موقع Allah Mahabba خميس الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 1: 1 – 10
يا إخوَتِي، مِنْ بُولُسَ الَّذي هُوَ رَسُولٌ لا مِن قِبَلِ النَّاس، ولا بِمَشيئَةِ إِنسَان، بَلْ بيَسُوعَ المَسِيحِ واللهِ الآبِ الَّذي أَقَامَهُ مِنْ بَينِ الأَموَات،
ومِنْ جَمِيعِ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعي، إِلى كَنَائِسِ غَلاطِيَة:
أَلنِّعمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ اللهِ أَبينَا والرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح،
الَّذي بَذَلَ نَفسَهُ عَن خَطايَانَا، لِيُنقِذَنَا مِنَ الدَّهرِ الحَاضِرِ الشِّرِّير، وَفْقًا لِمَشِيئَةِ إِلهِنَا وَأَبينَا،
الَّذي لَهُ المَجْدُ إِلى أَبَدِ الآبِدِين! آمين.
إِنِّي لَمُتَعَجِّبٌ مِن أَنَّكُم تتَحَوَّلُونَ بِمِثْلِ هذِهِ السُّرْعَةِ عنِ الَّذي دَعَاكُم بِنِعْمَةِ المَسِيح، وَتَتْبَعُونَ إِنْجِيلاً آخَر.
ولَيْسَ هُنَاكَ إِنْجِيلٌ آخَر، إِنَّمَا هُنَاكَ أُنَاسٌ يُبَلْبِلُونَكُم، ويُريدُونَ تَحْرِيفَ إِنْجيلِ المَسِيح.
ولكِن، حَتَّى لَو نَحْنُ بَشَّرنَاكُم، أَو بَشَّرَكُم مَلاكٌ مِنَ السَّمَاء، بِخِلافِ مَا بَشَّرنَاكُم بِهِ، فَلْيَكُنْ مَحْرُومًا!
وكَمَا قُلْنَا مِن قَبْلُ، أَقُولُ الآنَ أَيضًا: إِنْ بَشَّرَكُم أَحَدٌ بِخِلافِ مَا قَبِلْتُم، فَلْيَكُنْ مَحْرُومًا!
أَتُرَانِي الآنَ أَسْتَعْطِفُ النَّاسَ أَمِ الله؟ أَمْ تُرَانِي أَسْعَى إِلى إِرضَاءِ النَّاس؟ فلَوْ كُنْتُ ما أَزَالُ أُرضِي النَّاس، لَمَا كُنْتُ عَبْدًا لِلمَسِيح!
إنجيل القدّيس لوقا 17: 20 – 37
سَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة.
وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!».
وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا.
وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا.
فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ.
وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل!
وَكمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان:
كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين.
وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون.
ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين.
هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان.
في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء.
تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط!
مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً.
أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر.
وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى».
…
فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور».
التأمّل
”ها هو مَلَكوتُ اللهِ في ما بَينَكُم“
يُرافِقُنا طَوالَ حَياتِنا، حُلُمٌ وَانتِظارٌ لِمُـستَقبَلٍ أَفضَل، لِحَدَثٍ مُمَيَّز، لِتَحَوُّلٍ ما يوقِدُ فينا الرَّغبَةَ أَكثَر بِالفَرَحِ وَالسَّلام، وَلَكِن مَع هَذِهِ الرِّفقَةِ نَختَبِرُ شَيئًا مِن خَيبَةِ الأَمَل، لأَنَّ كُلّ ما تَوَقّعناهُ وَانتَظَرناهُ وَعَمِلنا مِن أَجلِهِ نَجِدُهُ بِلَحظَةٍ مِنَ اللَّحَظاتِ يَتَلاشى. لَقَد انتَظَرَ وَتَرَقَّبَ اليَهودُ بِأَجمَعِهِم على اختِلافِ تَيَّاراتِهِم اللَّاهوتِيَّة مَجيءَ مَلَكوت اللهِ، وَكانَ تَصَوُّرَهُم لَهُ، ذاتُ مَنحىً مادّيٍّ صَرف، إِلى حَدٍّ ظَنُّوا فيهِ أَنَّ اللَّامَحدودَ سَيَحُدُّ مُلكَهُ بِشَعبٍ وَاحِدٍ، وَأُمَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلُغَةٍ واحِدَة، وَيَومَ التَقَوا بِيَسوعَ النَّاصِري، خابَ أَمَلَهُم، فَلَم يُنادي بِما كانوا يَحلُمونَ بِهِ، وَلَم يَكُن نَموذَجاً وَفقًا لِتَصَوُّراتِهِم الشَّخصِيَّة وَالمـَذهَبِيَّة، لَقَد نادى بِحُرِّيَّةِ أَبناءِ الله، وَمَلَكوتَهُ لَم يَكُن إِلغاءً لِمُلوكٍ وَمَملَكاتٍ أُخرى، بَل جَعَلَهُ حاضِراً في الوَسَطِ، مِن دونِ أَن يَخافَ عَلَيهِ، لِأَنَّهُ لَيسَ مِن هذا العالَم، وَبِالتَّالي هوَ لا يُنافِسُ الآخَرين، إِنَّما مَن قَبِلَهُ يَنالُ مِن لَدُنِهِ فَرَحاً وَسَلاماً وَأَمانًا باطِنِيّاً، لا يَستَطيعُ العالَمُ أَن يَنتَزِعَهُ مِنهُ أَبَداً، وَيبقى عَلامَةً لِحضورِ اللهِ الحَيّ.
