موقع Allah Mahabba عيد مار يوسف البتول
رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس 3: 1 – 13
يا إِخوَتِي، أَنَا بُولُس، أَسِيرَ المَسيحِ يَسُوعَ مِنْ أَجْلِكُم، أَيُّهَا الأُمَم…
إِنْ كُنْتُم قَدْ سَمِعْتُم بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي مِنْ أَجْلِكُم،
وهوَ أَنِّي بِوَحْيٍ أُطْلِعْتُ على السِرّ، كَمَا كَتَبْتُ إِلَيكُم بإِيْجَازٍ مِنْ قَبْل،
حِينَئِذٍ يُمْكِنُكُم، إِذَا قَرَأْتُمْ ذلِكَ، أَنْ تُدْرِكُوا فَهْمِي لِسِرِّ المَسِيح،
هذَا السِّرِّ الَّذي لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ بَنِي البَشَرِ في الأَجْيَالِ الغَابِرَة، كَمَا أُعْلِنَ الآنَ بِالرُّوحِ لِرُسُلِهِ القِدِّيسِينَ والأَنْبِيَاء،
وهُوَ أَنَّ الأُمَمَ هُم، في المَسِيحِ يَسُوع، شُرَكَاءُ لَنَا في المِيرَاثِ والجَسَدِ والوَعْد، بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيل،
ألَّذي صِرْتُ خَادِمًا لَهُ، بِحَسَبِ هِبَةِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي بِفِعْلِ قُدْرَتِهِ؛
لي أَنَا، أَصْغَرِ القِدِّيسِينَ جَمِيعًا، وُهِبَتْ هذِهِ النِّعْمَة، وهِيَ أَنْ أُبَشِّرَ الأُمَمَ بِغِنَى المَسِيحِ الَّذي لا يُسْتَقْصى،
وأَنْ أُوضِحَ لِلجَمِيعِ مَا هُوَ تَدْبِيرُ السِّرِّ المَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ في اللهِ الَّذي خَلَقَ كُلَّ شَيء،
لِكَي تُعْرَفَ الآنَ مِن خِلالِ الكَنِيسَة، لَدَى الرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِينِ في السَّمَاوات، حِكْمَةُ اللهِ المُتَنَوِّعَة،
بِحَسَبِ قَصْدِهِ الأَزَلِيِّ الَّذي حَقَّقَهُ في المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا،
الَّذي لَنَا فيهِ، أَيْ بِالإِيْمَانِ بِهِ، الوُصُولُ بِجُرْأَةٍ وثِقَةٍ إِلى الله.
لِذَلِكَ أَسْأَلُكُم أَنْ لا تَضْعُفَ عَزِيْمَتُكُم بِسَبَبِ الضِّيقَاتِ الَّتي أُعَانِيهَا مِنْ أَجْلِكُم: إِنَّهَا مَجْدٌ لَكُم!
إنجيل القدّيس متّى 1: 18 – 25
أَمَّا مِيلادُ يَسُوعَ المَسِيحِ فَكانَ هكَذَا: لَمَّا كانَتْ أُمُّهُ مَرْيَمُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُف، وقَبْلَ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، وُجِدَتْ حَامِلاً مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
ولَمَّا كَانَ يُوسُفُ رَجُلُها بَارًّا، ولا يُرِيدُ أَنْ يُشَهِّرَ بِهَا، قَرَّرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا سِرًّا.
ومَا إِنْ فَكَّرَ في هذَا حَتَّى تَرَاءَى لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ بنَ دَاوُد، لا تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ ٱمْرَأَتَكَ، فَٱلمَوْلُودُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ القُدُس.
وسَوْفَ تَلِدُ ٱبْنًا، فَسَمِّهِ يَسُوع، لأَنَّهُ هُوَ الَّذي يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُم».
وحَدَثَ هذَا كُلُّهُ لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ:
هَا إِنَّ العَذْرَاءَ تَحْمِلُ وتَلِدُ ٱبْنًا، ويُدْعَى ٱسْمُهُ عِمَّانُوئِيل، أَي ٱللهُ مَعَنَا.
