موقع Allah Mahabba أربعاء أسبوع تذكار المـوتى المـُؤمنين
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل تسالونيقي 2: 1 – 12
يا إخوَتِي، أَمَّا في ما يَخْتَصُّ بِمَجيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، وبِٱجْتِمَاعِنَا لَدَيه، فَنَسْأَلُكُم، أَيُّهَا الإِخْوَة،
أَلاَّ تَتَسَرَّعُوا فَتَتَزَعْزَعُوا عَن صَوابِكُم، ولا تَرتَعِبُوا لا مِن نُبُوءَة، ولا مِنْ كَلِمَة، ولا مِن رِسَالةٍ كأَنَّهَا مِنَّا، لَكَأَنَّ يَومَ الرَّبِّ قَد حَضَر.
فلا يَخدَعَنَّكُم أَحدٌ بِوَجْهٍ منَ الوُجُوه، لأَنَّ ذلِكَ اليَوْمَ لا يَأْتي إِذَا لَمْ يَأْتِ الجُحُودُ أَوَّلاً، وَيَظْهَرْ إِنْسَانُ ٱلإِثْم، إِبنُ الهَلاك،
أَلمُتَمَرِّدُ المُتَشَامِخُ على كُلِّ مَنْ يُدْعى إِلهًا أَو مَعْبُودًا، حتَّى إِنَّهُ يَجلِسُ في قُدْسِ هَيكلِ الله، مُظْهِرًا نَفْسَهُ إِنَّهُ الله.
أَلا تَتَذَكَّرُونَ أَنِّي، لَمَّا كُنتُ عِنْدَكُم، كُنتُ أَقُولُ لَكُم هذَا؟
والآنَ فأَنْتُم تَعْلَمُونَ مَا يَعُوقُهُ، إِلى أَنْ يَظْهَرَ في وَقتِهِ.
إِنَّ سِرَّ الإِثْمِ قَد بَدَأَ يَعْمَلُ في الخَفَاء، إِلى أَن يُرْفَعَ مِنَ الوَسَط ذلِكَ الَّذي يَعُوقُ الآنَ ظُهُورَهُ.
وعِندَئِذٍ يَظْهَرُ الأَثِيم، فَيُزِيلُهُ الرَّبُّ يَسُوعُ بِنَفخَةِ فَمِه، ويُبْطِلُهُ بِشُرُوقِ مَجيئِهِ.
ويَكُونُ مَجِيءُ الأَثِيم، بعَمَلِ الشَّيْطَان، مَصْحُوبًا بِكُلِّ قُوَّة، وبآيَاتٍ ومُعجِزاتٍ كاذِبَة،
وبِكُلِّ خِدَعِ البَاطِلِ للَّذِينَ يَهْلِكُون، لأَنَّهُم لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الحَقِّ فَيَخْلُصُوا.
ولِذلِكَ يُرْسِلُ اللهُ إِلَيْهِم عَمَلَ ضَلالٍ لِيُصَدِّقُوا الكَذِب،
حتَّى يُدَانَ جَمِيعُ الَّذينَ مَا آمَنُوا بِالحَقّ، بَلِ ٱرْتَضَوا بِالبَاطِل.
إنجيل القدّيس لوقا 12: 13 – 21
قَالَ وَاحِدٌ مِنَ الجَمْع لِيَسُوع: «يَا مُعَلِّم، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي المِيرَاث».
فَقَالَ لهُ: «يا رَجُل، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا وَمُقَسِّمًا؟».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «إِحْذَرُوا، وَتَحَفَّظُوا مِنْ كُلِّ طَمَع، لأَنَّهُ مَهْمَا كَثُرَ غِنَى الإِنْسَان، فَحَياتُهُ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَنَياتِهِ».
وَقَالَ لَهُم هذَا المَثَل: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَغَلَّتْ لهُ أَرْضُهُ.
فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».
