موقع Allah Mahabba جمعة الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 3: 1 – 7
يا إِخوَتي، مَا فَضْلُ اليَهُودِيّ؟ أَو مَا نَفْعُ الخِتَانَة؟
إِنَّهُ جَزِيلٌ، عَلى كُلِّ حَال! إِنَّ أَوَّلَ فَضْلٍ لَهُم هوَ أَنَّهُم ٱئْتُمِنُوا عَلى كَلاَمِ الله.
فمَاذَا إِنْ كَانَ بَعْضُهُم لَمْ يُؤْمِنُوا؟ هَلْ يُبْطِلُ عَدَمُ إِيْمَانِهِم أَمَانَةَ ٱلله؟
حَاشَا! بَلْ صَدَقَ اللهُ وَكَذِبَ كُلُّ إِنْسَان، كَمَا هوَ مَكْتُوب: «لِكَي تُبَرَّرَ في كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ في قَضَائِكَ».
وإِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُثْبِتُ بِرَّ الله، فَمَاذَا نَقُول؟ أَيَكونُ اللهُ ظَالِمًا حِينَ يُنْزِلُ غَضَبَهُ عَلَيْنَا؟ كَبَشَرٍ أَقُولُ هذَا!
حَاشَا! وإِلاَّ فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ العَالَم؟
فإِنْ كَانَ بِكَذِبي قَدِ ٱزْدَادَ صِدْقُ الله، لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَإِنْسَانٍ خَاطِئ؟
إنجيل القدّيس لوقا 12: 16 – 21
قالَ الربُّ يَسُوعُ هذَا المَثَل: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَغَلَّتْ لهُ أَرْضُهُ.
فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».
التأمّل
”يَا جَاهِل، في هَذِهِ اللَّيلَة تُطلَبُ مِنكَ نَفسُكَ“
عِندما نُقدِمُ على أَعمالٍ وَمَشاريعَ تَخُصُّنا، غالِباً ما تَكونُ لِمَصلَحَتِنا في الحاضِرِ وَالمـُستَقبَل، وَمِن خِلالِ مَقاصِدِنا هَذِهِ، نَختَبِرُ أَنَّنا نَرغَبُ بِسَلامٍ وَأَمانٍ وَاكتِفاءٍ وَراحَة، أَمَّا إِذا سَأَلنا أَنفُسَنا بِالعُمقِ هَل هَذِهِ سَتَظَلُّ ثابِتَةً، وَهَل بِإِمكانِنا الإِتِّكالَ عَلَيها؟ نَأخُذُ الجَواب مِن واقِعِ الحَياةِ نَفسَها، كَم مِنَ النَّاسِ بَنَت قُصوراً أَو بيوتاً أَو مَشاريعَ وَمُؤَسَّساتٍ، إِلَخ،… وما إِن انتَهَتَ مِن بُنيانِها، حَتَّى نَشَبَتِ الحُروب وَتَقَلَّبَتِ الأَوضاعُ وَأَوقَعَت وَدَمَّرَت القَذائِف لَيسَ البُنيانُ وَحَسبُ، بَل أَيضاً مَوارِدَ العَيشِ نَفسها، الَّتي مِن جَرّائِها أُوتِيَ بِالمالِ لِلبُنيان. أَمامَ هَذِهِ المـَشهَدِيَّةِ، نُدرِكُ أَنَّ مَعنى الأَشياءِ، لا يَقومُ عَلى جَمالاتِها الخارِجيَّة وَالمـُعَرَّضَة للزَّوال، فَها هيَ القِلاعُ القَديمَة صارَت آثاراً فارِغَة، وَإِن حَكَت عَن شَيءٍ، تَكَلَّمَت عَن رَغبَةِ الإِنسانِ الجامِحَة دائِماً إِلى المـَجد، حَتَّى وَإِن كانَ زائِلاً. مِن خِلالِ مَثَل الرَّجُلِ الغَنِيّ الجاهِل، يُعيدُ الرَّبَّ يَسوع تَصويب البَوصَلَة في الإِتِّجاهِ الصَّحيح، لِكَي لا نَغَرَقَ في موحِلِ غِنى هذا العالَمِ الزَّائِل.
