موقع Allah Mahabba – …والبئر عميقة
حُبُّه لِلبشريَّة ليسَ بِمُتناهٍ أو عَرَضي.
حُبُّه لِلبشريَّة ليسَ بِمَعزولٍ عَن الواقع بَل فيه. ولا فاصِلَ بَينَهُ وبَينَ مَن يُحِبّ.
ها هي الشمسُ ساطعةٌ في الظُهر، في ذُروَةِ النَهار. وهو، يُنبوع الماء الحيِّ، المُتَفَجِّر أبَديَّةً، ينتظِرُنا على البِئر: بِئر الحياة.
وتأتي إمرأة. سامريَّة. في وِحشَتِها غُربَتان: غُربَة العداوة التي تَفصِل بَينَها وَبَين الآخرِ المُختَلِف، وقَد وَرِثَتها مِن زِمَن الآباءِ فَتَسَتَّرَت بِها مُحتَجِبَةً، وغُربَةِ العِداوةِ التي تَفصِلُها عَن ذاتِها، وقد أخفَتها عُنوَةً بالهروبِ نحوَ المُستَتِر الذي فيه حِجابُها.
وهو أمامَها: غريبٌ يُحاوِرُها. وهي تَتَنفِضُ، تَرفُضُ، تَتَذاكى في السُقوط… وتَهرب، دائماً تهرب الى التساؤل، علّ ضَياعَها يَنجُدُها: مِن ذاتِها، ومِنهُ هو الواقِفُ أمامَها يَستعطي ماءً يُعطَشُ بَعدَهُ.
وإرتَضَت بالخوفِ مَلجأها: عميقة هي البئر. إعتَرَفَت: الوِحشَة هوَّة، مُظلِمة. فيها نَرمي أثقال مَعطوبيَّتنا. وفيها نُخفيها. وهي تَنشُلُنا الى إرتضأ إطفأ الظمأ فيها.
كادَت تَصرُخ: دَعني فيها مُطمَئنَّةً الى سُقوطي، الذي لا يعرف عُمقَهُ إلَّا تلك البئر، المُستَوحِدَةُ في صَحراءِ هذا العالَم.
لكنَّه أبى إلَّا أن يؤلهِنَها، هو الإلَه المُتأنسِن، العارِفُ مِقياس ما يُعطي: عَينُ الماء الذي يَرفَعُها الى ما فَوق جَبَل العِبادة: الى سَماء التَحَرُّر. فَوق، حَيث فَرَحُ الحاصِدِ يَكتمِلُ وفَرَحَ الزَرعِ الذي نَما وَفيراً…. في كلِّ زَمان وكلِّ مَكان.
فَيا أيُّها المَصدَرُ والغايَة، هَبني أن أسكُنَ عُمقَ دَيمومَتِكَ، حَيث الإيمانُ فَرَحٌ والفَرَحُ إرتِقاءٌ… بِهِما أغدو هَيكَلَكَ في الروحِ والحَقِّ.
يا مَن إفتَداني بالجَسَدِ، وهو أغلى ما إكتَمَلَت بِهش الروح، إجذِبني أبداً الى دَفقِ يُنبوعِكَ لأَصيرَ قُربانَ فِداءٍ بِجَسَدي، وَحدَه الذي بِهِ أُكَفِّرُ عَن عُمقِ هوَّة البَشَريَّة وظُلُماتِها.
وأيُّها المَرموزُ إليهِ، المُخِلِّصُ الذي بِخلاصِهِ لي صَيَّرَني رَمزَ وِحدَةٍ بِهِ أعتَصِمُ، إقبَل كَونيَّتي التي بِها أفيضُ حَياةً في جَفافِ الصِحاري لأصيرَ، بِكَ وفيكَ، دَربَ أنوارٍ في أعماقِ ظُلُمات الدُهورِ.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/allahmahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة “…والبئر عميقة”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!