التأمّل
”مَهما كَثُرَ غِنى الإنسان، فَحَياتُهُ لَيسَت من مُقتَنياتِهِ“
إِذا عُدنا إِلى التَّاريخِ وَنَظَرنا في الطَّبَقاتِ الإِجتِماعِيَّة المـُكَوِّنَة لِكُلِّ المـُجتَمَعات، نُلاحِظ المـَكانَة الخاصَّة الَّتي أَخَذَها الأَغنِياء، وَالَّتي جَعَلَت مِن باقي الطَّبَقات تَنظُر إِلى السُّلطَة الّتي تُعطى مِنَ المـالِ كَنُفوذٍ وَقُوَّة، كَهَدَفٍ يُرجى بُلوغَهُ، وَإِذا تَوَقَّفنا عِندَ ما يَعيشُهُ الأَغنِياءُ في قَرارَةِ نُفوسِهِم، نُدرِك تَمامًا أَنَّ الغِنى لا يُعطي سَعادَةً، ولا يُقَدِّمُ حُرِّيَّةً، وَإِن قَدَّمَ قُوَّةً وَنُفوذًا وَسُلطَةً لِتَحقيقِ بَعضِ المـَشاريعِ وَالأَحلام، فَهيَ تُصبِحُ باهِتَةً بَعدَ بُرهَةٍ مِن تَنفيذِها. هُنا نَسأَل أَنفُسَنا لِماذا على طولِ التَّاريخ يَجِدُ الإِنسانُ في الغِنى مَجدًا ما زالَ هذا في جَوهَرِهِ فارِغاً؟ وَإِن كانَت غايَتُنا أَن نَكونَ سُعَداءَ وَأَحرارًا، لِماذا نَعتَقِد أَنَّ الغِنى وَالمالَ يُقَدِّمانِ لَنا ما نَرجوهُ مِنهُما؟ إِنَّها التَّجرُبَة! قَد تَكونُ المـُشكِلَةُ مُتَأَتِّيَةً مِنَ الثَّقافَة الشَّائِعَة وَالّتي تَعَمَّمَت عَلَينا وَجَعَلت مَفاهيمَنا خاطئَة، لِذَلِكَ في كُلِّ مَرَّةٍ نَرجَعُ إِلى الإِنجيلِ نَتَعَلَّمُ وَنَختَبِرُ مِن خِلالِ تَعليمِ الرَّبّ، القِيمَ وَالمـَبادِئ وَالأُسُس الَّتي تُصَوِّب وَتُصَحِّح مَفاهيمَنا، وَمَعَها تَختَبِرُ قُلوبَنا السَّلامَ وَالفَرَح المـَرجوّ.
يَا بُنَيَّ، تَظُنُّ أَنَّ الغِنى يَسُدُّ جوعَ القَلبِ، فيما فَقرَ الرّوحِ يَفتَحُ السَّبيلَ إِلى الشَّبَعِ الرُّوحيّ. تَظُنُّ أَنَّ الغِنى يَرفَعُ مِن شَأنِكَ وَمَقامِكَ وَقيمَتِكَ، فيما هوَ يَخلُقُ جِدارًا فاصِلًا بَينَكَ وَبَينَ النَّاس بِسَبَبِ الفَوقِيَّةِ وَالتَّعالي وَالكِبرياءِ المـُرافِقينَ لَهُ. تَظُنُّ أَنَّكَ بِكَثرَةِ المـُقتَنَياتِ تُعَرِّفُ عَن شَخصِكَ، وَتُعرَفُ مِن خِلالِها، فيما هيَ تَبقى، وَأنتَ تَزول. لَيسَ الغِنى شَرًّا، وَلَكِنَّهُ يَجلِبُ الشُّرورَ لِسوءِ استِخدامِهِ، كَما أَنَّ بِسَبَبِ الفَقرِ وَالعَوَزِ تُقتَرَفُ الجَرائِم وَالسَّرِقات، الحَلُّ لا يَكمُنُ في تَمَوضُعٍ اجتِماعِيٍّ بَينَ فَقرٍ وَغِنًى، إِنَّما هوَ في التَّتَلمُذِ لِروحِ الإِنجيلِ الَّذي يُعطيكَ المـَعنى حَيثُ تَجِدُ في الفَقرِ الرُّوحيّ قيمَتَكَ كَم أَنتَ كَريمٌ في عَينَيَّ، وَأَنَّ حَياتَكَ تَستَمِدُّها مِن عَلاقَتِكَ بي، وَلَيسَت هيَ أَن تَكونَ فَقَط موجودًا فَقَط، بَل أَن تكونَ حَيّاً. لِلأَسَف إِنَّ فِكرَ العالَمِ يَجعَلُ قيمَتَكَ بِمُقتَنَياتِكَ، وَبِقُدُراتِكَ، وَبانتِمائِكَ، وهوَ لا يَقبَلُكَ إِلَّا أَن تَكونَ وَفقاً لِما يُريدُ أَن تَكونَهُ، فيما أَنا أُحِبُّكَ بِفَقرِكَ، وَأُزَيِّنُكَ بِمَواهِبي وَبِنِعَمي وَأُغنيكَ بِمَحَبَّتي وَمِثالي، وَتَبقى قيمَتُكَ غالِيَةً مِثلَ الوَلَدِ الوَحيدِ عِندَ أُمِّه. أُنظُر إِلى أَغنِياءِ العالَم، رُغمَ سَطوَتِهِم، يَشعُرونَ أَنَّهُم مَحبوبينَ لِغايَةٍ لا لِذاتِهِم.
