موقع Allah Mahabba يوم الجمعة من أسبوع الموتى المؤمنين
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 15: 35 – 44a
يا إخوَتِي، رُبَّ قَائِلٍ يَقُول: كَيْفَ يَقُومُ الأَمْوَات، وَبِأَيِّ جَسَدٍ يَعُودُون؟
أَيُّهَا الجَاهِل، إِنَّ مَا تَزْرَعُهُ أَنْت، لا يَحْيَا إِلاَّ إِذَا مَات.
وَإِنَّ مَا تَزْرَعُهُ هُوَ غَيْرُ الجِسْمِ الَّذي سَيَكُون، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ حَبَّةٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ مِنْ نَوْعٍ آخَر.
لكِنَّ اللهَ يُعْطِيهَا جِسْمًا، كَمَا يَشَاء، يُعْطِي كُلَّ حَبَّةٍ مِنَ البُذُورِ جِسْمًا خَاصًّا بِهَا.
وَلَيْسَتِ الأَجْسَامُ كُلُّهَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِد، بَلْ لِلإِنْسَانِ جِسْم، وَلِلحَيَوَانِ جِسْمٌ آخَر، وَلِلطَّيْرِ جِسْمٌ آخَر، ولِلسَّمَكِ جِسْمٌ آخَر.
وَهُنَاكَ أَجْسَامٌ سَمَاوِيَّةٌ وأَجْسَامٌ أَرْضِيَّة، لكِنَّ مَجْدَ السَّمَاوِيَّةِ نَوْع، ومَجْدَ الأَرْضِيَّةِ نَوْعٌ آخَر.
مَجْدُ الشَّمْسِ نَوْع، ومَجْدُ القَمَرِ نَوْعٌ آخَر، ومَجْدُ النُّجُومِ نَوْعٌ آخَر، لأَنَّ كُلَّ نَجْمٍ يَخْتَلِفُ بِالمَجْدِ عَنْ نَجْمٍ آخَر.
كَذَلِكَ تَكُونُ قِيَامَةُ الأَمْوَات: يُزْرَعُ الجَسَدُ في الفَسَاد، فَيَقُومُ في غَيْرِ الفَسَاد.
يُزْرَعُ في الهَوَان، فَيَقُومُ في المَجْد. يُزْرَعُ في الضُّعْف، فيَقُومُ في القُوَّة.
يُزْرَعُ جَسَدًا أَرْضِيًّا، فَيَقُومُ جَسَدًا رُوحَانِيًّا. إنْ كَانَ يُوجَدُ جَسَدٌ أَرْضِيّ، يُوجَدُ أَيْضًا جَسَدٌ رُوحَانِيّ.
إنجيل القدّيس لوقا 12: 33 – 40
قالَ الربُّ يَسوع: «بِيعُوا مَا تَمْلِكُون، وَتَصَدَّقُوا بِهِ، وٱجْعَلُوا لَكُم أَكْيَاسًا لا تَبْلَى، وَكَنْزًا في السَّماوَاتِ لا يَنفَد، حَيْثُ لا يَقْتَرِبُ سَارِق، ولا يُفْسِدُ سُوس.
فَحَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُم، هُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا قَلْبُكُم.
لِتَكُنْ أَوْسَاطُكُم مَشْدُودَة، وَسُرْجُكُم مُوقَدَة.
وَكُونُوا مِثْلَ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُم مَتَى يَعُودُ مِنَ العُرْس، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَع، فَتَحُوا لَهُ حَالاً.
طُوبَى لأُولئِكَ العَبِيدِ الَّذينَ، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُم، يَجِدُهُم مُتَيَقِّظِين. أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يَشُدُّ وَسْطَهُ، وَيُجْلِسُهُم لِلطَّعَام، وَيَدُورُ يَخْدُمُهُم.
وَإِنْ جَاءَ في الهَجْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَة، وَوَجَدَهُم هكذَا، فَطُوبَى لَهُم!
وٱعْلَمُوا هذَا: إِنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ البَيْتِ في أَيِّ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِق، لَمَا تَرَكَ بَيْتَهُ يُنقَب.
