موقع Allah Mahabba السبت من أسبوع الأحبار والكهنة الراقدين
رسالة القدّيس بولس إلى طيطس 1: 1 – 9
يا إخوَتِي، مِنْ بُولُسَ عَبْدِ الله، ورَسُولِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ في سَبِيلِ إِيْمَانِ مَنِ ٱخْتَارَهُمُ الله، لِيَعْرِفُوا الحَقَّ المُوافِقَ لِلتَّقْوَى،
على رجَاءِ الحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتي وَعَدَ بِهَا الله، قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الدَّهْرِيَّة، واللهُ لا يَكْذِب،
إِلى طِيطُسَ الٱبنِ الْحَقِيقِيِّ في الإِيْمَانِ المُشْتَرَك: أَلنِّعْمَةُ والسَّلامُ مِنَ اللهِ الآبِ والمَسِيحِ يَسُوعَ مُخَلِّصِنَا!
فقَدْ أَظْهَرَ كَلِمَتَهُ في وَقْتِهَا بِالتَّبْشِيرِ الَّذي ٱئْتُمِنْتُ أَنَا عَلَيه، بأَمْرٍ مِنَ اللهِ مُخَلِّصِنَا.
لقَدْ تَرَكْتُكَ في كِرِيت، لِكَي تُنَظِّمَ الأُمُورَ البَاقِيَة، وتُقِيمَ كَهَنَةً في كُلِّ مَدِينَة، كمَا أَوْصَيْتُكَ،
على أَنْ يَكُونَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُم بِلا لَوم، وقَدْ تَزَوَّجَ مَرَّةً وَاحِدَة، ولَهُ أَوْلادٌ مُؤْمِنُون، غُيرُ مأْخُوذِينَ بِتُهْمَةِ طَيْش، ولا عُصَاة؛
لأَنَّ الأُسْقُف، بِوَصْفِهِ وَكِيلاً لله، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلا لَوم، غَيرَ مُعْجَبٍ بِنَفْسِهِ، ولا غَضُوبًا، وغَيرَ مُدْمِنٍ لِلخَمْر، ولا تُسْرِعُ يَدُهُ لِلضَّرْب، ولا يَسْعى إِلى رِبْحٍ خَسِيس،
بَلْ مِضْيَافًا، مُحِبًّا لِلخَيْر، رَزِينًا، بَارًّا، نَقِيًّا، عَفِيفًا،
مُتَمَسِّكًا بِالكَلامِ الْحَقِّ المُوافِقِ لِلتَّعْلِيم، لِيَكُونَ قَادِرًا على الوَعْظِ في التَّعْلِيمِ الصَّحِيح، وعلى إِفْحَامِ المُعَارِضِين.
إنجيل القدّيس يوحنّا 13: 13 – 17
قالَ الربُّ يَسوعُ لِتَلامِيذِهِ: «أَنْتُم تَدْعُونَنِي المُعَلِّمَ والرَّبّ، وحَسَنًا تَقُولُون، لأَني كَذلِكَ.
فَإِنْ كُنْتُ أَنَا الرَّبَّ والمُعَلِّمَ قَدْ غَسَلْتُ أَقْدَامَكُم، فَعَلَيْكُم أَنْتُم أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُم أَقْدَامَ بَعْض.
لَقَدْ أَعْطَيْتُكُم مِثَالاً، لِتَفْعَلُوا أَنْتُم أَيْضًا كَمَا فَعَلْتُ أَنَا لَكُم.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، ولا رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.
إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا، وعَمِلْتُمْ بِهِ، فَطُوبَى لَكُم!
