موقع Allah Mahabba إثنين الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى طيموتاوس 4: 9 – 16
يا إخوَتِي، صادِقَةٌ هيَ الكَلِمَةُ وجَدِيرَةٌ بِكُلِّ قَبُول:
إِنْ كُنَّا نَتْعَبُ ونُجَاهِد، فذلِكَ لأَنَّنَا جَعَلْنَا رجَاءَنا في اللهِ الحَيّ، الذي هُوَ مُخلِّصُ النَّاس أَجْمَعِين، ولا سِيَّمَا المُؤْمِنِين.
فأَوْصِ بِذلكَ وعَلِّمْهُ.
ولا تَدَعْ أَحَدًا يَسْتَهِينُ بِحَداثَةِ سِنِّكَ، بَلْ كُنْ مِثَالاً للمُؤْمِنِين، بِالكَلام، والسِّيرَة، والمَحَبَّة، والإِيْمَان، والعَفَاف.
وَاظِبْ عَلى إِعْلانِ الكَلِمَةِ والوَعْظِ والتَّعْلِيم، إِلى أَنْ أَجِيء.
لا تُهْمِلِ المَوْهِبَةَ الَّتي فِيك، وقَد وُهِبَتْ لَكَ بالنُّبُوءَةِ معَ وَضْعِ أَيْدِي الشُّيُوخِ عَلَيك.
إِهْتَمَّ بِتِلْكَ الأُمُور، وكُنْ مُواظِبًا عَلَيهَا، لِيَكُونَ تَقَدُّمُكَ واضِحًا لِلجَمِيع.
إِنْتَبِهْ لِنَفْسِكَ وَلِتَعْلِيمِكَ، وَٱثْبُتْ في ذلِك. فإِذا فَعَلْتَ خَلَّصْتَ نَفسَكَ والَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ.
إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 21 – 27
قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا أَمْضِي، وتَطْلُبُونِي وتَمُوتُونَ في خَطِيئَتِكُم. حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَأَخَذَ اليَهُودُ يَقُولُون: «أَتُراهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ فَإِنَّهُ يَقُول: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا!».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «أَنْتُم مِنْ أَسْفَل، وأَنَا مِنْ فَوْق. أَنْتُم مِنْ هذَا العَالَم، وأَنَا لَسْتُ مِنْ هذَا العَالَم.
لِذلِكَ قُلْتُ لَكُم: سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم. أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم».
فَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ، مَنْ أَنْت؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا هُوَ مَا أَقُولُهُ لَكُم مُنْذُ البَدء.
لِي كَلامٌ كَثِيرٌ أَقُولُهُ فِيكُم وأَدِينُكُم. لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي صَادِق. ومَا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَم».
ولَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الآب.
التأمّل
”أَنا لَستُ مِن هذا العالَم“
عِندَما نَلتَقي بِأَحَدٍ لَيسَ مِن بيئَتِنا القَريبَةِ وَالخاصَّة، أَي غَريبًا على مُستَوَياتٍ شَتَّى، لَيسَ مِن مِنطَقَتِنا، وَلا مِن دينِنا وَطائِفَتِنا وَمَذهَبِنا، وَلا يَنتَمي إِلى وَطَنِنا وَلا إِلى لُغَّتِنا وَثَقافَتِنا وَأَفكارَهُ لا تُشبِهُنا، نَكتَشِفُ اختِلافاتٍ عَديدَة وَمُتَنَوِّعَة، فَمِن جِهَةٍ تُعَزِّزُ فَرادَةَ شَخصِيَّتِنا، وَمِن جِهَةٍ أُخرى تُبرِزُ المـُمَيَّزَ في شَخصِيَّةِ الَّذي نَلتَقيهِ. وَحدَها هَذِهِ اللِّقاءات، وَإِن حَمَلَت في طَيَّاتِها شَيئًا مِنَ الخَوف، فَهيَ أَيضاً تَحمِلُ لَنا الكَثيرَ مِنَ الأُمورِ الإِيجابِيَّة الَّتي تَحُثُّنا عَلى أَمرَين: الإِكتِشاف، وَالإِنفِتاح. في الأَوَّل يَأخُذُ الإِكتِشافُ مَكانَتَهُ مِن عَن طَريقِ بابِ الدَّهشَةِ الَّذي يَجعَلُنا نَشعُرُ بِالحَياةِ على ضَوءِ مَشاعِرَ جَديدَةٍ وَأَفكارٍ جَديدَةٍ وَتَطَلُّعاتٍ جَديدَة، نَجِدُ مَعَها آمالاً تَجعَلُنا بِشَكلٍ ما نولَدُ مِن جَديدٍ. أَمَّا الإِنفِتاحُ يَتَحَقَّقُ مَع قَرارِنا التَّجاوبَ وَالتَّفاعُلَ مَعَ الجَديدِ الَّذي اكتَشَفناه، بِحَيثُ يَغدو انفِتاحُنا مَسأَلَةَ مُشارَكَة بِالأَخذِ وَالعَطاء. في قَولِ الرَّبَّ يَسوع لَنا، أَنَّهُ لَيسَ مِن هذا العالَم، نَحنُ مَدعوُّونَ لِنَكتَشِفَهُ وَنَنفَتِح عَلَيهِ.
