موقع Allah Mahabba الأربعاء من أسبوع مولد يوحنّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 9: 14 – 18
يا إِخوَتِي، مَاذَا نَقُول؟ أَيَكُونُ عِنْدَ اللهِ ظُلْمٌ؟ حَاشَا!
لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسى: «أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَم، وأَتَحَنَّنُ عَلى مَنْ أَتَحَنَّن!».
إِذًا فَٱلأَمْرُ لا يَتَعَلَّقُ بِالإِنسَانِ الَّذي يُرِيد، ولا بِالإِنسَانِ الَّذي يَسْعَى، بَلِ بِاللهِ الَّذي يَرْحَم؛
لأَنَّ اللهَ يَقُولُ في الكِتَابِ لِفِرْعَون: «إِنِّي لِهذَا أَقَمْتُكَ، لِكَي أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتي، وَلِكَي يُنَادَى بِٱسْمي في الأَرْضِ كُلِّهَا».
إِذًا فَهوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاء، ويُقَسِّي قَلبَ مَنْ يَشَاء.
إنجيل القدّيس متّى 9: 13 – 17
فيمَا (يسوع وبطرس ويعقوب ويوحنّا) نَازِلُونَ مِنَ الجَبَلِ، حيثُ تَجَلَّى يَسُوعُ، أَوْصَى يَسُوعُ تلامِيذَهُ قَائِلاً: «لا تُخْبِرُوا أَحَدًا بِهذِهِ الرُّؤْيَا إِلى أَنْ يَكُونَ ٱبْنُ الإِنْسَانِ قَدْ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات».
فَسَأَلَهُ التَّلامِيذُ قَائِلِين: «إِذًا لِمَاذَا يَقُولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا أَوَّلاً؟».
فَأَجَابَ وقَال: «أَجَلْ، إِنَّ إِيلِيَّا آتٍ، وَسَيُصْلِحُ كُلَّ شَيء.
وأَقُولُ لَكُم: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ أَتَى، ولَمْ يَعْرِفُوه، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاؤُوا. وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم».
حينَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ حَدَّثَهُم عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان.
التأمّل
”فَلِماذا يَقولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ يَجِبُ أَن يَأتي إِيلِيَّا أَوَّلًا؟“
مَن أَرادَ الوصولَ إِلى غايَةٍ ما، عَلَيهِ أَن يَسأَلَ مَن سَبَقوهُ في ذاكَ المـيدان، لِيَأخُذَ مِنهُم المـَشورَةَ الحَسَنَة، وَمِنَ المـُفَضَّلِ أَن يَكونَ لَهُ رَفيقٌ مُتَمَرِّسٌ في ذاكَ الشَّأن. عَلى صَعيدِ الواقِع تُتَّبَعُ هَذِهِ القاعِدَةُ عَلى شَتَّى الصُّعُدِ العَمَلانِيَّةِ وَالعِلمِيَّة، وَحَتَّى أَيضًا في ميدانِ الحَياةِ الرُّوحِيَّة. مِن هُنا نَتَدارَكُ لِماذا كانَ اليَهودُ يُعطونَ اهتِمامًا بارِزًا لِعُلَماءِ الشَّريعَةِ وَلِلكَتَبَةِ وَللرَّابِيِّينَ مُفَسِّري الأَسفارَ المـُقَدَّسَة. كُلُّ الشَّعبِ كانَ يَنتَظِرُ المـُخَلِّص، وَكُلُّ الشَّعبِ كانَ يَهتَمُّ لِشُؤونِ الله، وَلِهذا أَيضًا كانوا يُستَغَلُّونَ مِن قِبَلِ المـُتَسَلِّطينَ عَلَيهِم روحِيًّا. الكَتَبَةُ تَنَبَّهوا لِشَخصِيَّةِ النَّبِيِّ إِيلِيَّا في الكِتابِ المـُقَدَّس، وَلَكِنَّهُم غَفِلوا رِسالَتَهُ الَّتي تَقومُ عَلى الإِستِعدادِ في التَّوبَةِ الصَّادِقَة. لَم يَعيشوا التَّوبَة بِقَدرِ ما كانوا يَتَرَقَّبونَ ظُهورَ إِيلِيَّا، وَهَكَذا لَم يَفقَهوا روحَ الكِتابِ المـُقَدَّس بَل تَوَقَّفوا عِندَ حُروفِهِ الخارِجِيَّة. مَن أَرادَ أَن يَسيرَ نَحوَ الله حَسَنٌ جِدًّا أَن يَتِّخِذَ لَهُ مُرشِدًا روحِيًّا يُسانِدُهُ، وَلَكِنَّ الخَطَرَ يَكمُنُ عِندَما يُنتَسى مَن هُوَ الغايَةُ في ذاتِه.
