موقع Allah Mahabba أحد الأسبوع الثّاني بعد الدّنح: إِعتِلان سرّ المـَسيح للرُّسُل
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل قورنتس 4: 5 – 15
يا إخوَتِي، نَحْنُ لا نُبَشِّرُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ نُبَشِّرُ بِيَسُوعَ المَسِيحِ رَبًّا، وبِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُم مِنْ أَجْلِ يَسُوع؛
لأَنَّ ٱللهَ الَّذي قَال: «لِيُشْرِقْ مِنَ الظُّلْمَةِ نُور!»، هُوَ الَّذي أَشْرَقَ في قُلُوبِنَا، لِنَسْتَنِيرَ فَنَعْرِفَ مَجْدَ ٱللهِ المُتَجَلِّيَ في وَجْهِ المَسِيح.
ولكِنَّنَا نَحْمِلُ هذَا الكَنْزَ في آنِيَةٍ مِنْ خَزَف، لِيَظْهَرَ أَنَّ تِلْكَ القُدْرَةَ الفَائِقَةَ هِيَ مِنَ ٱللهِ لا مِنَّا.
يُضَيَّقُ عَلَيْنَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ ولكِنَّنَا لا نُسْحَق، نَحْتَارُ في أَمْرِنَا ولكِنَّنَا لا نَيْأَس،
نُضْطَهَدُ ولكِنَّنَا لا نُهْمَل، نُنْبَذُ ولكِنَّنَا لا نَهْلِك،
ونَحْمِلُ في جَسَدِنَا كُلَّ حِينٍ مَوْتَ يَسُوع، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا في جَسَدِنَا؛
فَإِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ نُسْلَمُ دَوْمًا إِلى المَوْت، مِنْ أَجْلِ يَسُوع، لِكَيْ تَظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا في جَسَدِنَا المَائِت.
فَالمَوْتُ يَعْمَلُ فينَا، والحَيَاةُ تَعْمَلُ فيكُم.
ولكِنْ بِمَا أَنَّ لَنَا رُوحَ الإِيْمَانِ عَيْنَهُ، كَمَا هوَ مَكْتُوب: «آمَنْتُ، ولِذلِكَ تَكَلَّمْتُ»، فَنَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِن، ولِذلِكَ نَتَكَلَّم.
ونَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ ذلِكَ الَّذي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوع، سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا مَعَ يَسُوع، وَيَجْعَلُنَا وإِيَّاكُم في حَضْرَتِهِ.
فَكُلُّ شَيءٍ هُوَ مِنْ أَجْلِكُم، لِكَي تَكْثُرَ النِّعْمَة، فَيَفِيضَ الشُّكْرُ في قُلُوبِ الكَثِيرينَ لِمَجْدِ ٱلله.
إنجيل القدّيس يوحنّا 1: 35 – 42
في الغَدِ أَيْضًا كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وٱثْنَانِ مِنْ تَلاميذِهِ.
ورَأَى يَسُوعَ مَارًّا فَحَدَّقَ إِليهِ وقَال: «هَا هُوَ حَمَلُ الله».
وسَمِعَ التِّلْمِيذَانِ كَلامَهُ، فَتَبِعَا يَسُوع.
وٱلتَفَتَ يَسُوع، فرَآهُمَا يَتْبَعَانِهِ، فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا تَطْلُبَان؟» قَالا لَهُ: «رَابِّي، أَي يَا مُعَلِّم، أَيْنَ تُقِيم؟».
قالَ لَهُمَا: « تَعَالَيَا وٱنْظُرَا». فَذَهَبَا ونَظَرَا أَيْنَ يُقِيم. وأَقَامَا عِنْدَهُ ذلِكَ اليَوم، وكَانَتِ السَّاعَةُ نَحْوَ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الظُّهر.
وكَانَ أَنْدرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ أَحَدَ التِّلمِيذَيْن، اللَّذَيْنِ سَمِعَا كَلامَ يُوحَنَّا وتَبِعَا يَسُوع.
ولَقِيَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَان، فَقَالَ لَهُ: «وَجَدْنَا مَشيحَا، أَيِ المَسِيح».
وجَاءَ بِهِ إِلى يَسُوع، فَحَدَّقَ يَسُوعُ إِليهِ وقَال: «أَنْتَ هُوَ سِمْعَانُ بْنُ يُونا، أَنتَ سَتُدعى كيفا، أَي بُطرُسَ الصَّخْرَة».
التأمّل
”وَجَدنا مَشيحا، أي المـَسيح“
يُقَدِّمُ لَنا يوحَنَّا الرَّسول إِنجيلَهُ بِمَشهَدِيَّةٍ رائِعَةٍ جِدًّا؛ يُبرِزُ أَوَّلًا مُبادَرَةَ اللهِ تُجاهَ الإِنسان في تَجَسُّدِ الكَلِمَة، ثُمَّ يَضَعُ أَمامَنا يوحَنَّا المـَعمَدان كَشَاهِدٍ وَمُشيرٍ وَرَسولٍ، يُساعِدُنا عَلى اكتِشافِ مَن نَسعى وَنَرغَب وَنَحلُمُ بِهِ، فَيُقَدِّمَهُ لَنا بِصورَةِ حَمَلَ اللهِ، المـُثَبَّت مِنَ الآبِ “ابني الحَبيب، الَّذي عَنهُ رَضيت”. بَعدَها يَنتَقِلُ إِلى دَعوَةِ الرُّسُلِ الأَوَّلين، حَيثُ نَجِد مَعَهُم مَن شَهِدَت عَلَيهِ الكُتُبُ المـُقَدَّسَة وَهوَ المـَشيحَ أَي المـَسيح، وَمَع اللِّقاءِ بِهِ يَختُمُ الإِنجيليّ مُقَدِّمَتَهُ لِيَبدَأَ بِمَشهَدِيَّةٍ أُخرى تَعني كِتابَ الآيات. لَم يَتَمَكَّنوا الرُّسُلَ مِن إِيجادِ المـَسيحِ لَو لَم يُبادِر هُوَ بِفِعلِ مَحَبَّتِهِ مُخلِيًا ذاتَهُ، لِيَكونَ الكَلِمَةُ جَسَدًا. لَم يَتَمَكَّنوا الرُّسُلَ مِن إِيجادِ المـَسيحِ لَو لَم يَدفَعُهُم الرُّوحُ القُدُسَ لِيَبحَثوا عَنهُ في الكُتُبِ المـقَدَّسَةِ، وَلَو لَم يَسمَعوا لِيوحَنَّا المـَعمَدان، وَأَخيرًا لَو لَم يُبادِر هوَ بِشَخصِهِ وَيَلتَقيهِم، قَبلَ أَن يَلتَقوا هُم بِهِ. خُلاصَةَ القَولِ: اللهُ هوَ الَّذي يَعمَلُ فينا عَمَلَ نِعمَتِهِ الخَلاصِيَّة لِنَبحَثَ عَنهُ فَنَجِدَهُ، فيما هُوَ قَد أَتى إِلَينا لِأَنَّهُ أَحَبَّنا أَوَّلًا.
يَا بُنَيَّ، قَبلَ أَن تَسأَلَ مَن أَكونُ وَأَينَ أُوجَدُ، كُنتَ في قَلبي وَفِكري وَفي صَميمِ مَحَبَّتي الإِلَهِيَّة، وَسُؤالُكَ عَنِّي، ما هُوَ تَصَرُّفٌ حِشريٌّ أَو ناجِمٌ عَن حَرَكَةٍ فِكرِيَّةٍ، بِقَدرِ ما هُوَ تَعبيرٌ حَقيقيٌّ وَعَميقٌ عَن حاجَتِكَ الأَساسِيَّة لِلوُجودِ وَفقًا لِغايَتِهِ القُصوى. في كُلِّ مَرَّةٍ تَسأَلُ عَمَّن هوَ الله، وَأَينَ هوَ، أَنتَ تَسأَلُهُ وَتُطالِبُهُ مِن حَيثُ لا تَدري بِتَجَسُّدي. في كُلِّ مَرَّةٍ تَسأَلُ عَمَّن أَنتَ وَكَيفَ لَكَ أَن تَكون، أَنتَ تَبحَثُ عَن المـِقياسِ الحَقيقيّ لِوجودِكَ. كَما الوَلَدُ يُشارُ إِلى أَصلِهِ بارتِباطِهِ بِوالِدَيهِ، وَهُوِيَّتَهُ واسمُهُ يَأخُذُهُ مِنهُما، هَكذا أَنتَ تَتَعَرَّفُ عَلى