موقع Allah Mahabba عيد سيّدَةُ الزّروع
رسالة القدّيس بولس إلى أهل قولسّي 1: 9 – 17
يا إِخوَتِي، نَحْنُ أَيْضًا، مِنْ يَوْمَ سَمِعْنَا، لا نَزَالُ نُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُم، ونَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَمْلأَكُم مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، في كُلِّ حِكْمَةٍ وفَهْمٍ روحِيّ،
لِتَسِيرُوا كَمَا يَلِيقُ بِالرَّبِّ في كُلِّ مَا يُرْضِيْه، مُثْمِرينَ في كُلِّ عَمَلٍ صَالِح، ونَامِينَ بِمَعْرِفَةِ الله،
مُتَقَوِّينَ كُلَّ القُوَّةِ بِحَسَبِ عِزَّةِ مَجْدِهِ، بِكُلِّ ثَبَاتٍ وطُولِ أَنَاة،
وَبِفَرَحٍ شَاكِرِينَ الآبَ الَّذي أَهَّلَكُم لِلشَّرِكَةِ في مِيراثِ القِدِّيسِينَ في النُّور؛
وهُوَ الَّذي نَجَّانَا مِنْ سُلطَانِ الظَّلام، ونَقَلَنَا إِلى مَلَكُوتِ ٱبْنِ مَحَبَّتِهِ،
الَّذي لَنَا فيهِ ٱلفِدَاء، أَي مَغْفِرَةُ الخَطَايَا:
إِنَّهُ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ المَنْظُور، بِكْرُ كُلِّ خَليقَة،
لأَنَّهُ بِهِ خُلِقَ كُلُّ شَيءٍ في السَّمَاواتِ وعلى الأَرْض، مَا يُرَى ومَا لا يُرَى، عُرُوشًا كَانَ أَمْ سِيَادَات، أَمْ رِئَاسَات، أَمْ سَلاطِين، كُلُّ شَيءٍ بِهِ خُلِقَ وإِلَيه؛
وهُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيء، وبِهِ يَثْبُتُ كُلُّ شَيء،
إنجيل القدّيس لوقا 11: 27 – 31
فيمَا يَسوعُ يَتَكَلَّم بِهذَا، رَفَعَتِ ٱمْرَأَةٌ مِنَ الجَمْعِ صَوْتَها، وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا».
أَمَّا يَسُوعُ فَقَال: «بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها!».
وفيمَا كانَ الجُمُوعُ مُحْتَشِدِين، بَدَأَ يَسُوعُ يَقُول: «إِنَّ هذَا الجِيلَ جِيلٌ شِرِّير. إِنَّهُ يَطْلُبُ آيَة، وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَان.
فكَمَا كَانَ يُونانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوى، كَذلِكَ سَيَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ لِهذَا ٱلجِيل.
مَلِكَةُ الجَنُوبِ سَتَقُومُ في الدَّيْنُونَةِ مَعَ رِجَالِ هذا الجِيلِ وَتَدِينُهُم، لأَنَّها جَاءَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَان، وَهَا هُنَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَان.
التأمّل
”بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحفَظُونَها!“
يُصَوِّرُ الرَّبَّ يَسوعَ في الإِنجيلِ السَّماعَ بِالتُّربَة، وَالكَلِمَةَ بِالزَّرعِ، أَمَّا الثِّمار فَهيَ تَعني تَفاعُلَ التُّربَةَ مَعَ الزَّرعِ عَن طَريقِ عِنايَةِ الزَّارِعِ بِالأَرض. هذا التَّشبيه يَعني الخُصوبَةَ وَالحَمَل وَالحَياة، وَهو بِمَثابَةِ المـُقارَبَة لِدينامِيَّةِ وَصَيرورَةِ حَرَكَةِ النُّمُوِّ في الحَياة. إِذا كُنَّا نُعايِنُ عَلى مُستوى الحَواس خُصوبَةَ الأَرض مِن خِلالِ الثِّمار، باستِطاعَتِنا أَيضًا على مُستَوى الرُّوحِ أَن نُعايِنَ خُصوبَةَ كَلِمَةَ الله في كِيانِنا وَشَخصِنا، وَذَلِكَ عَن طَريقِ الأَفكار المـُستَنارَةِ بِالرُّوحِ القُدُس، وَالأَخلاقَ وَالتَّصَرُّفاتَ وَالأَعمالَ المـُشبَعَة مِن مِثال الرَّبَّ يَسوع. إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ لَها وَقعُها الخاصّ على حَياةِ الإِنسان، فَهيَ بِمَثابَةِ أُصبَعِ العازِف الَّتي توضَعُ على أَحَدِ أَوتارِ القَلبِ فَيُؤتي فِكرَةً وَشُعورًا مُعَيَّنًا. إِنطِلاقًا مِن هذا العَرض، نَكتَشِفُ في جَوابِ يَسوعَ على المـَرأَة الَّتي طَوَّبَت أُمِّهِ العَذراءِ مَريَم، تَأكيدًا وَتَكامُلًا صَريحًا، وَلَكِن مَعَ فَرقٍ وَحيد وَجَوهَريّ، هيَ دَلَّت على ما رَأت على مُستَوى الجَسَد، وهوَ دَلَّ على ما هوَ خَفِيٌّ عَلَيها وَيَعني حَياةَ الرُّوح.
