موقع Allah Mahabba خميس الأُسبوع الرابع من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 1: 23 – 24. 2: 1 – 5
03يا إخوَتِي، أَنَا أُشْهِدُ ٱللهَ عَلى نَفْسِي أَنِّي، مُرَاعَاةً لِشُعُورِكُم، لَمْ آتِ إِلى قُورِنْتُس؛
فَنَحْنُ لا نُرِيدُ التَّسَلُّطَ عَلى إِيْمَانِكُم، بَلْ نَحْنُ نَعْمَلُ مَعَكُم مِنْ أَجْلِ فَرَحِكُم، لأَنَّكُم بِالإِيْمَانِ ثَابِتُون.
فَإِنِّي جَزَمْتُ بِهذَا في نَفْسِي أَلاَّ أَعُودَ إِلَيْكُم عَلى حُزْنٍ:
لأَنِّي إِنْ كُنْتُ أَنَا أُحْزِنُكُم، فَمَنْ يُفَرِّحُنِي غَيْرُ الَّذي أُحْزِنُهُ؟
وقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكُم بِهذَا، لِئَلاَّ أَلْقَى عِنْدَ قُدُومِي حُزْنًا مِنَ الَّذِينَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ أَفْرَحَ بِهِم. وأَنَا عَلى يَقِينٍ مِنْ جِهَتِكُم أَجْمَعِينَ أَنَّ فَرَحِي هُوَ فَرَحُكُم جَمِيعًا.
فَمِنَ الضِّيقِ الشَّدِيد، وكآبَةِ القَلْب، كَتَبْتُ إِلَيْكُم بِدُمُوعٍ غَزِيرَة، لا لِتَحْزَنُوا، بَلْ لِتَعْرِفُوا مِقْدَارَ حُبِّي العَظِيمِ لَكُم.
وإِذَا كَانَ أَحَدٌ قَدْ أَحْزَنَنِي، فَما أَحْزَنَنِي أَنَا وَحْدِي، بَلْ أَحْزَنَكُم جَمِيعًا بَعْضَ الحُزْن، وأَقُولُ هذَا بِدُونِ مُبَالَغَة!
إنجيل القدّيس متّى 15: 29 – 39
أَتَى يَسُوعُ إِلى نَاحِيَةِ بَحْرِ الجَليل، وصَعِدَ إِلى الجَبَلِ فَجَلَسَ هُنَاك.
ودَنَا مِنْهُ جُمُوعٌ كَثِيْرَة، ومَعَهُم عُرْجٌ، وعُمْيَان، ومُقْعَدُون، وخُرْسٌ، ومَرْضَى كَثِيْرُون. وطَرَحُوهُم عِنْدَ قَدَمَي يَسُوعَ فَشَفَاهُم،
حَتَّى تَعَجَّبَ الجَمْعُ لَمَّا رَأَوا الخُرْسَ يَتَكَلَّمُون، والمُقْعَدِيْنَ يُشْفَوْن، والعُرْجَ يَمْشُون، والعُمْيَانَ يُبْصِرُون. فَمَجَّدُوا إِلهَ إِسْرَائِيل.
ودَعَا يَسُوعُ تَلامِيْذَهُ وقَال: «أَتَحَنَّنُ على هذَا الجَمْع، لأَنَّهُم يُلازِمُونَنِي مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّام، ولَيْسَ لَهُم مَا يَأْكُلُون. ولا أُرِيْدُ أَنْ أَصْرِفَهُم صَائِمِينَ لِئَلاَّ تَخُورَ قُوَاهُم في الطَّريق».
فقَالَ لَهُ التَّلامِيذ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا في البَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا المِقْدَارِ حَتَّى يُشْبِعَ هذَا الجَمْعَ الغَفِيْر؟».
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «كَمْ رَغِيْفًا لَدَيْكُم؟». فَقَالُوا: «سَبْعَةُ أَرْغِفَة، وبَعْضُ سَمَكَاتٍ صِغَار».
وأَمَرَ يَسُوعُ الجَمْعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلى الأَرْض.
وأَخَذَ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ والسَّمَكَات، وشَكرَ وكَسَرَ وبَدَأَ يُنَاوِلُ التَّلامِيْذ، والتَّلامِيْذُ يُنَاوِلُونَ الجُمُوع.
