هي صرخة قالها لكلٍّ منّا: “تقدّم الى العمق!” وسَبَقَنا الى عمق كلٍّ منّا. هناك حيث كثافة الخوف والألم والموت.
في هذا الانحدار الى قعر الأعماق، في مياه الأردن النابعة من لبنان لمعموديّة التوبة، وفي التجلّي الذي على حرموننا قبل توقّعه الرذل والجلد والصلب، وفي جبل الزيتون حيث هرب الجميع، كان في كلّ مرّة صوت الآب من العلياء: “انتَ إبني الحبيب…” وكان هو يلاقيه من قعرنا البشريّ: “ابّا… لتكن مشيئتك لا مشيئتي…”
هو الكلمة الآتية من عمق الآب، من صمته، ليكون عبورنا الى حياة الألوهة… خَتَمها بلُغة الدمّ، في عمق الصليب، الذي عُلّق عليه ممزّقاً عن آثامنا. وظلّ كاملاً في ذاته وفي انسكاب حبّه فينا، فقضى على إرادة القضاء عليه وعلينا لدى من اعتقد أنَّه يملك قدرة الحُكم وسلطان الإفناء.
وبعد؟ هل من عمق لنا، نتقّدم نحوه، أعمق من الصليب؟ في حقيقتنا، الذي هو كمالها واكتمالها، ليس لنا الّا الصليب لنَعبُره نحو القيامة. قبله، ابتدع الفكر الهلّليني، الذي استعادته نهضة الغرب الى اليوم، ذاك المتألّه زوش، المتباهي بإعلان الحرب على أبيه، كرونوس، ايّ الدهر، وقاتِله لأنّه كلّما وُلِدَ له ولدٌ إبتلعه في أحشائه الدهريّة، حارمًا إيّاه سكنى الوجود.
لكنّنا نحن، ولدنا من عمقه، من جديد: إنسكبنا قصائد حب في عمق وحشة عوالمنا، وقد تحوّلنا الى نوره الذي أعاد الخلق الى بهائه الأول… الى بهائه الأزليّ، الذي ليس الى عدم. ولا أخشى القول: وقد تحوّلنا الى ذاتنا فيه.
المسيح-الكلمة-العمق، بقيامته وصعوده الى الآب، الذي منه أتى وإليه عاد، قضى على الماضي العتيق والحاضر البالي. وفي سرّه هذا، أصبح هو الحدّ اللامتناهي لتقدّم الأنسان الى حقيقة العمق ومستقبله، الذي يدعوه إليه. هناك حيث يَسمَعُ صوت الآب له: و« أنت ابني الحبيب الذي به سررت! »
تسجّل على قناتنا على يوتيوب
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “ تقدّم الى العمق! ”. ندعوك لمشاركتها مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة الثبات في حبّ المسيح وصداقته. .