ولَمَّا قَامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْم، فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاكُ الرَّبِّ وأَخَذَ ٱمْرَأَتَهُ.
ولَمْ يَعْرِفْهَا، فَوَلَدَتِ ٱبْنًا، وسَمَّاهُ يَسُوع.
التأمّل
”سَمَّاهُ يَسوع“
يَحتَلُّ الإِسمُ مَكاناً أَساسِيًّا في حَياتِنا البَشَرِيَّة، فَمِن خِلالِهِ نُعَرِّفُ عَن أَنفُسِنا، وَيُعَرَّفُ عَنَّا، وَمَعناهُ لَيسَ بِتَفسيرِهِ اللُّغَويّ وَحَسبُ، بِقَدَرِ إِشارَتِهِ إِلى فَرادَةِ كُلِّ شَخصٍ مِنَّا، وَإِلى مَن نَنتَمي. نَحنُ عِندَما نولَدُ لَم نَختَر أَسماءَنا إِنَّما هيَ اختارَتنا عَن طَريقِ رَغبَةِ أَهلِنا وَذَوينا، فَهُم وَحدَهُم يَستَطيعونَ أَن يَفُكُّوا لُغزَ الإِختِيارِ هذا، وَاسمُنا يُخاطِبُ ذاكِرَتَهُم، وَوعودَهُم وَعُهودَهُم. مَن مِنَّا لَم يَسأَل والِديهِ يَوماً، لِماذا اختَرتُما لي هذا الإِسم؟ فَمَعَ هذا السُّؤالُ نَكتَشِفُ قِصَّةً، رُبَّما رَغبَةُ أَهلِنا عَلَينا أَن نَتَبَنَّاها نَحنُ بِدَورِنا، وَكُلُّ ما يَبقى لَنا مِنها، لَيسَ واقِعِيَّتِها، وَلا انتِظاراتِهِما، وَلا خِبرَتِهِما، بَل رَغبَتَهُما بِالخَيرِ لِكُلٍّ مِنَّا. مِن هُنا نَكتَشِفُ أَنَّ الإِسمَ الَّذي أُعطيَ لَنا يُوازيهِ دائِماً رَغبَةُ الخَير، فَالمـَطلوبُ أَن نَعيشَ وَفقًا لِلخَيرِ الأَسمى الَّذي يَعني مَشيئَةَ اللهِ عَلَينا، وَهَكذا يُصبِحُ الإِسمُ المـُعطى لَنا مُوافِقاً لِشَخصِنا، وَعَلَينا أَن نُقَدِّسَهُ بِحِفظِنا للكَرامَةِ الَّتي وُهِبَت لَنا كَأَبناءٍ للهِ مَحبوبينَ مِنهُ، فَنَكونَ ذاتَ صيتٍ حَسَن.
يَا بُنَيَّ، لَقَد كُلِّفَ يُوسُف خِطّيبُ أُمِّي العَذراءَ مَريَم، وَمُرَبِّيَّ وَحارِسي الأَمين، وَالَّذي عُرِفَ بِأَبي بَينَ البَشَر، أَن يُطلِقَ عَلَيّ إِسمَ الوَعد، الَّذي سَمِعَهُ هَوَ كَما سَمِعَتهُ أُمّي العَذراء مِنَ المـَلاكِ جِبرائيل. لَقَد كُشِفَ لَهُ عَن مَعنى اسمي، وَهَكذا مِن خِلالِهِ، استَطاعَ أَن يَقرَأَ كُلَّ تَدبيرِ أَبي الخَلاصيّ في التَّاريخ، مِمَّا وَلَّدَ في قَلبِهِ الرَّجاءَ، على وَقعِ الفَرَحِ الَّذي اختَبَرَهُ مَعَ البُشرى السَّارّة. على ضَوءِ اسمي، لَم يَعُد يَعرِف يوسُف الخَوف، بَل بِالأَكثَر عَرَفَ المـَسؤولِيّة المـُرَتَّبَةَ عَلَيهِ أَمامَ كُلِّ استِحقاقٍ سَيُواجِهُهُ، وَمِن خِلالِ اسمي كانَ يَتَشَدَّد بِالقُوَّة