موقع Allah Mahabba عيد مار نعمة الله الحردينيّ المعترف
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 12: 1 – 8
يا إِخوَتِي، أُنَاشِدُكُم بِمَرَاحِمِ الله، أَنْ تُقَرِّبُوا أَجْسَادَكُم ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً لله: تِلْكَ هيَ عِبَادَتُكُمُ الرُّوحِيَّة!
ولا تتَشَبَّهُوا بِهذَا الدَّهْر، بَلْ تَغَيَّرُوا بِتَجْديدِ عُقُولِكُم، لِكَي تُمَيِّزُوا مَا هِيَ مَشِيئَةُ الله، أَيْ مَا هُوَ صَالِحٌ ومَرْضِيٌّ وكَامِل.
فإِنِّي، بِالنِّعْمَةِ الَّتي وُهِبَتْ لي، أَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُم أَلاَّ يَعْتَبِرَ نَفْسَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِب، بَلْ أَنْ يَتَعَقَّلَ في ٱعْتِبَارِ نَفْسِهِ، كُلُّ واحِدٍ بِمِقْدَارِ مَا قَسَمَ اللهُ لَهُ مِنَ الإِيْمَان.
فكَمَا أَنَّ لَنَا في جَسَدٍ وَاحِدٍ أَعْضَاءً كَثِيرَة، ولكِنْ لَيْسَ لِجَمِيعِ الأَعْضَاءِ عَمَلٌ وَاحِد،
كَذلِكَ نَحْنُ الكَثِيرُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ في المَسِيح، ولكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا هُوَ عُضْوٌ لِلآخَرِين.
وَبِمَا أَنَّ لَنَا مَوَاهِبَ مُخْتَلِفَةً بِحَسَبِ النَّعْمَةِ الَّتي وُهِبَتْ لَنَا، فَمَنْ لَهُ النُّبُوءَةُ فَلْيَتَنَبَّأْ وَفْقَ الإِيْمَان،
وَمَنْ لَهُ الخِدْمَةُ فَلْيَهْتَمَّ بِالخِدْمَة، والمُعَلِّمُ بِالتَّعْلِيم،
والمُعَزِّي بِالتَّعْزِيَة، ومَنْ يُعْطِي فَلْيُعْطِ بِسَخَاء، ومَنْ يَرْئِسُ فَلْيَرْئِسْ بِٱجْتِهَاد، ومَنْ يَرحَمُ فَلْيَرْحَمْ بِبَشَاشَة.
إنجيل القدّيس متّى 4: 18 – 25
فيمَا كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عَلى شَاطِئِ بَحْرِ الجَلِيل، رَأَى أَخَوَيْن، سِمْعَانَ الَّذي يُدْعَى بُطْرُس، وأَنْدرَاوُسَ أَخَاه، وهُمَا يُلْقِيَانِ الشَّبَكَةَ في البَحْر، لأَنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْن.
فقَالَ لَهُمَا: «إِتْبَعَانِي فَأَجْعَلَكُمَا صَيَّادَيْنِ لِلنَّاس».
فتَرَكَا الشِّبَاكَ حَالاً، وتَبِعَاه.
ولَمَّا جَازَ مِنْ هُنَاك، رَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْن، يَعْقُوبَ بْنَ زَبَدَى، ويُوحَنَّا أَخَاه، في السَّفِينَةِ مَعَ زَبَدَى أَبِيهِمَا، وهُمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا.
فَتَرَكا حَالاً ٱلسَّفِينَةَ وأَبَاهُمَا، وتَبِعَاه.
وكانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الجَلِيل، يُعَلِّمُ في مَجَامِعِهم، ويَكْرِزُ بإِنْجِيلِ المَلَكُوت، ويَشْفِي الشَّعْبَ مِنْ كُلِّ مَرَضٍ وكُلِّ عِلَّة.
وذَاعَ صِيتُهُ في سُورِيَّا كُلِّها، فَحَمَلُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ مَنْ كَانَ بِهِم سُوء، مُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَة، ومَمْسُوسِينَ ومَصْرُوعِينَ ومَفْلُوجِين، فَشَفَاهُم.
وتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيْرَةٌ مِنَ الجَلِيل، والمُدُنِ العَشْر، وأُورَشَليم، واليَهُودِيَّة، وعِبْرِ الأُرْدُنّ.
التأمّل
”فَتَرَكا الشّباكَ حالًا، وَتَبِعاه“
هُناكَ ظُروفٌ وَأَحداثٌ وَلِقاءاتٌ تَفرضُ ذاتَها على الإِنسانِ، فَتُؤَثِّرَ عَلى خَياراتِهِ وَقَراراتِهِ إِمَّا سَلبًا أَو إِيجابًا، أَمَّا تِلكَ الَّتي تَزيدُهُ نُمُوًّا في الحُرِّيَّة، هيَ الَّتي مِن خِلالِها يَجِدُ مَعنًى أَكبَر وَأَسمى لِحَياتِهِ بِكُلِّيَّتِها. البَعضُ يَترُكُ أَرضَهُ، أَهلَهُ وَعَمَلَهُ وَعالَمَهُ لِيَنطَلِقَ إِلى أَرضٍ أُخرى، تَحتَ عَلامَةِ الهُروب، أَو بِسَبَبٍ جِرحٍ ما، أَو رُبَّما مِثلَ الإِبنِ الضَّال يُريدُ لِذاتِهِ حُرِّيَّةً مُقَنَّعَة وَمُزَيَّفَة، رافِضًا بيئَتَهُ وَانتِماءَهُ الأَوَّل. رُبَّما يَكونُ التَّركُ وَالتَّخَلّي مَبنِيَّينِ على أَساسِ اختِبارٍ لِلحَقّ كَما حَدَثَ مَعَ التَّلاميذِ الأَوَّلين الَّذينَ اختارَهُم يَسوع. إِنَّ هذا الفِعلَ ما زالَ يَحدُثُ اليَومَ أَيضًا، فَما زالَ الرَّبَّ يَدعو، وَيَرغَبُ وَيُريدُ أَن يَعرِفَهُ الإِنسانُ بِمِلءِ حُرِّيَّتِهِ لِكَي يَعيشَ الفَرَحَ الدَّاخِلي وَيَكونَ بالتِزامِهِ الجَديد مَصدَرَ سَلامٍ وَخَيرٍ وَصَلاحٍ لِكُلِّ مَن يَلتَقيه. لَقَد أَلقى يَسوعُ كَلِمَتَهُ وَهو مارٌّ على ذاكَ الشَّاطِئ، مُصَوِّبًا إِيَّاها على قَلبِ شابَّين فَأَصابَت شِباكَهُ، مِمَّا جَعَلَهُما يَترُكانِ شِباكِهِما حالًا، دونَ تَأَخُّرٍ، وَلِهذا دَلالَةٌ كَبيرَةٌ وَمَعنًى كَبير.
يَا بُنَيَّ، أَقولُ لَكَ أُترُكَ كُلَّ شَيءٍ، لِأَنَّكَ بِقَدرِ ما تَتَمَسَّكُ بِالأَشخاصِ وَالأَشياءِ وَالمـَناصِبِ وَالأَعمالِ، بِالقَدرِ عَينِهِ أَنتَ تَأسُرُ نَفسَكَ بِسِجنٍ ضَيِّقٍ وَمُظلِم. تَقولُ لي: “أُريدُ أَن أَكونَ مَحبوبًا، وَأُريدُ أَن مُستَقِلًّا، وَأُريدُ أَن أَكونَ ذاتَ شَأنٍ…”. لَيسَ لَكَ مِن طَريقٍ يُبَلِّغُكَ إِلى ما أَنتَ تُريدُهُ في العُمقِ سِوى التَّركُ وَالتَّخَلّي، لِأَنَّ مَن يَترُكُ فِعلًا يَعرِفُ مَعنى العَطاءِ الحَقيقيّ، وَمَن يُطِيعُ فِعلًا يَعرِفُ مَعنى حُرِيَّةَ القَلب، وَمَن يُصبِحُ خادِمًا لا مَخدومًا، يَكونُ هوَ المـُؤَثِّر لا المـُؤَثَّرَ عَلَيهِ، لِأَنَّهُ بِطَواعِيَّةِ الحُبّ وَبِقناعَةِ الإِيمان اختارَ النَّصيبَ الأَفضَل. مَن يَترُكُ وَيَتَخَلَّى بِمِلءِ إِرادَتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ يَكونُ قَد اتَّخَذَ المـَوقِفَ الأَخير الَّذي على الإِنسانِ أَن يَأخُذَهُ أَمَامَ سِرِّ المـَوت، وَهُنا مَن فَقَد ذاتَهُ وَجَدَها. لا تَخَف مِنَ التَّركِ لِأَنَّكَ وَأَنتَ تَترُكُ ضَماناتكَ الَّتي تَخشى عَلَيها أَصبَحَتُ أَنا ضَمانَةً الأَكيدَة. كُلُّ شَيءٍ يَزولُ وَأَنا أَبقى، كُلُّ شَيءٍ يَفنى وأَنا أَخلُقُكَ مِن جَديدٍ بِفِعلِ مَحَبَّتي وَرَحمَتي، فَأَنا الحَقُّ الشَّاهِدُ الأَمينُ الصَّادِق. أَدعوكَ لِتَترُكَ حالًا كُلَّ شَيءٍ لا يَؤولُ فيكَ إِلى النُّمُوّ في القَداسَة، لا تُؤَجِّل أَبَدًا هَذِهِ الدَّعوَة لِلَحَظَةٍ واحِدَة، لِتَكونَ في الحُبّ.
إِنَّ التَّرَيُّثَ وَالتَّأجيل يَجعَلانِ الإِنسان في حالَةِ دُوارٍ حَولَ نَفسِهِ، فَيزَدادَ حَيرَةً وَارتِباكًا وَشَكًّا، أَمَّا الإِنسانُ الَّذي يَركُنُ حالًا للصَّلاةِ وَيَلتَمِسُ مِن صَميمِ قَلبِهِ بِصِدقٍ وَإِخلاصٍ وَإِرادَةٍ مُصَمِّمَة مَشيئَةَ الله، يَكشِفُ اللهُ لَهُ الخَيرَ الَّذي يُريدُهُ مِنهُ، مِمَّا يَزيدَهُ عَزمًا وَقُوَّةً وَشَجاعَةً لِتَركِ ما يَجعَلَهُ المـَنطِقُ يَتَمَسَّكُ فيهِ، وَما مَشورَةُ النَّاسِ المـُضِلَّة تُغريهِ فيه. مِن هُنا وَحدَهُ التِماسَ النِّعمَةِ في الصَّلاةِ يُمَكِّنُ الإِنسانَ من اتّخاذِ الخَيارَ الأَفضَل ضمن المـُمكِن وَالواقِع الَّذي يَؤولُ إِلى مَجدِ اللهِ وَخَلاصِ نَفسِهِ وَخَيرِ الإِخوَة. أَن تَترُكَ شِباكَكَ حالًا كَما فَعَلَ الرُّسُلُ، هوَ لَأَمرٌ سَهلٌ وَصَعبٌ في الآنِ عَينه، وَلِكَي يَكونَ سَهلًا، عَلَيكَ أَن تَثِقَ بِمَن يَدعوكَ للتَّركِ بِفِعلِ مَحَبَّتِهِ، فَجَدِّدِ حالًا ثِقَتَكَ بِهِ.
رَبِّي يَسوع، سَهلٌ عَلَيَّ أَن أَتَمَسَّكَ بِكُلِّ ما يُعطى لي، وصَعبٌ عَلَيَّ التَّركُ وَالتَّخَلّي، وَحدَكَ الَّذي باستِطاعَتِهِ أَن يُحَرِّرَني مِن كُلِّ أَنواعِ شِباكِ العالَمِ وَالشّرّير، لِأَنَّكَ أَنتَ الحُرِّيَّةُ الحَقّ، بِما فيكَ مِن حُبٍّ وَرَحمَةٍ وَسَلامٍ وَحَقّ. أَيُّها المـُعَلِّمُ الصَّالِح، إِبدَأ عِلمَكَ وَعَمَلَكَ فِيَّ، وَأَبقِني لَكَ تِلميذًا لِأَكونَ من أَجلِكَ مُعَلِّمًا بِالشَّهادَة، آمين
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!