موقع Allah Mahabba الثلاثاء من أسبوع بشارة زكريّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 2: 1 – 8
يا إِخوَتي، لا عُذْرَ لَكَ، أَيُّهَا الإِنْسَان، يَا مَنْ تَدِين، لأَنَّكَ بِمَا تَدِينُ بِهِ غَيْرَكَ، تَحْكُمُ بِهِ عَلى نَفْسِكَ، كَوْنَكَ تَفْعَلُ أَنْتَ الشَّيْءَ نَفْسَهُ الَّذي تَدِينُ بِهِ غَيْرَكَ.
ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ حُكْمَ اللهِ يَكُونُ بِالحَقِّ عَلى الَّذينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ الأُمُور.
أَيُّهَا الإِنْسَان، يَا مَنْ تَدينُ الَّذينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ الأُمُور، وَتَفْعَلُهَا أَنْت، أَتَظُنُّ أَنَّكَ تُفْلِتُ مِنْ حُكْمِ الله؟
أَمْ إِنَّكَ تَحْتَقِرُ غِنَى لُطْفِهِ وحِلْمِهِ وأَنَاتِهِ، مُتَجَاهِلاً أَنَّ لُطْفَ اللهِ يَقُودُكَ إِلى التَّوْبَة؟
فَإِنَّكَ بِقَسَاوَتِكَ، وبِقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِب، تَدَّخِرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا، في يَوْمِ الغَضَب، يَوْمِ إِعْلاَنِ حُكْمِ اللهِ العَادِل،
الَّذي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ:
يُجَازِي بِالحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِينَ بِالثَّبَاتِ عَلى العَمَلِ الصَّالِحِ يَبْتَغُونَ المَجْدَ والكَرَامَةَ وعَدَمَ الفَسَاد،
ويُجَازِي بِالغَضَبِ والسُّخْطِ الَّذِينَ يُخَاصِمُونَ ولا يُذْعِنُونَ لِلحَقِّ بَلْ لِلظُّلْم.
إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 38 – 40
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: «أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ لَدَى أَبِي، وأَنْتُم تَعْمَلُونَ بِمَا سَمِعْتُم مِنْ أَبِيكُم».
أَجَابُوا وقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهيم». قَالَ لَهُم يَسُوع: «لَوْ كُنْتُم أَولادَ إِبْرَاهيم لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيم.
ولكِنَّكُم تَطْلُبُونَ الآنَ قَتْلِي، وأَنَا إِنْسانٌ كَلَّمْتُكُم بِٱلحَقِّ الَّذي سَمِعْتُهُ مِنَ الله. فَهذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيم.
التأمّل
”أَنا أَتَكَلَّمُ بِما رَأَيتُ عِندَ أَبي، وَأَنتُم تَعمَلونَ بِما سَمِعتُم مِن أَبيكُم“
عَن طَريقِ الكَلامِ يَنقُلُ الإِنسانُ اختِبارَهُ لِلآخَرين، وَبِواسِطَةِ الكَلامِ يُعَرِّفُ أَيضًا عَن ذاتِه. يَأخُذُ الكَلامُ أَهَمِّيَّةً بالِغَة في حَياةِ البَشَر، وَلِذَلِكَ عَمِلَ الإِنسانُ عَلى تَطويرِ اللُّغَّاتِ وَاستِحداثِها، لِأَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ يُنطَقُ بِها تَحمِلُ في طَيَّاتِها تاريخًا عَريقًا، وَهَكذا يَصيرُ الكَلامُ قِطارًا يَنقُلُ الأَحداثَ وَالمـَشاعِرَ وَالأَفكارَ مِن شَخصٍ إِلى آخَر. عَظيمٌ أَن يَتَأَمَّلَ الإِنسانُ بِفَنِّ الكَلامِ وَتاريخِه. في البَدءِ كانَ الكَلامُ هُوَ الَّذي يُصَوِّرُ الأَحداثَ في مُخَيِّلاتِ المـُستَمِعين، وَيَبُثُّ المـَشاعِرَ الَّتي تُبَلِّغُ المـَعنى المـَقصود. عَلى الرُّغمِ مِن أَهَمِّيَّةِ الكَلامِ في حَياةِ الإِنسان، يَصيرُ خَطَرًا حَقيقيًّا عَلى الإِنسانِ عِندَ اقتِرانِهِ بِالكَذِبِ وَالضَّلال، فَمِن هُنا صِدقُ الكَلامِ هُوَ أَقواه، وَبَساطَةُ الكَلامِ هُوَ أَنفَعُه. في الحَقيقَةِ هذا ما مَيَّزَ يَسوعُ عَن سائِرِ مُعَلِّمي الشَّريعَةِ في أَيَّامِه، فَهوَ لَم يَبُح بِكَلِمَةٍ لا تُؤتي بِالبُنيان، بَل كُلُّ كَلامِهِ كانَ روحًا وَحَياة. بِإِمكانِنا اختِصارُ حَياةِ وَكَلِماتِ الرَّبّ يَسوع بِشَهادَةِ مَعرِفتِهِ الحَقَّة لِلآب، مِمَّا جَعَلَهُ شَهيدًا لِلحَقّ.
