موقع Allah Mahabba الأحد الرابع من الصوم الكبير: أحد مثل الابن الشاطر
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 13: 5 – 13
يا إخوَتِي، إِخْتَبِرُوا أَنْفُسَكُم، هَلْ أَنْتُم رَاسِخُونَ في الإِيْمَان. إِمْتَحِنُوا أَنْفُسَكُم. أَلا تَعْرِفُونَ أَنَّ المَسِيحَ يَسُوعَ فِيكُم؟ إِلاَّ إِذَا كُنْتُم مَرْفُوضِين!
فأَرْجُو أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّنا نَحْنُ لَسْنا مَرْفُوضِين!
ونُصَلِّي إِلى ٱللهِ كَيْ لا تَفْعَلُوا أَيَّ شَرّ، لا لِنَظْهَرَ نَحْنُ مَقْبُولِين، بَلْ لِكَي تَفْعَلُوا أَنْتُمُ الخَيْر، ونَكُونَ نَحْنُ كَأَنَّنا مَرْفُوضُون!
فَإِنَّنا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَفْعَلَ شَيْئًا ضِدَّ الحَقّ، بَلْ لأَجْلِ الحَقّ!
أَجَلْ، إِنَّنا نَفْرَحُ عِنْدَما نَكُونُ نَحْنُ ضُعَفَاء، وتَكُونُونَ أَنْتُم أَقْوِيَاء. مِنْ أَجْلِ هذَا أَيْضًا نُصَلِّي لِكَي تَكُونُوا كَامِلِين.
أَكْتُبُ هذَا وأَنا غَائِب، لِئَلاَّ أُعَامِلَكُم بِقَسَاوَةٍ وأَنا حَاضِر، بِالسُّلْطَانِ الَّذي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبّ، لِبُنْيَانِكُم لا لِهَدْمِكُم.
وبَعْدُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، إِفْرَحُوا، وَٱسْعَوا إِلى الكَمَال، وتَشَجَّعُوا، وكُونُوا عَلى رَأْيٍ وَاحِد، وعِيشُوا في سَلام، وإِلهُ المَحَبَّةِ والسَّلامِ يَكُونُ مَعَكُم!
سَلِّمُوا بَعْضُكُم عَلى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَة. جَمِيعُ القِدِّيسِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْكُم.
نِعْمَةُ الرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح، ومَحَبَّةُ ٱلله، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ القُدُسِ مَعَكُم أَجْمَعِين!
إنجيل القدّيس لوقا 15: 11 – 32
قَالَ الرَبُّ يَسُوع: «كانَ لِرَجُلٍ ٱبْنَان.
فَقالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيه: يَا أَبي، أَعْطِنِي حِصَّتِي مِنَ المِيرَاث. فَقَسَمَ لَهُمَا ثَرْوَتَهُ.
وَبَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَة، جَمَعَ الٱبْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ حِصَّتِهِ، وسَافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعِيد. وَهُنَاكَ بَدَّدَ مَالَهُ في حَيَاةِ الطَّيْش.
وَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيء، حَدَثَتْ في ذلِكَ البَلَدِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَة، فَبَدَأَ يُحِسُّ بِالعَوَز.
فَذَهَبَ وَلَجَأَ إِلى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ البَلَد، فَأَرْسَلَهُ إِلى حُقُولِهِ لِيَرْعَى الخَنَازِير.
وَكانَ يَشْتَهي أَنْ يَمْلأَ جَوْفَهُ مِنَ الخَرُّوبِ الَّذي كَانَتِ الخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، وَلا يُعْطِيهِ مِنْهُ أَحَد.
فَرَجَعَ إِلى نَفْسِهِ وَقَال: كَمْ مِنَ الأُجَرَاءِ عِنْدَ أَبي، يَفْضُلُ الخُبْزُ عَنْهُم، وَأَنا ههُنَا أَهْلِكُ جُوعًا!
أَقُومُ وَأَمْضي إِلى أَبي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ.
وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ٱبْنًا. فَٱجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ!
فَقَامَ وَجَاءَ إِلى أَبِيه. وفِيمَا كَانَ لا يَزَالُ بَعِيدًا، رَآهُ أَبُوه، فَتَحَنَّنَ عَلَيْه، وَأَسْرَعَ فَأَلْقَى بِنَفْسِهِ عَلى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ طَوِيلاً.
فَقالَ لَهُ ٱبْنُهُ: يَا أَبي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ٱبْنًا…
فَقالَ الأَبُ لِعَبيدِهِ: أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا الحُلَّةَ الفَاخِرَةَ وَأَلْبِسُوه، وٱجْعَلُوا في يَدِهِ خَاتَمًا، وفي رِجْلَيْهِ حِذَاء،
وَأْتُوا بِالعِجْلِ المُسَمَّنِ وٱذْبَحُوه، وَلْنَأْكُلْ وَنَتَنَعَّمْ!
