موقع Allah Mahabba أربعاء الأُسبوع الخامِس من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس 6: 1 – 9
يا إخوَتِي، أَيُّهَا الأَوْلاد، أَطِيعُوا في الرَّبِّ وَالِدِيكُم، فَإِنَّ ذلِكَ لَعَدْلٌ.
«أَكْرِمْ أَبَاكَ وأُمَّك»، تِلْكَ أَوَّلُ وَصِيَّةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِوَعْد:
«لِتَنَالَ خَيْرًا، ويَطُولَ عُمْرُكَ في الأَرْض».
ويَا أَيُّهَا الآبَاء، لا تُغْضِبُوا أَوْلادَكُم، بَلْ رَبُّوهُم بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ ونُصْحِهِ.
أَيُّهَا العَبِيد، أَطِيعُوا أَسْيَادَكُم بِحَسَبَ الجَسَد، بِخَوفٍ ورِعْدَة، وَبِبَسَاطَةِ قَلْبِكُم، كَمَا تُطِيعُونَ المَسِيح،
لا حِينَ يُراقِبُونَكُم كَمَنْ يُرْضِي النَّاس، بَلْ كَخُدَّامٍ لِلمَسِيح، عَامِلِينَ بِمَشِيئَةِ اللهِ مِنْ صَمِيمِ قُلُوبِكُم،
خَادِمِينَ بِنِيَّةٍ طَيِّبَةٍ خِدْمَتَكُم لِلرَّبِّ لا لِلنَّاس،
عَالِمِينَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ، مَهْمَا يَعْمَلُ مِنْ صَلاح، فَمِنَ الرَّبِّ يَنَالُ المُكافَأَة، عَبْدًا كَانَ أَم حُرًّا.
ويَا أَيُّهَا الأَسْيَاد، عَامِلُوا عَبِيدَكُم بِٱلمِثْل، مُتَجَنِّبينَ التَّهْدِيد، عَالِمِينَ أَنَّ رَبَّهُم ورَبَّكُم هُوَ في السَّمَاوَات، ولَيْسَ عِنْدَهُ مُحابَاةٌ لِلوُجُوه.
إنجيل القدّيس لوقا 7: 11 – 17
ذَهَبَ يَسُوعُ إِلى مَدينَةٍ تُدْعَى نَائِين، وَذَهَبَ مَعَهُ تَلاميذُهُ وَجَمْعٌ كَثِير.
وٱقْتَرَبَ مِنْ بَابِ المَدِينَة، فإِذَا مَيْتٌ مَحْمُول، وَهوَ ٱبْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ الَّتِي كانَتْ أَرْمَلَة، وَكانَ مَعَها جَمْعٌ كَبيرٌ مِنَ المَدِينَة.
وَرَآها الرَّبُّ فَتَحَنَّنَ عَلَيها، وَقَالَ لَهَا: «لا تَبْكِي!».
ثُمَّ دَنَا وَلَمَسَ النَّعْش، فَوَقَفَ حَامِلُوه، فَقَال: «أَيُّهَا الشَّاب، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!».
فَجَلَسَ المَيْتُ وَبَدَأَ يَتَكَلَّم، فَسَلَّمَهُ يَسُوعُ إِلى أُمِّهِ.
وٱسْتَولى الخَوفُ عَلَى الجَميع، فَأَخَذُوا يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيَقولون: «لَقَد قَامَ فِينا نَبِيٌّ عَظِيم، وَتَفَقَّدَ اللهُ شَعْبَهُ!».
وَذَاعَتْ هذِهِ الكَلِمَةُ عَنْهُ في اليَهُودِيَّةِ كُلِّهَا، وفي كُلِّ الجِوَار.
