موقع Allah Mahabba جُمعَة أُسبوع الكهنة
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى طيموتاوس 4: 1 – 8
يا إخوَتي، أُنَاشِدُكَ في حَضْرَةِ اللهِ والمَسِيحِ يَسُوع، الَّذي سَيَدِينُ الأَحْيَاءَ والأَمْوَات، بِحَقِّ ظُهُورِهِ ومَلَكُوتِهِ:
بَشِّرْ بِالكَلِمَة، ودَاوِمْ على ذلِكَ في وَقْتِهِ وفي غَيرِ وَقْتِهِ، وَبِّخْ وأَنِّبْ وعِظْ، بِكُلِّ أَنَاةٍ وتَعْلِيم،
لأَنَّهُ سَيَأْتِي وَقْتٌ لا يَحْتَمِلُ فِيهِ النَّاسُ التَّعْلِيمَ الصَّحِيح، بَلْ يُكَدِّسُونَ لأَنْفُسِهِمِ المُعَلِّمِين، وَفْقَ شَهَواتِهِم، وٱهْتِيَاجِ سَمْعِهِم،
فَيَصْرِفُونَ سَمْعَهُم عنِ الحَقّ، ويَمِيلُونَ إِلى الخُرَافَات.
أَمَّا أَنْتَ، فَكُنْ مُتَيَقِّظًا في كُلِّ شَيء، وٱحْتَمِلِ ٱلمَشَقَّة، وَٱعْمَلْ عَمَلَ المُبَشِّر، وتَمِّمْ خِدْمَتَكَ على أَكْمَلِ مَا تَكُون.
فَهَاءَنَذَا أُراقُ سَكِيبًا، وقَدْ حَضَرَ وَقْتُ رَحِيلِي.
وقَد جَاهَدْتُ الجِهَادَ الحَسَن، وتَمَّمْتُ سَعْيِي، وحَفِظْتُ إِيْمَاني،
والآنَ فَإِنَّهُ مَحْفُوظٌ لي إِكْلِيلُ البِرّ، الَّذي سَيُجَازِينِي بِهِ في ذلِكَ اليَومِ الرَّبُّ الدَّيَانُ العَادِل، لا أَنَا وَحْدي، بَلْ أَيْضًا جَمِيعَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ.
إنجيل القدّيس لوقا 22: 24 – 30
قَامَ بَيْنَ الرُّسُلِ جِدَال: «مَنْ مِنْهُم يُعَدُّ أَعْظَمَهُم؟».
فقَالَ لَهُم يَسُوع: «إِنَّ مُلُوكَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وَالمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِم يُدْعَونَ مُحْسِنِين.
أَمَّا أَنْتُم فَلَسْتُم هكذَا. بَلْ لِيَكُنِ الأَعْظَمُ فِيكُم كَالأَصْغَر، وَالرَّئِيسُ كَالخَادِم.
فَمَنْ هُوَ أَعْظَم؟ أَهُوَ المُتَّكِئُ أَمِ الخَادِم؟ أَلَيْسَ المُتَّكِئ؟ ولكِنِّي أَنَا في وَسَطِكُم كَالخَادِم!
وَأَنْتُمُ الَّذينَ ثَبَتُّم مَعِي في تَجَارِبي،
فَإِنِّي أُعِدُّ لَكُمُ المَلَكُوتَ كَمَا أَعَدَّهُ لي أَبِي،
لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتي، في مَلَكُوتِي. وسَتَجْلِسُونَ عَلَى عُرُوش، لِتَدِينُوا أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الٱثْنَي عَشَر.
