موقع Allah Mahabba أربعاء الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 2: 1 – 7
يا إخوَتِي، ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَة، صَعِدْتُ مِن جَدِيدٍ إِلى أُورَشَلِيمَ معَ بَرنَابَا، وأَخَذْتُ مَعي طِيطُسَ أَيْضًا.
وكَانَ صُعُودي إِلَيْهَا بِوَحيٍ. وعَرَضْتُ عَلى ٱنْفِرَادٍ أَمَامَ أَعْيَانِ الكَنِيسَةِ الإِنْجِيلَ الَّذي أَكرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَم، لِئَلاَّ أَسْعَى أَو أَكُونَ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً!
وإِنَّ طِيطُسَ نَفْسَهُ الَّذي كَانَ مَعي، وهُوَ يُونَانِيّ، لَمْ يُلْزَمْ بِالخِتَانَة،
بِرَغْمِ الإِخوَةِ الكذَّابِينَ الدُّخَلاء، الَّذِينَ ٱنْدَسُّوا خِلْسَةً لِكَي يتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا، الَّتي نَحْنُ عَلَيْهَا في المَسِيحِ يَسُوع، حَتَّى يَسْتَعْبِدُونَا.
فَمَا ٱسْتَسْلَمْنَا ولا خَضَعْنَا لَهُم ولا سَاعَة، لِكَي تَدُومَ لَكُم حَقِيقَةُ الإِنْجِيل.
أَمَّا الَّذِينَ يُعْتَبَرُونَ مِنَ الأَعْيَان – ومَهْمَا كَانُوا قَبْلاً فَلا يَعْنِينِي، لأَنَّ اللهَ لا يُحَابِي وجُوهَ النَّاس! – فإِنَّهُم لَمْ يَفرِضُوا عَلَيَّ شَيْئًا،
بَل بِالعَكْسِ رَأَوا أَنِّي ٱئْتُمِنْتُ على تَبْشِيرِ غَيرِ المَختُونِين، كَمَا ٱئْتُمِنَ بُطْرُسُ عَلى تَبْشِيرِ المَختُونِين؛
إنجيل القدّيس متّى 17: 10 – 13
سَأَلَ التَّلامِيذُ يَسُوعَ قَائِلِين: «لِمَاذَا يَقُولُ الكَتَبَةُ إِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ إِيلِيَّا أَوَّلاً؟».
فَأَجَابَ وقَال: «أَجَلْ، إِنَّ إِيلِيَّا آتٍ، وَسَيُصْلِحُ كُلَّ شَيء.
وأَقُولُ لَكُم: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ أَتَى، ولَمْ يَعْرِفُوه، بَلْ فَعَلُوا بِهِ كُلَّ مَا شَاؤُوا. وكَذلِكَ ٱبْنُ الإِنسَانِ مُزْمِعٌ أَنْ يَتَأَلَّمَ على أَيدِيهِم».
حينَئِذٍ فَهِمَ التَّلامِيذُ أَنَّهُ حَدَّثَهُم عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان.
التأمّل
”ابنُ الإنسانِ مُزمِعٌ أَن يَتَأَلَّمَ على أَيديهِم“
واقِعُ حَياتِنا البَشَرِيَّة، يُبَيِّنُ لَنا أَنَّنا لا نَستَطيعُ أَن نَهرُبَ مِنَ الأَلَم، فَهوَ جِزءٌ أَساسيٌّ مِنها، وَلَو تَنَوَّعَت وَتَعَدَّدَت أَسبابُهُ، فَهوَ يُلقي بِثِقلِهِ عَلَينا، وَيَفرِض ذاتَهُ بِالقُوَّة، إِنَّهُ يَعني طَبيعَتَنا البَشَرِيَّة، وَكَأَنَّهُ جِزءٌ مِنها مُنذُ تَكوينِها. مِن إِيجابِيَّاتِهِ، أَنَّهُ يَدفَعُنا لِنَبحَثَ وَنَسأَلَ وَنُفَكِّر بِمَعنى وجودِنا بِشَكلٍ جَدّيٍّ وَأَعمَق، وَمِن سَلبِيَّاتِهِ أَنَّهُ يَجعَلُنا نَسأَمُ الحَياةَ وَالوجودَ، إِلى حَدٍّ نَرفُضُ اللهَ مُلقينَ كُلَّ المـَلامَةِ عَلَيه. دائِمًا بِالمـُناسَباتِ نَتَمَنَّى السَّلامَ وَالصّحَّةَ وَالهَناءَ لِأَحِبَّائِنا، وَلَكِنَّنا نَكتَشِفُ أَنَّنا لا نَستَطيعُ أَن نَكونَ أَسياداً حَتَّى على حَياتِنا الشَّخصِيَّة، فَمتى داهَمَنا أَلَمٌ جَسَدِيٌّ أَو مَعنويٌّ، نَفسِيٌّ أَو روحيّ، قَد يَطرَحُنا أَرضاً، لِذَلِكَ عَلَينا أَن نَقبَلَ الآلامَ بالتَّواضُعِ، كَما وَأَنَّ الأَلَمَ يُعَلِّمُنا بِدَورِهِ التَّواضُعَ. لَقَد دَعا يَسوع تَلاميذَهُ لِيَكرِزوا بِمَلَكوتِ اللهِ، وَأَن يُلقوا تَحِيَّةَ السَّلام، وَلَكِنَّهُ في الآنِ عَينِهِ كانَ مُتَأَصّلاً في الواقِع، فَلَم يَكُن يَنظُر إِلى مُستَقبَلِهِ بِنَظرَةٍ وَهمِيَّةٍ، بَل كانَ يَتَوَقَّعُ الإِضطِهادَ وَالمـَوتَ مِنَ المـُؤَشِّراتِ الواضِحَة لَهُ، لَكِنَّهُ كانَ يَرجو.
