موقع Allah Mahabba ثلاثاء الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 8: 1 – 9
يا إخوَتِي، نُعْلِمُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، بِنِعْمَةِ ٱللهِ الَّتي وُهِبَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ في كَنَائِسِ مَقْدُونِيَة:
فإِنَّهُم مَعَ كَثْرَةِ الضِّيقَاتِ الَّتي ٱمْتُحِنُوا بِهَا، فَاضَ فَرَحُهُم، وتَحَوَّلَ فَقْرُهُمُ ٱلشَّدِيدُ إِلى غِنًى بِفَضْلِ سَخَائِهِم.
وأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُم، عَلى قَدْرِ طَاقَتِهِم، بَلْ فَوقَ طَاقَتِهِم، ومِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِم،
سَأَلُونَا بِإِلْحَاحٍ شَدِيدٍ نِعْمَةَ المُشَارَكَةِ في الخِدْمَةِ لإِعَانَةِ القِدِّيسِين.
ولَقَدْ عَمِلُوا أَكْثَرَ مِمَّا كُنَّا نَرْجُو، فَبَذَلُوا أَنْفُسَهُم لِلرَّبِّ أَوَّلاً، ثُمَّ لَنَا بِمَشِيئَةِ ٱلله؛
لِذلِكَ طَلَبْنَا إِلى طِيطُسَ أَنْ يُكَمِّلَ عِنْدَكُم تِلْكَ النِّعْمَةَ كَمَا بَدَأَهَا.
وكَمَا تَزْدَادُونَ في كُلِّ شَيْء، في الإِيْمَان، والكَلِمَة، والمَعْرِفَة، والٱجْتِهَاد، والمَحَبَّةِ الَّتي أَوْدَعْنَاكُم إِيَّاهَا، فَلَيْتَكُم تَزْدَادُونَ أَيْضًا في تِلْكَ النِّعْمَة!
ولا أَقُولُ ذلِكَ عَلى سَبِيلِ الأَمْر، ولكِنِّي بِٱجْتِهَادِ غَيْرِكُم أَخْتَبِرُ صِدْقَ مَحَبَّتِكُم.
وأَنْتُم تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلمَسِيح: فإِنَّهُ، وهوَ الغَنِيُّ، قَدِ ٱفْتَقَرَ مِنَ أَجْلِكُم، لِتَغْتَنُوا أَنْتُم بِفَقْرِهِ.
إنجيل القدّيس متّى 23: 1 – 12
كَلَّمَ يَسُوعُ الجُمُوعَ وتَلامِيْذَهُ
قَائِلاً: «على كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّون.
فَٱعْمَلُوا بِكُلِّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُم وٱحْفَظُوه، ولكِنْ مِثْلَ أَعْمَالِهِم لا تَعْمَلُوا. فَهُم يَقُولُونَ ولا يَعْمَلُون.
إِنَّهُم يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَة، ويَضَعُونَها عَلى أَكْتَافِ النَّاس، وهُم لا يُرِيْدُون أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبَعِهِم.
وجَمِيْعُ أَعْمَالِهِم يَعْمَلُونَها لِيَرَاهُمُ النَّاس: يُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُم، ويُطَوِّلُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِم،
ويُحِبُّونَ مَقَاعِدَ الشَّرَفِ في الوَلائِم، وصُدُورَ المَجَالِسِ في المَجَامِع،
والتَّحِيَّاتِ في السَّاحَات، وأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ : رَابِّي!
أَمَّا أَنْتُم فلا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُم أَحَدٌ: رَابِّي! لأَنَّ مُعَلِّمَكُم وَاحِد، وَأَنْتُم جَمِيعُكُم إِخْوَة.
ولا تَدْعُوا لَكُم على الأَرْضِ أَبًا، لأَنَّ أَبَاكُم وَاحِد، وهُوَ الآبُ السَّمَاوِيّ.
ولا تَقْبَلُوا أَنْ يَدْعُوَكُم أَحَدٌ مُدَبِّرين، لأَنَّ مُدَبِّرَكُم وَاحِد، وهُوَ المَسِيح.
وَلْيَكُنِ الأَعْظَمُ بَينَكُم خَادِمًا لَكُم.
فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يُوَاضَع، ومَنْ يُوَاضِعْ نَفْسَهُ يُرْفَع.
التأمّل
”فَهُم يَقولون وَلا يَعمَلون“
يَبقى الشّعرُ شِعراً، وَالنَّثرُ يَبقى نَثراً، وَيَبقى الكَلامُ بِاستِطاعَتِهِ أَن يَنقُلَ لَنا صوَراً جَميلَةً، إِنَّما تَبقى طَبيعَتُها مِن نَسجِ الخَيالِ، وَتَشبيهاً يُحاكي الواقِع وَلا يَتَطابَق مَعَهُ. لا تَقومُ الحَياةُ على الكَلامِ هيَ تَعني العَمَل، فَكُلُّ فِكرَةٍ أَو كَلِمَةٍ لا تَتَّصِلُ بِعَمَلٍ جَيِّدٍ وَصالِحٍ تَبقى بِلا جَدوى وَلا ثَمَر، فيما المـَطلوبُ كَلاماً يَأخُذُ كَلِماتُهُ وَجُملَهُ مِنَ الواقِعِ. انطِلاقاً مِمَّا قُلناهُ، نَفهَمُ أَهَمِّيَّةَ سِرَّ التَّجَسُّدِ في حَياتِنا، وَالجَواب الَّذي أَغدَقَهُ عَلَينا كَفِعلِ تَأكيدٍ على مَحَبَّةِ اللهِ لَنا الصَّادِقَة، المـَلموسَة وَالمـُدرَكَة. فَكُلُّ مَن يَسأَل كَيفَ أَتَأَكَّدُ مِن أَنَّ اللهَ يُحِبُّني، فَقَط لِأَنَّهُ خَلَقَني؟ الجَوابُ في التَّجَسُّدِ، يُثبِتُ أَنَّنا خُلِقنا لِأَنَّهُ أَحَبَّنا أَوَّلاً، وَلِماذا لِنَصيرَ أَشباهَهُ، باقتِدائِنا بِالكَلِمَة الذَّي صارَ جَسَداً. ميزَةُ القِدّيسينَ، لَيسَ أَنَّهُم مُعَمَّدينَ وَيَنتمونَ إِلى الكَنيسَةِ، بَل هُم عاشوا سِرَّ المـَسيح في حَياتِهِم، فَكانَت كَلِماتُهُ بِمَثابَةِ وَصايا مُقَدَّسَة حَفِظوها وَاختَبَروها، فَأَثمَرَت قَداسَتُهُ فيهِم وَأَصبَحوا إِشعاعاً نورانيّاً، يَعكِسُ حُضورَهُ الحَيّ وَالفاعِل بِأَعمالِههِم المـُقَدَّسَة.
يَا بُنَيَّ، ما تَنتَظِرَهُ مِنَ الآخَرينَ، وَالآخَرونَ يَنتَظِرونَهُ مِنكَ هوَ العَمَل لا الكَلام. أُنظُر وَتَأَمَّل في بِداياتِ مَسيرَةِ حَبيبَينِ أَو عَشيقَين، كِلا الطَّرَفَينِ يَنتَظِرُ مِنَ الآخَرِ، فِعلاً يُثبِتُ لَهُ المـَحَبَّة الَّتي سَمِعَهَا بِأَلفاظٍ وَكَلِماتٍ، وَحَمَلَت إِلَيهِ صوَراً جَميلَةً عَن الحُبّ وَالحَياة. إِذا أَرَدتَ أَن تَفهَمَ نَقمَةَ النَّاسِ على رِجالِ الدّين تَستَطيعُ أَن تَجِدَ لَها جَواباً انطِلاقاً مِنَ التَّشبيهِ نَفسُه، فَالمـُؤمِنونَ يَنتَظِرونَ شُهوداً حَقيقيّينَ يَعيشونَ الإِنجيلَ في حَياتِهِم، وَلا يَطلُبونَ مُفَسّرينَ وَمُعَلِّمينَ فُقَهاءَ في شَرحِ كَلامَ الله، بَل عَيشُهُ، كَيما بِدَورِهِم، يَتَوَطَّدونَ بِعَيشِ إِيمانِهِم. ماذا يَنفَعُ الشَّعبَ إِذا سَمِعوا لِعِظَةِ كاهِنٍ كَلِماتُهُ نارِيَّة، وَأَفعالُهُ سَوداوِيَّة، وَالكاهِنُ بِدَورِهِ، ماذا يَنتَفِعُ إِن مُدِحَ بِكَلِماتٍ مَعسولَةٍ حَولَ تَعليمِهِ وَتَدبيرِه، وَوَعظِهِ الجَميل، فيما أَفعالَهُ مُعاكِسَةً تَماماً لِكُلِّ كَلِمَةٍ مُقَدَّسَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِهِ. أَنَسِيَ ما قيلَ بِهذا الصَّدَد: بِكَلامِ فَمِكَ أَدينُكَ؟ إِذا كُنتَ تَتَأَلَّمُ مِن هذا الشِّقاقِ الحاصِلِ في الكَنيسَةِ وَفي المـُجتَمَعِ وَالبَيتِ الواحِد وَالإِنسانَ في حَدِّ ذاتِهِ، لا تَدَع نَفسَكَ تَبلُغُ قَعرَ الهُوَّة بَل اسعَ لِتَكونَ صادِقاً، فَقَبلَ الكَلامِ سَل نَفسكَ إِذا كُنتَ مُستَعِدّاً للأَعمال.
لَقَد حَذَّرَ الرَّبَّ يَسوع مِرارًا تَلاميذَهُ وَأَيضاً الجُموعَ مِن رِياءِ مُعَلِّمي الشَّريعَةِ وَالكَتَبَةِ وَالفَرّيسيّين، مُبَيِّناً المـُشكِلَة الكامِنَة بِما يَفعَلون، إِذ يَتَكَلَّمونَ بِما لا يُؤمِنون، وَيُطالِبونَ بِما لا يَفعَلون، وَيَتَصَرَّفونَ على عَكسِ ما يَعتَقِدون، وَهذا ما يُسَمَّى بِشَكلٍ ما شَهادَةَ زور. لَقَد فَصَلَ يَسوعُ بَينَ ما يَأتونَ بِهِ مِن كَلامٍ صالِحٍ، وَأَفعالِهِم الطَّالِحَة، وَبِالتَّالي مَعَ هذا الفَصل بَيَّنَ أَنَّنا باستِطاعَتِنا أَن نَعرِفَ الخَيرَ وَلَكِن يَصعُبُ عَلَينا فِعلُهُ، وَهُنا يَتَرَتَّبُ عَلَينا انطِلاقاً مِن اكتِشافِنا لِهَذِهِ التَّجرُبَة أَن نَسعى لتَوحيدِ القَلبِ، حَتَّى تُصبِح شَهادَةُ حَياتِنا أَكثَر مُتَلائِمَة مَعَ عَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ فينا. تَمَيَّزَ يَسوعُ بِتَعليمِهِ ذاتُ السُّلطان، بِخَتمِ أَعمالِهِ الصَّالِحَة، وَلِكَي تَكونَ أَقوالُكَ صادِقَة، أمهُرها بِأَعمالٍ صالِحَة تَمجيدًا لله.
رَبّي يَسوع، أَنتَ المـُعَلِّمُ الصَّالِح، وَراعي نَفسي الوَحيد. كُلّ ما قُلتُهُ لي، كان لي روحاً وَحَياةً، وَكُلّ ما صَنَعتَهُ مِن أَجلي، أَثبَتَ لي عَظَمَةَ مَحَبَّتِكَ اللَّامُتَناهِيَةَ تُجاهي، فَعَرَفتُكَ أَنَّكَ الشَّاهِدُ الأَمينُ الصَّادِق، الَّذي لا تَتَوانى عَن إِعطائي ذاتَكَ في القُربان، لِكَي أَعرِفَكَ وَأُحِبَّكَ وَأَعبُدَك، فَأَصيرَ شَبيهًا بِكَ وَفقًا لِكَينونَتي بِالقَولِ وَالعَمَل، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة ثلاثاء الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير”فَهُم يَقولون وَلا يَعمَلون“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!