التأمّل
”لِيَكُن الأَعظَم فيكُم كَالأَصغَر“
يَتَضمَّن تَعليمُ يَسوع جَدَلًا لِلفِكرِ، وَطَلبًا مُلِحًّا لِلعَيشِ عَلى مُستَوًى آخَر مِن مَنطِقِ العالَم، إِنَّهُ يَطلُبُ الكَمال انطِلاقًا مِنَ العَلاقَةِ مَع الله. الأَعظَمُ وَفقَ فِكرِ العالَم لا يُساويهِ شَيءٌ على الإِطلاق، على السُّلَّم هوَ الأَوَّل، وَيَعلو فَوقَ كُلِّ شَيءٍ، وَقيمَتَهُ بِمَكانٍ تَأتي مِن كَينونَتِهِ، وَبِآخَر تَأتي مِن قُدُراتِهِ وَإِنتاجِياتِهِ. الأَعظَم ذاتُ سُلطانٍ وَقُوَّةٍ وَنُفوذٍ، بَينَما الأَصغَر لا قيمَةَ لَهُ، وَلا جَدوى مِنهُ وَغَيرُ نافِعٍ، لِأَنَّهُ يُمَثِّلُ الضّعفَ، وَمَكانَهُ دائِمًا في الضَّواحي، يَبقى مُهَمَّشًا، وَمَرذولًا… . الأَعظَمُ وَفقَ فِكرِ المـَسيح هَوَ مَن يَتَّخِذ دينامِيَّةَ حَرَكَةِ المـَسيحِ التَّنازُلِيَّة، وَيَعيشُ وَفقًا لِمُتَطَلِّباتِ المـَحَبَّة، الَّتي لا تَشتَرِط على الآخَر نَموذَجًا، وَذَوقًا وَجَمالًا وَرَونَقًا وَطاقَةً، بَل يَكونَ وَهذا يَكفي. الأَعظَمُ وَفقَ فِكرِ المـَسيح، هوَ الَّذي يَستَطيعُ أَن يَعيشَ تَنازُلَ السَّامِريّ الصَّالِح، تُجاهَ الأَكثَر ضعفًا وَتَهميشًا وَهَشاشَة. حَقًّا تَعليمُ المـَسيح مُتَطَلِّب، فَهوَ يُخرِجُنا مِن ميدانِ راحَتِنا، لِيجعَلَنا بِالمـَحَبَّةِ على طُرُقاتِ الحَياة.
يا بُنَيَّ، مَن يَتَلقَّف تَعليمي يَنتَعِشُ قَلبَهُ حَماسَةً بِنارِ الحُبِّ الإِلَهيّ، لِأَنَّهُ يَكتَشِفُ المـَطلوبَ المـُختَلِف عَن فِكرِ العالَم. أَنتَ الَّذي تُطالِبُ ذاتَكَ بِسَبَبِ نَظرَةِ المُجتَمَعِ وَتَربِيَتِكَ، أَن تَكونَ مُمَيَّزًا، وَأَن تَكونَ ناجِحًا وَبارِعًا طِبقًا لِلمَقاييسِ الَّتي تُرسَمُ لَكَ، أَمَّا أَنا لا أُطالِبُكَ سِوى أَن تَكون بِأَصغَرِيَّتِكَ وتَقبَلَها وَتُحِبَّها وَأَن تَدَعني أَصنَعُ بِكَ العَظائِم. صَحيحٌ أَنَّكَ تَدخُلُ بِصِراعٍ بَينَ أَن تَتَبَنَّى فِكري أَو فِكرِ العالَم، في الأَوَّل يَكونُ رِضاكَ عَن نَفسِكَ مُتَأَتٍّ مِن قَبولِ النَّاسِ وَاحتِرامِهِم لَكَ، أَمَّا في الثَّاني تَعرِفُ عَطِيَّةَ سَلامي وَفَرحي الَّذي لا يَستَطيعُ العالَم أَن يَمنَحَكَ إِيَّاهُ، وَمِن خِلالِهِ تَعرِفُ وَحدَةَ الكِيان، فَتَعرِفَ أَيضاً ثَباتَ المـَوقِف. عِندَما تَقبَلُ أَصغَرِيَّتَكَ تُصبِحُ نَظرَتَكَ لِذاتِكَ وَلِلآخَرينَ أَكثَرَ حَياةً، وَذَلِكَ لِأَنَّكَ تَكونُ قَد عَرَفتَ رَحمَتي الّتي بِواسِطَتِها، تُدرِكُ طيبَتي الَّتي تَجعَلُني دائِمًا إِلى جانِبِ المـُستَضعَفينَ وَالمـُضطَهَدين وَالفُقَراءَ وَالمـُهمَّشين… . إِذا بَقيتَ مُتَمَسِّكًا بِفِكرِ العالَم وَباحِثًا عَن عَظَمَةٍ تُعطيكَ بَعضًا مِنَ الأَمان المـُؤَقَت، كُن على يَقينٍ أَنَّكَ سَتَبقى في حَلَبَةِ الصِّراع لِأَنَّ قَلبَكَ لَم يَعرِف بَعدُ سَلامي.
