موقع Allah Mahabba السبت من أسبوع بشارة العذراء
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 4: 13 – 20
يا إَخوَتِي، أَنْتُم تَعْلَمُونَ أَنِّي بِسَبَبِ عِلَّةٍ في جَسَدي بَشَّرْتُكُم لِلمَرَّةِ الأُولى.
ومَعَ أَنَّ العِلَّةَ في جَسَدِي كَانَتْ مِحْنَةً لَكُم، فإِنَّكُم لَمْ تَحْتَقِرُونِي بِسَبَبِهَا ولَمْ تَشْمَئِزُّوا مِنِّي، بَلْ تَقَبَّلْتُمُونِي كَأَنِّي مَلاكٌ مِنَ الله، كَأَنِّي المَسِيحُ يَسُوع!
إِذًا فأَيْنَ ٱغْتِبَاطُكُمُ الآن؟ وإِنِّي لأَشْهَدُ لَكُم أَنَّكُم لَوِ ٱسْتَطَعْتُم لَقَلَعْتُم عُيُونَكُم وَأَعْطَيْتُمُونِي إِيَّاهَا!
فهَلْ صِرْتُ لَكُم عَدُوًّا، لأَنِّي كُنْتُ صَادِقًا مَعَكُم؟
إِنَّهُم يَغَارُونَ عَلَيْكُم لا لِخَيْرِكُم، بَلْ يُريدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُم عَنِّي، لِكَي تَغَارُوا عَلَيْهِم!
إِنَّهُ لَحَسَنٌ أَنْ تَغَارُوا على الخَير، في كُلِّ حِين، لا في حُضُوري عِنْدَكُم فَقَط.
يَا أَوْلادِيَ الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُم ثَانِيَةً حتَّى يُصَوَّرَ المَسِيحُ فيكُم!
كُنْتُ أَوَدُّ أَنْ أَكُونَ الآنَ حَاضِرًا عِنْدَكُم، وأُغَيِّرَ لَهْجَتِي، لأَنِّي مُحْتَارٌ في أَمْرِكُم!
إنجيل القدّيس 10: 21 – 24
(بَعدَ عَودَة الاثنَين وَالسَّبعينَ تِلميذًا بِفَرَحٍ) ٱبْتَهَجَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ القُدُس، فَقَال: «أَعْتَرِفُ لَكَ، يَا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَاءِ وَالأَرْض، لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هذِهِ الأُمُورَ عَنِ الحُكَمَاءِ وَالفُهَمَاء، وَأَظْهَرْتَها لِلأَطْفَال. نَعَم، أَيُّهَا الآب، لأَنَّكَ هكذَا ٱرْتَضَيْت.
لَقَدْ سَلَّمَنِي أَبي كُلَّ شَيء، فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَعْرِفُ مَنْ هُوَ ٱلٱبْنُ إِلاَّ ٱلآب، وَلا مَنْ هُوَ ٱلآبُ إِلاَّ ٱلٱبْن، وَمَنْ يُريدُ ٱلٱبْنُ أَنْ يُظْهِرَهُ لَهُ».
ثُمَّ ٱلتَفَتَ إِلى تَلامِيذِهِ، وقَالَ لَهُم عَلى ٱنْفِرَاد: «طُوبَى لِلْعُيونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا أَنْتُم تَنْظُرُون!
فَإِنِّي أَقُولُ لَكُم: إِنَّ أَنْبِياءَ وَمُلُوكًا كَثِيرِينَ أَرادُوا أَنْ يَرَوا مَا أَنْتُم تَنْظُرُون، فَلَمْ يَرَوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُون، فَلَمْ يَسْمَعُوا».
التأمّل
”طوبى لِلعُيون الَّتي تَنظُرُ ما أَنتُم تَنظُرُون!“
تَختَلِفُ الآراءُ مِن شَخصٍ إِلى آخَر، وَمِن جَماعَةٍ إِلى أُخرى. وَاختِلافُ الآراءِ يُبَيِّنُ تَنَوُّعَ وُجُهاتِ النَّظَرِ في قِراءَةِ المـَوضوعِ نَفسِه. كُلٌّ يَرى مِن جانِبِهِ، بِتَأثيرٍ مِن رَغَباتِهِ وَجِراحِهِ وَحاجاتِهِ وَنَشأَتِه. مِن خِلالِ هَذِهِ النَّظرَةِ نَتَعَرَّفُ عَلى أَنفُسِنا، وَبانفِتاحِنا عَلى آراءِ الآخَرين، نَدخُلُ في الإِجابَةِ عَلى السُّؤالِ الَّذي يُطرَحُ عَلَينا في العُمقِ. مَجموعُ هَذِهِ الآراءِ وَالوُجُهاتِ وَالمـُقارَباتِ تُكَوِّنُ لَنا مَعرِفَةً جِزئِيَّةً عَن أَنفُسِنا، فَنَحنُ وَإِن عَرَفنا جِزءًا مِنَّا، يَبقى الكَثيرُ الَّذي عَلَينا أَن نَستَكشِفَهُ فينا. لا تَعني كُلُّ نَظرَةٍ بَصيرَةً، وَلا كُلُّ رَأيٍ حَقيقَة، مِن هُنا، لا يُمكِنُنا أَن نَقِفَ أَمامَ مِرآةٍ تَحُدُّنا، بَل أَمامَ مِرآةٍ تَفتَحُنا إِلى المـُطلَق. السِّرُّ هُوَ الَّذي يَمضي دائِمًا فينا إِلى الأَبعَد. الطُّوبى لَنا يَومَ نَنتَقِلُ مِن حالَةِ تَقَلُّباتِ الآراءِ إِلى بُعدِ البَصيرَة الَّتي تَجعَلُنا أُناسَ التَّأَمُّلِ الهادِئِ الَّذي يُؤَدِّي بِقُلوبِنا إِلى الإِنفِتاحِ عَلى اللهِ الحاضِرِ الدَّائِم. هَذا ما خَبِرَهُ الرُّسُلُ يَومَ عايَنوا الرَّبَّ يَسوع في الجَسَد، وَإِلى هذا نَحنُ مَدعُوُّونَ أَيضًا.
