موقع Allah Mahabba الأحد الرابع بعد الدنح: إعتلان سرّ المسيح للسامريّة
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 7: 1 – 6
أَيُّهَا الإِخْوَة، إِنِّي أُكَلِّمُكُم كأُنَاسٍ يَعْرِفُونَ الشَّرِيعَة: هَلْ تَجْهَلُونَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تتَسَلَّطُ عَلى الإِنْسَانِ مَا دَامَ حَيًّا؟
فَٱلمَرْأَةُ المُتَزَوِّجَةُ تَرْبُطُهَا الشَّرِيعَةُ بِزَوجِهَا مَا دَامَ حَيًّا، ولكِنْ إِذَا مَاتَ زَوجُهَا، أُعْتِقَتْ مِنَ الشَّرِيعَةِ الَّتي تَرْبُطُهَا بِهِ.
فَإِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَر، وَزَوْجُهَا حَيّ، تُدْعَى زَانِيَة. وَلكِنْ إِذَا مَاتَ زَوجُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ الشَّرِيعَة، ولا تَكُونُ زَانِيَة إِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَر.
هكَذَا أَنْتُم أَيْضًا يَا إِخْوَتي، قَدْ مُتُّم عَنِ الشَّرِيعَةِ بِجَسَدِ المَسِيح، لِكَي تَصِيرُوا لآخَر، وهُوَ الَّذي أُقِيمَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، حتَّى نُثْمِرَ لله.
فعِنْدَمَا كُنَّا أُنَاسًا جَسَدِييِّن، كَانَتْ أَهْوَاءُ الخَطايَا تَغْتَنِمُ الشَّرِيعَةَ لِتَعْمَلَ في أَعْضَائِنَا، حتَّى نُثْمِرَ لِلمَوت.
أَمَّا الآنَ فقَدْ أُعْتِقْنَا مِنَ الشَّرِيعَة، لأَنَّنَا مُتْنَا عَمَّا كَانَ يَأْسُرُنَا، حتَّى نَعْبُدَ اللهَ في نِظَامِ الرُّوحِ الجَدِيد، لا في نِظَامِ الحَرفِ العَتِيق.
إنجيل القدّيس يوحنّا 4: 5 – 7. 9 – 26
فَأَتَى إِلى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَار، عَلى مَقْرُبَةٍ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاهَا يَعْقُوبُ لٱبْنِهِ يُوسُف،
وفِيها نَبْعُ يَعْقُوب. وكَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ المَسِير، فَجَلَسَ عِنْدَ النَّبْع، وكَانَتِ السَّاعَةُ نَحْوَ الظُّهْر.
وجَاءَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاء، فقَالَ لَهَا يَسُوع: «أَعْطينِي لأَشْرَب»؛
فقَالَتْ لَهُ ٱلمَرْأَةُ السَّامِريَّة: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي أَنْ تَشْرَب، وأَنْتَ يَهُودِيّ، وأَنَا ٱمْرَأَةٌ سَامِرِيَّة؟». قَالَتْ هذَا، لأَنَّ اليَهُودَ لا يُخَالِطُونَ السَّامِريِّين.
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: «لَو كُنْتِ تَعْرِفِينَ عَطِيَّةَ الله، ومَنِ القَائِلُ لَكِ: أَعْطينِي لأَشْرَب، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا».
قَالَتْ لَهُ المَرْأَة: «يَا سَيِّد، لا دَلْوَ مَعَكَ، والبِئْرُ عَمِيقَة، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ المَاءُ الحَيّ؟
هَلْ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوب، الَّذي أَعْطَانَا هذِهِ البِئْر، ومِنْهَا شَرِبَ هُوَ وبَنُوهُ ومَاشِيَتُهُ؟».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا المَاءِ يَعْطَشُ مِنْ جَدِيد.
أَمَّا مَنْ يَشْرَبُ مِنَ المَاءِ الَّذي أُعْطِيهِ أَنَا إِيَّاه، فَلَنْ يَعْطَشَ إِلى الأَبَد، بَلِ المَاءُ الَّذي أُعْطِيهِ إِيَّاهُ يَصِيرُ فيهِ نَبْعَ مَاءٍ يَتَفَجَّرُ حَيَاةً أَبَدِيَّة».
قَالَتْ لَهُ المَرْأَة: «يَا سَيِّد، أَعْطِنِي هذَا المَاء، حَتَّى لا أَعْطَش، ولا أَعُودَ إِلى هُنَا لأَسْتَقِي».
قَالَ لَهَا: «إِذْهَبِي، وٱدْعِي زَوْجَكِ، وعُودِي إِلى هُنَا».
أَجَابَتِ ٱلمَرْأَةُ وقَالَتْ لَهُ: «لا زَوْجَ لِي». قَالَ لَهَا يَسُوع: «حَسَنًا قُلْتِ: لا زَوْجَ لِي.
فَقَدْ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاج، والَّذي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. صَدَقْتِ في مَا قُلْتِ».
