تابعونا على صفحاتنا

مقالات

نِعمَةُ الإِيمان

نِعمَةُ الإِيمان

موقع Allah Mahabba – نِعمَةُ الإِيمان

ما يَدفَعُ الإِنسانَ لِكَي يَعيشَ الحَياةَ بِمِلئِها وَيَطمَحَ وَيَحلُمَ وَيُواجِهَ وَيَتَحَدَّى، هُوَ لَقُوَّةٌ وَطاقَةٌ داخِلِيَّةٌ تَمنَحهُ الشَّجاعَةَ وَالعَزمَ وَالمـَعنى، فَهَل هذا ما يُسَمَّى الإِيمان، أَم هُوَ بِسَبَبِ فَلسَفَةٍ وَمُعتَقَدٍ يَعتَنِقُهُ الإِنسان فَيَتَّجِهَ بِهذا المـَنحى؟

                كَيفَ لَنا أَن نُمَيِّزَ الإِيمانَ عَن المـُعتَقَدِ وَالفَلسَفَة الخاصَّة أَو العامَّة؟ بِإِمكانِ المـُعتَقَدِ وَالفَلسَفَة أَن يُرَتِّبا بُنيَةً لِأَولويَّاتِ الإِنسانِ مِن مَبادِئَ وَقِيَمٍ تُصبِح قَناعَةً وَنَهجَ حَياةٍ، لَكِنَّهُما لا يَستَطيعانِ أَن يوجِدوا عَلاقَةً حَقيقيَّةً وَحَيَّةً بَينَ اللهِ وَالإِنسان. ميزَةُ الإِيمان أَنَّهُ النِّعمَةُ الَّتي يَربِطُ اللهُ الإِنسانَ فيهِ بِعَلاقَةٍ حُرَّةٍ وَوَطيدَةٍ وَفاعِلَة، وَفيها يَكشِفُ لَهُ مَعنى وَقيمَةَ وجودِهِ عَلى المـُستَوَيَين: الزَّمَنيّ وَالأَبَديّ. خَيرَ مِثالٍ لَنا خِبرَةُ إِبراهيم مَع الله، فَبالإِيمانِ عَرَفَ وَحيَ اللهِ لَهُ.

باستِطاعَتي أَن تَكونَ لَدَيَّ كُلّ القَناعاتِ وَالمـَبادِئ وَالقِيَم المـَسيحيَّة وَالكَنسَيَّة وَلَكِنّي لَستُ بِعَلاقَةٍ حَقيقيَّةٍ وَحَميميَّةٍ مَعَ الرَّبّ، وَبِالتَّالي عَلى الإِيمان أَلَّا يُتَرجَمَ فَقَط بِالأَفكارِ وَلا بِالمـَعلوماتِ اللَّاهوِتيَّة وَالرُّوحِيَّةِ وَحَسبُ، بَل بِالخِبرَة وَشَهادَة العَيشِ وَالعَلاقَة القَويمَة مَع الرَّبّ، وهذا ما عَناهُ الرَّسولُ يَعقوب بِقَولِهِ: “أُرِكَ أَنا إِيماني، بِأَعمالي” (يَع 2: 18).

                أَعطى يَسوعُ تَشبيهًا للإِيمانِ بِحَبَّةِ خَردَلٍ صَغيرَة (راجِع، مَتّ 17: 20)، وَبَيَّنَ قُوَّةَ وَدينامِيَّةَ نُمُوِّها الفاعِلِ وَالمـُثمِر، وَمِن خِلالِ شَخصِهِ شَقَّ لَنا الطَّريقَ لِكَي نَكتَشِفَ ما أَعطانا مِن نِعمَةٍ تُعَرِّفُنا عَلَيهِ، وَعلى أَنفُسِنا لِنَحيا فيهِ وَبِهِ وَمَعَهُ، مُستَطِعينَ كُلَّ شَيءٍ بِقُوَّتِهِ العامِلَةِ فينا. هذا الأَمر يَجعَلُنا نُدرِكُ أَنَّ مَسارَ الإِيمانِ لَيسَ سَعيًا مَحضًا ذاتيًّا مِنَ الإِنسانِ نَحوَ اللهِ أَو فِكرَةً عَنهُ، بَل هُوَ قُبول حُضور الله في حَياتِنا كَما هُوَ، حَيثُ يَظهَر سُمُوُّهُ على كُلِّ النَّظَرِيَّاتِ وَالفَلسَفاتِ وَالمـُعتَقَداتِ الَّتي يَجتَهِد الإِنسانُ في تَفسيرِها؛ الوَحيُ الإِلَهيّ وَالخِبرَةُ الرُّوحِيَّة الأَصيلَة يَسبِقان كُلَّ تَفسيرٍ وَخِطابٍ لاهوتيّ.

