موقع Allah Mahabba سبت أسبوع تذكار المـوتى المـُؤمنين
رسالة القدّيس بولس الأولى إلى أهل قورنتس 15: 51 – 58
يا إخوَتِي، هَا إِنِّي أَكْشِفُ لَكُم سِرًّا: لَنْ نَرْقُدَ جَمِيعُنا، بَلْ جَمِيعُنا سَنَتَحَوَّل،
في لَحْظَةٍ، في طَرْفَةِ عَيْن، عِنْدَ البُوقِ الأَخِير؛ لأَنَّهُ سَيُهْتَفُ بِالبُوق، فَيَقُومُ الأَمْوَاتُ بِغَيْرِ فَسَاد، ونَحْنُ سَنَتَحَوَّل.
فَلا بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ هذَا الفَاسِدُ عَدَمَ الفَسَاد، ويَلْبَسَ هذَا المَائِتُ عَدَمَ المَوْت !
وحِينَ يَلْبَسُ هذَا الفَاسِدُ عَدَمَ الفَسَاد، ويَلْبَسُ هذَا المَائِتُ عَدَمَ المَوْت، حِينَئِذٍ تَتِمُّ الكَلِمَةُ المَكْتُوبَة: «لَقَدِ ٱبْتُلِعَ المَوْتُ في الغَلَبَة!
أَيْنَ غَلَبتُكَ، يَا مَوْت؟ يَا مَوْتُ، أَيْنَ شَوْكَتُكَ ؟».
إِنَّ شَوْكَةَ المَوْتِ هِيَ الخَطِيئَة، وقُوَّةَ الخَطِيئَةِ هِيَ الشَّرِيعَة.
فَالشُّكْرُ للهِ الَّذي يُعْطِينَا الغلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح!
إِذًا، يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاء، كُونُوا رَاسِخِين، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِين، مُتَقَدِّمِينَ عَلَى الدَّوَامِ في عَمَلِ الرَّبّ، عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُم لَيْسَ بِبَاطِلٍ أَمَامَ الرَّبّ.
إنجيل القدّيس لوقا 12: 49 – 59
قالَ الربُّ يَسوع: «جِئْتُ أُلْقِي عَلَى الأَرْضِ نَارًا، وَكَمْ أَوَدُّ لَوْ تَكُونُ قَدِ ٱشْتَعَلَتْ!
وَلي مَعْمُودِيَّةٌ أَتَعَمَّدُ بِهَا، وَمَا أَشَدَّ تَضَايُقِي إِلى أَنْ تَتِمّ!
هَلْ تَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ أُحِلُّ في الأَرْضِ سَلامًا؟ أقُولُ لَكُم: لا! بَلِ ٱنْقِسَامًا!
فَمُنْذُ الآنَ يَكُونُ خَمْسَةٌ في بَيْتٍ وَاحِد، فَيَنْقَسِمُون: ثَلاثةٌ عَلَى ٱثْنَيْن، وٱثْنَانِ عَلى ثَلاثَة!
يَنْقَسِمُ أَبٌ عَلَى ٱبْنِهِ وٱبْنٌ عَلَى أَبِيه، أُمٌّ عَلَى ٱبْنَتِهَا وٱبْنَةٌ عَلَى أُمِّهَا، حَمَاةٌ عَلَى كَنَّتِها وَكَنَّةٌ عَلَى حَمَاتِها!».
وَقَالَ أَيْضًا لِلْجُمُوع: «مَتَى رَأَيْتُم سَحَابَةً تَطْلُعُ مِنَ المَغْرِب، تَقُولُونَ في الحَال: أَلمَطَرُ آتٍ! فَيَكُونُ كَذلِكَ.
وَعِنْدَمَا تَهُبُّ رِيحُ الجَنُوب، تَقُولُون: سَيَكُونُ الطَّقْسُ حَارًّا! ويَكُونُ كَذلِكَ.
أَيُّهَا المُرَاؤُون، تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ الأَرْضِ وَالسَّمَاء، أَمَّا هذا الزَّمَانُ فَكَيْفَ لا تُمَيِّزُونَهُ؟
وَلِمَاذا لا تَحْكُمُونَ بِالحَقِّ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِكُم؟
حِينَ تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلى الحَاكِم، إِجْتَهِدْ في الطَّرِيقِ أَنْ تُنْهِيَ أَمْرَكَ مَعَهُ، لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلى القَاضِي، وَيُسَلِّمَكَ القَاضِي إِلى السَّجَّان، وَالسَّجَّانُ يَطْرَحُكَ في السِّجْن.