يَا بُنَيَّ، بِقَدَرِ ما يُؤخَذُ نَظَرُكَ بِالأَشياءِ الخارِجِيَّة، لا تَعُد تَستَطيعُ التَّنَبُّهَ لِما يَحدُثُ في قَلبِكَ، فَعَلَيكَ أَن تُوَفِّقَ بَينَ الإِثنَين، وَأَن تولي أَهَمِّيَّةً لِحَياتِكَ الباطِنِيَّة، كَيما تَستَطيعَ الإِصغاءَ لِروحيَ القُدُّوس، وَاكتِشافِ ذاتِكَ، وَقَبولِكَ لِمَشيئَتي القُدُّوسَة، وَالَّتي تُحَرّرُكَ مِن كُلِّ قُيودٍ وَتَصَوُّراتٍ وَهمِيَّةٍ، قَد تُؤرِقُ روحَكَ وَتُؤذي نَفسكَ وَجَسَدَك. لِكَي تَستَطيعَ ذَلِكَ، عَلَيكَ بِالتَّمَرُّسِ على الصَّلاة، فَبِها تَدخُلُ إِلى الأَعماق، وَمِن خِلالِها تُدرِكُ يَقيناً ما أَعنيهِ أَنَّ مَلكوتَ اللهِ في ما بَينَكُم. مَتى قَبِلتَ مَلَكوتي، سَتَتَمَكَّنُ مِن تَمييزِ كُلّ شَيءٍ في حَياتِكَ، لِأَنَّكَ سَتُدرِكُ تَماماً أَنَّ ما تَحتاجُهُ وَما تَلتَمِسُهُ وَما تَبحَثُ عَنهُ فوقَ الأَشياءِ كُلِّها، هوَ سَلامي، لا شَيءَ آخَر، البَتَّة. لا تَتَوَهَّمَنَّ أَنَّكَ تَستَطيعُ أَن تَملُكَ مَلكوتي، بَل عَلَيكَ أَن تَخضَعَ لَهُ بِحُرِّيَّةٍ، وَلا تَظُنَّنَ أَنَّكَ بِشُروطِكَ تَستَطيعُ أَن تَقبَلَهُ، فَالمـَطلوبُ مِنكَ لِتَعرِفَ سَلامي حَقّاً أَن تُسَلِّمَ أَمرَكَ لي بِثِقَةٍ وَإِيمانٍ، وَعِندَئِذٍ سَتَعرِفُ أَنَّكَ العَطاءَ أَجمَلَ وَأَعظمَ جِدًّا مِنَ الأَخذِ، وَالصَّمتُ أَكثَرُ فِطنَةً مِنَ الكَلامِ وَالصَّلاةُ الصَّادِقَةُ أَكثَرَ أَهَمِّيَّةً مِن كُلِّ عَمَلٍ وَالعَمَلُ الواحِد المـُنتَقى في التَّأَمُّلِ أَكثَرُ جَدارَةً مِن كَثرَةِ الأَعمال.
تَقَدَّمَ الفَرّيسيُّونَ مِن يَسوعَ يَسأَلونَهُ َعَن تاريخِ مَجيء مَلَكوتِ الله، فَرَبَطوهُ بِأَحداثٍ وَظُروفٍ وَمَواقيتَ خارِجيَّة، فيما يَسوع بَيَّنَ لَهُم بِجَوابِهِ، أَنَّهُ حاضِرٌ هُنا وَالآن، أَوَّلاً بِشَخصِهِ في التَّجَسُّدِ، وَثانِياً بِقُوَّةِ روحِهِ القُدُّوس الَّذي يُواكِبُ كُلَّ مَحَطَّاتِ التَّاريخِ بِشَتَّى عُصورِهِ. فهوَ لَيسَ مُلكاً يُشَبَّهُ بِحُكمٍ رومانِيّ، أَو بيزنَطيّ، أَو مَملوكيّ، أَو عَرَبيّ أَو فارِسيّ أَو أَجنَبيّ، فَسِمَتَهُ هوَ السَّلام، وَقُوَّتَهُ أَنَّهُ دائِم، وَميزَتَهُ أَنَّهُ يَعني الأَحرارَ الَّذينَ قَبِلوا الخَلاصَ بِدَمِ الحَمَلِ الإِلَهيّ، وَمَن أَرادَ الدُّخولَ إِلَيهِ عَلَيهِ أَن يَعتَنِقَ فِكرَ المـَسيحِ وَأَن يَعيشَ وَفقًا لِمَحَبَّتِهِ، فَيَنعَمَ بِالسَّلام الَّذي لا يَستَطيعُ العالَم أَن يَنتَزِعَهُ مِنهُ. خُذ لَكَ وَقتًا كُلَّ يَومٍ وَكَرّسهُ للتَّأَمُّلِ بِحُضورِ المـَسيحِ الحَيّ الحاضِرِ مَعَكَ في وَسَطِ حَياتِكَ اليَومِيَّة.
رَبّي يَسوع، وَأَنا أَلتَفِتُ يُمنَةً وَيُسرَةً، أَنتَ تُعيدُني إِلى المـَركَز، بِصَوتِكَ الصَّادِرِ مِن أَعماقِ كِياني، لِئَلَّا أَضيع. وأَنا أَندَهِشُ بِكُلّ ما هوَ حَولي، تَرُدُّني بِكَلِمَتِكَ العَذبَة إِلى الحَقّ الَّذي هَوَ أَنتَ فَأُعاينَكَ بِإِنسانِيَّتي، وَديعاً وَمُتَواضِعاً، حَتَّى إِذا قَبِلتُ مَلَكوتَكَ الحَيَّ وَالحاضِرَ هَهُنا، صِرتُ لَكَ بِكُلِيَّتي على مِثالِكَ، رَسولَ رَحمَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَسَلامٍ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة خميس الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير ”ها هو مَلَكوتُ اللهِ في ما بَينَكُم“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!