موقع Allah Mahabba أربعاء الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 23: 19 – 27
يا إخوَتِي، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَقُولُهُ الشَّرِيعَةُ تَقُولُهُ لِلَّذِينَ هُم في حُكْمِ الشَّرِيعَة، لِكَي يُسَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَظْهَرَ العَالَمُ كُلُّهُ أَمَامَ اللهِ مُذْنِبًا.
لِذلِكَ لَنْ يُبَرَّرَ أَحَدٌ أَمَامَ اللهِ بِأَعْمَالِ الشَّرِيعَة، لأَنَّهَا بِالشَّرِيعَةِ تُعْرَفُ الخَطيئَة.
أَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ الله بِدُونِ الشَّرِيعَةِ، وَتَشْهَدُ لَهُ الشَّرِيعَةُ والأَنْبِيَاء؛
ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِالإِيْمَانِ بِيَسُوعَ المَسيح، لِجَميعِ المُؤْمِنِين، دُونَ تَمْيِيز؛
لأَنَّ الجَمِيعَ قَدْ خَطِئُوا، ويَنْقُصُهُم مَجْدُ الله،
لكِنَّهُم يُبَرَّرُونَ مَجَّانًا بِنِعْمَةِ الله، بِالفِدَاءِ الَّذي تَمَّ في المَسِيحِ يَسُوع؛
وقَدْ جَعَلَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِدَمِهِ بِوَاسِطَةِ الإِيْمَان، وَبِذلِكَ أَظْهَرَ اللهُ بِرَّهُ، إِذْ تَغَاضَى عَنِ الخَطَايَا السَّالِفَة،
وٱحْتَمَلَهَا، فَأَظْهَرَ بِرَّهُ أَيْضًا في الوَقْتِ الحَاضِر، لِكَي يَكُونَ اللهُ بَارًّا وَمُبَرِّرًا لِمَنْ هُمْ عَلى الإِيْمَانِ بِيَسُوع.
إِذًا فَأَيْنَ ٱلٱفْتِخَار؟ لَقَدْ أُلْغِيَ! وَبِأَيِّ شَرِيعَة؟ أَبِشَرِيعَةِ ٱلأَعْمَال؟ كَلاَّ! بَلْ بِشَرِيعَةِ ٱلإِيْمَان!
إنجيل القدّيس متّى 12: 38 – 45
أَجَابَ بَعْضُ الكَتَبَةِ والفَرِّيِسِيِّينَ يَسوعَ قَائِلين: «يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَة».
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «جِيْلٌ شِرِّيرٌ فَاجِرٌ يَطْلُبُ آيَة، ولَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيّ.
فكَمَا كَانَ يُونَانُ في بَطْنِ الحُوتِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ وثَلاثَ لَيَال.
رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ ويَدِينُونَهُ، لأَنَّهُم تَابُوا بِإِنْذَارِ يُونَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَان!
مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ هذَا الجِيلِ وتَدِينُهُ، لأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان!
إِنَّ الرُّوحَ النَّجِس، إِذَا خَرَجَ مِنَ الإِنْسَان، يَطُوفُ في أَمَاكِنَ لا مَاءَ فيهَا، يَطْلُبُ الرَّاحَةَ فلا يَجِدُهَا.
حينَئِذٍ يَقُول: سَأَعُودُ إِلى بَيْتِي الَّذي خَرَجْتُ مِنْهُ. ويَعُودُ فَيَجِدُهُ خَالِيًا، مَكْنُوسًا، مُزَيَّنًا.
حينَئِذٍ يَذْهَبُ ويَجْلُبُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنْهُ شَرًّا، ويَدْخُلُونَ ويَسْكُنُونَ في ذلِكَ الإِنْسَان، فَتَكُونُ حَالَتُهُ الأَخِيْرَةُ أَسْوَأَ مِنْ حَالَتِهِ الأُولى. هكَذَا سَيَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الجِيلِ الشِّرِّير!».