أَقُولُ لَكَ: لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُنَاك، حَتَّى تُؤَدِّيَ آخِرَ فَلْس».
التأمّل
”جِئتُ أُلقي على الأَرضِ ناراً، وَكَم أَوَدُّ لَو تَكونُ قَد اشتَعَلَت!“
لَطالَما حُرِّفَ هذا النَّصِّ الإِنجيليّ، عَن طَريقِ تَصويرِ رِسالَةَ الرّبَّ يَسوع أَنَّها تَقومُ عَلى العُنفِ وَعلى التَّفرِقَةِ بَينَ النَّاس، وَلا تَمِتُّ إِلى نَشرِ المـَحَبَّةِ وَالسَّلامِ أَبَداً، وَكُلُّ هذا لَيسَ بِصَحيحٍ على الإِطلاقِ أَبداً. إِنَّ كُلَّ فَهمٍ خاطِئٍ يُؤَدّي إِلى تَفسيرٍ خاطِئ، وَعَلَيهِ تُشَوَّهُ رِسالَةُ الإِنجيل، وَيَغدو قارِئَهُ وَالباحِثُ فيهِ غَيرَ قادِرٍ على قَبولِ الوَحي المـُعطى بِشَخصِ الكَلِمَة الإِلَهيّ الرَّبَّ يَسوع. لا يَحِقُّ لَنا أَن نَقتَطِعَ نُصوصًا إِنجيليَّة لِنُفَسِّرَها بَعيدًا عَن إِطارِها وَتاريخِها وَلُغَّةِ عَصرِها، لِذَلِكَ نَحنُ نَلجَأُ إِلى تَعليمِ الكَنيسَةِ المـُؤتَمَنَة على وَديعَةِ الإِيمان، وَالّتي لَدَيها كُلّ إِرثِ الآباء الَّذينَ عاشَروا كَلِمَةَ اللهِ، وَأَحَبُّوها وعاشروها قَبلَ أَن يُعَلَّموها. نَعَم، لَقَد جاءَ الرَّبُّ يَسوع لِيُلقي ناراً، كما فَعَلَ إِيليَّا عِندَ صَلاتِهِ على المـُحرَقَة، هوَ أَنزَلَ روحَهُ على رُسُلِهِ يَومَ العَنصَرَة. نارُهُ نارًا آكِلَة مِن طَبيعَةِ اللهِ هِيَ تُطَهِّر وَتُنَقِّي، إِنَّها الرُّوحَ القُدُسَ، الَّذي يَسبِرُ أَغوارَ النَّفس، وَيُنيرُ العَقلَ لِكَي يَختارَ حُرّاً مَشيئَةَ الله، فَيَنفَصِلَ عَن فِكرِ العالَم، فَيُضطَهَدَ مِنهُ.
يَا بُنَيَّ، قَد تَسأَلُني لِماذا أُخاطِبُ التَّلاميذَ وَالجُموعَ وَاليَومَ أَنتَ بِلُغَةِ النَّار، فَلِهذا مَعنًى يُؤخَذُ مِن رَمزِيَّتِها. إِنَّها مِنَ العَناصِرِ الأَساسِيَّة في الكَونِ وَالأَرض، وَهيَ عامِلُ قُوَّةٍ، وحاجَةٌ ضَرورِيَّةٌ لِحَياةِ الإِنسان على مُستَوَياتٍ شَتَّى، أَمَّا مَعناها الرُّوحيّ فَهوَ أَبعَد بِكَثيرٍ مِن مَعناها المادّي، لِكَونِها تُشيرُ إِلى الطَّبيعَةِ الإِلَهِيَّة. إِلَيكَ مَثَلاً الظُّهور الإِلَهيّ الأَوَّل في العُلَّيقَةِ المـُشتَعِلَة، فَبالنَّارِ اجتَذَبتُ قَلبَ موسى البارِدِ وَالهارِب، فاستَدفَئ بِحَناني وَعَطفي. بِالنَّار أَظهَرَ إِيليَّا مَجدَ اللهِ أَمامَ كَهَنَةِ البَعلِ وَالشَّعبَ كُلَّهُ، وَأَنا هُنا عَنَيتُ نارَ رَغبَتي الَّتي تَجَلَّت على الصَّليبِ لَحظَةَ أَكمَلتُ تَأسيسَ الكَنيسَةِ مَعَ مَريَمَ وَيوحَنَّا وَفي غُفراني الَّذي يَقوى عَلى كُلِّ شُرورِ العالَم، وَقَد تَمَدَّدَت هَذِهِ النَّارُ يَومَ الخَمسينِ في العَنصَرَةِ مَعَ رُسُلي المـُنطَلقِينَ إِلى أَصقاعِ الأَرض، وَها أَنتَ تُعايِنُها بِعَينِ الرُّوحِ مَعَ كُلِّ ذَبيحَةٍ إِلَهيَّة تَغمُرُ المـَذبَحَ لِأُدفِئَ قَلبَ المـُؤمِنين، بِجَمرَةِ قُربانَتي البَيضَاء. في عيدِ المـَظالِ كانَ اليَهودَ يَطلُبونَ المـَطَرَ كَنِعمَةٍ وَبَرَكَةٍ على أَراضيهِم وَمَواسِمِهِم، وَهُنا أَطلُبُ النَّارَ لا لِأُحرِقَها، بَل لِأَجعَلَ مِنها قُربانَ تَقدِمَة، فَمِن دونِ ناري تَكونُ فاتِرًا وبارِدًا، وَمعَها تَكونُ حَيّاً.
مِن أَساسِيَّاتِ عَلاقَةِ اللهِ مَعَ الإِنسان، احتِرام حُرِّيَّةَ الأَخير، احتِرامًا لا حَدَّ لَهُ. على هَذِهِ القاعِدَة لَم يَرمِ الرَّبَّ يَسوع نارَ روحَهُ القُدُّوس كَفَرضٍ على الإِنسان، بَل دَعاهُ لِيَقبَلَها في صَميمِ رَغبَتِهِ الَّتي تُمَثِّلُ المـَوقدة وَالمـَذبَح. مَن قَبِلَ المـَسيح، يُصبِحُ بِدَورِهِ بِمَثابَةِ نارٍ لِمَن يَعرِفَهُ، فهوَ لا يَتَوانى عَن صُنعِ الخَيرِ وَلا يَستَطيعُ إِلَّا أَن يَعيشَ طِبقًا لِمِثالِ المـَسيح، وَبِالتَّالي يُصبِحُ مَصيرَهُ مِثلَ المـُعلِّمِ مَرفوضاً، مَنبوذًا وَمُضطَهَدًا. انطِلاقاً مِن هُنا تُحدِثُ نارَ المـَسيحِ تَفطيمًا وَفَصلًا ما بَينَ الَّذي مَعَهُ وَالّذي عَلَيهِ، وَهيَ تَدفَعُ إِلى الحُرِّيَّة وَلَيسَت غايَتُها الإِنقِسامَ وَلا الحَربّ، بَل تَهدِفُ إِلى إِحقاقِ الحَقّ وَالعَيشِ وَفقًا لِمشَيئَةِ اللهِ الَّتي هيَ الخَيرُ الأَسمى. إِقبَل نارَ المـَسيحِ في قَلبِكَ، وَلا تَكُن فاتِرًا بَل حارًّا.
رَبّي يَسوع، أَلقي بِنارِ روحِكَ القُدُّوسَ في قَلبي، وَاجعَلني أَتَّقِدُ بِمَحَبَّتِكَ، فَيَلهَبَ لِساني بِتَسبيحِكَ، وَيَدَيَّ تُبَسَطانِ لِتَمجيدِكَ في صُنعِ الخَيرِ، وَرِجلَيَّ كَالأَيِّلِ تُسرِعانِ لكُلِّ خِدمَةٍ وَعَمَلٍ يُؤَدّي إِلى تَمجيدِ اسمِكَ في الأَرضِ وَبَينَ النَّاس. يا لَيتَني أُصبِحُ بِذاتي مَذبَحًا، أَقتَبِلُ نارَكَ الإِلَهِيَّة، فَتَشِعَّ أَنوارُكَ مِنّي بِالأَعمالِ وَالأَقوالِ تَمجيدًا لَكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة سبت أسبوع تذكار المـوتى المـُؤمنين”جِئتُ أُلقي على الأَرضِ ناراً، وَكَم أَوَدُّ لَو تَكونُ قَد اشتَعَلَت!“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!