تابعونا على صفحاتنا

مقالات

أبونا يعقوب نموذج المواطن والمؤمن لواقع اليوم

موقع Allah Mahabba – أبونا يعقوب نموذج المواطن والمؤمن لواقع اليوم

                يوم كان لبنانُ مسمّراً بين حربٍ عالميّةٍ أولى وثانية، والكيانُ والهُويّة قيد النّشئ والبُنيان، ويوم كانت أرضهُ محتلّةً من جيوشٍ إقليميّةٍ مُتناحرة، وشعبهُ بكُلّ أطيافه يواجهُ في كلّ يومٍ من أيّامه حروب الجوع والفقر والذّلّ والموت، كان أبونا يعقوب الكبّوشيّ مُرسلُ العناية الإلهيّة يجولُ وحيدًا على دروب الوطن، عصاهُ صليب الحبيب وقلبُهُ ينبضُ بالرّحمة، كالينبوع الّذي يعطي دون أن يسأل العطشان، من أين أنت ومن تكون. كان المعزّي كالسّامريّ الصّالح يوم لم يكن هناك من تعزية… أطعم الجياع وأسقى العطاش، علّم ووعظ، وأوى المريض والمتروك والمهُمّش والفقير… . لم يترك البُؤس واليأس ينتصران على إيمانه، لا بل أضاف عليه مسحة الرّجاء، فكان مُرسل محبّة الله، كالنّجم السّاطع الّذي يُرشدُ البحّارة في اللّيل إلى ميناء الأمان.

                كان لأبونا يعقوب قلبٌ كبير، سعتهُ العالمُ والأبديّة، حيثُ الإنسانُ المُهمّش وحيثُ أيضاً يسوعُ الحبيب. كان همُّ الوطن والمـُواطن رُكناً أساسيّاً من صلاته اليوميّة أمام القُربان، فمع العذراء مريم سيّدة البحر، رافق المـُسافرين والمـُهاجرين، راجياً عودتهم إلى سفينتهم في هذا العالم، وطنهم الأُمّ لُبنانُ الحبيب.

                يوم كان الوطنُ بحاجةٍ لبسالته وشجاعته وضع كُلّ قواهُ في خدمته، فوُضع اسمُهُ على لائحة المـطلوبين للإعدام، فيما كان وسامُ شرف الثّائر حُبًّا من أجل الحقّ والعدل مُعلّقًا على صدرِه. لم يدع جور تلك الأيّام ينتصرُ عليه، ولم يُؤجّل عمل رسالته ليومٍ أو للحظةٍ واحدة، كان مُوقناً أنّ عليه المـُساهمة بقيامة الوطن من موته وكبوته، فجاهد في خدمته الجهاد الحسن مُعتمِداً على يسوع الملك.

                في أيّامه عرف لُبنانُ هُويّتهُ وكيانهُ مع البطريرك الكبير المـُكرّم الياس الحويك، وقد شاهد نهضتهُ وازدهارهُ، فكان “دُرّةُ الشّرقَين”. وفي تلك النّهضة عرف أنَّ لُبنانَ لكي يُحافظ على خاصّيّته، عليه أن يحفظ في دُستوره وفي فكر شعبه تعليم المُعلّم الإلهيّ يسوع، فألقى عظاتهُ بُغية البُنيان، وهل كان لها أحداً سميعاً؟! هي لنا اليوم صدىً نبويًّا، فيها نجدُ سُبُلاً أخلاقيّةً وإنسانيّةً وروحيّةً، لكي نُعيد ترميم الوطن والإنسان. يوم كان بإمكان الدّولة رعاية أولادها ذوي الحاجات الخاصّة، تقاعصت عن خدمتهم. ويوم لم تأوي الكنيسة كمُؤسّسةٍ كهنتها المُسنّين، ظهرت محبّة أبونا يعقوب مبديةً أنّهُ أكبر من مُواطنٍ مسؤولٍ ومن رجُل دينٍ، إنّما هو رجُل الله، بما للكلمة من معنىً عميق.

لقد أشاد بُنيان المـُؤسّسات ودور العبادة ورفع الصّلبان عالياً على تلال لُبنان، ودفع راهباته مع العلمانيّين إلى العمل في أرض الوطن بروحٍ مسيحيّةٍ ووطنيّةٍ نزيهةٍ ومُقدّسة وهو مُعتمدٌ فقط على عناية الآب السّماويّ، وواثقٌ بمحبّة الإبن الفادي، ومُندفعٌ بقُوّة الرُّوح القُدُس.

قال يوماً عن نفسه قد صرتُ “مُستشفىً مُتنقل” لِما عانى في جسده من تعبٍ ومرضٍ وإرهاق، وذلك لكي يَسلم المـُواطن والمـُؤمن معًا، وتكون لهُما حُقوقهما كاملةً، فيما المـسؤولين اليوم ورجال الدّولة وسواهُم،  جعلوا من الوطن ومُؤسّساته المدنيّة والرُّوحيّة مُستشفىً فارغًا من معدّاته وإمكانيّاته، ليسلموا هُم على مُستوى أنانيّاتهم المحضة، بينما الشّعبُ يموتُ قهراً وجوعًا وإذلالاً.

الحقّ الحقّ يُقالُ، جُلُّ ما نحتاجُهُ اليوم هو أنت يا أبونا يعقوب، لقد كُنت المعزّي يوم لم يكُن من تعزية، فلُبنانُ والإنسانُ فيه يُطالبان السّماء بردائك، ألقه عليهما من فوق من عربة موهبتك الرّوحيّة كما فعل قديمًا النّبيُّ إيليّا مع تلميذه أليشاع، فننطلق بدفعٍ من همّةِ محبّتِك على دُروب الوطن، ونحنُ معك نُنشِدُ: “يا صليب الرّبّ، يا حبيب القلب”، عاملين على زرع القُربان لنحصد القداسة للبنان.

آهٍ، قيل فيكَ: “دولةٌ في رجل”، ما عسانا نقول في دولتنا ورجالها اليوم؟! يا ليتنا نقتدي بك، ونلتمس لنا وللبنان شفاعتك.

الأخ شربل رزق الكبّوشيّ

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/allahmahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة “ أبونا يعقوب نموذج المواطن والمؤمن لواقع اليوم “. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!