موقع Allah Mahabba خميس الأسبوع الثالث بعد الدّنح
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 6: 14 – 18. 7: 1
يا إخوَتِي، لا تَرْتَبِطُوا بِنِيرٍ وَاحِدٍ معَ غَيْرِ المُؤْمِنِين: فأَيُّ رِبَاطٍ بَيْنَ البِرِّ والإِثْم؟ أَوْ أَيُّ شَرِكَةٍ بَيْنَ النُّورِ والظَّلام؟
وأَيُّ وِفَاقٍ بَيْنَ المَسِيحِ والشَّيْطَان؟ أَو أَيُّ قِسْمَةٍ بَيْنَ المُؤْمِنِ وغَيْرِ المُؤْمِن؟
أَيُّ ٱلْتِئَامٍ بَيْنَ هَيْكَلِ ٱللهِ والأَوْثَان؟ فَنَحْنُ هَيْكَلُ ٱللهِ الحَيّ! كَمَا قَالَ ٱلله: «سَأَسْكُنُ بَيْنَهُم وأَسِيرُ مَعَهُم، وأَكُونُ لَهُم إِلهًا وهُم يَكُونُونَ لي شَعْبًا.
لِذلِكَ ٱخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهِم، وٱنْفَصِلُوا عَنْهُم، يَقُولُ الرَّبّ، ولا تَمَسُّوا مَا هوَ نَجِس، وَأَنَا أَقْبَلُكُم،
وأَكُونُ لَكُم أَبًا، وأَنْتُم تَكُونُونَ لي بَنِينَ وبَنَات، يَقُولُ الرَّبُّ القَدِير».
إِذًا، بِمَا أَنَّ لَنَا هذِهِ الوُعُود، أَيُّهَا الأَحِبَّاء، فَلْنُطَهِّرْ أَنْفُسَنَا مِنْ كُلِّ مَا يُدَنِّسُ الجَسَدَ والرُّوح، وَلْنُكَمِّلْ تَقْدِيسَ أَنْفُسِنَا في مَخَافَةِ ٱلله.
إنجيل القدّيس يوحنّا 9: 26 – 41
قَالَ الفرِّيسِيُّونَ لِلأَعمَى: «مَاذَا صَنَعَ لَكَ؟ كَيْفَ فَتَحَ عَيْنَيْك؟».
أَجَابَهُم: «قُلْتُ لَكُم ومَا سَمِعْتُم لِي، فَلِمَاذَا تُرِيْدُونَ أَنْ تَسْمَعُوا مَرَّةً ثَانِيَة؟ أَلَعَلَّكُم تُريدُونَ أَنْتُم أَيْضًا أَنْ تَصِيرُوا لَهُ تَلاميذ؟».
فَشَتَمُوهُ وقَالُوا: «أَنْتَ تِلميذُهُ! أَمَّا نَحْنُ فَتَلاميذُ مُوسَى!
نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ كَلَّمَ مُوسَى، أَمَّا هذَا فلا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ!».
أَجَابَ الرَّجُلُ وقَالَ لَهُم: «عَجَبًا أَنَّكُم لا تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ هُوَ، وقَدْ فَتَحَ عَيْنَيَّ!
نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللهَ لا يَسْمَعُ لِلْخَطَأَة، بَلْ يَسْمَعُ لِمَنْ يَتَّقِيهِ ويَعْمَلُ مَشِيئتَهُ.
لَمْ يُسْمَعْ يَوْمًا أَنَّ أَحَدًا فَتَحَ عَيْنَي مَنْ وُلِدَ أَعْمَى.
فَلَو لَمْ يَكُنْ هذَا الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِ الله، لَمَا ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا».
أَجَابُوا وقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ كُلُّكَ وُلِدْتَ في الخَطَايَا، وتُعَلِّمُنَا؟». ثُمَّ طَرَدُوهُ خَارِجًا.
وسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُم طَرَدُوه، فَلَقِيَهُ وقَالَ لَهُ: «أَتُؤْمِنُ أَنْتَ بِٱبْنِ الإِنْسَان؟».
أَجَابَ وقَال: «ومَنْ هُوَ، يَا سَيِّد، فَأُؤْمِنَ بِهِ؟».
قَالَ لَهُ يَسُوع: «لَقَدْ رَأَيْتَهُ، وهُوَ الَّذي يُكَلِّمُكَ».
فَقَال: «أَنَا أُؤْمِن، يَا رَبّ». وسَجَدَ لَهُ.
