تابعونا على صفحاتنا

مقالات

“شو في جديد؟!!”

“شو في جديد” هَكذا كُلَّ يَومٍ اعتَدنا أَن نَسأَلَ كُلَّ شَخصٍ نَلتَقيهِ أَو نَتَّصِل بِهِ، وَاعتَدنا أَيضًا أَن نَأخُذَ جَديدَنا اليَوميّ مِن وَسائِل الإِعلام، بِخاصَّةٍ مِن خِلالِ البَرامِج الإِخبارِيَّة وَالسِّياسِيَّة، وَفي هذا الفِعل إِقرارٌ غَيرَ مُباشَرٍ بِأَوَّلِيَّةِ الجَديدِ في حَياتِنا، وَلَكِنْ لِسوءِ الحَظِّ باتَ هذا الجَديدُ الَّذي نَتَتَبَّعُهُ كُلَّ يَومٍ في أَخبارِ انتِشارِ وَباءِ الكورونا وَأَيْنَ نَحنُ منهُ اليَوم، وَأَثَرَهُ عَلى حَياتِنا، وَأَيضًا نَتَتَبَّعُ كُلّ لِقاءٍ سِياسيّ وَوَطَنيّ وَعالَميّ وَإِجتِماعيّ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ الضَّوءُ مِن قِبَلِ الإِعلامِ، وَالَّذي غالِبًا ما نَغفَلُ أَنَّهُ بِكَثيرٍ مِنَ الأَحيانِ مُسَيَّسٌ وَتَوجيهيّ؛ هَل نَتَلَقَّى أَكثَر مِمَّا نَفعَل؟!

          صَحيحٌ أَنَّ الجَديدَ الَّذي كُلُّ شَخصٍ فينا يَسأَلُ عَنْهُ يَعني بِصورَةٍ ما مُستَقبَلَنا وَأَحلامَنا وَمَشاريعَنا. وَصَحيحٌ أَنَّ وَباءَ الكورونا قَدْ بَيَّنَ بِشَكلٍ واضِحٍ إِلى أَيِّ مَدًى البَشَرِيَّةُ مُتَّصِلَةٌ بِبَعضِها البَعض، وَهُنا تَعودُ إِلى أَذهانِنا صورَةُ الجَسَد الواحِد وَالأَعضاءُ الكَثيرَة الَّتي عَبَّر مِنْ خِلالِها القِدِّيس بُولُس عَنْ وَحدَةِ الكَنيسَة بِكُلِّ ما فيها مِنْ تَنَوُّعٍ وَإختِلاف؛ وَهذا ما يَنطَبِقُ أَيضًا عَلى الإِنسانِيَّةِ بِأَسرِها. وَلَكِن كَيفَ لَنا أَن نَكونَ أَحرارَ القَلبِ في الظَّرفِ الرَّاهِن؟

          مِن خِلالِ ما نَعيشُ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّه جَيِّدًا إِلى التَّجرُبَة الدَّائِمة الَّتي تُرافِقنا، وَهيَ تَكمُنُ في إِنصاتِنا الدَّائِم وَالمـُبالَغ بِهِ إِلى عالَمِنا الخارِجيّ، إِلى حَدِّ الإِدمان. فَلَيسَ هذا ما يُحَدِّدُ مَن نَكونُ أَم مَنْ نَحنُ، وَإِلَّا نُصبِحُ أَسرى القَدَرِيَّة، إِنَّما الَّذي يَجعَلُنا حَقًّا أَن نَكونَ أَنفُسَنا، هُوَ إِنصاتُنا لِما وَراءِ كُلِّ ما يَحدُثُ، أَيْ إِلى عَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ، وَفي هذا فِعلٌ لا تَلَقّي. عَبرَ هذا الإِنصاتِ نَكتَشِفُ الطَّريقَ الدَّاخِليّ، طَريقَ التَّوبَة، فَنَتَذَوَّقَ طَعمَ الصَّلاةِ العَذبَة، حَيثُ نَعرِفُ السَّلامَ المـُتَأَتِّي مِنَ الرَّب، وَهُنا تَضَعُنا كَلِمَةُ يَسوع أَمامَ حُرِّيَّتَنا: “حَيثُ يَكونُ كَنزُكَ، هُناكَ يَكونُ قَلبُكَ”، وَعَلَيْها يَقومُ خَيارُنا، إِمَّا أَنْ نَختارَ الحَياةَ في المـَسيحِ وَإِنْ نَحنُ في صُلبِ هذا العالَم الّذي يتقاذفُنا بأمواجِه العاتية، – فمع يسوع نُدرِكُ أَنّنا لَسْنا مِنْ هذا العالم، بل نحنُ أبناءَ النُّورِ والنهار – أَم نَختارَ أَنْ نَكونَ  أَسرى الأَخبارِ العَديدَةِ وَالكَثيرَةِ وَالجَديدَة وَالَّتي تَمضي بِنا إِلى البَعيدِ عَنْ أَنفُسِنا، وَعَنْ بَعضِنا البَعضَ وَعَنْ اللهِ الحَيِّ وَالحاضِرِ في حَياتِنا؟ المَسألة تعني حرِّيّتنا الدّاخليَّة واتِّصالنا بالله.

مفاتيح