يَا بُنَيَّ، سَمِعتَ أَنَّهُ قيلَ عَلى إِيلِيَّا أَن يَأتي أَوَّلًا، لِيُهَيِّئَ الطَّريق. إِذًا مِن هُنا تَعلَمُ أَنَّ لِمَجيئي عَلامات، وَلَكِن الأَهَمَّ مِنها تَلَقُّفُ هَذِهِ العَلاماتِ لِلعَيشِ وُفقَ مَشيئَةِ الله. قالَ الكَتَبَةُ أَنَّ إِيليَّا آتٍ، إِلَّا أَنَّهُم لَم يَعيشوا وُفقَ روحِ إِيلِيّا الغَيور. كَيفَ لَكَ أَن تُحِبَّني إِن لَم تَكُن تَرغَبُ بي. قَد أَكونُ بِالنِّسبَةِ لَكَ رِوايَةً بَينَ مَجموعَةِ رِواياتٍ تَسمَعُها في كُلِّ يَوم، لِذَلِكَ هُناكَ فَرقٌ بَينَ مَن يَتَتَبَّعُ أَخباري، وَبَينَ مَن يُريدُ أَن يَختَبِرَ حُضوري، وَهَذِهِ كانَت حالَةُ الكَتَبَة. لَقَد عَمِلوا عَلى تَفسيرِ الكُتُبِ وَخَطِّها، إِلَّا أَنَّهُم نَأوا بِأَنفُسِهِم عَن عَيشِهِم لِروحِها. يُعَلِّمُكَ إِيلِيّا أَن يَكونَ لَكَ روحَ الغَيرَةِ عَلى شُؤونِ اللهِ، فَتَكونَ مُصلِحًا بِفِعلِ التَّوبَةِ لِكُلِّ اعوِجاجٍ في الحَياة. هذا الإِصلاحُ يَبدَأُ مِن نَفسِكَ. فَمَن يَتَمَرَّسُ عَلى التَّوبَةِ الصَّادِقَة، يُهَيِّئُ الطَّريقَ لِمـَجيئي، وَمَن يَتَحَرَّقُ قَلبُهُ بِنَارِ الشَّوقِ إِلَيَّ، يَختَبِرُ مَحَبَّتي الَّتي لا وَصفَ لَها أَبَدًا. نَعَم صَحيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ أَن يَأتيَ إِيلِيَّا أَوَّلًا، إِلَّا أَنَّ مَجيئَهُ لا يَرتَبِطُ بِحَدَثٍ وَزَمنٍ وَظَرف، بَل بِقُوَّةِ إِقدامِكَ عَلى التَّغَيُّر بِفِعلِ التَّوبَةِ الصَّادِقَة. مِن هُنا تَعَلَّم مَعَ التَّلاميذ كَيفَ عَلَيكَ أَن تَكونَ دائِمَ الجُهوزِيَّةِ.
لا يَستَطيعُ الإِنسانُ أَن يَكونَ مُلِمًّا في مَوضوعٍ ما، إِذا لَم يُحِبُّهُ أَوَّلًا. الحُبُّ هُوَ الشَّرطُ الأَساسيّ لِكُلِّ دَعوَةٍ، وَهوَ وَراءَ وَفي كُلِّ مَوهِبَةٍ وَقُدرَة. الحُبُّ هُوَ النَّارُ المـُستَعِرَةُ الَّتي تُحَرِّكُ الأَشياءَ لِتَدفَع كُلًّا مِنها نَحوَ غايَتِها. هَكذا كانَ إِيلِيّا النَّبِيُّ غَيورًا عَلى كَلِمَةِ اللهِ، مُتَّقِدًا حُبًّا لله. الكَتَبَةُ فَتُرَت مَحَبَّتُهُم لله، لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِم بِفُقهِهِم وَعِلمِهِم وَبَلاغَتِهِم، فَجَعَلوا مِن كَلِمَةِ اللهِ وَسيلَةً لِمَجدِهِم الخاصّ. قَد تَكونُ هَذِهِ الحالَةُ مُشكِلَةَ كلٍّ مِنَّا، وَسائِلُ التَّوبَةِ بَينَ أَيدينا إِلَّا أَنَّها لا تَعنينا. بِإِمكانِ كُلٍّ مِنَّا أَن يُلقي عِظاتٍ حَميدَةً عَلى سِواه، وَلَكِنَّهُ لا يَرى ما عَلَيهِ أَن يُغَيِّرَهُ في شَخصِهِ لِيَصيرَ نَحوَ الغايَةِ الَّتي مِن أَجلِها خُلِق. لِيَكُن قَصدُكَ العَمَلَ عَلى نَفسِكَ أَوَّلًا قَبلَ أَيِّ شَيء.
رَبِّي يَسوع، أَنا الَّذي أَنزَلِقُ بِسَمَعي لِكُلِّ مَن هُم حَولي، فَأُعجَبُ بِبَعضِهِم وَأَنتَقِدُ بَعضَهُم الآخَر. أَسمَعُ كَثيرًا، وَأَرى كَثيرًا، إِلَّا أَنّي قَليلًا ما أُسائِلُ نَفسي: أَينَ أَنا مِنكَ يَا إِلَهي؟ يا سَيِّدي المـُحِبُّ لِلبَشَرِ، أَلقِ بِنارِ مَحَبَّتِكَ في قَلبي، لِيَكونَ سَمَعي وَبَصَري كُلُّهُ مُزَوَّدًا بِالحُبِّ، فَأَعيشَ التَّوبَةَ وَأَنا صادِقٌ مَعَكَ وَمَع نَفسي وَالقَريب، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!