إثنين تقديس البيعة وتجديدها
موقع Allah Mahabba – إثنين تقديس البيعة وتجديدها
الرسالة إلى العبرانيّين 10: 11 – 18
يا إِخوَتي، كُلُّ كَاهِنٍ يَقِفُ كُلَّ يَومٍ خَادِمًا، ومُقَرِّبًا مِرَارًا الذَّبَائِحَ نَفْسَهَا، وهِيَ لا تَقْدِرُ البَتَّةَ أَنْ تُزِيلَ الخَطَايَا.
أَمَّا المَسِيح، فَبَعْدَ أَنْ قَرَّبَ ذَبِيحةً واحِدَةً عنِ الخَطَايَا، جَلَسَ عَن يَمِينِ اللهِ إِلى الأَبَد،
وهُوَ الآنَ يَنْتَظِرُ أَنْ “يُجْعَلَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْه”.
فإِنَّهُ بِتَقْدِمَةٍ وَاحِدَةٍ جَعَلَ المُقَدَّسِينَ كَامِلِينَ إِلى الأَبَد.
والرُّوحُ القُدُسُ نَفْسُهُ يَشْهَدُ لَنَا. فَبَعْدَ أَنْ قَال:
“هذَا هُوَ العَهْدُ الَّذي سَأُعَاهِدُهُم بِهِ، بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّام، يَقُولُ الرَّبّ: أَنِّي أَجْعَلُ شَرائِعِي في قُلُوبِهِم، وأَكْتُبُهَا على أَذْهَانِهِم”،
أَضَافَ قائِلاً: “وَلَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُم وآثامَهُم مِنْ بَعْد”.
فحَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةُ الآثَامِ والخَطَايَا، لا تَبْقَى تَقْدِمَةٌ عنِ الخَطِيئَة!
إنجيل القدّيس يوحنّا 17: 1 – 8
رَفَعَ يَسوعُ عَيْنَيْهِ إِلى السَّمَاءِ وقَال: “يَا أَبَتِ، قَدْ حَانَتِ السَّاعَة! مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ الٱبْن،
ويَهَبَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ وَهَبْتَهُم لَهُ، لأَنَّكَ أَوْلَيْتَهُ سُلْطَانًا على كُلِّ بَشَر.
والحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الوَاحِدَ الحَقّ، ويَعْرِفُوا الَّذي أَرْسَلْتَهُ، يَسُوعَ المَسِيح.
أَنَا مَجَّدْتُكَ في الأَرْض، إِذْ أَتْمَمْتُ العَمَلَ الَّذي وَكَلْتَ إِليَّ أَنْ أَعْمَلَهُ.
فَٱلآن، يَا أَبَتِ، مَجِّدْنِي لَدَيْكَ بِٱلمَجْدِ الَّذي كَانَ لي عِنْدَكَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ العَالَم.
أَظْهَرْتُ ٱسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذينَ وَهَبْتَهُم لي مِنَ العَالَم. كَانُوا لَكَ، فَوَهَبْتَهُم لي، وقَدْ حَفِظُوا كَلِمَتَكَ.
والآنَ عَرَفُوا أَنَّ كُلَّ مَا وَهَبْتَهُ لي هُوَ مِنْكَ،
لأَنَّ الكَلامَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي قَدْ وَهَبْتُهُ لَهُم، وهُمْ قَبِلُوه، وعَرَفُوا حَقًّا أَنِّي مِنْ لَدُنْكَ خَرَجْتُ، وآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
التأمّل
”يا أَبَتِ، قَد حانَت السَّاعَة! مَجِّدِ ابنَكَ لِيُمَجِّدَكَ الابن“
يَأخُذُ الإِنتِظارُ في حَياةِ الإِنسانِ حَيِّزًا مُهِمًّا، فَهوَ يَنبَعُ مِنَ الرَّغبَةِ وَيَندَفِعُ نَحوَ المـُستَقبَل، وَفي حَرَكَتِهِ هَذِهِ يُظهِرُ الرَّجاءَ وَالأَمَل، وَيَجعَلُ الإِنسانَ بِحالَةٍ مِنَ التَّفاؤُلِ وَالإِيجابِيَّة. الإِنتِظارُ يُشبِهُ الحُلُم. إِذا ما نَظَرنا إِلى حَياةِ يَسوع، نَجِدُها تَرَقُّبٌ دائِم وَانتِظارٌ لِساعَةِ مَجدِ الآب، ساعَةِ اكتِمالِ الحُبِّ تَحقيقًا في سِرِّ الفِداء. لَقَد مَهَّدَ يَسوعُ لِهذا الحَدَثِ طيلَةَ حَياتِهِ وَهوَ يُحَقِّقُ مَشيئَةَ الآب مُنتَظِرًا اكتِمالَها. يُعَلِّمُنا يَسوع أَن يَكونَ انتِظارُنا تَرَقُّبًا مُتَأَتٍّ مِن عَيشِنا لِلَّحظَةِ الرَّاهِنَة، فَمِنها نَستَشِفُّ مُستَقبَلَنا وَنَحنُ مُنفَتِحونَ عَلى عَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ الَّذي يَهُبُّ وُفقَ ما يَشاء. فَما يَنتَظِرُهُ يَسوع هُوَ ساعَةَ المـَجدِ الَّذي فيها تَظهَرُ صورَةُ الآبِ بِالإِبنِ، فَيُعرَفَ اللهُ لِلمَلأَ عَلى أَنَّهُ المـَحَبَّة الحَيَّة وَالحَقَّة وَالفاعِلَة. هُنا تَأَتي المـُفارَقَة بَينَنا وَبَينَ يَسوع، فَيَسوعُ لا يَنتَظِرُ مثلَنا مَجدًا يَعودُ لَهُ وَحدَهُ ، بَل مَجدًا يَتَأَتَّى مِن إِظهارِ مَجدِ الآب. المـَجدُ الحَقيقيّ يَقومُ عَلى التَّواضُعِ وَالمـَحَبَّة، فيما المـَجدُ الباطِل يَقومُ عَلى الأَنانِيَّة.