لأَنَّ ٱبْنِيَ هذَا كَانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد. وَبَدَأُوا يَتَنَعَّمُون.
وكانَ ٱبْنُهُ الأَكْبَرُ في الحَقْل. فَلَمَّا جَاءَ وٱقْتَرَبَ مِنَ البَيْت، سَمِعَ غِنَاءً وَرَقْصًا.
فَدَعا وَاحِدًا مِنَ الغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟
فَقالَ لَهُ: جَاءَ أَخُوك، فَذَبَحَ أَبُوكَ العِجْلَ المُسَمَّن، لأَنَّهُ لَقِيَهُ سَالِمًا.
فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل. فَخَرَجَ أَبُوهُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْه.
فَأَجَابَ وقَالَ لأَبِيه: هَا أَنا أَخْدُمُكَ كُلَّ هذِهِ السِّنِين، وَلَمْ أُخَالِفْ لَكَ يَوْمًا أَمْرًا، وَلَمْ تُعْطِنِي مَرَّةً جَدْيًا، لأَتَنَعَّمَ مَعَ أَصْدِقَائِي.
ولكِنْ لَمَّا جَاءَ ٱبْنُكَ هذَا الَّذي أَكَلَ ثَرْوَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ العِجْلَ المُسَمَّن!
فَقالَ لَهُ أَبُوه: يَا وَلَدِي، أَنْتَ مَعِي في كُلِّ حِين، وَكُلُّ مَا هُوَ لِي هُوَ لَكَ.
ولكِنْ كانَ يَنْبَغِي أَنْ نَتَنَعَّمَ وَنَفْرَح، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد».
التأمّل
”إِنَّ ابني هذا كانَ مَيتاً فَعاش وَضالًّا فَوجِد“
مِن أَشكالِ المـَوتِ الَّتي نَتَعَرَّفُ عَلَيها مَعَ الرَّبّ يَسوع، هوَ المـَوت الرُّوحيّ وَالَّذي يَتَجَلَّى مِن خِلالِ العَيشِ بِالضَّلالِ أَو بِما يُعرَف بِالخَطيئَة. وَمِنَ الصُّورَ الَّتي يُقَدِّمُها لَنا الرَّبُّ عَن أَثَرِ الخَطيئَةِ في حَياتِنا هوَ البُعدُ على مُستَوى المـَسافَة، وَكَأَنَّها تَخلُقُ شُقاقاً بَينَنا وَبَينَ الله، فَلا نَعُد نَرغَبُ بِالصَّلاة، وَيَصعُبُ عَلَينا أَن نَرفَعَ عيونَنا نَحوَ السَّماء، لِما نَشعُرُ فيهِ بِقَلبِنا مِن ذَنبٍ وَخَجَلٍ وَحُزن. يَنعَكِسُ هذا الأَمر على عَلاقَتِنا بِالقَريب، فَإن كانَ هُناكَ مِن عَلاقَةٍ تَبقى على مُستَوىً سَطحيّ، وَلا تَستَطيعُ سَبيلاً إِلى العُمق. تَجعَلُنا الخَطيئَةُ نَعيشُ بِأوهامِها، وَهيَ دائِماً مُتَّصِلَةٌ بِعالَمِ الظُّلمَةِ وَالباطِل، وَبِقَدَرِ ما نَنغَمِسُ فيها نُصبِحُ بِدَورِنا مُنفَصِلينَ عَن ذاتِنا الحَقيقيَّة. هَكَذا نُصبِحُ مُنعَزِلونَ عَن الله وَعَن القَريبِ وَعَن أَنفُسِنا، فَنَتَكَلَّم وَفقاً لِأَهوائِنا وَنَختار وَفقًا لِأَفكارِنا السَّوداوِيَّةِ المـُظلِمَة، وَبَدَلًا من إِيجادِ طَريق النُّور نَبقى كَالأَعمى وَالأَبرَصِ عِندَ الهامِشِ في القَفرِ وَبَدَلًا مِن رِعايَةِ قَطيعِ البَرَكَة، نَغدو رُعاةَ خَنازير بِمَعناها الرَّمزيِّ وَالرُّوحيّ.
