تابعونا على صفحاتنا

الإنجيل اليومي

الثلاثاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين

موقع Allah Mahabba   الثلاثاء من أسبوع الأبرار والصدّيقين

الرسالة إلى العبرانيّين 12: 14 – 17

يا إخوَتِي، أُطْلُبُوا السَّلامَ مَعَ جَمِيعِ النَّاس، والقَدَاسَةَ الَّتي لَنْ يُعَايِنَ الرَّبَّ أَحَدٌ بِدُونِهَا.

تيَقَّظُوا لِئَلاَّ يَتَخَلَّفَ أَحَدٌ عَنْ نِعْمَةِ الله، ولِئَلاَّ يَنْبُتَ عِرْقُ مَرارَةٍ يُزْعِج، فيُفْسَدُ بِهِ الكَثِيرُون،

ولِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ فَاجِرًا أَو مُدَنَّسًا مِثْلَ عِيسُو، الَّذي بَاعَ بِكْرِيَّتَهُ بأَكْلَةٍ وَاحِدَة،

فأَنْتُم تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ ذلِكَ، أَرادَ أَنْ يَرِثَ البَرَكَةَ فَرُذِل، لأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ سَبيلاً إِلى تَغْيِيرِ رأْيِ أَبِيه، معَ أَنَّهُ ٱلْتَمَسَ ذلِكَ بِالدُّمُوع.

إنجيل القدّيس متّى 5: 13 – 16

قالَ الربُّ يَسوع: «أَنْتُم مِلْحُ الأَرض. فَإِذَا فَسَدَ المِلْحُ فَأَيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُهُ؟ إِنَّهُ لا يَعُودُ يَصْلُحُ لِشَيء، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ في الخَارِجِ وتَدُوسَهُ النَّاس.

أَنْتُم نُورُ العَالَم. لا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَبَل.

ولا يُوْقَدُ سِرَاجٌ ويُوضَعُ تَحْتَ المِكْيَال، بَلْ عَلى المَنَارَة، فَيُضِيءُ لِكُلِّ مَنْ في البَيْت.

هكَذَا فَلْيُضِئْ نُورُكُم أَمَامَ النَّاس، لِيَرَوا أَعْمَالَكُمُ ٱلصَّالِحَة، ويُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذي في السَّمَاوات.

التأمّل

أَنتُم مِلحُ الأَرض، فَإِذا فَسَدَ المـِلحُ فَأَيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُهُ؟

نُلاحِظُ اليَومَ مِن خِلالِ العُلوم الإِنسانِيَّة أَهَمِّيَّةَ المـَنحى الإِيجابيّ، الَّذي يَتَطَلَّبُ التَّقديرَ وَالتَّحفيز وَبِناء الثِّقَة بِمُقَدَّراتِ الشَّخصيَّة وَمُمَيِّزاتِها الفَريدَة، وَهذا ما لَم يَكُن مَوجودًا بِشَكلٍ أَساسيّ في ثَقافَةِ القُرونِ الماضيَة. عِندَما نَرجَعُ إِلى الإِنجيلِ المـُقَدَّس، يُلفِتُ انتِباهَنا البُعدَ الإِيجابيّ في تَعليمِ يَسوع، جَوهَرُ الإِنسان بِالنِّسبَةِ لَهُ هوَ جَيّدٌ وَصالِحٌ، وَرُغمَ ذَلِكَ مِنَ المـُمكِنِ أَن يَنحَرِفَ نَحوَ الفاسِدِ وَالطَّالِح. مِن هذا المـُنطَلَق نَرى يَسوع على طولِ خَطّ تَعليمِهِ يُذَكِّرُنا بِأَصل وَجَوهَر هُوِيَّتَنا وَالتَّي تَأخُذُ لَها مَنحَيَين: عَموديّ، العَلاقَة مَع الله، وَأُفُقي، العَلاقَة مَع القَريب وَالخَليقَة. الأَوَّلُ تَستَمِدُّ مِنهُ وجودَها، وَالثَّاني تُحَقِّق فيهِ ذاتَها عَن طَريقِ المـَسؤولِيَّة المـَنوطَة بِها لِتَصنَعَ فيهِ الخَيرَ، وَبِهذا تُتَمِّمُ مَشيئَةَ الله. على أَساسِ ما تَقَدَّمنا بِهِ، يُفتَحُ لَنا بابَ الفَهمِ لِنُدرِكَ معنى تَعليمِ يَسوع: “أَنتُم مِلحُ الأَرض، فَإِذا فَسَدَ المـِلحُ فَأَيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُهُ؟” لِماذا المِلح؟ لَهُ صِلَةٌ بِطُقوسِ العَهد المـُقَدَّس مَع الله، فالسُّلطانُ المـُعطى للإِنسان على الخَليقَة، يُلزَم تَمليحُهُ.