ذاتِكَ الحَقيقيَّة، عَن طَريقِ لِقائِكَ الشَّخصيّ بي. أَن تَقولَ مَعَ الرُّسُلِ وَجَدنا مَشيحا، هذا يَعني أَنَّكَ وَجَدتَ رَغبَةَ قَلبِكَ الحَقيقيَّة. فَبَعدَما بَحَثوا عَنِّي طَويلًا في الكُتُبِ المـُقَدَّسَةِ، وَبَعدَما سَمِعوا لِيوحَنَّا المـَعمَدان، التَقوا بي في مِلءِ الإِنسان، فَوَجدوا فِيَّ جَوابَ المـَحَبَّةِ الكامِلِ وَالنِّهائيّ، فَرَغِبوا باتِّباعي لِيَعيشوا مِلءَ إِنسانِيَّتِهِم مَعي وَعلى مِثالي. انتَظَرَ اليَهودُ مَشيحًا مُحَرِّرًا، يَعُمُّ السَّلامُ وَالأَمانُ في أَيَّامِهِ، فَوَجَدوا فِيَّ مَن آمَنوا بي ابنَ الإِنسانِ وَابنَ اللهِ، وَعَرفوا بي عَطِيَّةَ الحَياةِ الأَبَدِيَّة.
إِنَّ البَحثَ عَن المـَسيح لا يَعني شَخصًا بِمُفرَدِهِ، إِنَّما كُلَّ إِنسانٍ وَكُلَّ الإِنسان، وَسُبُلَ وَوَسائِلَ البَحثِ وَإِن تَنَوَّعَت وَتَعَدَّدَت، تَبقى مَحدودَة انطِلاقًا مِن مَحدودِيَّةِ الباحِثِ لَكِنَّها هيَ تَعبيرٌ عَن رَغبَةِ القَلب. عِندَما بَحَثَ التَّلاميذُ عَن المـَسيح، بَحَثوا عَمَّن يُعطي المـَعنى لِحَياتِهم الشَّخصِيَّة، وَمَن يُجيبُ على انتِظارِ الشَّعبِ كُلِّهِ، فَيُعطيهِ الخَلاصَ الأَكيد. شَهادَةُ التَّلاميذ لِبَعضِهِم البَعضَ وَلِلآخَرينَ أَنَّهُم قَد وَجَدوا المـَسيحَ، كانَ ذاتَ مَنحًى عَموديّ وَأُفُقيّ، وَهَكذا ما عادَ المـَسيحُ مُخَلِّصًا وَمُحَرِّرًا لِلإِنسانِ على مُستَوى التَّاريخ، بَل ذاتُ بُعدٍ إِسخاتولوجيّ. كَم كانَ فَرَحُ التَّلاميذِ عارِمًا لِأَنَّهُم وَجَدوا المـَسيح. كَيفَ تَبحَثُ عَنهُ اليَومَ، وَهَل التَقَيتَ بِهِ، وَعَرَفَت مَحَبَّتَهُ العَظيمَةِ لَكَ؟!
رَبِّي يَسوع، أَنتَ المـَسيحُ الَّذي انتَظَرَهُ الآباءُ وَالأَنبِياءُ تَكَلَّموا عَنكَ، وَالَّذي عَلى وَقعِ انتِظارِكَ يَنمو في القَلبِ الإِيمانَ وَالرَّجاء. أُريدُ أَن أَلتَقيكَ، وَأُريدُ أَن أُخبِرَ النَّاسَ عَنكَ أَنَّكَ المـَسيحُ، حَيثُ كُلَّ الإِنسانِيَّةِ تَجِدُ وَحدَتَها سفيكَ، فَتَتَصالَحَ مَعَ بَعضِها البَعضَ، بِالمـَحَبَّةِ وَالمـُصالَحَةِ الَّتي أَنتَ أَتمَمتَها وَحَقَّقتَها، فَتَحيا السَّلامَ الحَقيقيّ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل أحد الأسبوع الثّاني بعد الدّنح: إِعتِلان سرّ المـَسيح للرُّسُل ”وَجَدنا مَشيحا، أي المـَسيح“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!