التأمّل
”قالَ لَها: “لا تَبكي!”. ثُمَّ دَنا وَلَمَسَ النَّعشَ“
في عالَمٍ يَزدادُ فيهِ العُنفَ وَالحُروبَ يَوماً بَعدَ يَومٍ، على الرُّغمِ مِن كُلّ التَّطَوّر الَّذي بَلَغَهُ، نَكتَشِف إِن بِمُجتَمعاتِنا الضَيّقَة، أَم الواسِعَة مَواقِفَ اللَّامُبالاةِ أَمامَ آلامِ البَشَرِ وَأَحزانِهِم المـُتَنَوِّعَة. لَقَد اختَلَفَت العاداةُ وَالتَّقاليدُ بَينَ البارِحَةِ وَاليَوم، لَقَد خَسِرَت قُرانا وَبَلداتِنا إِرثاً كَبيراً مِن تَقاليدِها الحَميدَة. لَم نَعُد نَرى في المـَآتِمِ حُضوراً للشَّباب، وَلَم نَعُد نُشاهِدُ غَيرَةَ الجيرانِ وَاعتِنائِهِم بِبَعضِهِم البَعضَ كَما كُنَّا نَلحَظُ في الماضي، لَقَد غَلَبَت روحُ الأَنانِيَّةِ وَالفردِيَّةِ على روحِ الجَماعَةِ، وَغُلِّبَت المـَصلَحَة الذَّاتِيَّة على الخَيرِ العام. يُعَلِّمُنا يَسوع في الإِنجيل روحَ الإِهتِمامِ بِالآخَر، وَالإِلتِفات وَالتَّحَسُّسِ مَعَ آلامِ الآخرين، فَهوَ عِندَ مُرورِهِ بِمَدينَةِ نائيين، لَم يَعتَبِر ذاتَهُ غَريباً، فَهوَ تَحَسَّسَ آلامَ الباكينَ على وَحيدِ أُمِّهِ، مِمَّا جَعَلَهُ يوقِف حامِلي النَّعشَ لِكَي يَلمُسَهُ، حَتَّى تَدُبَّ الحَياةُ في الفَتى مِن جديد. لقَد تَماهى الرَّبُّ مَعَ آلامِ وَأَحزانِ البَشَر، وَأَبدى مَوقِفَ مَحَبَّةٍ وَاضِحٍ بِتَعاضُدِهِ مَعَهُم، داعياً إِيّانا لِنَبذِ كُلّ أَشكالِ اللَّامُبالاةِ وَالتَّغاضي.
يَا بُنَيَّ، لا تَكُن مِمَّن يَعيشونَ لِأَنفُسِهِم، وَلا يَكتَرِثونَ لِما يَحصُل إِن مِن حَولِهِم، أَو في العالَم. لا تَكُن مِمَّن يَنغَمِسونَ بِما يُحيطُ بِهِم، بَل مِمَّن يَهتَمُّونَ وَيَقومونَ بِكُلّ خَيرٍ يَستَطيعونَ القِيامَ بِهِ لِمَجدِ الله الأَعظَم. طوبى لَكَ إن كُنتَ تَعزِيَةً لِلحَزانى، طوبى لَكَ إِن كُنتَ سَنَداً لِكُلّ شَخصٍ يُعاني مِنَ الوَحدَةِ وَالكآبَة. نَعَم، لا تَكُن مِمَّن يَقولون مُعاناةُ النَّاس لا تَعنيني، فَأنتَ وَإِيَّاهُم تُشَكِّلونَ جَسدي السّرّي، وَكُلُّكُم مَعاً تُؤَلّفونَ الوَحدة البَشَرِيَّة على الرُّغمِ مِمَّا فيها مِن اختِلافاتٍ وَتَنَوُّع. عِندَ دُخولي إِلى مَدينَةِ نائيينَ كانَ هُناكَ جَنازَة، فَواكَبتُ الحَزانى وَأَرَدتُ أَن أُعطي التَّعزِيَةَ لِتِلكَ المـَرأَةِ الثَّكلى، لِذَلِكَ تَقَدَّمتُ مِنَ النَّعشِ وَلَمَستُ فَتاها لِيَقومَ حَيّاً، كَعَلامَةِ تَعاضُدٍ مِنّي مَعَها، إِذ عَرَفتُ حُزنَها في الصَّميم، وَأَبَيتُ أَن تَبقى سَجينَتَهُ مَدى الحَياة. قَد تَسأَل لِماذا لا أَصنَع الأَمرَ نَفسَهُ اليَومَ مَع كَثيرينَ أَمثالَها؟ لَقَد صَنَعتُ الأَمرَ على وَجهٍ آخَر، وَذَلِكَ مِن خِلالِ آلامي وَمَوتي على الصَّليب، إِذ أَصبَحَت تَعزِيَتي مَربوطَةً بِقِيامَتي الَّتي مِنها تَستَمِدُّ الرَّجاءَ الَّذي يَنزَعُ مِنَ القَلبِ أَسى الحُزنِ وَبُؤسَ التَّعاسَة، يَكفيكَ أَن تُؤمِن بِتَعاضُدي الدَّائِمِ مَعَكَ.
