موقع Allah Mahabba يوم الجمعة من الأسبوع الثالث بعد الدنح
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 17: 2 – 10
يا إخوَتِي، وَسِّعُوا لَنَا قُلُوبَكُم، فإِنَّنَا لَمْ نَظْلِمْ أَحَدًا، ولَمْ نَخْدَعْ أَحَدًا، ولَمْ نَطْمَعْ في أَحَد.
لا أَقُولُ هذَا لأَدِينَكُم. فقَدْ قُلْتُ لَكُم مِنْ قَبْلُ إِنَّكُم في قُلُوبِنَا، لِنَمُوتَ مَعًا ونَحْيَا مَعًا.
إِنَّ لي عَلَيْكُم دَالَّةً كَبِيرَة، ولي بِكُم فَخْرًا عَظِيمًا. وَلَقَدِ ٱمْتَلأَتُ تَعْزِيَة، وأَنَا أَفِيضُ فَرَحًا في ضِيقِنَا كُلِّهِ.
فإِنَّنَا لَمَّا وَصَلْنَا إِلى مَقْدَونِيَة، لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيءٌ مِنَ الرَّاحَة، بَلْ كُنَّا مُتَضَايِقِينَ في كُلِّ شَيء، صِرَاعٌ مِنَ الخَارِج، وخَوفٌ مِنَ الدَّاخِل!
لكِنَّ ٱللهَ الَّذي يُعَزِّي المُتَوَاضِعِينَ عَزَّانا بِمَجِيءِ طِيْطُس،
لا بِمَجِيئِهِ فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا بِالتَّعْزِيَةِ الَّتي تَعَزَّاهَا بِكُم. وقَدْ أَخْبَرَنَا بِٱشْتِيَاقِكُم إِلَيْنَا، وحُزْنِكُم، وغَيْرَتِكُم عَلَيَّ، حَتَّى إِنِّي ٱزْدَدْتُ فَرَحًا.
وإِذَا كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُم بِرِسَالتِي فَلَسْتُ نَادِمًا عَلى ذلِكَ، معَ أَنَّنِي كُنْتُ قَدْ نَدِمْتُ، لأَنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَة، ولَوْ أَحْزَنَتْكُم إِلى حِين،
قَدْ سَبَّبَتْ لي فَرَحًا كَثِيرًا، لا لأَنَّكُم حَزِنْتُم، بَلْ لأَنَّ حُزْنَكُم أَدَّى بِكُم إِلى التَّوبَة. فَقَدْ حَزِنْتُم حُزْنًا مُرْضِيًا لله، كَيْ لا تَخْسَرُوا بِسَبَبِنَا في أَيِّ شَيء؛
لأَنَّ الحُزْنَ المُرْضِيَ للهِ يَصْنَعُ تَوْبَةً لِلخَلاصِ لا نَدَمَ عَلَيْهَا، أَمَّا حُزْنُ العَالَمِ فَيَصْنَعُ مَوْتًا.
إنجيل القدّيس يوحنّا 7: 40 – 52
سَمِعَ أُنَاسٌ مِنَ الجَمْعِ كَلامَ يَسُوع، فَأَخَذُوا يَقُولُون: «حَقًّا، هذَا هُوَ النَّبِيّ».
وآخَرُونَ كَانُوا يَقُولُون: «هذَا هُوَ المَسِيح». لكِنَّ بَعْضَهُم كَانَ يَقُول: «وهَلْ يَأْتِي المَسِيحُ مِنَ الجَلِيل؟
أَمَا قَالَ الكِتَاب: يَأْتِي المَسِيحُ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، ومِنْ بَيْتَ لَحْمَ قَرْيَةِ دَاوُد؟».
فَحَدَثَ شِقَاقٌ في الجَمْعِ بِسَبَبِهِ.
وكَانَ بَعْضٌ مِنْهُم يُريدُ القَبْضَ عَلَيْه، ولكِنَّ أَحَدًا لَمْ يُلْقِ عَلَيْهِ يَدًا.
وعَادَ الحَرَس، فَقَالَ لَهُمُ الأَحْبَارُ والفَرِّيسِيُّون: «لِمَاذَا لَمْ تَجْلِبُوه؟».
أَجَابَ الحَرَس: «مَا تَكَلَّمَ إِنْسَانٌ يَوْمًا مِثْلَ هذَا الإِنْسَان!».