يَا بُنَيَّ، في بَعضِ الأَحيان، تَشعُرُ أَنَّ النَّاسَ لا يَفهَموكَ، وَأَنَّكَ غَيرَ مَقبولٍ وَمَرفوضًا مِنهُم، لِأَسبابٍ تَعرِفُها وَلِأُخرى لا تُدرِكُها، إِلى حَدٍّ تَجِدُّ ذاتَكَ وَحيدًا، مَقطوعًا عَن عالَمِكَ وَكَأَنَّك تُقيمُ في جَزيرَةٍ مَعزولَةٍ عَن الجَميع. مَعَ هَذِهِ الحالَة، عَلَيكَ أَن تَتَأَمَّلَ حَياتي، كَيفَ عِشتُ في التَّاريخِ إِنسانِيَّتَكَ، وَكَيفَ أَتَيتُ إِلى خاصَّتي وَلَم تَقبَلني، إِلى حَدٍّ نُعِتُّ بِفاقِدِ الرُّشدِ وَرُغمَ كُلّ هذا، لَم أَعزِل ذاتي عَنهُم أَبَدًا، بَل كانَ هَمَّي وَرَغبَتي عَلَيهِم، أَن يَعرِفوا مَشيئَةَ الآبِ وَأَنَّهُم مَحبوبينَ مِنِّي، وَقَد جِئتُ لِأَفتَديهِم. الصَّدَّ الَّذي واجَهتُه في حَياتي، جَعَلَني أُظَهِّرُ هُوِيَّتي المـُختَلِفَة تَماماً عَن سَيِّدِ هذا العالَم، وَأَنَّني خَرَجتُ مِن لَدُنِ اللهِ وَإِلَيهِ أَعودُ، لِهذا السَّبَبِ جاهَرتُ عَلنًا وَبِتَكرارٍ: أَنَّني لَستُ مِن هذا العالَم. في قَولي هذا قَصَدتُ أَن يَكونَ لِسامِعِيَّ مَوقِفَ الإِكتِشافِ وَالإِنفِتاح انطِلاقاً مِن أَقوالي الَّتي سَمِعوها، وَمِن أَفعالي الَّتي شاهَدوها، حَتَّى إِذا رَغِبوا في مَعرِفَتي على مُستَوى مَن أَكون، لا على ما هُم يَظُنُّونَ وَيَتَصَوَّرون، تَمَكَّنوا مِن أَن يَكونوا مَعي مِن أَهلِ المـَلَكوتِ، لا مِن أَبناءِ هذا العالَم فَيَتَحَرَّرونَ مِن سُلطانِهِ وَشَرِّهِ الشَّديد، لِذا كُن مُصغِياً لِروحي القُدّوس.
في إِنجيلِ يوحَنَّا، عِندَما يَتَكَلَّمُ الرَّبَّ يَسوع، عَن مُضيهِ وَخُروجِهِ مِن هذا العالَم، يَتَكَلَّمُ عَن عَودَتِهِ إِلى المـَجدِ الَّذي كانَ لَهُ لَدى أَبيهِ، مُنذُ إِنشاءِ العالَم، وَهُنا يُوَجِّهُ رِسالَةً واضِحَةً لِسامِعيهِ، لِتَلَقُّفِ الدَّعوَة لِيَلتَقوا بِهِ الآنَ، إِنَّها الفُرصَةُ المـُتاحَة، فَالتَّأجيلُ لا يُجدي نَفعاً، وَالأَحكامُ المـُسبَقَةُ تُحَطِّمُ الرُّؤيَةَ الصَّحيحَة، لِذَلِكَ لِكَي يَتَمَكَّنوا مِنَ الإِستِفادَةِ مِن حاضِرِهم، عَلَيهِم بِالإِكتِشاف وَالإنفِتاح، حَتَّى تَنموَ فيهِم نِعمَةَ الإِيمان، فَيَعرِفوه، وَهَكذا يَتَمَكَّنوا مِن مَعرِفَةِ أُصولِهِم وَغايَةَ وجودِهِم. نَحنُ اليَومَ على ضَوءِ القِيامَة، أَصبَحَ أَكيدًا لَنا أَنَّ الرّبَّ يَسوع لَيسَ مِن هذا العالَم، وَأَنَّنا بِدَورِنا لَسنا مِنهُ إِن سَمَحنا لَهُ أَن يَعيشَ فينا. لِيَكُن لَدَيكَ مَوقِفَ الإِستِفادَةِ مِن حاضِرِكَ حَتَّى تَعرِفَ الرَّبَّ أَكثَر.
رَبّي يَسوع، يا تَعزِيَتي الوَحيدَةِ في لَحَظاتِ وَحدَتي، وَيا بَلسَمَ جِراحي الوَحيد، في مَحَطَّاتِ رَفضي وَاضطِهادي. أَنتَ الَّذي جاهَرتَ مِراراً أَنَّكَ لَستَ مِن هذا العالَم، وَنَبَّهتَني مِن روحِ الخَطيئَةِ وَالشَّرِّ لِئَلاَّ أَنزَلِقَ في انتِماءٍ زائِفٍ لِهذا العالَم، فَأَرجوكَ رَبّي ضُمَّني إِلى صَدرِكَ حَتَّى أَشعُرَ بِحَنانِكَ وَمَحَبَّتِكَ فَأَزدادَ رَغبَةً وَإِصرارًا على طَلَبِ مَلَكوتِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة إثنين الأُسبوع الثّالث من الصّوم الكبير”أَنا لَستُ مِن هذا العالَم“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!