موقع Allah Mahabba الخميس من أسبوع بشارة العذراء
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 4: 1 – 7
يا إِخوَتِي، إِنَّ الوَارِثَ، مَا دَامَ قَاصِرًا، لا يَخْتَلِفُ عنِ العَبْدِ بِشَيء، معَ أَنَّهُ سَيِّدٌ على كُلِّ شَيء .
لكِنَّهُ يَبقَى تَحْتَ الأَوْصِيَاءِ وَالوُكَلاء، إِلى الوَقْتِ الَّذي حَدَّدَهُ الأَب.
وهكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِين، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَركَانِ العَالَم.
ولكِنْ، لَمَّا بَلَغَ مِلْءُ الزَّمَان، أَرْسَلَ اللهُ ٱبْنَهُ مَولُودًا مِنِ ٱمْرَأَة، مَولُودًا في حُكْمِ الشَّرِيعَة،
لِكَي يَفْتَدِيَ الَّذِينَ هُم في حُكْمِ الشَّريعَة، حتَّى نَنَالَ التَّبَنِّي.
والدَّليلُ على أَنَّكُم أَبْنَاء، هُوَ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَ إِلى قُلُوبِنَا رُوحَ ٱبْنِهِ صَارِخًا: «أَبَّا، أَيُّهَا الآب!».
فأَنْتَ إِذًا لَمْ تَعُدْ عَبْدًا، بَلْ أَنْتَ ٱبْنٌ، وإِذَا كُنْتَ ٱبْنًا، فأَنْتَ أَيْضًا وَارِثٌ بِنِعْمَةِ الله.
إنجيل القدّيس متّى 12: 36 – 50
فيمَا يَسُوعُ يُكَلِّمُ الجُمُوع، إِذَا أُمُّهُ وإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوه.
فقَالَ لَهُ أَحَدُهُم: «هَا إِنَّ أُمَّكَ وإِخْوَتَكَ واقِفُونَ في الخَارِجِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُكَلِّمُوك».
فَأَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لِمُكَلِّمِهِ: «مَنْ أُمِّي ومَنْ إِخْوَتي؟».
وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلى تَلاميذِهِ وقَال: «هؤُلاءِ هُمْ أُمِّي وإِخْوَتي!
لأَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مَشِيئَةَ أَبي الَّذي في السَّمَاواتِ هُوَ أَخي وأُخْتِي وأُمِّي!».
التأمّل
”مَن يَعمَلُ بِمـَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات هُو أخي وَأختي وَأُمّي“
الإِنسانُ بِبُعدِهِ الإِجتِماعيّ، يُحَدِّدُ انتِماءهُ وَهُوِيَّتَهُ استِنادًا عَلى بيئَتِه. كَما وَأَنَّ الإِنسانَ مِن خِلالِ التِزامِهِ يُعَرِّفُ عَمَّا يُريدُ وَيَرغَبُ في الحَياةِ أَن يَكون. كُلُّ هَذِهِ تَصيرُ في حَياةِ الشَّخصِ تَسمِياتٍ وَصِفاتٍ يُحِدُّ ذاتَهُ فيها، يَومَ لا يَعودُ يَستَطيعُ اكتِشافَ ذاتِهِ خارِجًا عَنها. أَن يُعَرِّفَ الإِنسانُ عَن نَفسِهِ، هذا لا يَعني فَقَط ماذا يَعمَلُ في الحياة، وَإِلى أَينَ يَنتَمي، وماذا يَشعُرُ وَماذا يُفَكِّر في اللَّحظَةِ الرَّاهِنَة، بَل ما يَصيرُ عَلَيهِ ضِمنَ حَرَكَةِ الصَّيرورَة. إِنطِلاقًا مِن هُنا يَتَكَشَّفُ لِلإِنسانِ بُعدَهُ الرُّوحيّ، لِكَونِهِ مَخلوقٌ إِلى ما هُوَ أَبعَد. مَخلوقٌ لِكَي يَتَمَطَّى دائِمًا إِلى الأَمام. صَحيحٌ أَنَّ الإِنسانَ يَخافُ مِنَ المـَجهولِ الَّذي يُحيطُ بِمُـستَقبَلِهِ إِلَّا أَنَّ هذا الخَوف يُحَفِّزُهُ عَلى إِيجادِ المـَعنى، لِذَلِكَ اكتِشافُ المـَعنى يَتَّصِلُ بِالحَقيقَة الَّتي لا تُحصَرُ بِفِكرٍ وَفَلسَفَةٍ وَاكتِشافٍ مُعَيَّن، هِيَ أَيضًا تَتَخَطَّى حُدودَ الزَّمَن وَتُصَيِّرُهُ نَحوَها لِأَنَّها تَتَّصِلُ بِالله. العَمَلُ بِمَشيئَةِ الله، يَدخُلُ في صَيرورَةِ الحَياة مَع الله وَفي صُنعِ الخَيرِ وَالسَّلام.