فَقَالَ يَسُوع: «جِئْتُ إِلى هذَا العَالَمِ لِلدَّيْنُونَة، لِيُبْصِرَ الَّذينَ لا يُبْصِرُون، ويَعْمَى الَّذينَ يُبْصِرُون».
سَمِعَ هذَا الكَلامَ بَعْضُ الفَرِّيسِيِّينَ الَّذينَ كَانُوا مَعَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «وهَلْ نَحْنُ أَيْضًا عُمْيَان؟».
قَالَ لَهُم يَسُوع: «لَوْ كُنْتُم عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ عَلَيْكُم خَطِيئَة. ولكِنْ مَا دُمْتُم تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِر، فَخَطِيئَتُكُم ثَابِتَة.
لتأمّل
”جِئتُ إِلى هذا العالَم للدَّينونَة، لِيُبصِرَ الَّذينَ لا يُبصِرون“
في بَعضِ الأَحيان نَجِدُ كَلامَ يَسوع، ثَقيلًا عَلى مَسامِعِنا، فَهوَ يَضَعُنا أَمامَ عُنصُرِ المـُفاجَأَة، وَأَمامَ البَحثِ عَن جَوابٍ لِيَفهَمَ القَلبُ أَكثَرَ مِن أَن يَقتَنِعَ العَقلُ، وهذا الأَمرُ يَدفَعُنا للتَّأَمُّلِ وَالصَّلاةِ وَإِلى مُناجاةِ الله وَفقًا لتَيَّارِ النِّعمَةِ الإِلَهِيَّة. إِنَّ هُوِيَّةَ يَسوع، تُعَرَّفُ باسمِهِ القُدُّوس، إِنَّهُ المـُخَلِّص، وَما نَنتَظِرُهُ نَحنُ مِنهُ يَعني خَلاصَنا، فَكَيفَ يَقولُ لَنا قَد جاءَ إِلى العالَمِ لِلدَّينونَة؟ لا نَستَطيعُ فَهمَ كَلِمَتِهِ إِن حَزَفنا مِن كِيانِنا حُرِّيَّتَنا، وَلا نَستَطيعُ قُبولَ أَحكامِهِ لو لَم يُرِنا حُسنَ وَصَلاحَ أَعمالِهِ. فَهوَ لَم يَأتِ لِيَقمَعَ حُرِّيَّتَنا وَيَفرِض عَلَينا أَن نَختارَهُ، إِنَّما جاءَ لِيُبَيِّنَ لَنا أَنَّ عَيشَنا لِحُرِّيَّتِنا بِالشَّكلِ الصَّحيحِ يَستَدعي نورًا إِلَهِيًّا يُبَيِّنُ لَنا مِن خِلالِهِ أَنَّ الحُرِّيَّةَ تَكونُ في اختِيارِ الخَيرِ، أَمَّا اختِيارُ الشَّرّ يُصبِحُ عُبودِيَّةً وَاستِعبادًا. قُبولُنا لِلمَسيحِ يَعني أَن نَكونَ أَحرارًا، فَخارِجًا عَنهُ لَن نَفهَمَ الحُرِّيَّةَ وَلَن نَستَطيعَ أَن نَعيشَها، فَهيَ مِن طَبيعَةٍ إِلَهيَّة وَغايَتُها بِالمـَسيحِ يَسوع أَن تُؤَلِّهَنا، فَنُعايِنَ النُّورَ بِالنُّور وَفقَ صَلاةِ صاحِبِ المـَزامير.
