موقع Allah Mahabba مَطلَبُ التَّقدير
تُعرَفُ الكَرامَةُ بِالتَّقدير، وَتَسمو عَلَيهِ إِن حُجِبَ عَنها. الإِحتِرامُ واجِبٌ تُجاهَ كُلّ إِنسان، وَلَكِنَّهُ غَيرُ مُتَوَفِّرٍ في كُلِّ وَقتٍ وَفي كُلِّ المـُجتَمَعاتِ وَالعَلاقات، إِنَّهُ وَجهٌ مِن أَوجُهِ التَّقدير الَّذي عَلَينا أَن نُظهِرَهُ، وَأَن نَعمَلَ على نَشرِ أَدَبِياتِهِ في عَلاقاتِنا لِيَتَوَطَّدَ في مَجتَمَعاتِنا، في حينٍ تَندَثِرُ الأَخلاقُ مِن أَوساطِها لِأَلفِ سَبَبٍ وَسَبَب. كُلٌّ يَنتَظِرُ مِنَ الآخَر مَوقِفَ تَقديرٍ، وَكُلٌّ يُحاسِبُ الآخَر على انتِقاصٍ في التَّقدير. إِنَّهُ العَلامَة على وجودِ المـَحَبَّة كَقيمَةٍ في ذاتِها، وَهوَ العَيِّنَة الَّتي تَكشِفُ وجودَ النَّظرَة الإِيجابِيَّة تُجاهَ الآخَر، لَهُ صِلَةٌ جَذرِيَّة بِتاريخِ الشَّخص وَثَقافَتِهِ وَتَربِيَتِهِ، وَيعني في العُمق إِيمانَهُ وَعَلاقَتَهُ بِالله. يَتَّسِمُ الإِنسانُ الرُّوحانيّ، بِتَقديرِ نِعَمِ اللهِ فيهِ وَفي الآخَرين، وَهوَ يَنظُرُ إِلى عَمَل وَعِنايَةِ اللهِ في الكونِ وَالطَّبيعَةِ وَالأَحداثِ وَالتَّاريخ. مَن يُقَدِّر كَرامَةَ صورَةَ اللهِ فيهِ، يَعرِفُ في صَميمِ قَلبِهِ تَسبِحَةَ الحُرِّيَّةِ وَالفَرَحِ وَالسّلام.
عِندَما أَسرَعَت مَريَم إِلى بَيتِ نَسيبَتِها أَليصابات، استَضافَتها الأَخيرَةُ بِالتَّرحابِ، فَقَبِلَت سَلامَها الَّذي جَعَلَ الجَنينَ يَرقُصُ في أَحشائِها ابتِهاجًا. لَقَد قَدَّرَت جَيّداً مَجيءَ العَذراءِ إِلَيها وَخِدمَتَها وَتَفانيها. عِندَما دَخَلَ يَسوعُ إِلى بَيتِ الفِرّيسيّ سِمعان الأَبرَص، ذاكَ الَّذي يُعنى بِأَدَقِّ تَفاصيلِ الشَّريعَةِ وَمُستَلزَماتِها، لَم يُسرِع إِلى استِضافَةِ الرَّبّ وَفقاً لِعاداتِ مُجتَمَعِهِ وَتَقاليدِه، فيما المـَرأَةُ الخاطِئَة الَّتي كانَت في المـَدينَة هَمَّت مُسرِعَةً لِتَحتَفِلَ بِتَوبَتِها، بِطَقسِ الإِستِضافَة، فاغتَنَمَ يَسوعُ الفُرصَةَ لِيُلَقِّنَ مُضيفَهُ دَرساً في الإِحتِرامِ وَالتَّقدير. مِن هُنا نَتَعَلَّمُ كَم لِهذا البُعدِ مَكانَةً خاصَّة عِندَ الرَّبّ، فَبِمِثلِ هَذِهِ المـَواقِفِ نُدرِكُ إِن كُنَّا نَشكُرُ الرَّبَّ على عَطاياهُ أَم لا، إِن كُنَّا نُقَدِّرُ افتِقادَهُ لَنا وَتَعزِياتِ روحِهِ القُدُّوسِ لَنا أَم لا.