في إِحياءِ ابنِ أَرمَلَةِ نائين، يُظَهِّرُ يَسوع مَحَبَّتَهُ المـَجَّانِيَّة إِذ يَتَعاضَد مَع إِمرَأَةٍ وَأَرمَلَةٍ فَقَدَت وَحيدَها، فَلَم يَرضَ أَن تَبقى وَحيدَةً مَتروكَةً لِحُزنِها الشَّديد وَلِعُزلَتِها القاتِمَة، وَكَأَنَّها باتَت هيَ أَيضاً في القَبر. لَم يَستَغلّ يَسوع الظَّرفَ لِيُبرِزَ مِن جَديدٍ هُوِيَّتَهُ كَإِبنٍ لله، بَل أَرادَ أَن يُبَيِّنَ عَظَمَةَ مَحَبَّتِهِ لَها، في الظَّرفِ العَصيبِ الَّذي تَمُرُّ بِهِ، وَقَد كَسَرَ كُلَّ التَّوَقُّعاتِ وَالإِحتِمالات، لِئَلَّا يَستَسلِمَ الإِنسانُ نِهائيّاً لليَأس، لَقَد عَمِلَ خَلاصاً حَيثُ لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يَعمَلَ شَيئًا. لَقَد بَدَّلَ نَدبَ المـَحزونينَ إِلى فَرَحٍ، فَجَعَلَهُم يُؤمِنونَ لا بِقُدرَةِ اللهِ وَحَسب، بَل بافتِقادِهِ وَمَحَبَّتِهِ للإِنسان، وَقَدَّم صورَةً مُسبَقَةً عَن قِيامَتِهِ المـَجيدَة. أَبقِ في قَلبِكَ مَساحَةَ إِيمانٍ بِمَحَبَّةِ المـَسيحِ لَكَ الَّتي تَقلِبُ كُلّ التَّوَقُّعاتِ وَالمـَقاييس.
رَبّي يَسوع، أَنتَ سَيِّدُ الحَياةِ الَّذي لا يَرضَ أَبَداً بِمَوتِنا، بَل مَشيئَتُكَ أَن نَعرِفَ الفَرَحَ وَالقِيامَة. أَنتَ الَّذي تُعَلِّمُنا بِمِثالِكَ، أَلَّا نَكونَ أَسرى اليَأسِ القاتِل، بَل أَبناءَ الرَّجاء، لَقَد أَبَيتَ أَن تَبقى أَرمَلَةُ مَدينَةَ نائينَ وَحيدَةً، فَأَعَدتَ لابنِها الحَياةَ مِن جَديدٍ، أَقمني يا يَسوع مِن كَبوَتي لِئَلَّا أَعيشَ مَيتاً بَل حَيّاً بِقُوَّةَ مَحَبَّتِكَ وَرَحمَتِكَ الفائِقَة، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أربعاء الأُسبوع الخامِس من الصّوم الكبير”قالَ لَها: “لا تَبكي!”. ثُمَّ دَنا وَلَمَسَ النَّعشَ“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!