يَا بُنَيَّ، لِنُفَكِّر مَعًا كَيفَ باستِطاعَتِكَ أَن تَعيشَ هُوِيَّتَكَ، فَتَكونَ مِلحًا مَحفوظًا لا يَلحَقهُ الفَساد، بَل يَحفَظُ مِن كُلِّ فَسادِ الأَهواءِ وَالخَطايا. أَوَّلًا أَنتَ مِلحٌ مُستَخرَجٌ مِن صَخرَتي، وَلَيسَ مِن مَدِّ وَجَزرِ البَحرِ الهائِج، أنتَ مُفَتَّتٌ بِعامِلِ المـَحَبَّةِ المـِعطاءَة، أُخِذتَ لِتُعطى. ثانِيًا، أَنتَ عَنصُرٌ جَيِّدٌ وَبِالتَّالي عَلَيكَ أَن تَعيشَ وَفقَ الصُّورَة الَّتي عَلى مِثالِها خُلِقتَ. ثالِثاً، أَنتَ مِلحٌ ذاتُ نَكهَةٍ خاصَّة، لِحُضورِكَ وَقعٌ خاصّ يُمَايِزُ شَخصَكَ عَن المـُحيط وَالبيئَة الَّتي تَنتَمي لَها. رابعًا، عَلَيكَ مِثلَ المـِلحِ أَن تَنخَرِطَ في العالَم الَّذي أَنتَ فيهِ، مُحافِظًا عَلى هُوِيَّتِكَ، بِكُلِّ تَواضُعٍ وَتَواري، مِن دونِ أَن يُؤَثِّرَ العالَمُ عَلَيكَ. خامِساً، تَبقى ميزَتُكَ بِالنَّكهَةِ الَّتي تُعطيها، فَيُشارُ إِلَيكَ تَحتَ عَلامَةِ الخَيرِ الَّذي تَصنَعُهُ، فَيُرَدَّ الشُّكرُ للهِ تَمجيدًا وَتَسبيحًا. هَذِهِ كُلُّها تَكتَشِفُها بِسِرِّ تَجَسُّدي إِذ تُعايِنُ كَيفَ خَرَجتُ مِن لَدُنِ الآبِ وَكُنتُ صورَةَ جوهَرِهِ في العالَم، عُرِفتُ بِميزَةِ رَحمَتي وَمَحَبَّتي فَكُنتُ ذاتَ سُلطانٍ بِتَعليمي وَأَعمالي، كَإِبنٍ لله، وَأَخيرًا يَومَ مُجِّدتُ على الصَّليبِ كَذَبيحَةِ فِداءٍ، صِرتُ لَكَ قُربانَ شُكرٍ، وَصِرتُ فيكَ مِثلَ مِلحِ العَهدِ مُتَواريًا في قَلبِكَ بِتَواضُعٍ عَجيب.

عَلى جَبَلِ التَّطويبات مَعَ إِعلانِ الرَّبَّ يَسوع شَريعَةَ النِّعمَةِ وَالحَقّ، أَشارَ إِلى هُوِيَّةِ مَن يَتبَعَهُ انطِلاقًا مِن هُوِيَّتِهِ، هوَ الأَمينُ حافِظُ العَهد، وَقَد دَلَّ عَلى رَمزِيَّةِ المـِلحِ المـُستَخدَم في طُقوس العَهد. وَدَعا المـُتَتَلمِذينَ لَهُ أَن يَكونوا نورًا في العالَم لِكَونِهِم يَستَمِدُّونَ النُّورَ مِنهُ، فَيَتَمَدَّدَ حُضورَهُ مِن خِلالِهِم عَلى وِسعِ مَساحَةِ الأَرض، وَعلى طولِ التَّاريخِ، فَيَعرِفَ العالَمُ بِأَسرِهِ وَبِشَكلٍ مُستَمِرٍّ مَحَبَّةَ اللهِ تَحتَ عَلامَةِ المِلح، فَيُحفَظَ كُلُّ شَيءٍ تَحتَ سِتارِ العَهدِ الَّذي قَطَعَهُ مَعَ نوحٍ وَمِن ثَمَّ مَع ابراهيم، وَكانَ اكتِمالَهُ في شَخصِ يَسوعَ المـَسيح. مِن هُنا ميزَةُ حُضورِ المـَسيحييّن في العالَم لا يَقومُ عَلى امتِلاكِ قُوَّةٍ عَسكَرِيَّة فائِقَة، بَل على قُوَّتِهِم بِصُنعِ الخَيرِ في الخَفاء. كُن مِلحًا مِثلَ يَسوع حَيثُ تَكون.

رَبّي يَسوع، أَنتَ الصَّخرُ الكامِل صَنيعُهُ الَّذي فُتِّتَ عَلى مائِدَةِ الإِفخارستيَّا، بِمِطرَقَةِ الصَّليبِ، لِتَصيرَ فينا مِلحًا يُمَلِّحُ أَعمالَنا وَأَقوالَنا وَكُلَّ كِيانِنا فَنَتَقَدَّسَ بِمَحَبَّتِكَ الفائِقَة. إِحفَظنا مِن فَسادِ شَرّ إِرادَتِنا الذَّاتِيَّة، وَامنَحنا نِعمَتَكَ الَّتي بِها نَعرِفُكَ أَنَّكَ أَنتَ إِلَهُ العَهدِ الَّذي يَحفَظُنا مِن فَسادِ الخَطيئَةِ وَالمـَوتِ الأَبَديّ، بِقِيامَتِكَ المـَجيدَة، آمين.  

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!