يَا بُنَيَّ، يَومَ سَمِعتُ قِصَصَ الكِتابِ المـُقَدَّسِ مِن أُمّي العَذراءِ مَريَم، وَيوسُفَ خِطّيبِها، وَحارسي الأَمين، وَبَعدَها تَعَلَّمتهُ كَسائِرِ الأَطفالِ اليَهود، وَجَدتُ فيهِ نَفحَةَ روحيَ القُدُّوس، وَتَدبيرَ أَبي الخَلاصي، فَلَم أَكُن أَمامَ كِتابٍ كَسائِرِ الكُتُب، بَل أَمامَ مِرآةٍ عَكَسَت مِن خِلالِ زُجاجَتِها الَّتي خَصَّت مَصيرَ الأَنبِياء، مِثلَ إِيليّا، إِرميا، وَسِواهُما، أَنَّ حَياتي ما دامَت شَهادَةً صادِقَةً لِلآبِ السَّماويّ وَتَعني خَلاصَ النَّاس، سَتَكونُ عُرضَةً لِلإِضطِهادِ وَللقَتلِ عَلى أَيدي مَن يَسودونَ الشَّعبَ على مُستَوى الدّينِ وَالسّياسَة، وَهذا ما قَد حَصَل. انطِلاقاً مِن هُنا، لَم أَكُن لَحظَةً شَخصاً ديبلوماسيّاً، وَحَكيمًا وَفقَ فِكرِ العالَم، فَلَم أُحابي أَحَداً، بَل على العَكسِ مِن ذَلِكَ صَمَّمتُ بِفَرَحٍ وَتَقوى وَبِمَخافَةٍ لأَبي السَّماويّ أَن أَبقى على نَهجِ الإِستِقامَةِ مُجاهِراً بِالحَقّ، مِن دونِ خَوفٍ أَو تَرَدُّدٍ أَو تَراجُع. لَيسَ هذا وَحَسبُ، بَل لَم أَكِنَّ الضَّغينَةَ لِمَن اضطَهَدوني، وَكُنتُ عالِماً أَنَّهُم سَيَبقَونَ عَلى فَعلَتِهِم حَتَّى التَّخَلُّصَ مِنّي، لا بَل فَهِمتُ طَبيعَتِهِم البَشَرِيَّةَ جَيّداً، وَعَرَفتُ ضِعفَهُم فَشَفَقتُ عَلَيهِم وَأَحبَبتُهُم مِن صَميمِ قَلبي، وَبِهذا كانَت لي الغَلَبَة.
لَم تَسبِق فَقَط كِرازَةُ يوحَنَّا المـَعمَدان، إِعتِلان سِرّ المـَسيح عِندَ عبر الأُردُن، بَل أَيضاً كانَ استِشهادَهُ استِباقًا لاعتِلانِ سِرّ الفِداء الَّذي سَيُحَقِّقَهُ بِسَفكِ دِمائِه. كانَ صَوتُ يوحَنَّا المـَعمَدان زَئيراً في بَرِيَّةِ يهوذا، أَمَّا دَمُهُ فَقَد هَزَّ مَملَكَةَ إِسرائيلَ كُلَّها، وَهَكذا أَعادَ إِلى فِكرِ كُلّ مَن يَبحَثُ عَن عَلاماتِ الأَزمِنَة، أَحداثَ الإِضطِهاداتِ الَّتي حَلَّت بِالأَنبِياءِ الأَوَّلين، وَأَيضاً كانَت إِشارَةً إِلى مَصيرِ يَسوع كَحَمَلِ الله الَّذي سَيَرفَعُ خَطيئَةَ العالَم. أَوضَحَ يَسوعُ هَذِهِ القِراءَةَ لِتَلاميذِهِ بَعدَ حَدَثِ التَّجَلّي مُباشَرَةً، لِكَي يوَطِّدَ إِيمانِهِم متى أَتَت ساعَة المـِحنَة، وَهكذا نَفهَمُ نَحنُ بِدَورِنا، أَنَّنا عِندَ المـِحَنِ وَالتَّجارِب، نَعودُ إِلى إِلهاماتِ الرُّوحِ القُدُس، فَنُدرِكَ أَنَّنا لَسنا لِوَحدِنا، إِنَّما هوَ مَعَنا؛ أَنعِش ذاكِرَتَكَ.
رَبّي يَسوع، لَم تَجزَع وَلَم تَخَف مِنَّ الإِضطِهادِ الَّذي سَيَلحَقُ بِكَ، كَما وَأَنَّكَ لَم تَتَنَكَّر لَهُ، بَل أَعدَدتَ ذاتَكَ لِمُواجَهَتِهِ، بِما فيكَ مِن مَحَبّةٍ وَرَحمَةٍ، لِكَي تَفتَديَنا، وَتُخَلِّصَنا، وَتُحَرِّرَنا، مِنَ المـَوت. فَيا سَيّدي الكُلِّيُّ الطِّيبَةِ وَالرَّحمَةِ وَالمـَحَبَّة، أَسأَلُكَ أَن تَعطيني الحِكمَةَ الَّتي عِندَكَ، وَالمـَحَبَّةَ المـُنبَثِقَةَ مِن قَلبِكَ، مَع ما فيكَ مِن قُوَّةٍ وَشَجاعَة، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أربعاء الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير ”ابنُ الإنسانِ مُزمِعٌ أَن يَتَأَلَّمَ على أَيديهِم“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!