أَمامَ الضُّعف. أَصبَحَ الإِسمُ الَّذي عَلَيهِ أَن يُطلِقَهُ على شَخصي، يَعني اختِبارَهُما هوَ وَأُمِّي مَعَ المـَلاكِ، وَمُقَدِّمَةً لِما سَأَصنَعَهُ في حَياةِ البَشَر. يَسوع، “اللهُ خَلِّص”، لَم يَقُل لَهُ المـَلاك أَنَّني سَأُخَلِّصُ الشَّعبَ مِنَ الحُكمِ الرُّومانيّ، وَلا مِن فَسادِ أَهلِ السُّلطَةِ وَالدّين، بَل مِن خَطاياهُم. رُبَّما مَلِكٌ يَقوى على آخَر، وَنافِذٌ على سُلطَةٍ فاسِدَة، فَيَسودَ حُكمَهُ إِلى حين، وَتَعودُ الأُمور إِلى ما كانَت عَلَيه وَأَسوَء، أَمَّا خلاصي يَعني هويَّةَ الإِنسان وَوجودَهُ وَدَيمومَتَهُ في النُّورِ وَالنِّعمَةِ وَالخَير.
بَعدَما عَرَفَ يوسُفُ خِطّيبُ مَريَم، القَلَقَ وَالخَوفَ وَالإِضطِراب، وَعاشَ مِلءَ الصِّراعَ مَعَ ذاتِهِ، كانَت البُشرى الَّتي قَبِلَها مِنَ المـَلاكِ في الحُلُمِ بِمَثابَةِ نافِذَةٍ واسِعَةٍ أَدخَلَت على قَلبِهِ أَنوارَ وَأَضواءَ السَّماء، وَمَعَ وَقع اسم يَسوع، وَالدَّعوَة المـُرَتَّبَة علَيهِ لِلقِيامَ بِها سادَ قَلبَهُ سَلامُ الله، وَاكتَشَفَ فيهِ أَنَّ رَغبَتَهُ العَميقَة جَوابُها وَمِلئُها هوَ بِرَغبَةِ اللهِ عَلَيهِ وَعَلى كُلِّ الإِنسانِيَّة، مِمَّا جَعَلَهُ يُعرَف بِطاعَتِهِ المـُقَدَّسَة وَبِصَلابَةِ إِرادَتِهِ الَّتي أَعرَبَ عَنها عِندَ تَنفيذِهِ لِطَلَبِ المـَلاكِ مِنهُ، فَسَمَّى الطِّفلَ يَسوع. لَقَد عَرَفَ القِدّيسُ يوسُف تَمامَ المـَعرِفَة مَن يَكونُ في قَبولِهِ لِدَعوَةِ المـَلاك، فَتَمَيَّزَ بِطاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَفَقرِهِ الرُّوحيّ وَجُهوزِيَّتِهِ التَّامَّة المـُعَبِّرَة عَن بَتولِيَّتَهِ لِيُتَمِّمَ مَشيئَةَ الله، فاتَّخِذهُ لَكَ مِثالً وَشَفيعاً لِحَياتِكَ.
رَبّي يَسوع، باسمِكَ أَعرِفُ مَن تَكونُ فَأَنتَ لا تُبَدِّلُكَ الظُّروفَ وَلا الأَحداثُ وَلا الأَيَّام، لِأَنَّكَ أَنتَ الخَلاصُ في شَخصِكَ، الَّذي فيكَ أَكتَشِفُ ذاتي، وَمِنكَ أُعطى الحَياة، وَأَنهَلُ الحُبَّ يا يُنبوعَ المـَحَبَّةِ وَالحَقّ. لِذَلِكَ رَبِّي أَتَوَسُّلَك بِشَفاعَةِ صَفِيّكَ القِدّيس يُوسُف أَن تُنَمِّيَ في قَلبي ثِمارَ الفَضائِلِ الرُّوحِيَّة، كَما فَعَلتَ مَعَهُ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة عيد مار يوسف البتول ”سَمَّاهُ يَسوع“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!