موقع Allah Mahabba إثنين الأُسبوع السَّادِس من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 15: 25 – 33
يا إخوَتِي، أَنا الآنَ ذَاهِبٌ إِلى أُورَشَليمَ لأَخْدُمَ القِدِّيسِين.
فَإِنَّ المُؤْمِنينَ في مَقْدُونِيَةَ وَأَخَائِيَةَ أَحَبُّوا أَنْ يُشَارِكُوا في إِعَانَةِ الفُقَرَاءِ القِدِّيسِينَ الَّذينَ في أُورَشَليم.
أَحَبُّوا ذلِك، وهوَ دَيْنٌ عَلَيْهِم: لأَنَّهُ إِذَا كَانَ الأُمَمُ قَدْ شَارَكُوهُم في خَيْرَاتِهِمِ الرُّوحِيَّة، فَعَلى الأُمَمِ أَيْضًا أَنْ يَخْدُمُوهُم في الخَيْرَاتِ المَادِّيَّة.
فَإِذَا أَنْهَيْتُ هذَا الأَمْرَ في أُورَشَليم، وسَلَّمْتُ شَخْصِيًّا تِلْكَ الإِعَانَاتِ إِلى القِدِّيسِين، سَأَمُرُّ بِكُم ذَاهِبًا إِلى إِسْبَانِيا.
وأَعْلَمُ أَنِّي، إِذَا أَتَيْتُكُم، سآتِيكُم بِمِلْءِ بَرَكَةِ المَسِيح.
وأُنَاشِدُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، بِرَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، وبِمَحَبَّةِ الرُّوح، أَنْ تُجَاهِدُوا مَعِي في صَلَوَاتِكُم إِلى اللهِ مِنْ أَجْلِي،
لِكَي أَنْجُوَ في اليَهُودِيَّةِ مِنَ الكَافِرِين، وتَكُونَ خِدْمَتِي في أُورَشَليمَ مَقْبُولَةً لَدَى القِدِّيسِين،
فآتِيَ إِلَيْكُم مَسْرُورًا، إِنْ شَاءَ الله، وأَسْتَرِيحَ مَعَكُم.
وإِلهُ السَّلامِ يَكُونُ مَعَكُم أَجْمَعِين! آمِين.
إنجيل القدّيس يوحنّا 7: 32 – 36
سَمِعَ الفَرِّيسَيُّونَ مَا كَانَ يَتَهَامَسُ بِهِ الجَمْعُ في شَأْنِ يَسُوع، فَأَرْسَلُوا هُمْ والأَحْبَارُ حَرَسًا لِيَقْبِضُوا عَلَيْه.
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا مَعَكُم بَعْدُ زَمَنًا قَلِيلاً، ثُمَّ أَمْضِي إِلى مَنْ أَرْسَلَنِي.
سَتَطْلُبُونِي فَلا تَجِدُونِي، وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَقَالَ اليَهُودُ بَعْضُهُم لِبَعْض: «إِلى أَيْنَ يَنْوِي هذَا أَنْ يَذْهَب، فلا نَجِدَهُ نَحْنُ؟ هَلْ يَنْوِي الذَّهَابَ إِلى اليَهُودِ المُشَتَّتِينَ بِيْنَ اليُونَانيِّينَ، ويُعَلِّمُ اليُونَانيِّين؟
مَا هذِهِ الكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا: سَتَطْلُبُونِي فَلا تَجِدُونِي، وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا؟».