يَا بُنَيَّ، لَقَد وَطِئتُ عالَمَكَ بِهَدَفٍ واحِدٍ وَحَصريّ وَواسِع، هُوَ أَن أُحَرَّرَكَ مِن كُلِّ القُيود. مِن قُيودِ نَفسِكَ، قُيودِ عَلاقاتِكَ، قُيودِ التِزاماتِكَ، وَحَتَّى مِن قُيودِ الزَّمانِ وَالمـَكان، وَذَلِكَ انطِلاقًا مِن حَدَثِ قِيامَتي الَّذي فيهِ أَعطَيتُكَ المـَعنى التَّام لِحَياتِكَ وَلِشَخصِك. لَقَد جِئتُ إِلَيكَ لِأُبَيِّنَ لَكَ أَنَّكَ بِواسِطَتي صِرتَ ابنًا لله، وَلِكَي تَكونَ ما صَيَّرتُكَ إِيَّاه، عَلَيكَ أَن تَكونَ أَخًا لي، بِفِعلِ حُرِّيَتِكَ وَاتِّباعي. ميزَةُ اللهِ أَنَّهُ اللَّامَحدود وَأَصلُ الوُجودِ في ذاتِه، وما تَعِرِفُهُ عَن نَفسِكَ، أَنَّكَ مَحدودٌ وَتَصيرُ عَلى مُستوى المـَلموسِ إِلى المـَوت، وَلَكِن مَتى أَدرَكتَ أَنَّكَ تَوأَمي في الإِتِّباع يَتَبَدَّلُ كُلُّ شَيءٍ فيكَ. ما أَعنيهِ بِتَوأَمي هُوَ أَن تَفهَمَ نَفسَكَ وَمَعنى الوُجودِ عَلى مُستَوى عَلاقَتي بِأَبي السَّماوي، وَهَكَذا يَتِمُّ فيكَ التَّحَوُّل، إِذ يَصيرُ الكُلُّ إِخوَةٌ لَكَ، فَيَسهُلَ عَلَيكَ أَن تُحِبَّ أَكثَر، وَأَن تَحيا بِبَساطَةٍ أَعمَق، وَأَن تَفرَحَ أَكثَر وَأَنتَ تُتَمِّمَ كُلَّ عَمَلٍ يُؤتي بِالبُنيان، مِن سَلامٍ وَخَيرٍ وَرَحمَةٍ وَخِدمَةٍ وَعَطاء. مَعي لا تَعودُ مَشيئَةُ اللهِ أَمرًا إِلزامِيًّا قَهريّ، بَل فِعلًا نابِعًا مِن قَلبِكَ بِكُلِّ حُبّ، وَهَكذا تُعَرَّفُ بِأَخي وَأُختي.
القُدُراتُ وَالمـَواهِبُ، الطَّاقاتُ وَالإِمكانِيَّاتُ وَالواقِعُ وَالظَّرفُ وَالآنِيَّة، كُلُّها عَناصِرُ أَساسِيَّةٌ وَلَها أَثَرُها البالِغُ عَلى قيمَةِ وَجَوهَرِ الأَعمال. انطِلاقًا مِن هُنا مَن لا يَعرِفُ بِالتَّمامِ ماذا يُريد، وَكَيفَ عَلَيهِ أَن يَصِلَ إِلى تَحقيقِ مُبتَغاه وَلا يَنظُرُ إِلى ما لَدَيهِ مِن كُلِّ هَذِهِ المـُقَدَّرات، لا يَستَطيعُ إِتمامَ عَمَلِهِ في حَيثِيَّةِ الواقِع، وَيبقى مُبتَغاهُ في عالَمِ الأَمالِ وَالأَحلام. وَهَكذا مَن يَظُنُّ أَنَّ اللهَ يَطلُبُ مِنهُ أَكثَرَ مِن طاقاتِه عَلى المـُستَوى الأَخلاقي وَالإِجتِماعي وَالرُّوحيّ وَالإِنسانيّ، فَهوَ مَخدوعٌ مِن ذاتِ فِكرِه. مَشيئَةُ اللهِ عَلَينا عَلى قَدرِ طاقاتِنا، وَهيَ تُفَعِّلُها مَتى تَجاوَبنا مَعَها، فَنَجِدَ المـَعنى الأَبعَد لِوُجودِنا. لِيَكُن قَصدُكَ التَّعَرُّفَ عَلى ما أُعطيتَ مِن قُدُراتٍ وَمَواهِب، لِكَي تُوَظِّفَها لِمـَجدِ الله.
رَبِّي يَسوع، يَا مَن حُبُّكَ يُحَفِّزُني عَلى التِماسِ مَشيئَةِ الآب السَّماويّ، حتى أَكتَشِفَ قُدُراتي وَمَواهِبي الَّتي مَنَحتَني إِيَّاها لِأُوَظِّفَها بِإِتمامِ مَشيئَتِك. مَشيئَتُكَ لي هِيَ الخَيرُ الأَسمى. مَشيئَتُكَ لي أَن أَكتَشِفَ حُبَّكَ لي، وَرَحمَتَكَ عَلَيَّ، وَعِنايَتَكَ بي. فَيا مُخَلِّصي يَسوع، لِتَكُن كَلِمَتُكَ أَعمالًا في حَياتي، فَيُمَجَّدَ الآبُ السَّماويّ، آمين…… .
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!