موقع Allah Mahabba عيد حبل القدّيسة حنّة الطاهر بالعذراء مريم
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9: 30 – 33
يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوا إِلى البِرِّ قَدْ أَدْرَكُوا البِرّ، أَيْ البِرَّ الَّذي هُوَ مِنَ الإِيْمَان.
أَمَّا إِسْرَائِيلُ الَّذي سَعَى إِلى شَرِيعَةِ البِرّ، فَلَمْ يَبْلُغْ شَرِيعَةَ البِرّ.
لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ لَمْ يَسْعَ إِلى البِرِّ بِالإِيْمَانِ بَلْ بِالأَعْمَال. فَعَثَرُوا بِحَجَرِ العَثْرَة،
كَمَا هوَ مَكْتُوب: «هَا إِنِّي أَضَعُ في صِهْيُونَ حَجَرَ عَثْرَةٍ، وصَخْرَةَ شَكٍّ، فَمَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لا يُخْزَى».
إنجيل القدّيس متّى 11: 16 – 19
قالَ الربُّ يَسوعُ (لليهود): «بِِمَنْ أُشَبِّهُ هذَا الجِيل؟ إِنَّهُ يُشْبِهُ صِبْيَانًا جَالِسِينَ في السَّاحَاتِ يَصيحُونَ بِأَصْحَابِهِم
قَائِلين: زَمَّرْنا لَكُم فَلَمْ تَرْقُصُوا، ونَدَبْنا لَكُم فَلَمْ تَنْتَحِبُوا.
جَاءَ يُوحَنَّا لا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ فَقَالُوا: فِيهِ شَيْطان!
وجَاءَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ ويَشْرَبُ فَقَالُوا: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وشِرِّيبُ خَمْر، صَدِيقُ العَشَّارِينَ والخَطَأَة! ولكِنَّ الحِكْمَةَ تُبَرِّرُها أَعْمَالُهَا!».
التأمّل
”إِنَّهُ يُشبِهُ أَولادًا قاعِدينَ في السَّاحاتِ يَصيحونَ بِأَصحابِهِم“
مَن يَتَرَصَّدُ أَحداثَ الحَياةِ وَحَرَكَةَ يَومِهِ، يَستَطيعُ أَن يَأخُذَ مِنها الكَثيرَ مِنَ العِبَرِ الرُّوحِيَّة، الَّتي تُمَكِّنُهُ رُوَيدًا رُوَيدًا مِن فَهمِ مَشيئَةِ اللهِ في حَياتِه. غالِبًا ما يُنظَرُ إِلى سُلوكِيَّاتِ الإِنسانِ لِيُرى إِن كانَ يَتَمَتَّعُ بِأَخلاقٍ جَيِّدَةٍ وَصِفاتٍ حَميدَة. تَفاعُلُ الإِنسانِ مَع مُجتَمَعِهِ يُبَيِّنُ في الآنِ عَينِهِ تَفاعُلَهُ مَع نَفسِهِ في الباطِن. إِنطِلاقًا مِن هُنا تُكَوَّنُ الأَحكامُ وَالنُّعوتُ في العَلاقاتِ بَينَ النَّاس. الوَلَدُ المـُهمَلُ وَالمـَتروكُ في الشَّارِع، يُصَنَّفُ بابنِ الشَّارِع، وَالَّذي يَتَمَرَّسُ عَلى العَيشِ بِخُلُقِيَّاتٍ حَسَنَة، يُصَنَّفُ بابنِ البَيت، إِلَّا أَنَّ كِلا الطَّرَفَيِنِ لَهُما الكَرامَةُ نَفسُها لَدى الله. لَقَد نَظَرَ يَسوعُ إِلى أَبناءِ جيلِه، فَرآهُم كَالأَولادِ الجالِسينَ في السَّاحات، كُلُّ شَيءٍ يُلهيهِم، وَيُبعِدَهُم عَن مَصدَرِ وُجودِهِم. نَبَّهَهُم مِن حالَتِهِ، وَلَم يُدِنهُم، أَنذَرَهُم لِيُوَجِّهَهُم نَحوَ الأَفضَل. عَرَضَ عَلَيهِم مَشروعًا جَديدًا عَلَّهُم يَقومونَ مِن حالَتِهِم القَديمَة، فَيَتَجَدَّدون، وَيَنطَلِقون انطِلاقَةً جَديدَة، فَفَضَّلوا جُلوسَ الأَولادِ، عَلى التَّتَلمُذِ وَالإِتِّباع.