فَأَجَابَهُمُ الفَرِّيسِيُّون: «أَلَعَلَّكُم أَنْتُم أَيْضًا قَدْ ضُلِّلْتُم؟
وهَلْ آمَنَ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَوِ الفَرِّيسيِّين؟
لكِنَّ هذَا الجَمْعَ، الَّذي لا يَعْرِفُ التَّوْرَاة، هُوَ مَلْعُون!».
قَالَ لَهُم نِيقُودِيْمُوس، وَهُوَ أَحَدُهُم، ذَاكَ الَّذي جَاءَ إِلى يَسُوعَ مِنْ قَبْلُ:
«وهَلْ تَدِينُ تَوْرَاتُنَا الإِنْسَانَ قَبْلَ أَنْ تَسْمَعَهُ وتَعْرِفَ مَا يَفْعَل؟».
أَجَابُوا وقَالُوا لَهُ: «أَلَعَلَّكَ أَنْتَ أَيْضًا مِنَ الجَليل؟ إِبْحَثْ وَٱنْظُرْ أَنَّهُ لا يَقُومُ نَبِيٌّ مِنَ الجَلِيل!».
التأمّل
”ما تَكَلَّمَ إِنسانٌ يَومًا، مِثلَ هذا الإِنسان!“
مِثلَما طُرِحَ السُّؤال حَولَ هُوِيَّةِ المـَعمَدان، أَتُراهُ المـَسيح؟ طُرِحَ السُّؤالُ نَفسَهُ حَولَ هُوِيَّةِ يَسوع، وهَكَذا نَلاحِظ التَّقارُب بَينَ الأَناجيل الأَربَعَة، وَنَفهَمُ أَكثَر لِماذا سَأَلَ يَسوعُ في قَيصَرِيَّةِ فيليبُّس تَلاميذَهُ عَمَّا يَقولُ النَّاسُ فيهِ. البَعضُ بَنى ثِقَتَهُ بِأَنَّ يَسوعَ النَّاصِريّ هوَ المـَسيحُ انطِلاقًا مِن شَهادَةِ المـَعمَدان، وَالبَعضُ الآخَر، على ما جاءَ على أَلسُنِ الأَنبِياء، وما رَأوهُ عَن يَدِهِ مِن مُعجِزاتٍ وَفقًا للزَّمَنِ المـَسيحانيّ، وَالجَميعُ أُعجِبَ بِكَلامِهِ وَتَعليمِهِ، حَتَّى الَّذينَ جَعَلوا مِن أَنفُسِهِم أَخصامَهُ، اعتَرَفوا أَنَّهُ لا يُعَلِّمُ كَسائِرِ المـُعَلِّمينَ بَل ذاتَ سُلطان. إِذا عُدنا إِلى الإِطارِ الإِجتِماعيّ نَكتَشِف أَنَّ يَسوع لَم يَتَتَلمَذ عَلى يَدِ أَحَدِ الرَّابِيِّين، مِمَّا يَجعَلُنا نَتَساءَل حَولَ المـَدرَسَة الدِّينيَّة الَّتي انتَهَجَها، فَهوَ يَستَخدِمُ لُغَّةَ عَصرِهِ مُعَوِّلًا عَلى الأَمثالِ وَالمـُقارَناتِ وَالتَّكرار، فَميزَتَهُ لَيسَت أُسلوبَهُ، بَل قُوَّةَ الحَقِّ النَّابِعِ مِن شَخصِهِ فَهوَ يَعيشُ ما يَقولُ بِكُلِّ شَغَف. إِذا نَظَرنا إِلى بُعدِ العَلاقَةِ لَدَيهِ نَراهُ أَكثَرَ قُربًا مِن جَميعِ النَّاس.