فَأَكَلُوا جَمِيْعُهُم وشَبِعُوا، ورَفَعُوا مِنْ فَضَلاتِ الكِسَرِ سَبْعَةَ سِلالٍ مَمْلُوءَة.
وكَانَ الآكِلُونَ أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُل، ما عَدَا النِّسَاءَ والأَطْفَال.
وبَعْدَ أَنْ صَرَفَ الجُمُوعَ ركِبَ السَّفِيْنَة، وجَاءَ إِلى نَوَاحِي مَجْدَلْ.
التأمّل
”كَم رَغيفاً لَدَيكُم؟“
في أَيَّامِ الفَقرِ وَالضِّيقِ وَالجوع، يَعمَلُ الإِنسان على تَكديسِ المـُؤَنِ وَالطَّعام، لِيَحطاتَ مِنَ المـَوت، حَيثُ تَظهَرُ قيمَةَ الحَياة على الرُّغمِ مِمَّا في الواقِعِ من شَدائِدَ قاسِيَة. نُلاحِظُ في هَذِهِ الحالاتِ تَصاعُد وَازدياد عامِلَ الخَوفِ في قُلوبِ البَشَرِ، مِمَّا يَجعَلُ النَّاسَ تَبخُلُ في العَطاء، حَتَّى إِنَّ الطَّمَعَ وَالجَشَعَ يَـتَمادَيانِ في الوَسَطِ الإِجتِماعيّ. هَكذا نَغدو وَكَأَنَّنا في صَحراءٍ قاحِلَةٍ وَجَدباءَ، وَما عَلَينا سِوى أَن نَكونَ بِرِفقَةِ يَسوع في تَجارِبِهِ الأساسيَّةِ الثّلاث. إنَّ يَسوع الَّذي عَرَفَ الجوعَ في البَرِيَّة لَم يَرضَ بِجوعِ الجُموعِ الَّذينَ تَبِعوهُ، بَل أَرادَ أَلَّا يَصرِفَهُم صِياماً، وَأَرادَ أَن يَكسِرَ قُيودَ البُخلِ وَالجَشَعِ وَالطَّمع، لِذَلِكَ طَلَبَ مِن تَلاميذِهِ أَن يَعطوا ما لَدَيهِم حَتَّى وَلَو كانَ جِدَّ قَليلٍ. كانَ يَعلَم يَسوع أَنَّ مَؤونَةَ التَّلاميذِ لا تَكفي الجُموع، فَأَرادَ لَهُم أَن يَختَبِروا عِنايَةَ الآبِ السَّماويّ، الَّتي تَنزَع عَنهُم رِياءَ الفَرّيسيّين. مَعَ سُؤالِ يَسوع نَكتَشِفُ أَنَّ مَوارِدَ العَيشِ وَالحَياة تَبقى مُتَوافِرَة بَين النَّاسِ رُغَم شِدَّةِ الظُّروف فَالمطلوب المـُشارَكَة وَالعطاء.
يَا بُنَيَّ، “لَيسَ بِالخُبزِ وَحدَهُ يَحيا الإِنسان، بَل بِكُلّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله”. مِن خِلالِ تَعليمي هذا تُدرِكُ أَنَّ الخُبزَ قوتٌ لِلجَسَدِ وَكَلِمَتي قوتٌ لِلرُّوح، وَكِلاهُما غِذاءٌ وَحاجَةٌ ضَرورِيَّةٌ لَكَ، وَلَكِن وَأَنتَ تَنتَظِرُ أَحَدًا يُعطيكَ طَعامَكَ، بادِر أَنتَ وَاعمَل وَشارِكِ الآخَرينَ بِما أَنعَمتَهُ عَلَيكَ وَمِمَّا جَنَيتَهُ بِعَرَقِ جَبينِكَ. عِندَما أَوصَيتُ بِمَحَبَّتي أَرَدتُها أَن تَكونَ مِنَ الجانِبَينِ، أَي مِنَ الطَّرَفَين، وَهذا ما أَنتَ تَنتَظِرَهُ عِندَما تُشارِك وَتُعطي، لَكِنَّ واقِعِ الإِختِبارِ يَكشِفُ لَكَ بِكَثيرٍ مِنَ المـَحَطَّات، أَنَّهُ عَلَيكَ أَن