التأمّل
”أَنا مَعَكُم بَعدُ زَمَناً قليلاً، ثُمَّ أَمضي إِلى مَن أَرسَلَني“
مَن مِنَّا لا يَرغَب وَلا يُريدُ أَن يُمضي كُلَّ وَقتِهِ إِذا لَم نَقُل مُعظَمَهُ مَعَ الَّذينَ نُحِبَّهُم؟! كُلُّنا نُريدُ ذَلِكَ، وَالإشارَةُ على ذَلِكَ نَعرِفُها عِندَما يُصيبُهُم مَكروهٌ مَا، فَمَعَهُ نَكتَشِفُ قيمَتَهُم في حَياتِنا، حَيثُ ذاكِرَتُنا تَجنحُ بِبَساطَةِ جَناحَيها إِلى الأَحداثِ الجَميلَة الِّتي عِشناها مَعاً، فَمِن خِلالِها نَكتَشِفُ مَدى تَعَلُّقُنا بِهِم، وَنُدرِكُ أَنَّنا بِحاجَةٍ لِنَكونَ أَحرارًا وَمُحَرِّرينَ إِيَّاهُم في عَلاقاتِنا السَّوِيَّةِ وَالجَميلَة. عندَما نَعودُ إِلى الإِنجيلِ وَنَنظُرُ إِلى عَلاَقَةِ يَسوع فينا عَن طَريقِ عَلاقَتِهِ بِتَلاميذِهِ، نَتَعَلَّمُ السَّبيلَ إِلى تِلكَ الحُرِّيَّة التَّي مِن دونِها لا نَستَطيعُ النُّمُوَّ في حَياتِنا الرُّوحِيَّةِ وَلا في عَلاقاتِنا الإِجتِماعِيَّة. مِن مُمَيِّزاتِ تَعليمِ يَسوع هوَ انطِلاقتَهُ الدَّائِمَة مِنَ الواقِعِ البَشَريّ، إِذ يُطَعِّمُهُ بِالمـَعنى الَّذي يُمَكِّنُنا مِن إِيجادِ الحَقّ فيما يَمنَحُنا إِيّاهُ تَعليمُهُ مِن سَلامٍ وَحَياةٍ وَقُوَّة. لَم يُرِد يَسوع أَن يَتَعَلَّقَ بِهِ تَلاميذُهُ بِشَكلٍ يِفصِلُهُم عَن واقِعِ إِنسانِيَّتِهِم، ولا أَن يَفقِدوا حُرِّيَّتَهُم، لا بَل أَرادَهُم أَن يَعرِفوا مِن خِلالِ عَلاقَتِهِم بِهِ الإِستِقلالِيَّةَ في الحُرّيَّة، حَيثُ يَنضُجونَ بِالحُبّ.
يَا بُنَيَّ، لِيَكُن تَعَلُّقُكَ بي وَفقاً لِما يُناسِب نُمُوَّكَ بِالحُرَّيَّة. إِنَّ الحُبَّ الحَقيقيّ تَجِدُ فيهِ مَساحَةً واسِعَةً لِلحُرِّيَّةِ بَينَ الحَبيبِ وَالمـَحبوب، أَن أُحِبَّكَ لا يَعني أَن تَكونَ طِبقاً لِتَطَلُّعاتي، وَلا على أَساسِ خِدمَتِكَ وَاهتِمامِكَ بي، إِنَّما يَنشأَ إنطِلاقاً مِن قيمَتَكَ كَشَخصٍ فَريدٍ وَتَقديرِكَ على ما أَنتَ عَلَيهِ مِن كَرامَةٍ. صَحيحٌ أَنَّ الحُبَّ بَينَ الأَشخاصِ يَنشَأُ مِن إِعجابٍ وَتَقديرٍ لِما لَدَيهِ مِن مَواهِبَ وَقُدُراتٍ ذاتُ صِلَةٍ وَفائِدَةٍ تَعودُ لِلمُحِبّ، وَلَكِن إِن ثَبُتَ على ذَلِكَ، قَد تَتَحَوَّلُ العَلاقَة إِلى استِغلالٍ مِنَ الطَّرَفَين، الأَوَّل يُحِبّ لِأَنَّ ما لَدى الآخَر يَعودُ عَلَيهِ بِالفائِدَة، وَالثَّاني يَقبَل أَن يَكونَ مَحبوباً لِما يَعودُ عَلَيهِ مِن ثَناءٍ وَمَديح. تَسأَلُني كَيفَ لي أَن أَبلُغَ الحُرَّيَّةَ الحَقَّة الّتي تُنادي بها، وَأَن أَعيشَ المـَحَبَّةَ بَعيدًا عَن التَّعَلُّقات، وَكُلُّ تاريخي مَجبولٌ بِأَحداثٍ تَزيدُ مِنَ الآلامِ النَّفسِيَّةِ وَالمـَعنَوِيَّة تَفاقُماً مُؤذياً؟ بادِئَ الأَمرِ عَلَيكَ أَن تُدرِكَ أَنَّ لِلحُرِّيَّةِ مَسارٌ، فَهي لا تَخضَع للصُّدفَةِ، وَتَعني الإِرادَةَ وَالنِّعمَةَ مَعاً لِذَلِكَ عَلَيكَ أَن تَتَعَلَّمَها لِتَنالَها، وَقَد صِرتُ لَكَ الرَّبَّ وَالمـُعَلِّم، وَرُغمَ ذَلِكَ لَستَ مُقَيَّداً بعِبادَتِكَ لي، وَلا باتِّباعِكَ لي، إِنَّما حُرِّيَّتُكَ الدَّاخِلِيَّة تَتَثَبَّتُ بي.