يَا بُنَيَّ، قَد تَقرَأُ الكَثيرَ مِنَ الكُتُبِ العِلمِيَّةِ وَاللَّاهوتِيَّةِ وَسِواها، وَلَكِن لَن تَجِد ما يُخاطِبُ قَلبَكَ إِلَّا بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس، الَّذي يُنيرُ الكَلِماتَ الَّتي تُصَوِّبُكَ نَحوَ غايَةِ وجودِكَ. قَد تَسمَعُ الكَثيرَ مِنَ التَّعليمِ وَالعِظاتِ وَالمـَواضيع، وَتَتَّبِع مَناهِجَ مُختَلِفَة، فَهَذِهِ كُلُّها لَن تُجديكَ نَفعاً ما لَم تَأخُذ لَها مَكانًا في شَخصِكَ. مَعي وَبي وَفِيَّ تَجِدُ كُلّ ما تَصبو إِلَيهِ إِنسانِيَّتُكَ، فَكَلِمَتي لَيسَت سَحرًا يُذهِلُ العَقلَ، بَل حَقيقَةً تَمُدُّكَ بِالفَرَحِ وَالقُوَّةِ وَالمـَعنى، لِذَلِكَ في كُلِّ مَرَّةٍ تَستَمِعُ إِلَيَّ تَجِدُ ذاتَكَ في حَضرَةِ اللهِ وَفي اتِّحادٍ مَعَ نَفسِكَ، لِأَنَّكَ كَثيرًا ما تَكونُ بَعيدًا عَن حَقيقَتِكَ، لِأَلفِ سَبَبٍ وَعِلَّة. لَم أَتَمَيَّز بِالوَعظِ وَالفُقهِ، وَإِن كُنتُ الكَلِمَةُ الحَقَّ وَالمـُعَلِّمُ الأَوَّل، بَل كانَ لِتَعليمي وَوَعظي سُلطانَ الصِّدقِ وَالحَقّ، الَّذي اجتَذَبَ إِلَيَّ الكَثيرين، وَلَيسَ الصَّوتُ وَأُسلوبَ الكَلامِ وَالعَرض. لَم يَرَ النَّاسُ فِيَّ شاعِرًا وَخِطّيبًا، إِنَّما وَجَدوا أَنفُسِهِم بِقُوَّةِ ما سَمِعوا مِن فَمي أَنَّهُم أَمامَ مِرآةٍ تَعكِسُ لَهُم وَجهَ اللهِ الَّذي لا يُرى، فَشَهِدوا على ما سَمِعوا مِن فَمي مِن كَلامٍ كُلَّهُ حُبٌّ وَحَقٌّ وَحَياة، أَنَّهُ خاطَبَ صَميمَ قُلوبِهِم حاثًّا إِيَّاهُم عَلى التَّجَدُّدِ بِالتَّوبَة.
يُلفِتُ الإِنجيليّ يوحَنَّا انتِباهَنا، عَلى أَمرَين: الأَوَّل يَعني مُحاوَلات اليَهود المـُتَكَرِّرَة للنَّيلِ مِن يَسوع، وَالثَّاني الحَواجِز الَّتي كانَت تَمنَعَهُم مِن ذَلِكَ، فَحَتَّى الحَرَسَ المـُوكَلَ بِالنَّيلِ مِنهُ لَم يَجرُؤ أَن يَمَسَّهُ لِما سَمِعَهُ مِن فَمِهِ، فَكانَ بِمَثابَةِ قُوَّةٍ رادِعَة. عَن ماذا تَكَلَّمَ يَسوع، إِلى حَدٍّ لَم يَجرُؤ أَحَدٌ على مُواجَهتِهِ بِوضوح؟ يُعَلِّمُنا واقِعَ اختِبارِنا أَنَّنا دائِمًا أَمامَ الحَقّ نَقشَعِرُّ وَنَخاف، فيهِ قُوَّةَ الحَياةِ وَالبَقاء، فَنُدرِكَ أَنَّنا مِن دونِهِ فَناءً وَتُراب. رافَقَ تَساؤُلَ اليَهودِ حَولَ هُوِيَّةِ يَسوع وَمُحاوَلاتِ النَّيلِ مِنهُ، بَحثًا عَنهُ في الكُتُبِ، فَمِنهُم مَن قَرؤا وَفقًا لِلحَرفِ وَمِنهُم مَن قَرَؤا وَفقًا للرُّوحِ وَهَؤلاءِ وَجَدوا فيهِ كُلَّ النُّبُؤاتِ بِخاصّةٍ عَلاماتِ الزَّمَن المـَشيحانيّ. أَصغِ لِيَسوع وَاقرأ عَنهُ بِحَسبِ الرُّوحِ قابِلًا كَلامَهُ.
رَبّي يَسوع، يا مَن زَيَّنتَ إِنسانِيَّتَنا في تَجَسُّدِكَ، فَكُنتَ المـُمَيَّزَ فيها فَاجتَذَبتَنا إِلَيكَ، لا عَلى مُستَوى الشَّكلِ الخارِجيّ وَأَنتَ أَجمَلُ بَني آدَم، بَل بِقُوَّةِ كَلِمَتِكَ وَسِحرِ جَمالِها شَدَّيتَنا إِلَيكَ، فَعَرفناكَ بِروحِها أَنَّكَ الحَقُّ وَالحَياة. يا مُخَلِّصي الطّيِّب، هَبني النِّعمَةَ الَّتي تَجعَلُني أَتَشَبَّهُ بِكَ كَيما بِسُلطانِ كَلِمَتِكَ تُشعِلُ فِيَّ نارَ الحُبّ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!