موقع Allah Mahabba – قلبُ الرَّبّ
يجعلُنا العالمُ غُرباءَ عن أنفُسِنا وسُيّاحًا في ميادينَ ساحاتِه وشوارِعَه المُتعرِّجةِ ومتاجرَه المُتنوِّعةِ والمُكتظَّةِ بالضَّوضاء، ما يزيدُنا بحثًا عن الوطنِ الحقيقي، عن طريقِ الرَّغبةِ والتَّوْقِ والشَّوْق، فننشُدُ السَّكينةَ والهُدوءَ والصَّفاءَ والسَّلام، حيثُ تعلو لغةُ الصَّمتِ، لغةُ الحُبِّ لتبلُغَ ذُرْوتَها في السُّجودِ والعِبادةِ لله.
ما بينَ ضوضاءِ العالم وسكينةِ القلبِ مسارُ توبةٍ حقيقيَّة، يبدأُ بكلمةِ حقٍّ خاطِفة، تخرُجُ من فمِ يسوع، لتشُدَّنا إلى غمرةِ حنانِه ومراحِمَه اللّامُتناهيَّة؛ هُوَذا يرفعُ صوتَهُ عاليًا: “تعالوا إليَّ جميعًا أيُّها المُرهَقون المُثقَلون، وأنا أريحُكُم. إحْمِلوا نيري وتتَلْمَذوا لي فإنّي وديعٌ متواضعُ القلب، تجِدوا الرّاحةَ لنُفوسِكُم، لأنَّ نيري لطيفٌ وحِملي خفيف” (متى 11: 28 – 30). هنا، نجدُ ما يصبو إليه قلبُنا، وندركُ أنَّ الرَّبَّ يريدُ لنا الرّاحةَ الحقَّة، التي لا يستطيعُ العالمُ إعطاءَنا إيّاها ولو أعطيناهُ كُلَّ حياتِنا.
مَنْ يعِشْ في العالمِ يعرِف الإرهاقَ والتَّعبَ والتَّجرُبة، ومَنْ يُصغي إلى كلمةِ يسوع، يعرِفْ ما عنى بكلامِه لمَرتا المُنهمكةِ في أمورٍ كثيرة، بعدما أثْنى على موقفِ أختِها مريم التي اختارَتِ النَّصيبَ الأفضل. ليس المُرادُ هنا أن نترُكَ العملَ والعالم، لننزَوي في صَوْمعةِ وحدتِنا فنقَعَ في درْكِ اجتِرارِ أفكارِنا الذّاتيَّةِ العقيمة، لا بلْ علينا أن نعرِفَ أوَّلًا قلبَ الرَّبِّ كَيْما نتموضَعُ في المـكانِ والحالةِ التي يريدُها لنا، لذلكَ، عليْنا أن نُقبِلَ إليه بما فينا من تعبٍ وإرهاقٍ وضُعْفٍ وخطيئة. لقد أتى من أجلِ الخطأةِ والمـرضى، أتى من أجلنا جميعًا.
لكي نعرفَ قلبَ الرَّبِّ، علينا أن نُؤمنَ بكلمتِه، لذلكَ لا نضيِّعَنَّ الوقتَ سُدًى في ما يقولُه العالمُ والنّاسُ فينا، ومَن نحن بالنِّسبةِ لأنفُسِنا، علينا أن نعرفَ من نحن مع الرَّبِّ، وحدُهُ الإصغاءُ المـريميُّ السَّبيلُ القويمُ للتَّعرُّفِ على وداعةِ قلبِ يسوع وتواضُعِه. عندما نصغي بكُلِّيَّتِنا ليسوع، نجدُ أنفُسَنا الحقَّةَ في السَّلام، فنُدركَ محبَّتَه التي ترأفُ بضعفِنا وفقرِنا وبرصِنا، ونعلمَ علمَ اليقينِ أنَّنا محبوبون منهُ حتى الغايَة. عندما نضعُ أنفُسَنا بين يدَيْه الرَّحيمَتَيْن، ينزعُ عن كاهلِنا ثقْلَ الأيّامِ وجراحَ العلاقات، فتتبدَّدَ الأفكارُ المُتلبِّدةُ في قلوبِنا لتعودَ فتنبُضَ بالإيمانِ والرَّجاءِ والمـحبَّةِ من جديد. عندما نقولُ له مع العذراء مريم: “هَأنذا”، ونقبلُ حمْلَ نيرِه – الصَّليب بإرادةٍ حُرَّةٍ وشُجاعة، عندئذٍ نجدُ في كُلِّ ما نصنعُ من أعمالٍ راحةً مُتأتِّيةً من سلامِه الذي لا يستطيعُ العالمُ أن يعطينا إيّاه، إنَّه رباطُ الوحدة، والقُوَّةِ للثَّباتِ في المِحَنِ والتَّجارِب.
قلبُ الرَّبِّ وديعٌ مُتواضعٌ وعذْب، هو ينبوعُ الحياة، مصدرُها وغايتُها وسرُّ عيشِها، مَنْ عَرَفَ قلبَ الرَّبِّ وجَدَ ذاتَهُ في الحقِّ والحُبِّ والنُّور، ومَنْ عاشَ وفقَ قلبِ الرَّبِّ حَمَلَ معهُ النّير، ليكونَ سندًا لكُلِّ مُتألِّمٍ ومريضٍ ومتروك…
يقولُ الكتاب: “سينظُرونَ إلى مَنْ طعنوا” (زك 12: 10) لقد باتَ قلبُ الرَّبِّ مثلَ قلبِكَ مجروحًا، لكنَّه رغمَ ذلكَ صارَ علامةَ العطاءِ في المـحبَّةِ والرَّحمةِ والغُفران، فما عليكَ سوى أن تطلُبَ النَّصيبَ الأفضل، ألا وهو: “أن يجعلَ قلبَكَ مثلَ قلبَه”، فتعرفَ طعمَ الحياةَ الأبديَّةَ مِنَ اليوم.
الأخ شربل رزق الكبّوشيّ
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/allahmahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة “ قلب الرب “. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!