التأمّل
”كَذَلِكَ سَيَكونُ ابنُ الإِنسان في قَلبِ الأَرضِ ثَلاثَة أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيالِ“
تَعرُضُ العُلومُ الإِنسانِيَّة عَلى المـَنحى التَّربَويّ، بُعد الإِيجابِيَّة، وَلَكِن بِبَعضِ الأَحيان تَغفَلُ الواقِعِيَّة الَّتي بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّاتِ يَحدُثُ فيها أُمورًا طارِئَةً، وَغَيرَ مُتَوَقَّعَةٍ، وَلا تَأتي بِالحِسبان، إِلَّا لِأَنَّ هُناكَ أَحداثًا في التَّاريخِ وَشَمَت خَتمَها فيهِ بِشَكلٍ مُمَيَّز. انطِلاقاً مِن هُنا، نُلاحِظُ في تَعليمِ يَسوع الجَمعَ بَينَ الإِيجابِيَّة القائِمَة على الإِيمانِ بِحُضورِ اللهِ وَعَمَلِ روحِهِ وَعِنايَتِهِ، وَأَيضاً الإِستِعدادَ وَالجُهوزِيَّةَ وَالحَذَرَ المـُتَأَتِّينَ مِن حِكمَةِ اللهِ، الَّتي تُنذِرُ بِالسَّيّء لا خَوفًا مِنهُ، بَل لِتَجَنُّبِهِ وَللإِنتِصارِ على روحِ الشَّرّ. كُلُّ إِنسانٍ يَتَطَلَّعُ إِلى مُستَقبَلِهِ وَيُريدُهُ أَن يَكونَ بِالشَّكلِ الأَفضَل، وَمِن أَجلِ بُلوغِ الأَفضَل، يُستَحسنُ بِنا أَن نَعرِضَ أَمامَنا وَنَتَوَقَّع الأَسوَء، لِنَسأَلَ أَنفُسَنا بِصِدقٍ: إِذا وَصَلتُ إِلى تِلكَ الحالَة، وَإِلى ذاكَ الظَّرف، كَيفَ عَلَيَّ أَن أَتَصَرَّف، ما هوَ المـَوقُف الَّذي مِنَ المـُمكِن أَن أَتَّخِذَهُ، وَهَل لَدَيَّ الإِستِعداد لِلمـُواجَهَة أَو لِلتَّأَقلُم؟! بِقَدَرِ ما نَقرُبُ مِنَ الجَواب، نُصبِح أَحرارًا أَكثَر. هذا ما وَضَعَهُ يَسوع نُصبَ عَينَيهِ فَكانَ دائِمَ الإِستِعداد.
يَا بُنَيَّ، في وَقتٍ صَنَعتُ فيهِ العَديدَ مِنَ الآياتِ، لِكَي يُؤمِنَ مَن ائتُمِنوا عَلى الشَّريعَةِ وَكانَ لَدَيهِم كُلّ إِرثِ تَدبيرِ أَبي الخَلاصيّ في التَّاريخِ، وَتَقاليد الآباء الأَقدَمين، طَلَبوا مِنّي مَزيدًا مِنَ الآيات، وَعَلى طَلَبِهِم هذا، أَنبَأتُهُم بِما كانَ قَد كُتِبَ في شَأني في الأَسفارِ المـُقَدَّسَة عَلَّهُم يَتَّعِظون، فَأَبدَوا ما كُتِبَ في شَأنِهِم: “لَهُم عُيونٌ وَلا يُبصِرونَ، وَلَهُم آذانٌ وَلا يَسمَعونَ” لِكَي يُؤمِنوا، فَظَلَّوا مُتَمَسِّكينَ بِعِنادٍ شَرِسٍ بِأَفكارِهِم السَّوداوِيَّة، وَلَم يَسمَحوا لا لِنورِ كَلِمَتي يَدخُلُ قُلوبِهِم، وَلا لِنورِ أَفعالي يَلمسُ كِيانِهِم. ما ذَكَّرتُهُم فيهِ مِن نُبُؤاتٍ تُشيرُ إِلى فِصحي مِن مَوتٍ وَقِيامَة، كانَ في الوَقتِ عَينِهِ دَعوَةً لَهُم لِيَعيشوا باستِقامَةِ التَّوبَة، الَّتي إِن عاشوها، يَكونوا هُم أَنفُسِهِم خَرَجوا مِنَ المـَوتِ إِلى الحَياةِ، مِن الإِنسانِ القَديمِ إِلى الإِنسانِ الجَديد، وَبِالتَّالي يَكونون حَقّاً قَد عَشوا الفِصحَ آبائِهِم الَّذينَ خَرَجوا مِن أَرضِ مِصرَ لِيَقطَعوا البَحرَ وَهُم مُنشِدينَ نَشيدَ النَّصر. باستِطاعَتِكَ أَن تَتَعَلَّمَ الكَثيرَ مِن اعتِراضِ الكَتَبَة وَالفَرّيسيّين على ما قُلتُهُ لَهُم، وَهذا ما يَحصُلُ مَعَكَ بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات؛ إِنَّ الأَحكامَ المـُسبَقَة تُعمي العُيون وَتَسُدُّ الآذان، لِيَبقى الحُكمُ سائِداً.
