موقع Allah Mahabba – إسهروا!
الأسبوع الأوّل من زمن المجيء بحسب الطقس اللاتيني
في عالَمٍ يَتَّسِعُ لِكَثيرٍ مِنَ الظُّروفِ وَالأَحداثِ وَالإِمكانِيَّاتِ وَالوَقائِع، وَيَحمِلُ في ذاتِهِ العَديدَ مِنَ الأَسئِلَة وَالطُّروحاتِ وَالنَّظَرِيَّاتِ وَالإِشكالِيَّاتِ وَالجَدَلِيَّات، نَحنُ نَبحَثُ عَن المـَعنى المـُتَأَتِّي مِنَ الحَقّ الَّذي يَتَّسِمُ بِالنُّور، وَنَرغَبُ بِالسَّلام الَّذي نَختَبِرُهُ بِالمـُصالَحَة وَالغُفران، وَنَجِدُهُ بِالخَيرِ وَالأَمان. إِنَّ قُلوبَنا تَتوقُ إِلى الله وَتَجِدُ مَلاذَها وَراحَتَها في المـَحَبَّة، لَكِنَّها تُصَدُّ بِضَوضاءِ وَفَوضى عالَمٍ مُتَقَلِّبٍ لا يَعرِفُ السَّكينَةَ بَل الحُروبَ وَالشِّقاقَ وَالطَّمَعَ وَالإِقتِتال؛ إِنَّهُ سِرُّ الإِثم!
إِنَّ ما يُنشِدهُ كِيانُنا ِبِقُوَّةِ الرَّجاءِ المـُتَأَتِّي مِنَ اللهِ، يَجعَلُنا في حالَةٍ مِنَ السَّهَرِ وَالتَّرَقُّبِ الدَّائِم، فَيَقينُ قَلبِنا يَدُلُّنا عَلى أَنَّ مَن خَلَقَنا لِنَبحَثَ عَنهُ، هوَ لا مَحالَة قادِمٌ لِزِيارَتِنا، هوَ الباحِثُ عَنَّا أَوَّلًا لِيَفتَقِدَنا في وَسطِ اللَّيل، وَفي قَلبِ العاصِفَة، وَفي صَميمِ المـِحنَةِ وَالتَّجرُبَة. يَبقى السُّؤال كَيفَ لَنا أَن نَعرِفَهُ، وَهل استِعدادُنا وَسيلَةٌ ناجِعَةٌ لِمَعرِفَتِهِ؟!
كَما الدَّليلُ السِّياحيّ يَأخُذُ بَينَ يَدَيهِ خَرائِطَ المـَعالِم التَّاريخيَّة لِيُخبِرَ عَن أَهَمِّيَّتِها وَقيمَتِها، عَلَينا أَن نَأخُذَ الإِنجيلَ المـُقَدَّس مِن فَمِ أُمِّنا الكَنيسَة المـُقَدَّسَة، الَّتي تُقَدِّمهُ لَنا لا كَكِتابِ عِلمٍ وَفَلسَفَةٍ وَشِعرٍ وَتَصَوُّفٍ هيوليّ، بَل كَكِتابِ حَياةٍ، على ضَوئِهِ يَجِدُ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا ذاتَهُ في قَلبِ واقِعِهِ الخاصّ وَالعام، وَلَكِن مَعَ مُفارَقَةٍ بَيّنَة هيَ أَنَّ مَن نَصبو إِلى اللِّقاءِ بِهِ، هُوَ مَعنا، في كُلِّ آنٍ وَأَوان، واسمُهُ “عِمَّانوئيل”.
