وفي يَوْمِ الخَلاصِ أَعَنْتُكَ». فَهَا هُوَ الآنَ وَقْتُ الرِّضَى، وهَا هُوَ الآنَ يَوْمُ ٱلخَلاص.
فإِنَّنَا لا نَجْعَلُ لأَحَدٍ سَبَبَ زَلَّة، لِئَلاَّ يَلْحَقَ خِدْمَتَنَا أَيُّ لَوْم.
بَلْ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا في كُلِّ شَيءٍ أَنَّنَا خُدَّامُ ٱلله، بِثَبَاتِنا العَظِيمِ في الضِّيقَاتِ والشَّدَائِدِ والمَشَقَّات،
في الضَّرَبَات، والسُّجُون، والفِتَن، والتَّعَب، والسَّهَر، والصَّوْم،
وبِالنَّزَاهَة، والمَعْرِفَة، والأَنَاة، واللُّطْف، والرُّوحِ القُدُس، والمَحَبَّةِ بِلا رِيَاء،
في كَلِمَةِ الحَقّ، وقُوَّةِ ٱلله، بِسِلاحِ البِرِّ في اليَدَيْنِ اليُمْنَى واليُسْرَى،
إنجيل القدّيس متّى 6: 16 – 21
قالَ الربُّ يَسوع: «مَتَى صُمْتُم، لا تُعَبِّسُوا كَالمُرَائِين، فَإِنَّهُم يُنَكِّرُونَ وُجُوهَهُم لِيَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّهُم صَائِمُون. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُم قَدْ نَالُوا أَجْرَهُم.
أَمَّا أَنْتَ، مَتَى صُمْتَ، فَٱدْهُنْ رَأْسَكَ، وَٱغْسِلْ وَجْهَكَ،
لِئَلاَّ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صَائِم، بَلْ لأَبِيكَ الَّذي في الخَفَاء، وأَبُوكَ الَّذي يَرَى في الخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيك.
لا تَكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا على الأَرْض، حَيْثُ العُثُّ والسُّوسُ يُفْسِدَان، وحَيْثُ اللُّصُوصُ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون،
بَلِ ٱكْنِزُوا لَكُم كُنُوزًا في السَّمَاء، حَيْثُ لا عُثَّ ولا سُوسَ يُفْسِدَان، وحَيْثُ لا لُصُوصَ يَنْقُبُونَ ويَسْرِقُون.
فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ، هُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا قَلبُكَ.
التأمّل
”مَتى صُمتُم، فَلا تَكونوا مُكتَئبينَ كَالمـُرائين“
في عالَمٍ أَصبَحَ الفِكرُ العلمانيّ وَالمادّي شائِعًا على الفِكرِ الرُّوحيّ، وَبِخاصَّةٍ على المـَنحى التَّطبيقيّ مِنهُ مِن خِلالِ رَفض مُمارَسَةِ الزُّهدِ وَالتَّقَشُّفِ في الصَّومِ وَالتَّجَرَّد، أَصبَحَ السُّؤالُ الَّذي يُراوِدُ تَفكيرِنا، بِماذا يَنفَعُنا الصَّومُ الجَسَديّ؟ أَيُّ إِضافَةٍ نَجني مِنهُ؟ أَيضًا في عالَمِنا المـُعاصِر، نُلاحِظُ أَنَّ كَثيرينَ يَتَوَجَّهونَ إِلى أَخِصَّائِيّي التَّغذِيَة البَعض مِنهُم بِهَدَفِ نَحافَة وَجَمال الجَسَد، وَالبَعض الآخَر بِهَدَفِ المـُحافَظَة وَالإِعتِناء بِصِحَّتِهِم الجَسَدِيَّة، وَكِلاهُما يُخبِرانِ بِطَريقَةٍ مُباشَرَةٍ أَو غَيرَ مُباشَرَةٍ عَن اتِّصالِ البُعدِ الجَسَديّ بِالبُعدِ النَّفسيّ، مِن خِلالِ الإِنشِراح الَّذي يَلحَظونَهُ، وَهُنا نَسأَل لِماذا يُهمَلُ البُعدِ الرُّوحيّ، طالَما الإِنسانُ بِأَبعادِهِ الثَّالوثِيَّة من جَسَدٍ وَنَفسٍ وَروحٍ كائِنٌ واحِد، يُحَقِّقُ اكتِمالَهُ وَنُضوجَهُ بِقَدرِ ما يُصبِحُ مُعتَدِلاً وَمُتَّزِنًا في طَريقَةِ مُعاطاتِهِ مَعَ كُلِّيَّةِ شَخصِه؟! باستِطاعَتِنا أَن نَرى في الصَّومِ عادَةً وَطَقساً وَفَرضاً دينِيًّا، أَو تَمريناً يُرَوِّضُنا عَلى العَيشِ بِقَناعَةٍ وَتَجَرُّدٍ وَاعتِدال، فيُساهِمَ في مَسيرَةِ نُضجِنا الرُّوحيّ وَالإِنسانيّ.