يَا بُنَيَّ، وَأَنتَ تَسمَعُ صَوتَ الأَبِ الحَنون، الَّذي قَسَمَ ميراثَهُ بَينَ وَلَدَيهِ وَهوَ ما زالَ بِكامِلِ قِواهُ وَعلى قَيدِ الحَياة، يَصرُخُ أَمامَ خُدَّامِهِ وَأَمامَ ابنِهِ البِكر: “ابني هذا كانَ ميتًا فَعاشَ وَضالًّا فَوُجِد”، تَكتَشِفُ مَعنى الحُبّ وَقُوَّتَهُ الَّتي تَصفَحُ عَن الخَطيئَةِ مَهما كَبُرَت وَعَظُمَت. تَكتَشِفُ مَعنى الغُفران الَّذي لا يَسأَلُ عَن ماضٍ أَسوَد، بَل يَجعَلُ مِنهُ حاضِراً بِنَصاعَةِ الأَبيَض. لَم يَنتَظِرِ الأَبُ أَفعالاً مِنَ ابنِهِ الَّذي كانَ ضالّاً، وَحَتَّى لَم يُطالِبهُ بِإِقرارٍ عَلَنيٍّ بِما اقتَرَفَ مِن خَطايا وَآثام، لَقَد وَجَدَهُما في خَطَواتِهِ الَّتي أَرجَعَتهُ إِلى المـَنزِلِ الوالِديّ، وَفي انحِناءَةِ التَّائِبِ الَّذي عَلَّمَتهُ الحَياةَ قيمَةَ النِّعَمَة وَالبَركَة، مَهما صَغُرَت، وَمَهما قَلَّت، تَبقى أَعظَمُ بِمِقدارٍ مِن كُلِّ عَيشِ زائِفٍ بِالخَطيئَة. لا تَعني دائِماً الخَطيئَةُ إِقتِرافَ أَفعالٍ مُشينَةٍ وَغَيرَ مُطابِقَةٍ لِلخَير، بِاستِطاعَتِكَ أَن تَصنَعَ خَيراً وَأَنتَ لا تَرُدَّهُ للهِ بِشُكرٍ وَامتِنانٍ بَل تَزعَمُ أَنَّكَ بِكِبرِيائِكَ مَصدَرَهُ وَمُستَحِقًّا إِيَّاهُ، وَهَكذا تَكونُ قَد اقتَرَفتَ الخَطيئَة. مِن هُنا تَتَعَلَّم أَنَّ الخَطيئَةَ باستِطاعَتِها أَن تَأخُذَ شَكلًا لَها مِنَ الخَير، أَمَّا النِّعمَةُ فَهيَ تَعني دائِمًا القَلبَ المـُنسَحِقِ وَالمـُتَواضِعِ الَّذي وَإِن خَطِئَ يُقِرُّ بِخَطيئَتِهِ نادِماً تائِباً.
في إِنجيلِ لوقا يَتَوَجَّهُ الرَّبَّ يَسوع بِمَجموعَةِ أَمثالٍ تَعني بِمَضمونِها الغُفرانَ وَالرَّحمَةَ، وَمِن خِلالِها يُخاطِبُ الفَرّيسيّينَ وَكُلّ مَن يَظُنُّ أَنَّهُ بارًّا على أَساسِ أَعمالِهِ. في مَثَلِ الإِبنَين، يَكشِفُ لَنا عَن وَجه الآب السَّماويّ مِن خِلالِ صورَةِ الأَب، وَالَّذي يَتَعَطى مَعَ أَبنائِهِ عَلى قاعِدَةِ المـَحَبَّةِ وَالغُفران، فيما هُم يَتَعاطَونَ مَعَ بَعضِهِم على العَكسِ مِن ذَلِكَ. كَما وَأَنَّهُ يُبَيِّنُ لَنا يَسوعُ رَغبَتَهُ علَينا أَنَّهُ يُريدُ خَلاصَ الإِنسانِ بِالتَّوبَة، وَيُريدُ لَهُ الحَياةَ وَالحَقَّ لا الضَّلال، لِذَلِكَ رَسَمَ لَنا هُوَ نَفسَهُ الطَّريقَ إِلى الآب، لِكَي نَرجِعَ عَن ضَلالِنا، ما إِن نَرجَعَ إِلى أَنفُسِنا وَنَحنُ مُتَأَمِّلينَ بِإِيمانٍ قُوَّةَ كَلِماتِهِ الَّتي تُظَهِّرُ لَنا صورَةَ اللهِ الحَقَّة، وَهيَ المـَحَبَّة. أُنبُذ عَنكَ كُلّ خَجَلٍ وَاخلَع رِداءَ الخَطيئَة، وَرَمِّم عَلاقَتَكَ بِالله.
رَبّي يَسوع، هَبني مِن لَدُنكَ قُوَّةَ الخَلاصِ لأَتوبَ عَن خَطايايَ الكَثيرَة، فَأُدرِكَ آثامي، بِقُوَّةِ رَحمَتِكَ وَغُفرانِكَ، فَأَمقُتَ الضَّلالَ، لِأَرجِعَ إِلَيكَ أَنتَ الحَقُّ وَالحَياة، تائِباً بِانسِحاقِ قَلبٍ ظَمِئَ وَتاقَ إِلى مُعانَقَتِكَ. هَبني مِن لَدُنكَ رَبِّي شَوقَ الصَّلاةِ لِئَلَّا أَفُرَّ مِن وَجهِكَ بَل أَثبُتَ في عَلاقَتي بِكَ، يا مَن تُحييني بِروحِكَ يا أَيُّها المـَحَبَّةُ السَّامِيَة، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة الأحد الرابع من الصوم الكبير: أحد مثل الابن الشاطر”إِنَّ ابني هذا كانَ مَيتاً فَعاش وَضالًّا فَوجِد“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!