نَحنُ مُطالَبونُ بِالتَّقدير، مِثلَما نَحنُ مُطالِبونَ بِهِ. للأَسَفِ الشَّديد اعتَدنا في ثَقافَتِنا المـَسيحيَّة على روحانِيَّةٍ يَشوبُها الإِلتِباسُ بِمَفهومِ الإِنسِحاقِ وَالإِمِّحاءِ تَحتَ شِعار المـَوت عَن الذَّات، فَنَتَجَ عَنهُ رَفضٌ لِتَقديرِ النَّاسِ لَنا خَوفًا مِن الكِبرِياء، كَما وَأَنَّنا مِن جِهَةٍ أُخرى وَبِطَريقَةٍ لاواعِيَة، لَم نَعُد أَيضاً نُقَدِّرُ الآخَرينَ، مُعتَقِدينَ أَنَّنا بِذَلِكَ نَزيدَهُم اتِّضاعًا وَامِّحاء. في كِلا الحالَتَين فِكرٌ خاطِئ، لِأَنَّ الرَّبّ دَعانا لِنَعيشَ المـَحَبَّة الّتي تَعني تَقدير مَواهِب وَنِعَمِ اللهِ المـُعطاةِ لِكُلِّ شَخصٍ مِنَّا، بِفَرَحٍ وَامتِنان، كَما أَنَّنا مَدعُوّونَ لِأَن نَشكُرَ الآخَرينَ على أَشخاصِهِم، قَبلَ أَفعالِهِم وَالتِزاماتِهِم وَمَواقِعِهِم فَهُم يُشَكِّلونَ جِزءاً أَساسِيّاً مِن حَياتِنا.
أَعطى يَسوع القاعِدة الذَّهَبِيَّة كَأَساسٍ لِلمُعامَلَة البَنَّاءَة وَالتَّعاطي الصّحيح بَينَ النَّاس بِقَولِهِ لَنا: “فَكُلّ ما أَرَدتُم أَن يَفعَلَ النَّاسُ لَكُم، إِفعَلوهُ أَنتُم لَهُم هَذِهِ هيَ الشّريعَةُ وَالأَنبياء” (مَتّ 7: 12). مَن مِنَّا يُريدُ السُّوءَ لِنَفسِهِ أَو يَتَمَنَّاهُ؟ كُلُّنا في الحالَةِ الطَّبيعيَّةِ وَالسَّليمَة نُريدُ الخَيرَ لَنا، لِأَنَّنا خُلِقنا على صورَةِ الله كَمِثالِهِ، الَّذي هوَ الخَيرُ الأَسمى وَالمـُطلَق، فَلنُرِدهُ إِذًا لِكُلِّ مَن يُشَكِّلُ جزءًا مِن حَياتِنا.
لِنَتَجَنَّبَنَّ فَخَّ انتِظارِ الآخَرينَ لِتَقديرِهِم إِيَّانا، وَلنُبادِر نَحنُ أَوَّلاً بِتَقديرِ أَنفُسِنا وَفقًا لِنَظرَةِ اللهِ الحَنونَةِ تُجاهَنا، فَبِواسِطِتِها نُمنَحُ الحُرِّيَّةَ الدَّاخِلِيَّة الَّتي تُمَكِّنُنا مِن تَقديرِ عَمَلِهِ بِكُلِّ مَن هُم حَولَنا، كَما وَنَستَطيعَ تَفَهُّمَ نَقائِصَ وَزَلَّاتِ مَن يَجرَحونَ إِنسانِيَّتَنا، وَعِندَئِذٍ نَحفَظُ كَرامَةَ الله فينا. الأَنانِيَّةُ تُشَيّءُ الآخر، بَينَما المـَحَبَّةُ تَعرِفُ تَمايُزَ الذَّات في الشَّخصِيَّة، وَتَقبَل الآخر المـُختَلِف بِمَثابَةِ جِزءٍ مِنها، وَفيها يُعطى للتَّقديرِ مَكانَتُهُ الخاصّة، لِذَلِكَ باستِطاعَتِنا أَن نَقول: حَيثُ تَكونُ المـَحَبَّة، هُناكَ يَكمُنُ الإِحتِرامُ وَالتَّقدير.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مَطلَبُ التَّقدير لمشاركته مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!