تُعطي مِن دونِ مُقابِلٍ وَلا أَجر، بَل بِمَجَّانِيَّةٍ كامِلَة وَهُنا تَدخُلُ في روحانِيَّةِ بَذل الذَّات، وَهذا الأَمرُ لَم يَكُن سَهلاً حَتَّى على تلاميذي أَنفُسِهِم، إِذ فَكَرَّوا أَوَّلاً بِضَماناتِهِم البَشَرِيَّة، فَلا تَدَع هذا يَتَكَرَّر، بَل أَعطِ وَأَنتَ مُؤمِنٌ أَنَّكَ سَتَأخُذُ أَكيالًا مَركومَةً وَمُهَزهَزَةً في أَحضانِكَ. أَعطِ بِفِطنَةٍ لا وَفقَ الرُّوحِ الكِبرِياءِ وَلا بِسَخاءٍ يَفتَقِد لِلحِكمَةِ وَلِلواقِعِيَّة. عِندَما تُريدُ أَن تُعطي مِن أَرغِفَتِكَ، أَي مِن كنوزِكَ، أَعطِ ما هوَ ضَروريّ لِلآخَر، وَلَيسَ ما أَنتَ تَراهُ ضَرورَةً، وَهوَ في الوَقتِ عَينِه لا يَحتاجُ لَهُ وَلا يَهُمُّهُ الأَمر، لِذَلِكَ صَلِّ قَبلَ أَن تُعطي.
مِن عَلاماتِ الأَزمِنَةِ المـَسيحانِيَّة، هيَ فَيض النِّعَمِ على البَشَر، وهذا ما نَلحَظَهُ واضِحاً وَبَيِّناً في حَياةِ الرَّبّ يَسوع، فَهوَ الَّذي قَبِلَ الجوعَ لِذاتِهِ لَم يَقبَل جوعَ الجُموع، بَل جاءَ لِيَكونَ خُبزاً يَقوتُ الإِنسانَ لِيَحيا لا لِحَيَاةٍ زَمَنِيَّةٍ، بَل لِحَياةٍ أَبَدِيَّة. لَم يَشَأ الرَّبّ يَسوع مِن خِلالِ إِطعامِ هذا الحَشد الكَبير مِنَ الجُموع، إِظهارَ قُدرَتِهِ الإِلَهِيَّة، بِقَدرِ ما أَرادَ أَن يُبَيِّنَ أَنَّهُ هوَ الجَوابُ الكامِل وَالنِّهائي على جوعِ الإِنسان، وَالإِنسانِيَّةُ إِذا التَزَمَت بِوَصاياهُ وَتَعليمِهِ وَكَسَرَت خُبزَها لِلجائِع تَستَطيعُ عَيشَ الزَّمَن المـَسيحانيّ في حاضِرِها، لِأَنَّهُ هوَ ذاتُهُ بِحُضورِهِ يُحييها. عِندَما نَنتَبِه لِحُضورِ الرَّبّ المـُمَيَّز يُصبِحُ التَّعاون فيما بَينَنا أَكثَرَ كِلفَةً، فهذا يُعطي وَذاكَ يَأخُذُ وَالكُلُّ يَجِدُ فيهِا فَرَحَهُ، فَشارِك بِهَذِهِ الخِدمَة.
رَبّي يَسوع، أَنتَ الرَّغيفُ الوَحيدُ الحَقّ الَّذي أَملِكُهُ وَلا أَملِكُه. أَملِكُكَ لِأَنَّكَ أَعطَيتَني ذاتَكَ، وَلِأَنَّكَ الحَقّ وَلا حَقّ خارِجاً عَنكَ وَبَعيدًا مِنكَ، وَلا أَملِكُكَ لِأَنَّكَ لَستَ ذاتي، بَل هيَ فَقيرَةٌ مِن دونِكَ وَحَقيرَةٌ مِن دونِ فَيضِ نِعَمِكَ، لِذَلِكَ رَبّي أَسأَلُكَ أَن تَأخُذَ ما فِيَّ مِن جوعٍ وَتُعطِيَ ما فِيَّ مِن نِعَمِكَ، فَأُكسَرُ مَعَكَ حُبّاً لِلآخرين، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة خميس الأُسبوع الرابع من الصّوم الكبير”كَم رَغيفاً لَدَيكُم؟“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!