يُرادِفُ الغِنى الإِكتِفاء وَالإِستِقلالِيَّة، وَقَد يَكونُ انكِفاءً وَفَوقِيَّة، وَوِفقًا لِتَمَوضُعِهِ في الخَيرِ، يَغدو مَصدَرَ عَطاءٍ وَمُشارَكَةٍ وَسَنَد، وَلَكِن على الرُّغمِ مِن كَثرَةِ المـُحاوَلاتِ الإِقتِصادِيَّةِ وَالسِّياسِيَّةِ في كافَّةِ المـُجتَمَعاتِ لِتَحقيقِ العَدالَةِ الإِجتِماعِيَّة وَالمـُساواةِ بَينَ البَشَرّ، كانَ حُبَّ الغِنى عائِقًا، بِسَبَبِ تَمَسُّكِ الأَغنِياءَ الشَّرِسِ بِثَرواتِهِم، لِأَنَّهُم لَم يَفهموا الحَياةَ إِلَّا مِن بابِ السُّلطَةِ وَالمال، فيما طَعمُها يَكمُنُ بِبَساطَةِ عَيشِها، وَتُذاقُ طيبَتُها مَتى عاشَها الإِنسانُ بِقَناعَةِ الزَّاهِدِ، لا الرَّاضِخ وَالخاضِعِ. كُلُّ إِنسانٍ يُقَيِّمُ نَجاحَهُ على مِقياسِ الأَهرامِ الَّتي يَبنيها، هوَ يُعَبِّرُ عَن عُبودِيَّتِهِ للمادَّةِ الَّتي يَسجُدُ لَها. فَلَيسَ النَّجاحُ وَلا التَّمَلُّكَ وَلا المـُقامَ مِقياسَ غِناكَ، إِنَّما إِيمانُكَ وَرَجاؤكَ بِاللهِ وَمَحَبَّتَك لَهُ وللإِنسان.
رَبّي يَسوع، حياتي هيَ عَطِيَّةٌ مِنكَ، وَهيَ غَنِيَّةٌ بِكَثافَةِ حُضورِكَ، وَجَميلَةٌ بِرَونَقِ لَمسَتِكَ، وَعَذبَةٌ بِصَفاءِ كَلِمَةِ حَقِّقَك. رَغبَتي أَن أَكونَ غَنِيًّا فيكَ، فيما العالَمُ يَدفَعُني لِأَبني أَهرائي، وَعِندَ النِّهايَةِ أُدفَنُ فيها، أَمَّا أَنتَ تَقولُ لي أَنتَ هَيكَلي المـُزَيَّنُ بِحِجارَةِ النِّعَمِ وَالفَضائِلِ، فَيَكفيكَ أَن تَعيشَ مُنتَشِياً بِمَحَبَّتي الَّتي تُسكِرُكَ بِنَبيذِ عِشقي لَكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة أربعاء أسبوع تذكار المـوتى المـُؤمنين ”مَهما كَثُرَ غِنى الإنسان، فَحَياتُهُ لَيسَت من مُقتَنياتِهِ“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!