                لا يَطلُبُ مِنكَ اللهُ أَن تُسَمِّعَ غَيبًا قانونَ الإِيمان، فَهوَ لَكَ بِمَثابَةِ مُقَدِّمَةٍ لِتَعيشَ نِعمَةَ الإِيمانِ العامِلِ بِالمـَحَبَّةِ في حَياتِكَ، وَالَّتي تَعيشُهُ الكَنيسَة وَتَشهَدُ لَكَ عَنهُ عَلى مَدى تاريخِها، داعِيَةً إِيَّاكَ لِتَعرِفَ اللهَ وَتُحِبَّهُ وَتَخدُمَهُ واثِقًا وَموقِنًا أَنَّهُ أَحَبَّكَ أَوَّلًا وَيُعنى بِكَ وَيَرحَمكَ. لَقَد افتَقَدَكَ وَافتَداكَ وَخَلَّصَكَ وَأَعطاكَ ميراثَهُ بِاستِحقاقاتِ ابنِهِ الوَحيد، وَزَيَّنَكَ بِمَواهِبِ روحِهِ القُدُّوس.

                إِن اعتَنَيتَ جَيِّدًا بِما غَرَسَهُ اللهُ فيكَ، تَنمو قُوَّةُ الحَياةِ فيكَ فَتَنمو مَعَها، وَتُدرِكُ أَنَّ الإِيمانَ يُوَطِّدُ عَلاقَتَكَ بِالثَّالوثِ الأَقدَس، وَيُؤتي ثِمارَ المـَحَبَّة بِإِصلاحِ عَلاقَتِكَ بِإِخوَتِكَ البَشَر وَبِنَفسِكَ. مَتى أَصبَحَت رَغبَةُ قَلبِكَ مُفعَمَةً بِالإِيمانِ عِندَئِذٍ تُصبِحُ كُلَّ أَعمالِكَ تَسبيحًا وَتَمجيدًا لله على الخَيرِ وَالصَّلاحِ الَّذي صَنَعَهُ لَكَ.

                التَّجارِبُ وَالمِـحَنُ وَالشُّكوكُ وَالمـُضايَقاتُ وَالأَلَمُ لا تَستَطيعُ إِعاقَةَ الإِيمانَ أَو أَن تُقَلِّصَ قُوَّتَهُ، فَهَذِهِ بِمَثابَةِ النَّارِ للذَّهَب، تُساعِدُكَ لِكَي تَطَلُبَهُ كَنِعمَةٍ بِإِصرارٍ وَقُوَّة، أَمَّا أَن تَترُكَ ذاتَكَ سَجينَ اللَّامُبالاةِ وَراضِخًا لِلعَيشِ في دَوَّامَةِ الرَّيبَةِ وَاللَّامَعنى، وَإِن تَلَوتَ آلافَ المـَرَّاتِ قانونَ الإِيمان لَن تُؤتي بِثِمارٍ تُمَجِّدُ اللهَ وَلَن تَجعَلَكَ إِنسانًا حَيًّا تُشِعُّ بِالسَّلامِ وَالفَرَح.

                “لا تَكُن غَيرَ مُؤمِنٍ بَل كُن مُؤمِنًا” (يو 20: 27).

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “  نِعمَةُ الإِيمان  ”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!