يَكمُنُ في السَّهرِ الحَذَر، فَلِكَي نَعرِفَ المـَسيحَ عَلَينا تَجَنُّبَ الإِنزِلاقِ بِتَجرُبَةِ أَنَّ العلامَةَ البَيِّنَة وَالأَكيدَة لِحُضورِه في حَياتِنا هيَ في تَغييرِ واقِعِنا إِلى الأَفضَل. لَيسَ الرَّبُّ ساحِرًا كَما يَتَمَنَّاهُ خَيالُنا، وَلا كَما صَوَّرَتهُ لَنا الأَفلام، فَهوَ لا يُظهِرُ قُدرَتَهُ وَجَبَروتَهُ كَإِلَهٍ خالِقٍ وَفادي، بِتَغييرِ الأُمورِ الَّتي نَحنُ نَعجَزُ عَن تَغييرِها، إِنَّما هوَ يُغَيِّرُ قُلوبَنا عِندَما نَقبَلَهُ إِلَهَ المـَحَبَّة وَسَيِّدًا عَلى حَياتِنا. مِن هُنا نَفهَمُ لِماذا رَبَطَ تَتميمِ المـُعجِزاتِ الَّتي حَقَّقَها بِإِيمانِ الَّذينَ أَعطَوهُ قُلوبَهُم عَن طَريقِ التِماسِهِم لَهُ بِصَلاةِ استِغاثَةٍ حارَّة.
إِنَّ مَعرِفَتَنا للرَّبّ عَلى مُستَوى الكِيان، مَنوطَةٌ بِأَمرَين: نِعمَةٌ مِنَ الله، وَثانِيًا إِستِعدادُنا الَّذي عَلَيهِ أَن يَأخُذَ طابِعَ السَّهَرِ اليَقِظِ في عَيشِ التَّوبَة. يَبدَأُ طَريقُ الإِستِعدادِ هذا مِنَ الرَّغبَة الصَّادِقَة في أَن نَحيا وفقًا للخَيرِ الأَسمى، وَأن نَسهَرَ بِأَمانَةٍ عَلى تَنمِيَة هَذِهِ الرَّغبَة المـُقَدَّسَة. هذا السَّهَر يَستَدعي أَيضًا الإِلتِزامَ وَالمـُثابَرَة، حَيثُ نَختَبِرُ التَّعَبَ وَالمـَلَلَ وَالتَّشَتُّتَ وَالسَّأَم… . وَحدُهُ التَّطَلُّع الدَّائِم بِالهَدَفِ المـَنشودِ عَن طَريقِ الصَّلاةِ الحارَّة، يُعيدُ إِشعالَ الرَّغبَةِ فينا فَتَتَنَقَّى أَكثَر، وَتَتَشَدَّدُ الإِرادَةُ فَتُثابِرُ في عَمَلِها.
الرَّغبَةُ في الخَير، وَسَعيُ النِّيَّة في استِقامَةِ النَّفس لِلعَيشِ في الخَيرِ وَوِفقَهُ، نَعني بِهِ السَّهَرَ الَّذي يُساعِدُنا كَثيرًا عَلى تَجَنُّبِ أَعمالِ الشَّرِّ وَمَقتُها، وَعَلى مَعرِفَةِ حُضورِ الرَّبّ في حَياتِنا، عَبرَ تَعزِياتِ الرُّوحِ القُدُسِ اللَّطيفَة. إِنَّ هذا السَّهَرَ الرُّوحيّ يُبعِدُ عَنَّا التَّعَبَ وَالمـَلَلَ، لِكَونِهِ يَفتَحُ عُيونَ قَلبِنا عَلى نورِ المـَسيح، فَنَرى في قَلبِ ظُروفِ وَأَحداثِ تاريخِنا وَحياتِنا الأَكثَر أَلَمًا، بَصيصَ رَجاءٍ، يَمُدُّنا بِالفَرَحِ المـُتَأَتِّي مِنَ المـَعَنى الَّذي قَدَّمَهُ لَنا الرَّبُّ نَفسُهُ يَومَ تَجَسُّدِهِ مِنَ العَذراءِ مَريَم.
إِسهروا!!! “إِنتَصِبوا قائِمينَ، وارفَعوا رُؤوسَكُم، لِأَنَّ افتِداءَكُم يَقتَرِب” (لو 21: 28).
تسجّل على قناتنا على يوتيوب
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة المقالة الرّوحيّة “إسهروا!”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!