أخي مهما اشتدّت عليك الأيّام، ومهما تلبّدت في سماء لياليك الغيوم، ومهما عصفت الرّياح في فضاء أحلامك، ومهما علت السدود في بحور مشاريعك… تذكّر ولا تنسَ، ولا تقبل أن تنسيك الصعاب والساعات أنّك إبن محبوب، من أب مُحِبّ، لا بل أنت فيض حبّ لامتناهٍ، مجانيّ لا يشبهه حبّ ولن يشبهه قطّ…
“وقال الله ليكن… فكان… ورأى الله أنّ ذلك حسن”… بكلمة خلق الله الكون، وحين بلغ إلى الإنسان قال: “فلنصنعنَ الإنسان على صورتنا كمثالنا”، ما أجمل هذه التفاصيل! وهل من فرق أهمّ، وميزة لا تعلوها ميزات. نعم أنت وأنا منحوتات تفنّن الله في صنعنا فأرادنا إيقونات معجونة بالحبّ تحبل حبًّا فتلد حبًّا… أرادنا إيقونات تجسّد رسم خالقها… نَحَتنا من صخرة حبّه، لوّننا بدم إبنه الحبيب، وأرادنا أن ننقل ونعدي العالم حبًّا فحبًّا…
أخي القارئ، هلمّ من فضلك، مرّة أخرى نقف لحظة سويّة، ونبحث عن الجذور. أما زالت مُتَمَسْمِرة في قلب الخالق؟ وأي خالق؟ فالخطر الذي بات موجودًا دائمًا هو أن يحجّم الإنسان الله الخالق على قدر تصوّره، وأن يصنع لنفسه أصنامًا، أشباه آلهة تحدّ من لامحدوديّة الله، وتحصر اللامحصور، ذاك الذي أرادنا على مثاله نبغي اللاحدود ونتوق إلى اللامحصور إذ حين جبلنا، نفخ فينا من روحه… فكانت فينا نسمة حياة تتوق إلى الكمال… فتحيا وتحيي… تنمو وتنمي… واليوم أما زال الرّوح حيًّا فينا يَهُبّ حياة ويَهَبُ الحياة؟ أم خنقت الأيّام ذاك الرّوح فبات عالمنا، لا سمح الله، أرض أناس بلا أرواح، جثثًا تمشي، تُمضي الأيّام دون أن تمضي إلى إكمال مشروع الخالق الأوّل؟!
أخي، هلمّ، واسمع نداء الله، نعم نداء خالقك، نداءه الأوّل حين نفخ فيك من روحه، فأعطاك الحياة لتُعطي الحياة… هلمّ لَملِم أشلاء جوهرك فأنت نفحة الحبّ في عالم بات للحبّ فيه ألف وألف مفهوم… هلمّ وقم واخرج… إنزع لفائف الموت عنك فأنت إبن الحياة… هلمّ احمل صليبك وأسرع فالعالم يحترق ووحده الحبّ المزروع فيك يطفئ لهيب الظلم والحسد والكراهية في قلوب مَن فقدوا ونسوا نفحة الله فيهم… من فضلك أخي احمل شعلة الحبّ، وهبّ متسلّحًا بنظرة إيجابية، نعم تلك النظرة التي ألهبت قلب رسول الأمم، فكانت رسائله من قلب ظلام السّجن، وألم الجلد، ورعب الغرق تُنشِد الفرح والتفاؤل بالحبيب…
هيّا فالوقت يسبقنا، قم انهض، روّض ذاتك على النّظرة الإيجابيّة النّابعة من فيض محبّة الله لنا، مدججًّا بحماسة الرسول الغيور، واعلن للعالم فرحك بأنك قد خلقت بمحبّة مجانيّة من قبل ذاك الإله، الذي يطلب منا أن ننفتح بدورنا على الآخرين بنفس أسلوب الرحمة. هل غلب خوف حننيا إرادة الله حين طلب منه التوجّه نحو بولس، ذاك القائد المتحمّس لقتل المسيح في كلّ قلب مسيحيّ؟… بالطبع لا، فأبدًا لا تسمح للخوف والخمول واللامسؤوليّة أن تُنسيك دعوتك الأولى… بل انطلق نحو الآخر وعامله بحسب جوهرك وجوهره، نعم عامله كما يعاملنا الله بأسلوب الرحمة والحنان والطيبة، فيتقدّس إسم الله، وتتحرّك من جديد نفحته الأولى في العالم كلّه، من خلال عيش شعبه، على مثال الحبّ الأوّل، من خلال حياة حبّ شامل، مجّاني وغير مشروط…
أخي، إذا شعرت فجأة بأنّك مخنوق، محطّم، مستصغر، حزين، يائس… ماذا تفعل؟ تبكي؟ تنزوي؟ تصرخ؟… كلا، إيّاك أن تضعُف، فأنت ابن القويّ الجبار… إيّاك أن تسمح لأحد أو لشيء أن يطفئ في داخلك روح الحبّ، نفخة الحبيب، نسمة الحياة… بل أقول لك تذكّر بأنّه يوجد شخص قويّ، فوق، في داخلك، يعلم ما هي قيمتك، وكم أنت كبير! والأهم من كل ذلك أنّه يحبّك كثيرًا… ثِق ولا تنسَ أبدًا أنّه يوجد فوق من يحبّك… يحبّك كثيرًا…
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “لا تنسَ أبدًا ”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تكتشف يوماً بعد يوم كم أنّ الله يحبّك.