يا بُنَيَّ، كُلُّ إِنسانٍ يَصبو إِلى تَحقيقِ ذاتِهِ، فَيَتَّخِذَ مِمَّا يُقَدَّمُ لَهُ مِن واقِعِ بيئَتِهِ وَمُجتَمَعِهِ وَرَغبَةِ قَلبِهِ سُبُلًا وَبَوصَلَةً حَتَّى يَصِلَ إِلى مُبتَغاه، فيما إِذا رَجعَ إِلَيَّ يُدرِكُ أَنَّهُ قَد وَصَلَ إِلى الهَدَفِ، وَيَبقى عَلَيهِ أَن يَعيشَ وفقًا لِهُوِيَّتِهِ الحَقَّة الَّتي عَرَفَها فِيَّ. وَأَنتَ تَبحَثُ بِاستِطاعَتِكَ أَن تَأخُذَ الكَثيرَ مِنَ النَّصائِحِ وَلَكِن مَعَ كَلِمَتي تَجِدُ لِوَقعِ الرُّوحِ القُدُسِ فيكَ، فِعلَ النِّعمَةِ وَالسَّلام، لِذَلِكَ إِن أَرَدتَ أَن تَحصُدَ ثِمارًا وافِرَة، وَتَصِلَ إِلى مِلئِكَ، عَلَيكَ أَن تَستَثمِرَ وَقتَكَ وَأَنتَ مُصوَّبٌ بِكُلِّيَّتِكَ إِلَيَّ عَن طَريقِ سَعيكَ المـُتَواصل لِكَي تَعيشَ ما تُصَلِّي وَتَتَأَمَّل مِن كَلِمَتي، فَأُطبَعَ فيكَ. أُريدُ أَن أَجِدَ فيكَ الأَرضَ الطَّيِّبَة، وَأَنتَ تُريدُ أَن تَأخُذَ مِنّي جودَةَ الزَّرعِ الأَفضَل. كَما زَرَعَني الآبُ بِتُربَةِ حَشا أُمِّي العَذراءِ مَريَم، أُزرَعُ مِن جَديدٍ بِتُربَةِ قَلبِكَ، إِن أَجَبتَني بنِعَمٍ حُرَّةٍ وَمَسؤولَةٍ وَمُلتَزِمَة. صَحيحٌ أَنَّ التُّربَةَ تَبقى تُربَةً، أَمَّا حَبَّ الزَّرعِ يَنمو لِيُصبِحَ ثِمارًا، لَكِن في حالِ قُبولِكَ لِكَلِمَتي، يُصبِحُ جَسَدُكَ هَيكَلًا مُقَدَّساً لا مُجَرَّدَ تُربَةٍ، وَبِقُوَّةِ كَلِمَتي وَروحي تَغدو بِكُلِّيَّتِكَ مُقَدَّسًا وَمُمَجَّدًا. الطُّوبى لَك إِن آمَنتَ بقُوَّةِ كَلِمَتي الحَيَّة الَّتي تُحَوِّلُكَ إِلَيها.
ما بَينَ بَيتٍ مُكَنَّسٍ يُحيطُهُ خَطَرَ الإِهمالِ، وَجُموعًا تَطلُبُ آيَةً وَحِكمَةَ، تَقَعُ طوبى الجَسَدِ وَطوبى الرُّوحِ بشَكلٍ مُدَوٍّ، لِتُبَيِّنَ الرَّابِط الَّذي يَجمَعُ بَينَ البَيتِ الَّذي يَرمُزُ إِلى الجَسَدِ، وَالحِكمَةِ الَّتي تَرمُزُ إِلى الرُّوح. الهَدَفُ مِنَ البَيت أَي الجَسَد إِيواء وَحِمايَة مالِكِهِ، وَنَعني بِالمالِكِ الرُّوحِ القُدُس الَّذي بِحِكمَتِهِ يَجعَلُ ذاكَ البَيتَ طاهِرًا مَكنوسًا وَمَسكونًا بِالكَلِمَة الَّذي يَجتَذِبُ الكُلَّ إِلَيهِ فَيَستَنيرَ البَيتُ وَيَتَّسِعَ لِضُيوفٍ كَثيرَة. هَذِهِ هِيَ حالَةُ مَن يَسمَع كَلِمَةَ اللهِ وَيعمَلُ بِها، يَرى ذاتَهُ بِمَثابَةِ بَيتٍ مُقَدَّسٍ مُخَصَّصٍ لله، فَلا يَعُد يَستَطيعُ العَيشَ وَفقًا لِلأهواءِ وَلِفِكرِ العالَم إِنَّما حَسَبَ روحِ الرَّبّ الَّذي يَحُثُّهُ عَلى التِهامِ كَلِمَة الله. كُن مَسكِنًا طاهِرًا وَعَلامَةَ مَحَبَّةٍ لِعارِفيكَ، بِقَبولِكَ لِكَلِمَةِ الله.
رَبّي يَسوع، لِحِفظِ كَلِمَتِكَ أَرضٌ طَيِّبَة، مِنها آخُذُكَ خُبزًا وَقُربان، هِيَ أُمُّكَ الَّتي جَعَلتَها أُمًّا لي، هيَ الأَجمَلُ وَالأَطيبُ في الكونِ وَما في الحَياةِ وَفي كُلِّ الأَزمان. قَبلَ المِذوَدِ وَبَعدَهُ وَإِلى الأَبَدِ ما زالَت تَحملِكُ وَتَحفَظُكَ في قَلبِها، وَتُقَدِّمُكَ لي لِتَزرَعَ فِيَّ نِعمَتَكَ، فَتَسقِيَها بِصَلاتِها وَدَمعِها وَمَحَبَّتِكَ، لِأَن أُزرَعَ في مَلَكوتِكَ لِلأَبَدِ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل عيد سيّدَةُ الزّروع “بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحفَظُونَها!“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!