يَا بُنَيَّ، تَتَدَرَّجُ عَلى الكَلامِ، انطِلاقًا مِمَّا تَسمَعُهُ في الحَياة، وَتَنطِقُ بِما يُعَبِّرُ عَن حاجاتِكَ، فَتَنقُلَ اختِبارَكَ، وَعِندَما تُدهَشُ بِأَمرٍ ما تُشيرُ إِلَيهِ بِشَتَّى الأَشكال، وَيَبقى مَطلَبًا عَلى لِسانِكَ إِلى أَن تَنَلهُ. هَكذا هِيَ حالي مَعَ أَبي، فَبِهِ كَينونَتي، وَبِمَحَبَّتِهِ الَّتي خَصَّني بِها صِرتُ لَكَ الكَلِمَةَ المـُتَجَسِّد، لِكَي لا تَسمَع عَنِ اللهِ كَلامًا وَحَسبُ بَل تَرى وَجهَ الله. ظَنَّ اليَهودُ أَنَّهُم بتَمَسُّكِهِم بِالشَّريعَةِ يَعمَلونَ مَشيئَةَ الله، لَكِنَّهُم جَعَلوا مِن أَبي السَّماويّ صَنَمًا بِأَحرُفٍ مِنَ الشَّريعَة، وَهُم لا يَدرون؛ إِنَّها التَّجرُبَة، وَهُنا تَكمُنُ الخَطيئَة. لَقَد أَخبَرتُكَ أَنَّ اللهَ مَحَبَّة، لِأَنِّي عايَنتُ مَحَبَّتَهُ لي وَلَكَ. تَكَلَّمتُ عَن أَبي عَلى أَنَهُ الصَّلاحُ كُلُّهُ، والخَيرُ كُلُّهُ، وَالسَّلامُ كُلُّهُ، وَكُلُّ مَن يَقولُ لَكَ عَكسَ ذَلِكَ، فَهوَ لَيسَ مِنَ الله. ظَنَّ الفَرِّيسيُّون أَنَّهُم إِذا شَدُّوا عَصائِبَهُم، وَتَقَيَّدوا بِالسُّنَنِ الَّتي وَضَعوها باتوا أَبرارًا، إِلَّا أَنَّهُم أَخفَوا وَراءَ قِناعِ البَرارَةِ خُبثًا وَرِياءً. هُم لَم يَرَوا وَجهَ اللهِ وَلا حَتَّى نَظَروا إِلى صورَتِهِ في الإِنسان، لِأَنَّهُم أَهمَلوا أَعظَمَ وَصِيَّةٍ : المـَحَبَّة. لِكَي تَسمَع َكَلِمَةَ أَبي عَلَيكَ أَن تَنظُرَ عَلى الدَّوامِ إِلَيَّ، فَتُجَدَّدَ صورَتي فيكَ، فَتَصيرَ شاهِدًا لِلحُبّ.
مِنَ المـُعتَرَفِ بِهِ أَنَّ لِكُلِّ كَلِمَةٍ صَوتٌ وَصَدًى، أَي أَنَّها لَها أَثَر. مِن هُنا دائِمًا يُقصَدُ بِالكَلامِ تَحقيقُ الأَفعال، وَإِلَّا بَقِيَ الكَلامُ وَهمًا في عالَمِ الأَفكار. لا يُعرَفُ الحَكيمُ عَن الجاهِل، عَن طَريقِ العُلومِ وَالمـَعرِفَة، بَل عَن طَريقِ الإِختِبار. بِإِمكانِكَ أَن تُزَوَّدَ بِكَثيرٍ مِنَ المـَعلومات، وَتَكونَ لَكَ ذاكِرَةٌ حافِظَة، وَأَنتَ عَلَّامَةٌ بِالنُّطقِ وَالبَلاغَةِ وَمَعنى المـَفاهيمِ وَالكَلِمات، وَكُلُّها بَعيدَةٌ عَن قَصدِ قَلبِكَ وَغايَتِهِ. مَن سَبَرَ الأَشياءَ وَعَرَفَها بِالإِختِبار، هُوَ ذاكَ الَّذي يَحفَظُ ذِهنَهُ في التَّأَمُّلِ وَالصَّمتِ، هذا الإِنسانُ الَّذي يَنطِقُ لِسانُهُ بِما خَبِرَهُ قَلبُه. لِيَكُن قَصدُكَ أَن تُبقي؟؟؟ أَن تُمَحِّصَ كَلامَكَ بِإِنزالِهِ مِن حُجرَةِ الذِّهنِ إِلى دارِ القَلبِ، وَمِن ثُمَّ ضَعهُ عَلى بابِ فَمِكَ، فَيَكونَ شَهادَةَ حَقّ.
رَبِّي يَسوع، أَنتَ الكَلِمَةُ الحَقُّ، وَصَوتُ الآبِ. أَنتَ الَّذي تَبقى أَنتَ في كُلِّ ما تَعمَل وَتَقول، فَيَكونَ كُلُّ شَيءٍ مِنكَ فِعلَ حُبّ. بَيني وَبَينَك فُسحَةٌ شاسِعَة، فَما أَنتَ عَلَيهِ مِنَ النُّور، أَنا عَلَيهِ مِنَ الضُّعف، وَلَكِن رَجائي كُلُّهُ فيكَ، لِأَنَّكَ مَحَبَّةٌ خالِصَةٌ صافِيَة، لِذا يَا إِلَهي خُذ مِجمَرَتِكَ وَمُسَّ لِساني لِأَنطِقَ بِكَلامِ الحَقِّ حُبًّا بِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!