التأمّل
”عَلَيكُم أَنتُم أَن يَغسِلَ بَعضُكُم أَقدامَ بَعض“
كانَ غَسلُ الأَرجُلِ في التَّقاليدِ القَديمَة، يُشيرُ إِلى أَمرَين: التَّرحيبُ بِالضّيف، وَعَلامَة الخِدمَة الَّتي كانَ يَقومُ بِها العَبيد تُجاهَ أَسيادِهِم. في الأَوَّلِ تَظهَرُ المـَحَبَّةُ واضِحَةً، بِالقُبول وَالتَّقديرِ وَالإِحتِرام، أَمَّا في الثَّانِيَة تُصبِحُ الخِدمَةَ فِعلَ استِعبادٍ مَعزولَةً عَن المـَحَبَّة. عِندَما دَعا يَسوعُ في العَشاءِ الأَخيرِ رُسُلَهَ لِيَغسِلوا أَقدامَ بَعضِهِم، أَرادَ بِذَلِكَ أَن يُحِبُّوا بَعضَهُم بَعضًا بَدءًا مِنَ الإِحتِرام بُلوغًا إِلى بَذلِ الذَّاتِ في الخِدمَةِ وَالعطاء، وَبِهذا يُثبِتونَ لِبَعضِهِم البَعض رِباطَ الوَحدَة في حِفظهِمِ لِوَصاياهُ، وَعَلامَةً مُمَيَّزَةً في العالَم. أَتى طَلَبُ يَسوع هذا مِن تَلاميذِهِ بَعدَما قَامَ هوَ نَفسُهُ عَن العَشاءَ لِيَغسِلَ أَقدامَهُم، مُبَيِّنًا لَهُم أَنَّهُ الرَّبَّ وَالمـُعَلِّم الَّذي لا يَهوَ التَّسَلُّطَ وَإِن هوَ ذاتُ سُلطانٍ وَالَّذي يَقبَل وَيُطَهِّر ضِعفَ وَخَطيئَةَ الجَميع، فَلا يَختارُ انطِلاقاً مِن مَقاييسَ بَشَرِيَّةٍ وَلا وَفقًا لِمَراسِمِ الشَّريعَة، إِنَّما انطِلاقًا مِن كَونِهِ المـَحَبَّة وَبِالتَّالي تَعليمُهُ يُجَسِّدُهُ أَعمالًا، تَغدو ميزَةَ كُلّ مَن عَرَفَهُ وَأَحَبَّهُ وَتَبِعَهُ، فَيكونَ نَيِّرًا في ظُلمَةِ العالَم المـُحتاجِ للنُّور.
يا بُنَيَّ، لَيسَ مُرادي أَن تَقومَ بِخِدمَةِ غَسلِ أَرجُلٍ طَقسِيَّة، تَكونُ وَقتِيَّة وَظَرفِيَّة وَتَنتَهي في حينِها، فَتَقومَ لِعَمَلِ آخَر، بَل دَعَوتُكَ عَن طَريقِ مَثَلي أَن تَكونَ كُلّ حَياتِكَ قائِمَةً عَلى عَيشِ روحِيَّةِ الخِدمَةِ في الإستِضافَةِ وَالمـَحَبَّةِ وَالعَطاء. مَعَ غَسلِ الأَرجُل، أَثبَتُّ لَكَ أَنَّني أَحبَبتُ تَلاميذي بِمَجَّانِيَّةٍ عالِيَة، وَهَكَذا أَيضًا أَحبَبتُكَ كَما أَنتَ، مُسقِطًا كُلَّ الشُّروط الَّتي كُنتَ تَفتَرِضَها لِتَكونَ مِنِّي مَقبولًا وَمَحبوباً. لَم أَدعُ ناسًا كامِلين، بَل دَعَوتَهُم بِضِعفِهِم لِيَكونوا مَعي، فَيَسيروا وَرائي في طَريقِ لِيَصيروا كاملين، لِذَلِكَ بِالأَعمالِ وَالأَقوالِ الَّتي خاطَبتُهُم بِها جَعَلتُهُم أَطهارًا، وَبِغَسلي