قَالَتْ لَهُ ٱلمَرْأَة: «يَا سَيِّد، أَرَى أَنَّكَ نَبِيّ.
آبَاؤُنَا سَجَدُوا في هذَا الجَبَل، وأَنْتُم تَقُولُون: إِنَّ المَكَانَ الَّذي فَيهِ يَجِبُ السُّجُودُ هُوَ في أُورَشَلِيم».
قَالَ لَهَا يَسُوع: «صَدِّقِينِي، يَا ٱمْرَأَة. تَأْتِي سَاعَةٌ، فِيهَا تَسْجُدُونَ لِلآب، لا في هذَا الجَبَل، ولا في أُورَشَلِيم.
أَنْتُم تَسْجُدُونَ لِمَا لا تَعْلَمُون، ونَحْنُ نَسْجُدُ لِمَا نَعْلَم، لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود.
ولكِنْ تَأْتِي سَاعَة، وهِيَ الآن، فِيهَا السَّاجِدُونَ الحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِٱلرُّوحِ والحَقّ. فَعَلى مِثَالِ هؤُلاءِ يُريدُ الآبُ السَّاجِدينَ لَهُ.
أَللهُ رُوح، وعَلى السَّاجِدِينَ لَهُ أَنْ يَسْجُدُوا بِٱلرُّوحِ والحَقّ».
قَالَتْ لَهُ ٱلمَرْأَة: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَشِيحَا، أَيِ المَسِيح، آتٍ؛ وعِنْدَمَا يَأْتِي فَهُوَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيء».
قَالَ لَهَا يَسُوع: «أَنَا هُوَ، أَنَا المُتَكَلِّمُ مَعَكِ».
لتأمّل
”لَو كُنتِ تَعرِفينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمنِ القائِلُ لَكِ: أَعطِني لِأَشرَب“
يَحمِلُ اللِّقاءُ مَعَ أَشخاصٍ جُدُدٍ عَلَينا، جَديدًا لا نَتَوَقَّعُهُ، لا عَلى مُستَوى مَعرِفَتِنا للآخَرِ بِمَزيدٍ مِنَ المـَعلوماتِ عَنهُ لَدَينا، وَحَسب، بَل مَزيدًا مِن مَعرِفَتِنا لِأَنفُسِنا وَبِشَكلٍ أَعمَق عِندَما يَكونُ كِلا الطَّرَفَينِ مُنفَتِحَينِ عَلى بَعضِهِم البَعض. واقِعُ الإِختِبار يُبَيِّنُ لَنا أَنَّ لِقاءَ النَّاسِ في بَعضِهِم البَعضَ بِأَغلَبِ الأَحيانِ يُشَكِّلُ مَحَطَّةَ تَحَوُّلٍ، فَمَن يَنتَبِه لِحَرَكَةِ نَفسِهِ وَبِخاصَّةٍ إِلى مَجرى أَفكارِهِ وَمَشاعِرِهِ وَتَطَلُّعاتِهِ يَستَطيعُ أَن يَفهَمَ التَّغَيُّرَ الَّذي يَنشَأُ فيه، إِذ يَفتَح آفاقًا جَديدَةً مَعَ تَطَلُّعاتٍ جَديدَة. نَجِدُ صَدًى وَاضِحًا لِما قُلناهُ في لِقاءِ يَسوع مَعَ السَّامِريَّة، حَيثُ نُلاحِظُ التَّحَوُّلَ الَّذي جَرى مَعَ يَسوع وَمَعَ المَرأَةِ بِصورَةٍ واضِحَة. مِن جِهَةٍ نَرى يَسوع يَنتَقِلُ مِن إِنسانٍ عَطشانٍ إِلى يُنبوعَ ماءٍ، والمـَرأَةُ الباحِثَةُ عَن الماءِ، تُصبِحُ باحِثَةً عَن عَريسٍ سَماويٍّ وَتَسأَلُ عَن عِبادَةَ الله. في قَلبِ هذا اللِّقاء تَأخُذُ كَلِماتُ يَسوعَ لَها وَقعًا قَوِيًّا لِتُظَهِّرَ لَنا قيمَةَ الكَلِمَة الَّتي نَتَناقَلُها، فَقَد أَشارَ إِلى ذاتِهِ كَجوابٍ عَلى طَلَبِها العميق.