فَكُونُوا أَنْتُم أَيْضًا مُسْتَعِدِّين، لأَنَّ ٱبْنَ الإِنْسَانِ يَجِيءُ في سَاعَةٍ لا تَخَالُونَها!».
التأمّل
”حَيثُ يَكونُ كَنزُكُم، هُناكَ يَكونُ قَلبُكُم“
كُلُّ عَمَلٍ لا يَرمي إِلى هَدَفٍ، يَفقِدُ قيمَتَهُ، فَالأَهدافُ تُعطي المـَعنى وَالقيمَة لِلعَمَل. مَن يَضَعُ الهَدَف وَيُحَدِّدَهُ؟ هَل هيَ الرَّغبَةُ وَالحاجَة، أَم التَّربِيَةُ وَالثَّقافَة، أَم الواقِع وَالمـُجتَمَع، أَم القِيمُ وَالقَناعات، أَم ماذا؟ الَّذي يَصبو إِلى اقتِناءِ الثَّروَة وَالمال رُبَّما يَنطَلِقُ مِن عَوزٍ وَحاجَة، وَشعورٍ بِالنَّقص، وَبُغيَةَ تَحقيقِ مَنصِبٍ وَمَقام في المـُجتَمَع، وَمن أَجلِ تَغييرِ واقِعِ مَعيشَتِهِ أَو المـُحافَظَةِ عَلَيهِ، إِلَخ،… وَهَذِهِ كُلُّها مُجتَمِعَةً هيَ الَّتي تَكونُ قَد كَوَّنَت قِيَمِهِ وَقَناعاتِهِ. لَقَد عَرَفَ الرَّبَّ يَسوع دينامِيَّةَ طَبيعَتَنا البَشَرِيَّة، فَلِكَي نَحيا المِلءَ عَلَينا أَن نَصبو إِلى هَدَفٍ، وَلِكَون طَبيعَتَنا مَأخوذَةٌ مِن روحِ اللهِ وَاللهُ روحٌ، فَالمـِلءُ لا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِاللهِ وَفيهِ وَبِهِ وَمَعَهُ. انطِلاقًا مِن هُنا، باتَ عَلَينا أَن نَنتَبِهَ للأَهدافِ الَّتي نَطمَحُ إِلى تَحقيقِها، فَالهَدَفُ الَّذي يُريدُهُ لَنا الرَّبُّ يَدخُلُ عَلَيهِ عُنصُرَ الإِيمان، مِمَّا يَجعَلُ كُلّ ما نَعمَلَهُ عَلى مُستَوى الذَّاتِ وَالواقِعِ وَالمـُجتَمَع يَجِدُ مَعناهُ الأَخير وَالنِّهائيّ في عَلاقَتِنا وَمَعرِفَتِنا لله بِالإِبنِ الوَحيد الرَّبَّ يَسوع الكَنزُ الأَثمَن.
يَا بُنَيَّ، أُحَدِّثُكَ اليَومَ عَن الكَنزِ وَأَثَرِهِ عَلى حَياتِكَ كُلَّها، فَهوَ لا يَعني بِالضَّرورَةِ مُلكًا أَو مالًا أَو ذَهَبًا أَو جَواهِرَ، بَل يَعني وَيَخُصُّ قَلبَكَ، وَتَعرِفُهُ عَن طَريقِ تَعَلُّقاتِكَ وَأَولَوِيَّاتِكَ في الحَياة، قَد يَكونُ شَخصًا، أَو شَيئًا، أَو حَتَّى قَناعَة، وَهُنا عَلَيكَ أَنتَ أَن تُسَمِّيهِ وَتُعَرِّفَ عَنهُ، انطِلاقًا مِن مُصارَحَتِكَ لِنَفسِكَ بِالجَوابِ على السُّؤالِ التَّالي: “ما الأَمر الَّذي لا أَستَطيعُ أَن أَعيشَ مِن دونِهِ، أَو أَفقِدُ سَلامي وَطُمَأنينَتي إِذا فَقَدتَهُ؟” مَتى أَجَبتَ، تَكونُ قَد مَسَكتَ المـُفتاحَ بِيَدِكَ، لِتَعرِفَ أَينَ يَكمُنُ كَنزُكَ وَالدَّليلُ هوَ تَعلُّقَ قَلبِكَ. إِن كانَ كَنزُكَ أَرضِيٌّ، تَكونُ قَد جَنَيتَ الفَراغَ، أَمَّا إِن كُنتُ أَنا كَنزُكَ، تَكونُ قَد اختَرتَ بِحُرِّيَّتِكَ الحَياة، لِأَنَّ كُنوزَ الأَرضِ بِشَتَّى أَشكالِها تَجعَلُكَ مُقَيَّدًا وَأَسيرَ الخَوفِ مِن أَن تَخسَرَها، فَهيَ تَجَعَلُكَ تَظُنُّ أَنَّ قيمَتَكَ تَأخذُها مِنها، أَمَّا إِن تَعَلَّقتَ بي، سـَيَعرِفُ قَلبَكَ الحُريَّةَ في الخَيرِ وَالمـَحَبَّةِ وَالحَقّ، حَيثُ سَتَجِدُها كُلُّها في شَخصي، وَعِندَئِذٍ أَكونُ أَنا كَنزُكَ الأَسمى. كُنوزُ الأَرضِ تَتَّصِلُ بِمَكانٍ وَزَمانٍ، أَمَّا كَنزُكَ السَّماويّ يَجعَلُكَ حُرًّا أَينَما ذَهَبتَ، لِأَنَّكَ بي وَمَعي وَفِيَّ تَجِدُ فَرَحَكَ وَحُرِّيَّتَكَ مِمَّا يَجعَلُكَ بِغِنًى عَن كُلِّ شَيء.
يُقَدِّمُ لَنا الرَّبَّ يَسوع المـَلَكوتَ بِصورَةِ جَمالٍ نَضِرٍ لا يَذبُلُ أَبَدًا، ولا يَعرِفُ الفَساد، فيما باقي الأَشياء تَزول. إِنَّ اختِبارَنا للحَياةِ يَكشِفُ لَنا أَنَّنا أَمامَ سِرِّ المـَوت نُدرِكُ أَنَّ الَّذي يَبقى لَيسَت الأَعمالُ مَهما عَظُمَـت بَل كُلُّ ما نَعيشُهُ بِفَرَحٍ وَمَحَبَّةٍ، لِأَنَّنا عِندَ تِلكَ اللَّحظَةِ نَطلُبُ الرِّضى وَالإِمتِنان. على ضَوءِ هذا المـَوضوع، نَحنُ مَدعُوّونَ لِأَن نَكنِزَ في الحُبِّ وَالخَيرِ وَأَن يَكونَ قَلبُنا مَشدودًا دائِمًا بِفِعلِ الإِيمان إِلى مَن لا يَزولُ أَبَداً. صَحيحٌ أَنَّ طَبيعَتَنا البَشَرِيَّة تَبقى مَشدودَةٌ إِلى تُرابِها مِن بابِ المـَلموسِ وَالمـُدرَك، أَمَّا انفِتاحَنا على الرَّبَّ يَسوع يَجعَلُنا نَختَبِرُ في أَعماقِ كِيانِنا أَنَّ الكَنزَ الحَقيقيّ لَيسَ بِما نَملِكُهُ إِلى حين، بَل ما نَكونَهُ مَعَهُ. سَلّ نَفسَكَ، هَل الرَّبَّ يَسوع هوَ كَنزُكَ أَم لا؟!
رَبّي يَسوع، أَنتَ ثَروَتُنا بِالقَدرِ الكافي، إِذ فيكَ أَجِدُ راحتي وَمَلاذي، وَمَعَكَ أَعرِفُ الغُفرانَ الَّذي لا يَنضَبُ أَبَدًا وَالرَّحمَةُ الَّتي تَخلِقُني بِها دائِماً لِئَلَّا يَقوَ عَلَيَّ اليَأسُ، وَلِكَي لا يَجرُفُني الخَوفُ بِتَيَّاراتِهِ العاتِيَة. أَنتَ كَنزي الأَعظَم، لِأَنَّ كُلَّ شَيءٍ سَيُصبِحُ باهِتاً أَمامَ سِرِّ المـَوت، وَحدَها أَعمالُ نِعمَتَكَ فِيَّ سَتَجعَلُني أَحيا قِيامَتَكَ لِلأَبَد، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!