لِأَرجُلِهِم، أَثبَتُّ لَهُم عَظَمَةَ مَحَبَّتي الَّتي لا تُحَدُّ بِحالاتٍ وَظُروف، فَحالَةُ العَبدِ قَد اتَّخَذتُها، لِئَلَّا يَشعُرَ المـُستَعبَدُ أَنَّهُ بَعيدٌ وَمَمقوتٌ وَمَرفوضٌ مِنِّي، بَل الصَّحيحُ هوَ على العَكسِ مِن هذا. لا تَنتَظِر مُبادَرَةَ الآخَرينَ تُجاهَكَ، بَل كُن مُبادِرًا أَنتَ وَتَقَدَّم بِغَسلِ الأَرجُل إِقتِداءً بي، وَلا تَزعَم أَنَّ الأَمرَ يَجعَلُكَ في حالَةٍ مِنَ الحَياءِ وَالخَجَلِ، إِنَّ فيهِ مُلاقاةُ المـَحَبَّةِ في التَّواضُع. إِنَّ هَذِهِ الخِدمَةَ تَجعَلُكَ في صَميمِ الواقِعِ، لِأَنَّها تَسمَح لَكَ أَن تَتَصالَحَ مَعَ كُلِّ أَبعادِ حَياتِكَ بِسَلام.
العَيش وَفقَ تَعليمِ يَسوع يَدفَعُ بِنا لِأَن نَتَّخِذَ المـَواقِفَ الَّتي اتَّخَذَها في حَياتِهِ الزَّمَنِيَّة، فَهوَ دائِمًا يَضَعُنا في مَوقِعِ التَّحَدّي، فَمِن جِهَةٍ يَطلُبُ مِنَّا مَحَبَّةَ الأَعداء، وَمِن جِهَةٍ أُخرى قَبولِ ضِعف الآخَرين، وَتَحَمُّل المـَسؤولِيَّةِ تُجاهَهُم، وَهذا ما يُطلَبُ بِغَسلِ الأَرجُل: المـَغفِرَة مِن دونِ شُروط، احتِمال النَّقائِص وَالأَخطاء وَالخَطايا وَتَبِعاتِها، حِفظ الصّيت الحَسَن، فيُصبِحُ الإِحتِرامُ وَالتَّقديرُ مُثبَتانِ بِطَواعِيَّةِ الخِدمَة تَحتَ عَلامَة العَبدِ الأَمينِ العاقِل. لَقَد قَدَّمَ يَسوعُ بِقُدوَتِهِ وَمِثالِهِ عِلاجًا لِلبَشَرِيَّةِ، عَن طَريقِ الحُبّ المـُتَبادَلَ الَّذي يُصبِح خِدمَةً مُحتَرَمَة لِكُلِّ شَخصٍ بِمُفرَدِهِ. في الكَنيسَة الأُولى كانَت هَذِهِ الخِدمَة بِمَثابَةِ السَّرّ المـُقَدَّس، لِأَنَّها تُجَسِّدُ مَحَبَّة الله. عِش المـَحَبَّةَ خِدمَةً في حَياتِكَ وَأَنت حاضِرٌ لِلقَريب.
رَبّي يسوع، تَدعوني لِأَن أُحِبَّ النَّقصَ المـَوجودَ في العالَم، بِما فيهِ مِن ضِعفٍ وَخَطيئَة، لا لِذاتِهِ بَل مِن أَجلِ إِصلاحِه، إِذ قَد أَخَذتَهُ على عاتِقِكَ، وَبِقُوَّةِ كَلِمَتِكَ جَعلَت تَلاميذَكَ أَطهارًا، وَمَع غَسلِ أَرجُلِهِم، حَفِظتَهُم مِن لَدغِ الحَيَّةَ القَديمة. نَعَم يا إِلَهي مَن يَخدُمُكَ بِالإِنسان بِالمـَحَبَّة لا يَخافُ شَيئًا لِأَنَّكَ بِواسِطَتِها تَحفَظَهُ لِليَومِ الأَخير، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!