موقع Allah Mahabba – دُعينا لنعيش الإنجيل-دُعينا للحُرّيّة؟!
ليس من المـُدهش والغريب أن يكون كتابُ المـسيحيّين، كتابًا يُخبرُ عن حياة يسوع النّاصريّ كيف عاش من نظرةٍ إيمانيّةٍ ضمن إطاره التّاريخيّ. يُسمّى هذا الكتابُ انطلاقاً من اللُّغة الّتي دُوّن فيها “الإنجيل” أي الخبرُ المـُفرح، البُشرى السّارّة. ليس هو بكتابٍ علميٍّ ولا قانونيٍّ ولا تشريعيّ، كما وأنّهُ ليس بكتابٍ فلسفيّ أو شعريّ أو أُسطوريّ…، إنّما هو ببساطته وحقيقة وحيه وهُنا الغرابةُ والدّهشُ أنّهُ قصّةُ إلهٍ حيٍّ تجسّد في ملء الزّمن لأنّهُ المحبّة وصار مثلنا إنسانًا، وهو يُخاطبُ يوميّاتنا بطابعها البسيط والعاديّ. إنّ ما عاشهُ يسوع وما علّمهُ قد أعطاهُ لرُسُله أي لكنيسته من بعده، لقد أعطى ذاتهُ القائمة والمـُمجّدة حقًّا، حتّى كُلّ من يقبلهُ بالإيمان يصيرُ به إبناً لله. (راجع، يو 1: 12). إذًا هو أبعدُ من حرفٍ وكتابٍ وشريعة، “لأنّ الحرف يُميتُ، والرُّوحُ فيُحيي” (2 قور 3: 6)، هو البُشرى السّارّة الّتي تعني كُلّ الإنسان، فالإنجيلُ يُكسّرُ مغاليق الأبواب الّتي تسجُنُ الإنسان وتُقيّدهُ بشريعةٍ ظلُّها الخوف، ولا تعملُ إلّا لتكون تبريرًا لبرارةٍ مُحدّدٌ مقياسُها.
“إنّ المـسيح قد حرّرنا تحريرًا” (غل 5: 1) والحُرّيّةُ الّتي أعطانا إيّاها، ليست فُرصةً للجسد، فهي تكمُنُ في الحقّ والصّلاح والخير، وهي تعني في عُمقها محبّة الله والإنسان، أي خُلاصة الشّريعة والأنبياء، وهذه غايتها القُصوى. هي ثمرةُ الرُّوح، لأنّهُ “حيثُ يكونُ روحُ الرّبّ هُناك تكونُ الحُرّيّة” (2 قور 3: 17)، وتعني الإنقياد الدّائم لروح الرّبّ القُدُّوس (راجع، رو 8: 14). إذا عُدنا إلى إنجيل ربّنا يسوع المـسيح نرى كيف أنّ الله الآب قد صالحنا بابنه الوحيد، وأصبحت علاقتُنا به تعني البُنُوّة لا العُبوديّة. تعني الإنفتاح والأُخُوّة لا الإنغلاق والعداء. تعني الفرح والغُفران لا الحُزن والضّغينة. تعني الحياة والقيامة لا المـوت والفناء، وفي هذا كُلّه نكتشفُ معنى الخلاص كتحقيقٍ فعليٍّ في الفداء لتدبير الله الخالق.
من يتأمّل في كلمات الإنجيل المـُقدّس، انطلاقًا من رغبةٍ حقيقيّةٍ وعميقةٍ في البحث والسّعي لاكتشاف وعيش مشيئة الله، يجد أنّه قد دُعي للحُرّيّة الرُّوحيّة الّتي منها ينبعُ الفرح والسّلام المـُشبعان من الخلاص الّذي حقّقهُ الرّبّ يسوع. قد حرّرنا يسوع من الخطيئة، لئلّا نعود إلى نير عُبوديّتها. قد حرّرنا يسوع من حرف الشّريعة القاتل، لئلّا نُصبح فرّيسيّين جُدُد في قالبٍ كنسيٍّ واجتماعي، نُدافعُ عن القوانين والشّرائع وحُرمة السّبت بدلًا من دفاعنا واعتنائنا بالإنسان محبّةً بالله. قد حرّرنا يسوع من ثقل حُكم النّاس والمـُجتمعات والثّقافات، فبه عرفنا محبّة الله الآب لنا.
ما صنعهُ الرّبّ يسوع حُبًّا بنا، قد عنى به “رباط الوحدة والمحبّة” قبل أيّ شيءٍ آخر. من أوّل صفحةٍ في الإنجيل إلى آخر صفحةٍ فيه، نُلاحظُ أنّ الله يُلقي كلمته فتُسرِع في ركضها لتكون انفتاحاً ومُشاركةً ببعدٍ سماويٍّ وأرضيّ. من جهةٍ نرى الله يُخاطبُ الإنسان من خلال ملائكته فيتوجّه إلى زكريّا الكاهن، ومريم العذراء، ويوسف، والرُّعاة،… . وعندما كلّمنا بابنه الوحيد يسوع في كُلّ ما قال وعمل نجد أنّهُ دعانا لننطلق نحنُ أيضاً باتّجاه بعضنا البعض بمحبّةٍ وانفتاحٍ ومُشاركةٍ وتعاضُدٍ وتضحيةٍ وعطاء. من هُنا نكتشفُ معنى الأُخوّة في عيش الرَّسالَة، لأنّنا من خلال عيشنا للإنجيل نسعى إلى المصالحة والسّلام، إلى المـُشاركة والوحدة مع كُلّ البشر، مُترفّعين عن الإنتماء العرقيّ والثّقافيّ والإجتماعيّ، وهُنا يكمُنُ فرحُنا وحُرّيّتُنا. نكتشف دعوتنا إلى الأخوّة الحقيقيّة مع الجميع، حيث كُلّنا متساوون في بنوّتنا لله الآب.
يبقى السُّؤالُ مفتوحًا على مصراعيه: أين نحنُ اليوم من دعوة الإنجيل لنا، هل قُلوبُنا، بُيوتُنا، رعايانا، كنائسُنا وأديارُنا أمكنة استضافةٍ ومُشاركةٍ وعطاءٍ حيثُ الخبرُ المـُفرح، “لا بالكلام واللّسان، بلْ بالعمل والحقّ” (1 يو 3: 18) يُجدّدُ إيماننا ورجاءنا ومحبّتنا، أم أصبح الكثير منها أمكنة انغلاقٍ وتقوقُعٍ وتفرُّدٍ وأنانيّةٍ وموت، حيثُ اليأسُ والنّميمةُ والتّنمُّرُ والكبرياء… يفتكون بإنساننا الّذي أحبّهُ الرّبّ وقد خلّصهُ وافتداهُ على الصّليب؟!
لقد دُعينا لنعيش الإنجيل، دُعينا للحُرّيّة، هذه هي هويّتنا ورسالتنا.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة دُعينا لنعيش الإنجيل-دُعينا للحُرّيّة؟ !ندعوك لمشاركته مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!