يَا بُنَيَّ، لا شَيءَ بِاستِطاعَتِهِ أَن يُساعِدَكَ على العَيشِ بِاستِقامَةٍ وَنَزاهَةٍ، وَفي الحُبّ، إِلَّا أَمرَينِ مُتَكامِلَين: التَّأَمُّل في إِنسانِيَّتي، وَالوقوفَ عِندَ عَتَبَةِ المـَوت. في الأَوَّل تَتَعَلَّمُ مِنّي كَيفَ علَيكَ أَن تَعيشَ حَياتَكَ الزَّمَنِيَّة، أَمَّا في الثَّاني وَعلى ضَوءِ حَياتي وَقِيامَتي، تَتَعَلَّمُ كَيفَ تَجعَل مِن حَياتِكَ فِعلَ حُرِّيَّةٍ تَؤولُ إِلى مَجدِ الله، فَلا تَسمَح لِمُغرَياتِ الحَياةِ الزَّمَنِيَّة أَن تَقصِفَ بِكَ، فَتَعيشَ ضالّاً تائِهاً، هائِماً بِالضَّياع. يُستَحسَنُ بِكَ كُلَّ يَومٍ أَن تُفَكِّرَ بِلِقائِكَ بي، وَعَلَيكَ أَن تُراجِعَ يَومَكَ مُنَقِّياً ضَميرَكَ مِن أَدرانِ الخَطيئَة، كَيما تَستَطيعَ التَّجَرُّدَ مِن كُلِّ هَوى غِنىً وَسُلطَةٍ وَمال. تَعَلَّم مِن مَثَلِ الغَنِيّ الجاهِل، هوَ مَأخوذٌ مِن واقِعِ حَياةِ البَشَر، وَقَد أَشَرتُ مِن خِلالِهِ إِلى شَرّ الغِنى، الَّذي يَغدو بُخلاً وَطَمَعاً وَجَشَعاً، حَيثُ لا يَعُد يَستَطيعُ الإِنسانَ أَن يَفهَمَ مَعنى وجودِهِ وَقيمَةَ شَخصِهِ، إِلَّا عَن طَريقِ ما يَملِك، وَلَيسَ مَن يَكون. فَإِن غابَت الأَشياء، ظَنَّ ذاتَهُ عَدَماً وَإِن وُجِدَت ظَنَّ ذاتَهُ ذاتَ قيمَةٍ. عِندَما تُريدُ أَن تُقَيِّمَ يَومِيَّاتِكَ، وَتُراجِعَ ضَميرَكَ، لا تَسَل عَمَّا أَنتَجتَ وَصَنَعتَ، بَل كَم كُنتَ حَقيقَةَ ذاتِكَ الَّتي هيَ على صورَتي وَمِثالي في المـَحَبَّة.
لَقَد استَخدَمَ يَسوعُ في تَعليمِهِ الأَمثالَ الشَّعبِيَّة، حَتَّى يُخاطِبَ قُلوبَ مُستَمِعيهِ عَلَّهُم يَتَعَلَّمونَ الحَقَّ مِن فَمِهِ الإِلَهيّ، وَيَقبَلونَ الخَلاصَ مِن يَدَيهِ الكَريمَتَين، فَيَعيشونَ المـَحَبَّة، فَيَبلُغونَ الكَمال. في مَثَلِ الغَنِيّ الجاهِل، نَكتَشِفُ مَوضوعَينِ مُتَلاصِقينِ وَهُما: الغِنى وَشَرّ الأَنا. لا يَسمَحُ الغِنى للإِنسانِ أَن يَختَبِرَ حَقيقَةَ طَبيعَتِهِ، فَيَعيشَ على هامِشِ ذاتِهِ الحَقَّة، وَشَرُّ الأَنا، يَجعَلُ الإِنسانَ يُشَيّءُ الأَشياءَ وَيُسَخِّرَ النَّاس بُغيَةَ أَن يَكونَ الأَوَّل، وَهذا الأَمر يَجعَلَهُ مُنغَلِقاً على ذاتِهِ بِالتَّمام، وَفي كِلا الحالَتَين، حَيثُ لا انفِتاح يَبقى الإِنسانُ في دائِرَةِ المـَوت، أَمَّا عِندَما يَقِفُ عِندَ تَعليمِ يَسوع، وَسِرّ المـَوت، يَستَطيعُ أَن يَختارَ الحَياةَ مِن بابِها الواسِع، فَيَقبَلَ الخَلاص، وهذا ما يُرجى أَن نَفعَلَهُ أَنا وَأَنتَ.
رَبّي يَسوع، إِنَّ الزَّمانَ يَتَقاصَر، وَكُلَّ يَومٍ يَمضي لا رُجوعَ إِلَيهِ، بَل تَمَطٍّ إِلى الأَمام. لا يَنفَعُ البُكاءُ على الأَطلالِ وَلا الرَّغبَةُ بِالمـُقتَنى وَالمال، المَطلوبُ الواحِد هوَ الإِنفِتاحُ على مَحَبَّتِكَ وَعلى جودَةِ كَرَمِكَ، فَأُعطي مِمَّا قَد أَعطَيتَني وَأَشكُرُكَ على كُلِّ عَطاياك، وَأَحفَظُ في أَهرائِكَ الأَبَدِيَّةِ كُلَّ خَيرٍ أَتَيتَني القوَّةَ لِأَصنَعَهُ تَمجيدًا لاسمِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة جمعة الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير ”يَا جَاهِل، في هَذِهِ اللَّيلَة تُطلَبُ مِنكَ نَفسُكَ“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!