يَا بُنَيَّ، أُريدُ أَن أُشرِكَكَ في دينامِيَّةِ مَحَبَّتي لِأَبي. في حَياتي البَشَرِيَّةِ كُنتُ مُشغَفًا بِوَجهِ الآبِ الَّذي لَم يُرَ لِلعَيانِ إِلَّا بِواسِطَتي، بَل كانَ يُستَشَفُّ مِن خِلالِ الكَونِ وَالخَلائِق. رَغبَتي الجَامِحَة في مَحَبَّةِ أَبي كانَت تَدفَعُني لِلبَحثِ عَن مَشيئَتِه، فَكُنتُ أَقِفُ عِندَ حَرَكِةِ الرُّوحِ القُدُسِ الَّذي يُجَدِّدُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ بُرهَة، مِمَّا كانَ يَحُثُّني لِأَكونَ فيما هُوَ لِأَبي، وَهذا ما جَعَلَني أَطلُبُ مَجدَهُ لا مَجدي. أَن تَدخُلَ في دينامِيَّةِ مَحَبَّتي لِلآب، هذا يُؤَدِّي بِكَ إِلى انشِراحِ القَلبِ، فَلا يَعودُ هُناكَ مِن شُروطٍ في عَلاقَتِكَ بي، فَتَكونَ كَما أَنا تَسأَلُ مَجدَ الله، مُرَدِّدًا مَع صاحِبِ المـَزمور: “لا لَنا يَا رَبُّ، لا لَنا، بَل لاسمِكَ أُعطي المـَجدَ”. في القَديمِ نَظَرَ إِسرائيلُ إِلى جَبَلِ اللهِ لِيَرى مَجدَ العَلِيّ، أَمَّا اليَوم عَن طَريقِ تَجَسُّدي يَكفيكَ أَن تُدرِكَ مَن أَنتَ وَماذا فَعَلتُ مِن أَجلِكَ، فَتَرى مَجدَ اللهِ فيكَ نورًا يُبَدِّدُ الظُّلُمات. اليَومَ يَومُكَ، وَالسَّاعَةُ ساعَتُكَ، عَلَيكَ أَنتَ بِدَورِكَ أَن تَطلُبَ مَجدَ الآبِ وَأَن تُحَقِّقَهُ، الفُرصَةُ مُتاحَةُ لَكَ، وَالوَسيلَةُ هِيَ عَيشُكَ لِلمَحَبَّة، وَالغايَةُ هِيَ الاتِّحادُ في الله، وَعِندَئِذٍ لا تَعُودُ لِذاتِكَ بَل تَكونَ لِلكُلِّ في الكُلّ.
لا يَستَطيعُ الإِنسانُ أَن يَبلُغَ هَدَفًا وَضَعَهُ نُصبَ عَينَيهِ إِن لَم يَعرِف لَهُ طَريقًا، وَإِن لَم يَعرِف مُسبَقًا النَّتائِج المـُرتَقَبَة مِن بُلوغِ الهَدَف. فَمِن هُنا الوَقتُ هُوَ العامِلُ الأَساسيّ الَّذي عَلى الإِنسان أَن يُوَظِّفَهُ لِخِدمَةِ هَدَفِهِ. مَن يُنَظِّمُ وَقتَهُ يَستَفيدُ مِن كُلِّ شَيء وَفي الوَقتِ عَينِهِ يَتَمَكَّن مِن أَن يُصغيَ لِعَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ في حَياتِه. إِذا كانَ الهَدَفُ هُوَ مَجدُ الله، وَالنَّتيجَةُ هِيَ الإِتِّحادُ التَّامِ بِهِ، فَالمـَطلوبُ هُوَ الوَسيلَة أَي الطَّريق-يَسوع المـَسيح، لِذَلِكَ يُؤخَذُ المـَقصَدُ بِالعَيشِ وفقَ حَياةِ يَسوع. المـَقصَدُ يَكمُنُ في تَنظيمِ الوَقتِ وَتَوظيفِهِ وَفقَ ما عاشَ يَسوع، وَبِالتَّالي تَغدو حَياةُ الإِنسانِ بِأَسرها تَنَشُّقًا لِحَياةِ الرَّبّ بِعَيشِ المـَحَبَّة رُغمَ كُلِّ الصُّعوبات، وَهُنا يُعادُ المـَجدُ لله.
رَبِّي يَسوع، في عَيشِكَ للوَقتِ الحاضِر، عَلِمتَ أَن قَد حانَت ساعَةُ المـَجد، فَكَم أَنا اليَومَ بِحاجَةٍ لِأَتَعَلَّمَ مِنكَ كَيفَ أَعُدُّ أَيَّامي لِكَي أَنفُذَ إِلى قَلبِ الحِكمَةِ فَأَعرِفَ مَشيئَتَكَ. في مَشيئَتِكَ يَكمُنُ كُلُّ الخَير، لِذَلِكَ رَبِّي مُدَّني بِقُوَّةِ روحِكَ القُدُّوس كَي أُعيدَ لَكَ مَجدَكَ وَأَنا مُقتَدِيًا بِكَ، مُعَظِّمًا إِسمَكَ وَمُقَدِّسًا إِيَّاهُ بِالتِزامي فيكَ، آمين.