يَا بُنَيَّ، الحَياةُ أَمامَكَ لَوحَةٌ مَرسومَةٌ مِن أَحداثِ حَياتِكَ الطَّفيفَةِ وَالكَبيرَة، أُنظُر إِلَيها جَيِّدًا، وَأَمعِنِ النَّظَر، لِكَي تَأخُذَ لَكَ مِنها العِبَر. أُنظُر إِلى بَني قَومِكَ، إِلى بَني جيلِكَ، ماذا تَرى فيهِ وَما المـُفارَقَةُ الَّتي تُمَيِّزُهُ عَمَّن سَبَقَه، وَمَن هُوَ خَلفَهُ؟ يُستَحسَنُ أَن تَعرِفَ الفَوارِق، لِكَي تَعرِفَ التَّأثيرات الخارِجِيَّةِ الَّتي تُرافِقُكَ. أَبناءُ جيلي، تَلَهُّوا بِأُمورِ العالَم، القِصَصُ لا تَنتَهي وَالرِّواياتُ الجَديدَة لا تَنتَهي، وَفي كُلِّ يَومٍ الكُلُّ كانَ يَسأَلُ ما هُوَ جَديدُ هذا اليَوم؟. أَلَيسَت هذِهِ حالُكَ وَحالُ أَبناءِ جيلِكَ؟ لا تَسمَح لِلزَّمَنِ أَن يَسبِقَكَ، وَلا لِلأَحداثِ أَن تُقَيِّدَكَ، وَلا للظُّروفِ أَن تَحُطَّ مِن دَعوَتِكَ وَرِسالَتِكَ، فَأَنتَ دائِمًا مَدعُوٌّ لِلأَفضَل. تَنَبَّه جَيِّدًا لَقَد صارت كُلُّ ساحاتِ العالَمِ بَينَ يَدَيكَ، فَكُلُّ شَيءٍ يُؤتي إِلَيكَ بِالعَجيجِ وَالضَّوضاءِ وَالزَّوبَعَة. هَل تَعلَمُ ما هُوَ الصَّمتُ؟ هَل اختَبَرتَهُ يَومًا؟ مِن دونِ الصَّمتِ لا يُمكِنُكَ أَن تَرجِعَ إِلى نَفسِكَ وَبِالتَّالي إِلَيَّ. مِن دونِ الصَّلاةِ يَبقى ذِهنُكَ أَسيرُ العالَم. مِن دونِ الإِختِلاءِ وَالوَحدَةِ تَبقى عُرضَةً لِتَمَوُّجاتِ عُروضاتِ العالَم. لا تَكُن شَبيهَ الجالِسينَ في السَّاحات، بَل اقتَدِ بي.
باتَت ضَوضاءُ العالَمِ تُشَكِّلُ حَيِّزًا كَبيرًا مِن فِكرِ الإِنسان، إِلى حَدٍّ صارَ الإِنسانُ شَبيهًا بِالوَسائِلِ الإِلكترونِيَّة، أَكثَرَ مِنهُ بِكُلِّ ما هُوَ حَيٌّ وَطَبيعيّ. تَبدو عَلى الإِنسانِ المـُعاصِرِ عَلاماتُ الجُمودِ وَالشُّحوبِ، فَهوَ لَم يَعُد أَليفَ الطَّبيعَة. لَقَد صارَ مادِّيًّا أَكثَرَ مِمَّا هُوَ روحيّ. ضَوضاءُ العالَم أَبعَدَتهُ عَن هُوِيَّتِهُ، وَأَبعدَتهُ عَن كُلِّ ما هُوَ طَبيعي. هذا الأَمرُ جَعَلَ مِنَ الإِنسانِ مُتَقَبِّلًا بِشَكلٍ بَديهيّ لِكُلِّ ما يُعرَضُ عَلَيهِ وَلَم يَعُد فاعِلًا، يُحدِثُ نَقلَةً نَوعِيَّةً في الحَياة، باتَ ابنًا للإِعلامِ المـُسَوَّقِ عَبرَ وَسائِلِ التَّواصُلِ الإِجتِماعيّ. صَحيحٌ أَنَّهُ عَلَينا مُواكَبَةُ التَّاريخِ وَالعَصر، وَلَكِن عَلَينا انتِقاءَ ما يُؤَصِّلُ هُوِيَّتَنا الإِنسانِيَّة. لِيَكُن قَصدُكَ التَّمَتُّعَ بِروحِ الخَليقَة وَالطَّبيعَة، فَتَنفَتِحَ عَلى الله.
رَبِّي يَسوع، هُوَّذا العالَمُ صارَ في قَلبي، وَصارَ عَقلي ساحَةَ قِتالٍ، لَم أَعُد أَستَطيعُ أَن أُصغيَ لِذاتي، فَكَيفَ لي أَن أَعرِفَ كَلِمَتَكَ. هُناكَ الكَثيرُ وَالكَثيرُ مِن ضَوضاءِ العالَمِ فِيَّ، وَباتَت كُلُّها بِمـَثابَةِ أَصواتِ أَطفالٍ يَصيحونَ بِالسَّاحات. أَرجوكَ رَبِّي خُذني بِيَدي إِلى واحَةِ بَرِّيَّتِكَ وَهُناكَ اخطُب قَلبي، فَأُمَجِّدَكَ بالصَّلاةِ وَالصَّمتِ، آمين..
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!