يَا بُنَيَّ، أَراكَ تُصارِعُ بَينَ مَوقِفَينِ مُحتارًا مَن عَلَيكَ أَن تَكون، إِنسانًا مُعاصِرًا وَفقَ فِكرِ العالَمِ الَّذي يُقَدَّمُ لَكَ، أَو وَفقاً لِتَعليمي. هَل تَعليميّ باتَ لا يُوافِقُ العَصرَ، أَم تَكمُنُ التَّجرُبَةُ بِجَعلِهِ قَديمًا وَرَثًّا لا يُناسِبُ حاضِرَكَ؟ إِحذَر هَذِهِ التَجرُبَة، لَم يَكُن يَومًا تَعليميّ مُتَّصِلًا بِحَقَبَةٍ وَزَمَنٍ مُحَدَّدٍ، لِيَنتَهي مَعَها، هوَ مِن أَساسِهِ مُتَّصِلٌ بِكَينونَتِكَ كَإِنسانٍ على مَدى كُلَّ التَّاريخِ وَالأَجيالِ وَالعُصور. لَيسَ بِأَمرٍ مُعيبٍ الصَّومُ في حَدِّ ذاتِهِ، إِنَّما عَيشُهُ على سِكَّةٍ مُعوَجَّة يُؤذي حَياتَكَ الرّوحِيَّةِ وَالجَسَدِيَّةِ وَالنَّفسِيَّة. الغايَةُ مِنَ الصَّومِ تَعني الرُوحَ قَبلَ الجَسَدِ، فيما هوَ يُعاشُ على مُستَوى الجَسَد، لِذَلِكَ لِكَي يَكونَ قَويمًا وَصَحيحًا، عَلَيكَ أَن تُرفِقَهُ بِالتَّأَمُّلِ وَالصَّلاة، فَمِن دونِ دُفَّةِ الفِكرِ المـُستَنيرِ، يَغدو صَومُكَ قَمعًا لِلجَسَدِ مِن دونِ مُعالَجَةِ ما في الجَسَدِ مِن أَمراض. مِن هُنا عَلَيكَ أَن تَبتَعِد عَن روحِ المـُرائِيَّة الَّتي تَحُثُّكَ على أَمرَين: الإِدِّعاءَ أَنَّكَ بارٌّ، وَتَزكِيَةِ إِرادَتَكَ لِتُظهِرَ لِنَفسِكَ وَلِلآخَرين، أَنَّكَ ذاتُ إِرادَةٍ صَلبَةٍ وَقَوِيَّة، وَفي كِلَيهِما، يَكمُنُ مَرَضُ الكِبرِياء. الصَّومُ الَّذي أُريدُهُ مِنكَ يُقتَرَنُ بِالتَّواضُعِ وَالإِعتِدال، لِتُقاسِمَ الفُقَراءَ عَيشَهُم وَتُشارِكَهُم أَيضاً بِالعطاء.
في إِنجيلِ مَتَّى نُلاحِظُ انطِلاقَةَ يَسوع التَّعليميَّة المـُؤَسَّسَة على التَّعاليمِ السَّابِقَة، هوَ القائِلُ بِفَمِهِ الإِلَهيّ: “ما جِئتُ لِأَنقُضَ، بَل لِأُكمِل”. مِن هُنا، نَكتَشِفُ مَعَ يَسوع جَوهَر التَّعاليمِ القَديمَةِ، لِنَبتَعِدَ عَن الأَشكالِ وَالتَّعابيرِ الخاطِئَةِ، وَبِالتَّالي بِاستِطاعَتِنا أَن نَصومَ وَلا نُؤتي ثَمَرًا، إِذا كانَ البُنيانُ قائِمٌ على الرَّملِ، أَمَّا إِذا بُنِيَ على الصَّخرِ، سَنَقطُفُ ثَمَراً. يَدعونا الرَّبُّ كَما دَعا تَلاميذَهُ يَومًا، للحَذَرِ مِن خَميرِ المـُرائينَ، الَّذي لا يَجعَلُنا نَعيشَ أَنفُسَنا، بَل نَكونُ أَشباهَ الأَشخاصِ البلاستيكيَّة الَّتي توضَعُ في مَحالِ بَيع الأَلبِسَة؛ نَعرِضُ عَلَينا أَشكالَ الصَّومِ، وَنحنُ لا نَعيشُ روحِيَّتَهُ. يَبقى لَنا الرَّبَّ يَسوعَ خَيرَ مِثالٍ لِنَتَعَلَّمَ كَيفَ نَصومُ، فَهَذِّب جَسَدَك بِاحتِرامِهِ في الصَّومِ وَلَيس باحتِقارِكَ لَهُ.
رَبّي يَسوع، أَنتَ المـُعَلِّمُ الصَّالِحُ الَّذي يَأبى أَن يَرى تِلميذَهُ يَعيشُ على الهامِشِ بَعيدًا عَن الحَقِّ، فَجِئتَني بِمِثالِكَ وَقُدوَتِكَ، لِتُعَلِّمَني نَهجَ الحَياةِ القَويم، حَتَّى إِذا تَبِعتُكَ لا عَلى مُستَوى التَّصَرُّفِ الخارِجيّ، بَل باعتِناقِ فِكرَكَ وَمَشاعِرِكَ تارِكًا روحَكَ القُدُّوسَ يَعمَلُ فِيَّ النِّعمَةِ وَالمـَحَبَّة، أَصبَحَ صَومي مُثمِرًا تَواضُعًا وَاعتِدالًا وَعَطاءً، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!