ما ناداهُ أحدٌ بإسمه. لا مريم، التي دعته: “يا بنيّ… أنا وأبوك نبحث عنك متلّهفين.” ولا حتى هو نفسه، إذ أحبّ لذاته إسم “إبن الأنسان”، وردّده مكتفياً.
لكنّ ذاك اللصّ تجرّأ. لصٌّ وتجرّأ واثقاً: “يا يسوع، اذْكُرْنِي مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ!”
فكان أن أجابه: “الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ!” ويا لها من عطيّة: لا انطواءً زمانيّاً، ولا احتواءً مكانيّاً، بل كينونة: تكون معي. تكون واحداً في كيان الله: هذه هويّتك!
هو المحكوم عليه بالمصلوبيّة. نكرةً عاش، ونكرةً يموت، لم يصرخ ذاك السؤال الطالع من هوّة الظلمات: لماذا؟
لم يطلب سوى ان يُذكَر.
لا يريد، وإن مات ان يبقى مجرّد ذاك ال«هو» المنبوذ، ذاك اللعنة، بل ان يُذكَر كأيّ «أنا» يلقى التحنان عند اللقاء، ودمعة فراقٍ عند الوداع.
وكان الفيض! اللصّ الذي لا إسم له، وما طوّبه أحد، ولا اتخذه أحد شفيعاً، ملّكه مَن مملكته ليست من هذا العالم، بدء البدايات.
منذ آدم، وبنو آدم يصطنعون لأنفسهم امجاداً غايتها أن يكتبوا أنفسهم في سِفر الزمن الحاضر. هوذا لص يفتتح أسفار الزمن الآتي، بكلمة.
الكلمة النازلة من لدن الآب افتتحت للبشر، أهل الأرض، زمن الارتقاء الى كينونة الله.
الكلمة المرتفعة من لصّ افتتحت للبشر، أهل الأرض، زمن الديمومة في ملكوت المنتصرِ على الموت، فغدا بها الملكوتيّ الأوّل في أهل الفردوس.
أجل! ذاك اللصّ الذي ربّما ما عرف الصلاة يوماً، ولا تربّى على بديهيّات الحكمة العقليّة، ولا كبر على تراكمات المعرفة الفكريّة، نطق قلبه المدمى، المعانِق جراح المرفوع الى جانبه على خشبة، اعتراف الحقيقة الأزلية: “يا يسوع!”
ناداه بأسمه، وهو مدرك فقط انّ اسمه معناه “يا مخلًّص”… فسرق من يسوع، الفردوس…
ونحن الغرقى في كفايات عبادة الباطل، ماذا ننتظر لنهتِف: “يَا يَسُوعُ، اذْكُرْنِي”؟
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “يَا يَسُوعُ، اذْكُرْنِي!”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة من صميم إنسانيّتك مع كلّ جروحها وضعفها وهشاشتها.