تَنَبَّه يَسوعُ لِلخِلافِ الحاصِلِ بَينَ تَلاميذِهِ حَولَ مَن يَكونُ الأَكبَر وَالأَعظَم، وَقَدَّمَ لَهُم نَموذَجَ التَّسَلُّطِ الخاطِئ، الَّذي يَتَّبِعَهُ عُظَماءُ العالَم، وَنَتيجَتُهُ اللَّاعَدالَةَ وَاللَّا إِنصاف. إِذًا بَيَّنَ لَهُم نَتيجَةَ الفِكرِ الَّذي يَعمَلُ فيهِم، وَعَلى أَثَرِهِ دَعاهُم لِيَختاروا الأَصغَرِيَّةَ مَدخَلًا لِعَيشِ المـَحَبَّة بِهَدَفِ تَحقيقِ العَدالَةِ أَوَّلًا فيما بَينَهُم، وَثانِيًا في قَلبِ العالَم. هذا الأَمر يُقَدِّمُ لَنا تَعليمًا بالِغَ الأَهَمِّيَّة فَنَحنُ لَن نَتَخَلَّى عَن حُبِّ التَّمَلُّكِ وَالسُّلطَة، ما لَم نَعرِف أَصغَرِيَّتَنا مِن مِنظارِ مَحَبَّةِ اللهِ المـُحَرِّرَةِ لَنا، فَبِها نَقبَلُ أَن نُعطي المـَكانَ الصَّحيحَ للآخَر مِن دونِ خَوفٍ بَل بِتَواضُعٍ وَمَوضوعِيَّة. إِنَّها طَريقُ العدالَةِ الإِجتِماعِيَّة، وَفيها مِلءُ الرَّحمَةِ المـُحِقَّة. تَمَوضَع بِوَداعَةِ الأَصغَرِيَّة في خِدمَةِ النَّاس.
ربّي يسوع، أَنتَ العَظيمُ الَّذي تَنازَلتَ وَجِئتَ إِلَيَّ، وَأَنا الصَّغيرُ الَّذي أَتَمَرَّدُ وَأَطلُبُ سُلَّمًا لِأَصعَدَ إِلَيكَ. أَنتَ الأَصغَرُ الَّذي بِتَواضُعِكَ صِرتَ أُمثولَةً في الحُرِّيَّةِ وَالمـَحَبَّة، وَأَنا المـُتَعاظِمُ انتِفاخًا بِسَبَبِ أَنانِيَّتي وَكِبرِيائيّ. أَنتَ الأَعظَمُ الَّذي ساوَيتَ إِنسانِيَّتي بِأُلوهِيَّتِكَ، وَبِقَدَرِ ما أَتَصاغَرُ تَرفَعُني إِلى مَقامِ مَجدِكَ لِأَنَّكَ الحُبُّ وَالتَّواضُعَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة جُمعَة أُسبوع الكهنة ”لِيَكُن الأَعظَم فيكُم كَالأَصغَر“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!