يا بُنَيَّ، مَن عَرَفَ عَطِيَّةَ اللهِ، لَوَجَدَ نَفسَهُ أَغنى أَغنياءِ العالَم، لِأَنَّ ثَروَتَهُ الرُّوحِيَّةُ بِطَبيعَتِها لا تَعرِفُ الفَناء. قَد تَسأَل ما هِيَ عَطِيَّةُ اللهِ لي؟ قَد أَعطَيتُكَ روحي القُدُّوس، فَبِهِ تَكتَشِفُ أَنَّ شَخصِيَّتَكَ وَكِيانَكَ لا يُحَدُّ بِقِياسِ جَسَدِكَ وَحُدودِكَ الجُغرافِيَّةِ، إِنَّما يَمضي بِكَ مَعَ كُلِّ لِقاءٍ لِتَكتَشِفَ عَطِيَّةَ حُضوري الدَّائِمِ وَالمـُواكِبِ لَكَ بِوَجهِ الرَّاعي الصَّالِحِ في العالَم. كَما أَشَرتُ إِلى المَرأَةِ السَّامِرِيَّة عَلى أَنِّي عَطِيَّةُ اللهِ لَها، هَكَذا تَستَطيعُ بِدَفعٍ مِنَ الرُّوحِ القُدُس، أَن تَكتَشِفَ كَيفَ أَتَقَدَّمُ مِنكَ مَعَ كُلِّ لِقاءٍ إِنسانيّ، مُحتَفِظًا بِسِمَةِ حُضوري المـُتَواري وَالخَفيّ، حاثًّا إِيَّاكَ على تَلَمُّسِ نِعمَتي العامِلَةِ في قَلبِكَ. حَسَنٌ لَكَ أَن تَتَعَلَّمَ كَيفَ تُسقِطُ الأَحكامَ المـُسبَقَة على مِثالِ المـَرأَةِ السَّامِرِيَّة، الَّتي ما إِن تَقَعُ حَتَّى تَدخُلَ في رُؤيَةٍ جَديدَة، تُصَوِّبُكَ نَحوَ كُلِّ ما هوَ خَيرٌ وَصالِحٌ وَجَميلٌ بِالحَقّ. هيَ لَم تَستَطِع ذَلِكَ بِمُفرَدِها، وَلَكِن تَلَقُّفَها لِكَلِمَتي وَقَبولَها لَها، جَعَلَها تَكتَشِفُ وَتَكشِفُ لي ما كانَت تُعاني مِنهُ، وَكانَ لَها سَبَبَ ظَمَئٍ وَعَطَشٍ كَبيرٍ، فَعَرَفت مَعي جِرحَها، وَضَمَّدَتهُ بِحِوارِ الصَّلاةِ وَالمـُناجاةِ اللَّذَينَ كانَا في صُلبِ اللِّقاءِ.
كَيفَ يَطلُبُ اللهُ بِالإِبنِ الكَلِمَةِ المـُتَجَسِّدِ يَسوعَ النَّاصِريّ ماءً لِيَشرَب؟ كَيفَ للهِ أَن يَعيشَ حالِ البَشَر، يَجوعُ وَيَعطَشُ وَيَتعَب. مَعَ إِضاءَةِ الإِنجيليّ يوحَنَّا على لِقاءِ يَسوع بِالسَّامِرِيَّة، يُبرِز لَنا أَوَّلًا وَجهَهُ الإِنسانيّ، هَو الخائِفِ وَالهارِب مِن أَيدي اليَهود، وَاللَّاجِئِ إِلى أَرضِ السَّامِرَة، وَالتَّعِبِ المـُنهَكِ المـُستَلقي عِندَ بِئرِ يَعقوبَ، وَالمـُنتَظِر بِظَمَئٍ كَبيرٍ أَحَدًا يَسقيهِ، كَما وَأَنَّهُ يَنتَظِرُ عَودَةَ التَّلاميذِ لِيَأكُلَ الطَّعام. في قَلبِ هَذِهِ الإِنسانِيَّة يُعلِنُ للمـَرأَة السَّامِرِيَّة أَنَّهُ عَطِيَّةُ اللهِ وَأَنَّ كُلَّ ما يَعيشُهُ الإِنسانُ مِن نَقَصٍ وَعَوَزٍ على مُستوى الحاجَة، لَهُ بُعدٌ في قَلبِ اللهِ إِنَّهُ العَطشانُ لِقُلوبِ البَشَرِ لِيَملَأَها مِن روحِهِ القُدُّوسِ حُبًّا وَحَياة. خُذ مَقصَدًا وَقَدِّم ضُعفَكَ لِيَسوعَ مَع السَّامِرِيَّة.
رَبِّي يَسوع، مِن دونِ روحِكَ القُدُّوسِ، وَلَولا سِراجَ كَلِمَتَكَ لَما استَطَعتُ أَن أَعرِفَ ما أَغضَقتَ عَلَيَّ مِن نِعَمٍ وَمَواهِبَ وَعَطايا روحِيَّة. لَبَقيتُ واقِفًا عِندَ حُدودِ كُلِّ بُعدٍ مادّيّ. لَولا سُؤالَكَ المـُلِحَّ عَلَيَّ بِصَوتِكَ الدَّافِئِ لَما عَرَفتُ كَيفَ تُخاطِبَني بِصَمتٍ يَضَعُني أَمامَ سِرّ أُلوهِيَّتِكَ المـُحتَجِبَةِ في قَلبِ حَياتي، فَأَنا أَحتاجُ جِدًّا إِلَيكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة الأحد الرابع بعد الدنح: إعتلان سرّ المسيح للسامريّة ”لَو كُنتِ تَعرِفينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمنِ القائِلُ لَكِ: أَعطِني لِأَشرَب“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!