يَا بُنَيَّ، وَأَنتَ تَسأَل كَيفَ هِيَ بِدَينونَةٍ أَن يُبصِرَ الَّذينَ لا يُبصِرون، وَنَتيجَتُها رَحمَةً وَحَياة؟ وَلِماذا على الَّذينَ يُبصِرونَ أَن يُعاقَبوا بِعَدَمِ البَصَر؟ إِلَيكَ الجَوابُ فَتَأَمَّلهُ، يُمَثِّلُ البَصَرُ المـَعرِفَةَ، فيما العَمى يُمَثِّلُ الجَهلَ. مَن يُبصِر يَستَطيعُ أَن يُمَيِّزَ ويَختارَ، وَبِالتَّالي لَدَيهِ إِمكانِيَّةَ التَّعبيرِ عَن حُرِّيَّتِهِ وَهوَ مَسؤولٌ عَنها، أَمَّا الَّذي لا يُبصِر فَهوَ أَمام واقِعٍ قَيَّدَهُ بِسِجنِ الظُّلمَة. قالَ فِيَّ النَّبِيُّ أَشَعيا، أَنِّي سَأَفُكُّ قُيودَ الأَسرى، فَكُنتُ لِلإِنسانِ نورًا لِكَي يُبصِرَ في إِنسانِيَّتي هوِيَّتَهُ الحَقَّة، فَيَتَحَرَّرَ مِنَ الأَسرِ، وَأَعني بِهَذا أَنَّني كَشَفتُ لَهُ نَفسي وَدَخَلتُ مَعَهُ بِعَلاقَةِ صَداقَةٍ حَيَّة. فَلَيسَ نوري بِمَثابَةِ نورِ الضّوء، وَلَكِن يَفعَلُ الفِعلَ نَفسَهُ عَلى مُستَوى الباطِن، إِذ بِهِ يَعرِفُ الإِنسانَ لا الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ، وَلا الحَقَّ مِنَ الباطِلِ، وَلا الصَّوابَ مِنَ الخَطَأ وَحَسبُ، إِنَّما بِفِعلِ التَّمييزِ الرُّوحيّ يُدرِكُ مقامَهُ وَالمـَسؤولِيَّة الَّتي تُلزِمُهُ أَن يَكونَ ذاتَهُ الحَقَّة بي وَفيَّ وَمَعي أَو لا يَكون. إِنَّ كُلَّ مَن عَرَفَني وَمَيَّزَ النِّعمَةَ المـُعطاةَ لَهُ مِنّي وَعادَ أَدراجَهُ لِيَسلُكَ في الظُّلمَةِ رافِضًا عَطاياي، يَكونُ قَد أَقصى ذاتَهُ عَن النُّورِ الحَقّ وَبِالتَّالي أَصبَحَ أَعمى، وَعَبداً للظُّلمَة.
يُمَثِّلُ الحِوارَ بَينَ الأَعمى وَاليَهود وَيَسوع، مَشهَدَ الوقوفِ أَمامَ قَوسِ المـَحكَمَة، وَكَأَنَّ الرِّسالَةَ المـُوَجَّهَة لَنا هُنا، أَنَّنا مَدعوُّينَ في حَياتِنا لِتَقديمِ الشَّهادَةَ لِيَسوعَ الَّذي يُنيرُ بَصائِرَ قُلوبِنا بِنورِ روحِهِ القُدُّوس، وَأَن يَكونَ لَنا الجُرأَةَ وَالعَزمَ وَالشَّجاعَة، على أَن نَثبُتَ بِالإِيمانِ بِمَن وَضَعنا عَلَيهِ اتِّكالنا، فَيَكونَ لَدَينا الجَوابَ وَالحِجَّةَ أَمامَ مَن يُقارِعونَنا وَيَضطَهِدونَنا. مَعَ الأَعمى نُدرِكُ أَنَّ اللهَ لَن يَدَعنا في ظُلُماتِنا، إِنَّما يَشفينا بِنورِهِ، وَبِمَوقِفِ وَتَعليمِ يَسوع نُدرِكُ أَنَّ قَبولَنا لِلنُّورِ أَو رَفضِهِ يَقِفُ عِندَ خَيارِنا، لِذَلِكَ نَكتَشِفُ مِن خِلالِ الإِنجيل وَواقِعِ الحياةِ وَمَسارِ التَّاريخ، أَنَّ هُناكَ طَريقان: طَريقُ الحَياةِ وَالنُّور، وَطَريقُ المـَوتِ وَالظُّلمَة. خُذ مَقصدًا، وَكُن مِمَّن يَقبلونَ عَيشَ نورِ الإِنجيلِ.
رَبِّي يَسوع، مُدَّني بِنورِكَ وَحَرِّرني مِن قُيودي، فَبِهِ أَشعُرُ بِالرَّجاءِ حَيثُ اليَأسُ وَالقُنوطُ يُحارِبِني. مُدَّني بِنورِكَ لِأُبصِرَ عَجائِبَكَ في الخَلقِ وَفي التَّاريخِ وَفيَّ وَفي حياةِ النّاس، فَأَشهَدَ عَلى أَنَّك الحُبُّ وَمَصدَرُ الحَياةِ وَمُبدِعَها وَحافِظَها. مُدَّني بِنورِكَ لِكَي أَعيشَ وَفقًا لِمِثالِكَ، باستِقامَةِ نَفسٍ وَصَفاءِ قَلبٍ وَعَطاءِ كِيانٍ عَرَفَ مَحَبَّتَكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة خميس الأسبوع الثالث بعد الدّنح”جِئتُ إِلى هذا العالَم للدَّينونَة، لِيُبصِرَ الَّذينَ لا يُبصِرون“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!