كنتُ أنتظر ظهور كلمة “النهاية” لأترك لقلمي الكتابة؛ إلّا أنّه بعد حلقة اللّيلة، حلقة ليلة الميلاد، لم يَعُد بإمكاني الانتطار لأقول أنّكم تخطّيتم الحدود كثيراً!
“عَ إسمك” مسلسل لبنانيّ “ميلاديّ” من كتابة كلوديا مرشليان وإخراج فيليب أسمر، يُعرض على شاشة الـ MTV اللّبنانيّة.
قد يستغرب الكثيرون من كاهنٍ يكتب عن مسلسلٍ ما… نعم، من روما، أتابع قصّة “عَ إسمك” التي جعلتني أدرك أنّ ما أراه وأسمعه ليس بمسلسل! لقد تخطّى حدود الشاشة الصغيرة، وحدود المسلسلات الاعتياديّة، ونقلنا فأدخلنا لنعيش واقع بيوت كثيرة ونلمس قلوباً حقيقيّة، نحن ومجتمعنا بأسره بحاجةٍ إلى أن نسمع ونرى ما يدور داخلها.
كم جعلني هذا العمل الراقي مفتخراً بلُبناني المبدع والمصلّي والمؤمن من تحت الركام والألم والأحزان المحيطة بنا. وكم أعادتني صور المشاهد المليئة بصلبان وأيقونات العذراء والقدّيسين إلى بيوتنا اللّبنانيّة الدافئة بإيمانها.
حوارٌ مليءٌ ببساطة إيمان أمّهاتنا وعمقه؛ بكلمات صلوات يوميّة نتنهّدها في الضيقة والعوز والوحدة والفقر. حوارٌ مليءٌ برجاءٍ مُخبّأ يصرخ إلى فوق من شدّة ألمه.
اللّيلة، ضاعت جورجيت درباس (الممثّلة القديرة ليليان نمري)، فقدَت كلّ شيء؛ أفقدَتها جراحها التي حملتها في كلّ سنوات حياتها معنى الحياة والبقاء والوجود. راحت تبحث في قلوبٍ أخرى وبطرقٍ عشوائيّة عن الحبّ لكي تشعر فقط بأنّها محبوبة ومقبولة كما هي. الأجمل، والأروع خلف سطور كتابة المبدعة كلوديا مرشليان، نشاهد جماليّة اللّقاء، وإيجادها، ليلة الميلاد، ضعيفة يائسة داخل المغارة…
هناك، حين يفقد الانسان كلّ شيء، كلّ الضمانات، كلّ الأشخاص، كلّ قوّته، يجد كما وجدت ملجأً في الحبّ الحقيقيّ، الذي يسامح الأخطاء مهما كانت كبيرة، والذي يُحبّ دون شروط ويقبل الجميع كما هم. هناك ضمّت القلب الأحَبّ إلى قلبها وحملت طفل المغارة لتجد فيه كلّ معنى الوجود.
دمعَت أعيننا مع عَينَي جود (الممثّلة الرائعة كارين رزق الله)، ووصلت الرسالة…
جود (كارين)، تلك الامرأة المجروحة من أقرب الناس إليها، التي أنهكتها سنواتها الأخيرة بسبب ظلم أبيها وقساوة قلبه، حملت اللّيلة أيضاً رسالة أخرى: تخطّت جرحها، وبرهنت أنّ قوّة المحبّة والمسامحة أقوى من الكراهية والانتقام. زارت شقيقتها المجروحة بدورها (الممثّلة الرائعة فيفيان أنطونيوس)، جُرحاً بحاجة أيضاً إلى الحبّ؛ فحملت إليها رسالة الميلاد، دعوة المحبّة التي تحطّم القلوب المتحجّرة.
مع جرح قلب جود وجرح قلب ألكّو (الممثّل والكاتب المبدع جيري غزال) بسبب والدَيه وقساوة الفقر عليه؛
وجرح قلب جورجيت (ليليان) الباحث عن الحبّ والاهتمام؛
مع جرح قلب الوالد القاسي الذي بسبب قساوته فقَدَ حبّ أولاده؛
وجرح قلب الوالدة الباكية على أولادها وليس هنالك مَن يسمع بكاؤها؛
مع جرح قلب دوللي (الشقيقة ذو الاحتياجات الخاصّة، التي تخطّى معها هذا المسلسل كلّ الحواجز في هذا الدور وهذه الرسالة الرائعة) التي تعيش مختلفة عن الآخرين؛
وجرح قلب الشقيق إدمون (الممثل الرائع يوسف حدّاد) الذي بحث بدوره عن الحبّ في أماكن خاطئة؛
مع جرح قلب الشقيق إيدي (الممثّل شربل زيادة) المطلَّق والذي تخلّت زوجته عن حبّه؛
وجرح قلب الشقيقة سولانج (فيفيان) التي انغلقت على ألمها جرّاء فقدانها إمكانيّة إعطاء الحياة؛
جراحات كثيرة تحملها كلّ شخصيّة، ولكن جميعها تبحث عن شيء واحد… عن “الحبّ“.
خلف كلمات الكاتبة كلوديا مرشليان أمثولات كثيرة عن المحبّة والمسامحة والغفران والطيبة والحنان؛ خلفها صلوات وعِظات جريئة على إنسانيّتنا أن تتذكّرها؛ خلفها إنجيل المسيح الذي جاء من أجل المساكين والمعذّبين والمقهورين والخطأة والفقراء…
“عَ إسمك”… تخطّيتم الحدود! تخطّيتم جدران بيوت الفقراء لتُسمعوا صوت مساكينها؛ وتخطّيتم جدران بيوت الأغنياء لتُسمعوا صمت الحزانى فيها.
“عَ إسمك”، كم من الأوجاع المُخبّأة خلف جدران بيوتٍ كثيرة قد لا ندري بها! وكم من الجروحات في قلوب الجميع تبحث عن الحبّ…
لا شكّ أنّه مسلسلٌ ميلاديّ بامتياز، لأنّه يقود القلوب الجريحة إلى البحث عن الحبّ. هذا الحبّ الذي تجسّد في الميلاد، وأصبح له إسمٌ هو “يسوع المسيح”.
“عَ إسمك”، له إسمٌ هو “الله المحبّة“.
“عَ إسمك” تحيّة وشكر وتقدير وبركة لكلّ من وضع لمسة حبّ فيه.
تسجّل على قناتنا على يوتيوب
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لقراءة مقالة “مسلسل عَ إسمك… لقد تخطّيتم الحدود!” ندعوك لمشاركة هذا المقال مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تكتشف أنّ الله هو المحبّة الشافية لكلّ جروحات قلوبنا.