يَا بُنَيَّ، حُبِّي يَشفي العُيونَ لِتَرى بِواسِطَةِ الرُّوحِ القُدُس، ما عَلَيها أَن تَراهُ في العُمُقِ. مِن دونِ العَينِ لا يُمكِنُكَ أَن تَرى، وَلَا يَكفي أَن يَكونَ لَكَ عَينان لِكَي تُبصِر، إِن لَم يَصِل لَهُما نوري الأَزَلِيّ، الَّذي يَمُدُّ قَلبَكَ بِمَعرِفَتي وَمَحَبَّتي فَتَكتَشِفَ حُضوري الدَّائِمِ لَكَ في قَلبِ وَاقِعِكَ الَّذي تَعيشُهُ مَعَ تَقَلُّبِ الزَّمَن. تَنَبَّه لَكَ عَينان، لِكَيلا تَنظُرَ مِن وِجهَةٍ واحِدَة، بَل لِكَي تَكونَ مُنفَتِحًا عَلى الجَديدِ الَّذي أَكشِفُهُ لَكَ، وَإِن كُنتَ تُوَجِّهُ نَظَرَكَ إِلى النِّقطَةِ نَفسَها. أَمُدُّكَ بِنوري الَّذي يَختَرِقُ ظُلُماتِ قَلبِكَ، فَتُعايِنَ النُّورَ بِقَلبِكَ، وَبِهِ تَشعُرُ فِيَّ بداخِلِكَ، وَهذا ما لا يُرى في العَيان. انطِلاقًا مِن هُنا، سِرُّ المـَلِكِ يَبقى مَختومًا في قُلوبِ أُمَناءَ المـَلِك، وَقَد يَبدونَ في الخارِجِ بُسَطاء، أَمَّا في داخِلِهِم يَتَمَتَّعونَ بِتَأَمُّلِ بَهاءِ قَصرِ المـَلِكِ السَّماويّ. طوبى لَكَ يَومَ تُعايِنُ حُضوري الدَّائِمِ يَلُفُّكَ مِن كُلِّ صَوبٍ، وَيَمضي بِكَ إِلى الأَبعَد. لِكَي تَرى حُضوري الدَّائِم إِلى جانِبِكَ، عَلَيكَ بِالتَّخَلُّصِ مِن كُلِّ المـُعتَقَداتِ وَالمـَفاهيمِ الخاطِئَة وَالعاداتِ السَّيِّئَة، الَّتي تَجعَلُكَ أَسيرَ نَفسِكَ. أَعطَيتُكَ نوري لِكَي تَراني فَيَعرِفَ قَلبُكَ الحُرَّيَّةَ الحَقَّة.
اختِلافُ التِزاماتِ النَّاسِ بَينَ بَعضِهِم البَعض، وَاختِلافُ أَولَوِيَّاتِ الواحِدِ عَن الآخَر، وَاختِلافُ الإِختِباراتِ عَن بَعضِها البَعض وَإِن احتَوَت العَناصِرَ نَفسَها، يُكَوِّنُ التَّنَوُّعَ فيما بَينَها جَميعًا. الإِختِلافُ يُبَيِّنُ النِّعمَةَ الخاصَّة المـُعطاة لِكُلِّ شَخص، وَيُبَيِّنُ ضُعفَ كُلِّ شَخصٍ عَن الآخَر. مَن يَنظُرُ إِلى التَّنَوُّعِ في الإِختِلافِ بِنَظرَةٍ جامِدَة، يَرفُضُ كُلَّ ما هُوَ مُختَلِفٌ عَنهُ، وَعِندَئِذٍ يَقيسُ الأُمورَ عَلى قِياسِهِ الخاص. أَمَّا مَن يَتَمَعَّنُ بِالبَصَرِ وَراءَ كُلِّ اختِلافٍ يُدرِكُ الشَّخصانِيَّة الَّتي مَنَحَها اللهُ لِلإِنسان في الفَردانِيَّةِ. لِيَكُن قَصدُكَ أَن تَنظُرَ نَظرَةَ الرُّسُلِ إِلى يَسوع، الَّتي مَعَها تُسقِطُ كُلَّ الحَواجِزِ الَّتي تَمنَعُكَ مِنَ الإِنفِتاحِ عَلى الحَقيقَةِ المـُطلَقَة الَّتي تَجَلَّت بِوَجهِ يَسوعَ المـَسيح.
رَبِّي يَسوع، أَروَعُ الأَشياءِ أَن يَرى الإِنسانُ حَياتَهُ تُزهِرُ بِالفَضائِل، وَأَن يَراكَ أَنتَ بِذاتِكَ تُزَيِّنُها مِن خِلالِ حُضورِكَ. أَعظَمُ النِّعَمِ أَن أَراكَ فِيَّ، مِمَّا يَجعَلُني أَمكُثُ حَيثُ أَنتَ، فَأُعايِنَ نورَكَ، وَأَتَأَمَّلُ في بَهاءِ مَجدِكَ. لَيسَ كُلُّ مَن رآكَ عَرَفَكَ وَآمَنَ بِكَ، إِلَّا أُولَئِكَ الّذينَ مَكَّنتَهُم بِتَجاوُبِهِم مَعَ نِعمَتِكَ أَن يُبصِروكَ، وَهَذِهِ بُغيَتي فيكَ، آمين..
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!