موقع Allah Mahabba خميس أُسبوع الكهنة
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى طيموتاوس 3: 10 – 17
يا إخوَتِي، لَقََدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمي، وسِيرَتي، وقَصْدي، وإِيْمَاني، وأَنَاتي، ومَحَبَّتي، وثَباتي،
وٱضْطِهَادَاتي، وآلامي، كَالَّتي أَصَابَتْنِي في أَنطَاكِيَةَ وإِيقُونِيَةَ ولِسْترَة، وأَيَّ ٱضْطِهَاداتٍ ٱحْتَمَلْتُ! ومِنْ جَميعِهَا نَجَّاني الرَّبّ!
فَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْيَوا بِالتَّقْوَى في الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُون.
أَمَّا النَّاسُ الأَشْرَارُ والمُشَعْوِذُونَ فَإِنَّهُم يَتَمَادَوْنَ في الشَّرّ، مُضَلِّلِينَ الآخَرِينَ وهُم أَنْفُسُهُم مُضَلَّلُون.
أَمَّا أَنْتَ فَٱثْبُتْ على مَا تَعَلَّمْتَهُ وأَيْقَنْتَهُ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَهُ،
وأَنَّكَ مُنذُ الطُّفُولَةِ تَعْرِفُ الكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ القادِرَةَ أَنْ تُصَيِّرَكَ حَكِيمًا في سَبيلِ الخَلاصِ بِالإِيْمَانِ في الْمَسِيحِ يَسُوع.
فَالكِتَابُ كُلُّهُ إِنَّمَا اللهُ أَلْهَمَهُ، وهُوَ مُفِيدٌ لِلتَّعْلِيم، والتَّوْبِيخ، والتَّقْوِيم، والتَّأْدِيبِ في البِرّ،
لِيَكُونَ رَجُلُ اللهِ كامِلاً، مُعَدًّا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح.
إنجيل القدّيس لوقا 17: 7 – 10
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ: «مَنْ مِنْكُم لَهُ عَبْدٌ يَفْلَحُ الأَرْضَ أَوْ يَرْعَى القَطِيع، إِذا عَادَ مِنَ الحَقْل، يَقُولُ لَهُ: أَسْرِعْ وٱجْلِسْ لِلطَّعَام؟
أَلا يَقُولُ لَهُ بِالأَحْرَى: أَعِدَّ لي شَيْئًا لأَتَعَشَّى، وَشُدَّ وَسْطَكَ وٱخْدُمْني حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَب،
وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْرَب. هَلْ عَلَيهِ أَنْ يَشْكُرَ العَبْدَ لأَنَّهُ فَعَلَ ما أُمِرَ بِهِ؟
وَهكذَا أَنْتُم إِذَا فَعَلْتُم كُلَّ ما أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ لا نَفْعَ مِنَّا، فَقَد فَعَلْنا مَا كانَ يَجِبُ عَلَينا أَنْ نَفْعَل».
التأمّل
”إِنَّنا عَبيدٌ لا نَفعَ مِنّا، فَقَد فَعَلنا ما كانَ يَجِب عَلَينا أَن نَفعَل“
إِذا أَرَدنا اختِصارَ مَسارَ تَرِبِيَتِنا، نَجِد بِمَكانٍ أَنَّنا نُنَشَّأُ على مَعرِفَةِ حُقوقِنا وَواجِباتِنا، وَمَعَهما نَرسُمُ لِأَنفُسنا حُدودًا ضِمنَ الإِطار الَّذي نَعيشُ فيه. كُلٌّ مِنَّا يَقومُ بِمَهَمَّةٍ ما، وَبِخِدمَةٍ وَوَظيفَةٍ وَمِهنَةٍ وَعَمَلٍ وَدَورٍ مُعَيَّن، وَنُحاوِلُ المـُحافَظَةَ على ما يَخُصُّنا مُتَمَنّينَ أَلَّا أَحَدَ يَتَعَدّا حُدودَنا. وَإِذا نَظَرنا إِلى المـَشاكِل الّتي تَحدُثُ في المـُجتَمَعاتِ نُلاحِظُ أَنَّها بِغالِبِيَّاتِها فيها وَجهٌ مِنَ التَّعَدّي الَّذي يَقومُ عَلى اختِراقِ حُقوق وَحُدود الآخَرين. كُلٌّ مِنَّا يُريدُ المـُحافَظَةَ على خُصوصِيَّتِهِ، وَكُلُّنا نُحِبُّ الإِستِقلالِيَّةَ بِما نُفَكِّر وَنَقومُ بِهِ، لِأَنَّ روحَ التَّمَلُّكِ الَّذي فينا يَتَغَذَى مِن هَذا النَّمَطِ مِنَ العَيش. إِذا نَظَرنا إِلى أَحداث وَظُروف وَخاصِيَّةِ كُلٍّ مِنَّا، نَكتَشِفُ أَنَّ كُلًّا مِنَّا مُمَيَّزٌ مُنذُ البِدايَةِ وَإِلى النِّهايَة وَلا أَحَدَ يَستَطيعُ أَن يَأخُذَ مَكانَ أَحَدٍ مَهما تَشابَهنا. كَلِمَةُ يَسوع تَحُثُّنا عَلى مَعرِفَةِ حُقوقِنا وَواجِباتِنا، وَلَكِنَّها تُحَرِّرُنا مِن سَطوَةِ التَّمَلُّكِ، لِتَدفَعَنا إِلى التَّواضُعِ بِروحِ الفَقرِ الإِنجيليّ، لِأَنَّ كُلَّ ما نَقومُ بِهِ هوَ دَعوَةٌ مِنَ الله.
يَا بُنَيَّ، يَحسُنُ بِكَ أَن تَفرَحَ بِكُلّ ما تَقومُ بهِ، وَأَن يَكونَ لَدَيكَ مِنَ القَناعَةِ ما يَسمَحُ لَكَ بِتَواضُعٍ أَن تَقبَلَ حُدودَكَ، وَتُقَيِّمَ بِمَوضوعِيَّةٍ عَمَلَكَ، وَأَن تَكونَ مَسؤولًا عَمَّا قُمتَ بِهِ مِن جَهدٍ وَإِنتاج. لَيسَ مُرادي بِقَولي أَنَّ لَا نَفعَ مِنكَ، بِمَعنى أَنَّكَ لا تَصلُحُ لِشَيءٍ، بَل أَن تَعرِفَ تَمامَ المـَعرِفَةَ أَنَّ الخَيرَ الَّذي فيكَ هوَ مِنَ الله. هذا لا يَعني أَن تَنسِبَ لِذاتِكَ النَّقصَ وَالضّعف على أَساسٍ غَيرِ واقِعيّ وَلا بِروحِيَّةِ الدُّونِيَّةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَالذَّنب، بَل أَن تَنظُرَ إِلى ما لَدَيكَ بِعُرفانِ جَميلٍ وَشُكرٍ كَبير. إعلَم أنَّني وَضَعتُ ثِقَتي كامِلَةً بِكَ، وَإِلَّا لَما دَعوتُكَ لِتَعمَلَ بِحَقلي، رُغمَ ما فيكَ مِن ضِعفٍ وَخَطيئَةٍ وَرَذيلَة، وَلِكنَّكَ تُصبِحُ ذاتَ مَنفَعَةٍ مَتى آمَنت أَنِّي مِنَ الحِجارَةِ أَستَخرِجُ أَبناءً لابراهيم، وَأَنَّ كُلّ ما فيكَ مِن خَطايا وَإِثمٍ لا تَمنَعُني مِن تَقديسِكَ بِقَبولِكَ لِمَحبَّتي بِتَوبَةِ مُؤمِنٍ صادِق. القَصدُ بِقَولي يَكمُنُ بِهَذِهِ الكَلِمَة: لا تَتَعَلَّق بِما تَصنَع مَهما كانَ جَميلًا وَرائِعًا وَجَديدًا وَمُبهِرًا، وَلا تَأخُذ قيمَتَكَ وَمَكانَتَكَ وَكَرامَتَكَ مِمَّا تَصنَع بَل لِأَنَّكَ دُعيتَ مِن قِبَلي لِتَشتَرِكَ بِالخَلقِ مَعي، وَهذا ما يُمكِنُكَ أَن تَصنَعَهُ بِتَركِ كَلِمَتي تَصنَعُ مِنكَ جَديدًا.
في صُلبِ الحَياةِ الرُّوحِيَّة نَصِلُ بِالإِختِبارِ إِلى قَناعَةٍ نَجِد أَنفُسَنا حَقيقَةً أَنَّ لا نَفعَ فينا، وَتُصبِحُ مَشاعِرَنا الباطِنِيَّة بِحالَةٍ مِنَ السُّبات، حَيثُ لا نَعُد نَشعُرُ بِكَثافَةِ الحَضرَة الإِلَهِيَّة فينا، فيما هيَ مُمسِكَةٌ بِصَميمِ كِيانِنا. مَعَ هَذا الإختِبار تَأخُذُ كَلِماتُ سِفر الجامِعَة في عَقلِنا لَها وَقعًا: “باطِلُ الأَباطيلِ وَكُلُّ شَيءٍ باطِل”، مِمَّا يَحدو بِنا لِنبحَثَ عَمَّا هوَ ثابِتٌ وَدائِمٌ وباقٍ في الله، وهذا الأَمر يُساهِم في تَعزيزِ فَضيلَةِ التَّواضُع، لِكَونِنا نُصبِحُ مَوضوعِيّينَ وَواقِعّيينَ في تَقييم كُلّ شَيء، وَهَكذا كُلُّ شَيءٍ لا يَتَّصِلُ بِالمـَحَبَّةِ نَراهُ باهِتًا وَجافًّ. لا يَعني أَنَّنا نُصبِحُ سَلبِيّينَ وَفاتِرينَ بَل نُدرِكُ ما عَلَينا عَمَلَهُ وَفقًا لِمَشيئَةِ الله. لا تُقَيِّم أَعمالَكَ تِبعًا لِمَزاجِكَ، دَع كَلِمَةَ اللهِ تَعمَلُ فيكَ دائِماً.
رَبّي يَسوع، كُلُّ الأَشياءِ وَالأَعمالِ وَالإِنتاجاتِ تَسقُطُ إِن لَم تَكُن مَصنوعَةً بِمَحَبَّتِكَ. وَكُلُّ جُهودي وَأَتعابي إِن أَرجَعتُها إِلى تَصميمِ إِرادَتي تَفقِدُ قيمَتَها إِن لَم تَبلُغ إِلَيكَ، لِأَنَّ كُلَّ شَيءٍ خارِجًا عَنكَ يَبقى باطِلًا وَنافِلًا. فَيا إِلَهي الطَّيّب وَالكَثيرِ الجودَة، هَبني القَناعَةَ الإِنجيليَّةَ مَعَ التَّواضُعِ وَالشَّجاعَة لِكَي أُثابِرَ بِأَمانَةٍ في خِدمَتِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة خميس أُسبوع الكهنة ”إِنَّنا عَبيدٌ لا نَفعَ مِنّا، فَقَد فَعَلنا ما كانَ يَجِب عَلَينا أَن نَفعَل“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!