موقع Allah Mahabba في التَّجَسُّدِ لِلضُّعفِ قُوَّةُ عمّانوئيل
تتَّسِمُ الأُلوهةُ في فِكرِنا ومُعتقداتِنا بِالقُدرةِ والقُوّةِ والجبروت قبل أيِّ شيءٍ آخر، وبِالتّالي عِندما نتوجّهُ إِلى اللهِ الحيّ بِوعيٍ مِنّا أو بِلاوعيٍ فينا، قد يكون لِأنّهُ كذلِك، لا لِأنّهُ خالِقُنا وتربِطُنا بِهِ علاقةٌ خاصّة. هذا النّوع مِن العلاقاتِ يبقى لِلأسفِ نِدّيّاً وفاتِراً وضعيفاً، لِأنّ ما نُريدهُ مِن اللهِ، ما ليس فينا، وإِذا صار لنا ما عُدنا بِحاجةٍ إِليه. أليس هذا ما يُفسِّرُ نوعاً ما واقِع انتِشار اللّاأدرِيّةِ والإِلحادِ في العالم، مع اعتِمادِ الإِنسانِ على قِواهُ الذّاتِيّةِ وبِخاصّةٍ العقلِيّةِ مِنها، إذ لم يعُد بِحاجةٍ لِقُوّةٍ خارِقةٍ خارِجِيّةٍ يلتمِسُها بِخوفٍ ورعدةٍ وتديُّن؟!! مع هذا النّوعِ مِن التّفكيرِ أصبح اللهُ مُجرَّدَ فِكرةٍ فقط أُسقِط عليها صِفات القُدرة والقُوّة بِالإِضافةِ إِلى القانون الأخلاقيّ، فإِذا ما عُدنا بِحاجةٍ لِتِلك القُوّة، فلا حاجة لله فيكون الإنسياب اللّاأخلاقي.
صحيحٌ أنّ القُدرةَ والقُوّةَ والجبروتَ هُم مِن صِفاتِ اللهِ حقّاً، ولكِنّهُ هو فوق كُلِّ شيءٍ وفِعلٍ وصِفةٍ وتوصيفٍ هو “الكائِن”، وبِالتّالي من يُريدُ أن يتعرّف على اللهِ أو أن يقبلَ وحيهُ، عليهِ أن يبدأ مِن هُنا: “هو الّذي هو، الأمس واليوم ولِلأبد”. من رغِب بِمعرِفةِ اللهِ انطِلاقاً مِن هُوِيّتِهِ، مُحترِمًا قُدسِيّتهُ يستطيعُ بعدئِذٍ قبول قصدهُ ومشيئتهُ القُدُّوسة في قلبِ التّاريخ، وبِخاصّةٍ في سِرّ التّجسُّد. من ينفتِح بِالإِيمانِ بِقُوّةِ الرُّوحِ القُدُسِ على اللهِ، يكتشِف أنّ قُدرتهُ وقُوّتهُ وجبروتهُ لا يوجدُ فيهِم عُنفٌ أو صخبٌ أو إِلغاءٌ أو تسلُّطٌ أو استِعبادٌ وتبعِيّةٌ، بل حياةٌ وسلامٌ ومُصالحة. انطِلاقاً مِن هُنا تُصبِحُ علاقتنا بِاللهِ بنوِيّةً وحُرّةً وناضِجةً فتُبعِدُ خيبة الأملِ المـُتأتِّية مِن مبدأ قويٍّ لا يُعطي، ومُتجبِّرٍ وقديرٍ لا يَحمي ولا يَستجيب، فاللهُ هو الأمينُ، وبِالتّالي هو الّذي يرأفُ ويرحمُ ويُخلِّصُ.
من مِنّا لم يخِب أملهُ مِن اللهِ، لاعتِقادِنا أنّهُ الجبّارُ الّذي لا يستجيبُ؟ ومن مِنّا لم يحيَ في اللهِ لِمُجرّدِ اختِبارِنا لِقُوّةِ حُضورِهِ الّذي يُحيي بِمحبّتِهِ ورحمتِهِ؟! انطِلاقًا مِن تعليمِ الكِتابِ المـُقدّس وخِبرةِ الآباءِ والأنبياءِ، ومِمّا كشفهُ لنا الرّبّ يسوع في تَجسُّدِهِ، نُدرِكُ أنّ مُفتاح تحوُّلنا الرُّوحيّ يكمُنُ في “المعِيّة” الّتي جاءنا هو ذاتهُ بِها إِنّه: “عِمّانوئيل – اللهُ معنا”. هذِهِ المعِيّة تعني اختِبارنا لِشخصِهِ الحيّ في صميمِ إِنسانِيّتِنا، وخارِجاً عنها نبقى مقصِيّين بِإِرادةٍ مِنّا أو جهلٍ فينا عن معرِفةِ محبّتِهِ لنا. هذِهِ “المعِيّة” الّتي تعني أنّ الله معنا الآن وهُنا ودائِمًا في كُلّ الظُّروفِ والأحداثِ مهما كانت.
إِذا كان الضّعف الّذي فينا يحتاجُ للقُوّة، قد أعطانا إِيّاها الرّبُ في تجسُّدِهِ وبِها صالحنا بِمحبّتِهِ مع ضُعفِنا عن طريقِ اتِّخاذِهِ لإِنسانِيّتِنا كامِلةً، وبِهذا الشّكلِ ألغى حُكم “العَدَمِ” المـُتأتّي مِن هشاشةِ طبيعتِنا، واللّامعنى العبثيّ المـُتأتّي مِن لاأدرِيّةِ عقلٍ ومنطِقٍ مادّيّ، ليُصبِحَ الرّجاءُ الّذي وَلَّدَهُ فيها يَشُدُّنا إِلى الجوهرِ أي “الصُّورة والمِثال”، وهكذا نُصبِح مِن خِلالِ عيشِنا لِإِنسانِيّتِنا بِما فيها مِن ضُعفٍ معهُ بِفِعلِ الإِيمان أقوِياء بِالنِّعمةِ الّتي تمضي بِنا إِلى الغاية الّتي مِن أجلِها خُلِقنا.
في التّجسُّدِ لم يعُد عالمنا ظلاماً داكِناً، بل صار لنا فيهِ الرّبِّ نفسُهُ نوراً ساطِعاً، إِنّهُ “عِمّانوئيل – اللهُ معنا”. النُّورُ الّذي أعطانا إِيّاه، يُمكِّن إِنسانِيَّتَنا مِن بُلوغِ كمالِها لِأنّهُ أظهر لنا كينونَتَهُ “اللهُ محبّة”، وبِالتّالي هو معنا لِنعرِفَهُ كإِلهٍ حيّ، قُوّتُهُ تَكمُنُ في ضعفنا ومعهُ يَتَغَيّرُ كُلّ شَيء.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!