يُطرَحُ السُّؤالُ لِماذا طَلَبَ الكَتَبَةُ وَالفَرّيسيّونَ مِن يَسوع آيَةً؟ وَلِماذا أَتى رَدَّهُ ذو وَجهَين: مِن جِهَةٍ يُجيبُ وَفقًا للنُّبُؤاتِ، وَمِن جِهَةٍ أُخرى يَبدو قاسِياً إِذ يَصِفَهُم بِجيلٍ فاسِق؟ انطِلاقًا من استِشهادِهِ الكِتابيّ نَفهَم أَنَّ ما يُعطيهِم إِيَّاهُ لَن يُفهَم خارِجَ التَّوبَة، وَمَعناه جُهوزِيَّة قَبول عَلاماتِ اللهِ وَدَعوَتِهِ لِلخَلاص، أَمَّا مَن يَنتَظِرُ الآياتِ فَقَط لِيَتَفَحَّصَها وَيَنتَقِدَها، فَيكونُ قَد جَعَلَ مِن ذاتِهِ مُشتَرِعاً لا باحِثًا عَن مَعرِفَةِ الحَقّ. يُؤَكِّدُ طَلَبُ الكَتَبَة وَالفَرّيسيّينَ على عَدَمِ الإِيمانِ بِكُلّ ما كانَ قَد صَنَعَهُ الرَّبّ وَالمـَزيدُ يُريدونَهُ وَفقاً لِأَحكامِهِم الذَّاتِيَّة لا المـَوضوعِيَّة وَالمـَذكورَة بِالأَسفارِ المـُقَدَّسَة، فَأَتى رَدُّ يَسوعَ مِنَ الكِتابِ واضِحاً وَحاسِماً عَلَّهُم يُؤمِنون. لا تَكُن مُشَكِّكًا مُرتاباً بَل باحِثاً بِإِيمان.
رَبّي يَسوع، لَم تَكُن قِراءَتُكَ لِلأَسفارِ المـُقَدَّسَةِ، مُطالَعَةً وَبَحثاً عَن مَعلوماتٍ وَمَعرِفَةٍ لِتَقتَني حُسنَ الوَعظِ وَالكَلام، بَل كانَت بَحثاً عَن مَشيئَةِ أَبيكَ السَّماويّ، فَقَرَأت فيهِ رَغبَةَ قَلبِكَ المـُقَدَّسَة، وَكانَ استِعدادُكَ لِتَتميمِ مَشيئَةِ الآب، تُعيدَ تَذكيرَ ذاتَكَ بِهِ، مِن خِلالِ استِشهادِكَ بِكُلِّ ما ذُكِرَ عَنكَ. فَيا أَيُّها الكَلِمَة هَبني نِعمَتَكَ هَذِهِ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أربعاء الأُسبوع الثّاني من الصّوم الكبير”كَذَلِكَ سَيَكونُ ابنُ الإِنسان في قَلبِ الأَرضِ ثَلاثَة أَيَّامٍ وَثَلاثَ لَيالِ“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!