نَجِدُ في قِسمَي إِنجيلِ يوحَنَّا، حَديثًا مُتَوازِياً يَتَكَلَّمُ فيهِ الرَّبَّ يَسوع عَن الوَداعِ، ضِمنَ صيغَةِ الحُضورِ وَالغِياب. في المَرَّةِ الأُولى يَتَوَجَّه إِلى عامَّةِ اليَهود، أَمَّا في المـَرَّة الثَّانِيَة يَتَوَجَّهُ بِها إِلى تَلاميذِهِ الرُّسُل. في كِلَيهِما نَستَخلِصُ مَوضوعَ الحُرِيَّة، وَالَّتي يُرادِفُها مَوضوع التَّرحالِ، فَيَسوع لَم يَأتِ لِيَنصُبَ خَيمَتَهُ، وَيَبقى ماكِثاً هُنا، لا بَل صارَ هوَ الخَيمَةُ الَّتي تَسيرُ وَتَمضي مَعَنا، على طولِ تاريخِنا، لِنَكونَ في حَياتِنا أَحرارًا بِفَضلِ نِعمَتِهِ، وَلِكَي نَبلُغَ أَرضَ الأَحياء أَي الحَياةَ الأَبَدِيَّة. انطِلاقاً مِن هُنا نُدرِكُ أَنَّ حُرِّيَّتَنا لِكَي نَعيشَها وَنَعرِفَ مَعناها الحَقيقيّ، عَلَينا أَن نَنظُرَ دائِمًا مَعَ يَسوع وَفيهِ إِلى الأَبَدِيَّةِ الَّتي أَعَدَّها لَنا. سَلّ نَفسَكَ إِن كُنتَ حُرًّا، وَماذا تَعمَل لِكَي تَعيشَ الحُرِّيَّةَ الَّتي عاشَها وَدَعا إِلَيها الرَّبّ؟
رَبّي يَسوع، في مُكوثِكَ مَعي عَرَفتُ الحَياةَ، وَعِندَما مَضَيتَ إِلى عَرَفتُ التَّوقَ إِلى الحَياةِ الحَقَّة الَّتي هِيَ أَنتَ. في مُكوثِكَ مَعي عَرَفتُ الحُرِّيَّة،َ وَفي تَرحالِكَ، أَدرَكتُ أَنَّني مَدعُوٌّ إِلى السَّيرِ وَراءَكَ بِرَشاقَةِ المـُستَكشِفِ وَالباحِث، فَكُنتَ لي دَوماً كَالمَنارَةِ الَّتي تَتَقَدَّمُني، مِثلَ عَمودِ النَّارِ في البَرِيَّة لِئَلَّا أَبقى جامِدًا بَل حَيًّا وَحُرًّا في اتِّباعي لَكَ، آمين..
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة إثنين الأُسبوع السَّادِس من الصّوم الكبير ”أَنا مَعَكُم بَعدُ زَمَناً قليلاً، ثُمَّ أَمضي إِلى مَن أَرسَلَني“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!