تابعونا على صفحاتنا

مقالات

صعود المَسيح إلى السماء مُحَفّز رسالتنا المسيحيّة!

لَم يَكُن صُعودُ الرّبّ يسوع إِلى السّماءِ فُراقًا عَنْ التّلاميذ، وَلا وَداعًا. لَم يَكُنْ صُعود الرَّبَّ يَسوع إِلى السَّماءِ خاتِمَةً لِرِسالَتِهِ، بَل كان انطِلاقَةً لها لا تَنتَهي وَلا تَتَوَقَّف على مَدى التّاريخ. صُعودُ الرَّبَّ يَسوع إِلى السَّماء، جَعَلَنا نَعرِف إِلى أَينَ عَلَينا نَذهَب بَعدَ حَياتِنا الزَّمَنِيَّة. ميزَةُ صعود الرَّبّ يَسوع لا تَتَوَقَّف عِندَ انتِقال الطّبيعَة البَشَرِيَّة مِن إِطار الحياة الأَرضِيَّة وَالزَّمَنِيَّة إِلى إِطارِ الحَياةِ الأَبَدِيَّة اللَّامُتَناهِيَة، إِنَّما تَعني هذا الإِرتِقاء وَالتَّحَوُّل الَّذي يَحفَظ الهُوِيَّة وَالطَّبيعَة الإِنسانيَّة في الحالَة النُّورانِيَّة السَّماويَّة.
لقَد أَصبَحَ حَدَث صُعود الرَّبَّ يَسوع إِلى السَّماء، هوَ المـُحَرِّك وَالمُـحَفِّز الأَوَّل مَع حُلول الرُّوح القُدُس لانطِلاق البِشارَة وَإِعلان مَلَكوتُ الله. صُعود الرَّبَّ يَسوع جَعَلَ التّلاميذ رُسُلًا، لِأَنَّ المُعَلِّم لَمْ يَعُد حاضِرًا في شَخصِه، إِنَّما تَعليمَهُ وَروحَهُ يُحييهِم وَيُحَرِّكُهُم لِكَي يُتَلمِذوا وَيُعَلِّموا باسمِهِ القُدُّوس. تُؤَكِّدُ لَنا دَعوَة يَسوع لِتَلاميذِهِ في التّلمَذَة والتّعليم والتّعميد، السّبيل الوحيد لحُلول مَلَكوتُ الله في العالَم. لَم يَدعُنا يَسوع لِكي نَتَكَلَّم عَن شَخصِهِ التَّاريخيّ الَّذي تَجَسَّد وَعاشَ مِثلَنا، وماتَ على الصّليب، وَمِن ثُمَّ قامَ في اليَومِ الثالِث وَصِعَد إِلى السَّماء، وَكَأَنَّنا نَروي قِصَّةً كَسائِرِ القِصَص. لَقَد جَعَل مِنْ كُلّ ما صَنَعَهُ وَما عَلَّمَهُ دَعوَةً لِنَحيا فيهِ. لِذَلِكَ، نَحنُ مَدعُوّون في كُلّ مَرَّة وَفي كُلّ وَقتٍ لِكَي نَعيشَ سِرَّ المـَسيحَ في حَياتِنا، أَن نَكونَ لَهُ تَلاميذَ حَقيقيّين دائِمًا. مِن خِلالِ تَتَلمُذِنا لَهُ، نَستَطيعُ أَن نُعلِنَ تَعليمَهُ وَهوَ يُؤَيِّدُنا بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس.
في عالَمِ اليَوم الَّذي يُشَدِّد على احتِرامِ الحُرِّيَّة الشَّخصِيَّة إِلى حَدِّ الحُرِّيَّة الأَخلاقِيَّة التَّي تَعَدَّت القَوانين الطَبيعيَّة وَالدّينيَّة، نَرى أَنَّنا كَمَسيحيّين وَكَأَبناءٍ للكَنيسَة، لا نَسعى لِنَشهَدَ للحَقِّ وَللحُرِّيَّة وَلِلخَلاصِ الَّذي عَرَفناهُ في الرَّبّ يَسوع المـَسيح؛ إِنَّها وَديعَةُ الإِيمان. صَحيحٌ أَنَّ الرَّبَّ يَسوع لَم يَدعُ رُسُلَهُ لِكَيْ يَغزو العالَم بِالقُوَّةِ وَالحَرب، وَلا حَتَّى بِقُدرَة الإِقناع، إِنَّما مِنْ خِلالِ ما يُؤَيِّدُهُمْ بِقُوَّةِ كَلِمِتَهِ وَآياتِ الخَلاص. نَحنُ نَفتَقِدُ لاختِبارِ المـَسيح الحَيّ في حَياتِنا، وَذَلِكَ لِأَنَّنا نُعطي اهتِمامَنا وَأَولَوِيّاتِنا لِأُمورِ الحَياةِ الزَّمَنِيَّة. هَل الحَقيقَة تَتَغَيَّر؟ إِذًا لِماذا نَحنُ اليَوم في حالَةِ انحِطاطٍ روحيّ؟ قَد يَكونُ الجَواب مُتَأَتٍّ مِنْ فَلسَفَة النِّسبِيَّة الَّتي نُلَخِّصُها بِالقَولِ الشّائِع: “كُلٌّ عَلى دينِهِ، الرَّبُّ يُعينُهُ وَيُدينُه”.
لَقَد دَعانا يَسوع لِنُتَلمِذَ العَالَم وَنُعَلِّمَهُ وَنُعَمِّدَهُ، مِنْ خِلالِ شَهادَتَنا في عَيشِنا الفَرَح وَالمـَحَبَّة وَالخدمَة وَالشَّجاعَة الَّتي مَنَحتنا إِيَّاها الرّبَّ يَسوع بِقِيامَتِه. لَنْ نَستَطيعَ ذَلِكَ إِذا كانَ لَدَينا فِكرَ العالَم وَالفَلسَفَة النِّسبيَّة الَّتي تُغلِقُنا عَلى أَنفُسِنا، وَنَحنُ في حالَةٍ مِنَ الشَّكِ وَالإِرتِياب وَالإِرتِباكِ حَولَ إِيمانَنا المـَسيحيّ. إِنَّ مُفتاح دَعوَتَنا المـَسيحيَّة يَقومُ عَلى العَلاقَة الشَّخصِيَّة وَعَلى الإِيمان وَالثِّقَة بِالرَّبّ الَّتي تَشهَد لَها الكَنيسَة وَنَراها واضِحَة في حَياةِ القِدّيسين. لِلِأَسف، اليَوم أَكثَر مِن ذي قَبِل وَبِسَبَب الإِستِخدام الخاطِئ لِوَسائِل التَّواصُل الإِجتِماعيّ، وَبِسَبَب الإِعلام وَالإِعلان الَّذي يُوَجِّه النَّاسَ إِلى الشّرّ وَالخَطيئَة وَإِلى الإنحِطاط الأَخلاقيّ، أَصبَحَتْ روح اللَّامُبالاة وَالأَنانِيَّة هيَ السّائِدَة.
لِكَي نَخرُجَ مِنْ هَذِهِ التَّجرِبَة الماكِرَة، وَلِكَي نَكونَ صادِقينَ في عَيشِنا لِدَعوَةِ الرَّبّ لَنا، لَيسَ المـَطلوبُ مِنَّا أَن نَخرُجَ مِنْ العالَم، بَلْ أَن نُواجِهَهُ. نَستَطيعُ ذَلِكَ أَوَّلًا، عِندَما نَضَع أَوَّلوِيَّات حَياتِنا العَيش مِنْ أَجلِ الشَّهادَة لاسمِ يَسوع. ثانِيًا، عِندَما نَستَخِدم كُلّ شَيء بِهَدَفِ تَعَرُّفِنا عَلى الرَّبِّ أَكثَر. ثالِثًا، عِنَدما نَستَخدِم كُلّ شَيء لِكَيْ نُبَشِّرَ بِالإِنجيل، مُعلِنينَ المـَلَكوت. رابِعًا، عِندَما نُعلِنُ مَبادِئ الإِنجيل وَالمـَفاهيم الأَخلاقيَّة وَالرُّوحِيَّة الصّحيحَة وَالصّالِحَة مِن دونِ خَجَلٍ وَخَوف، بَل بِمَحَبَّة وَوَداعَة.
إِنَّ الرَّبَّ يَسوع أَمينٌ وَصادِقٌ في وعودِهِ، وهوَ يُؤَيِّدُنا بِكَلِمَتِهِ وَروحِهِ القُدّوس وَآياتِهِ عِندَما نُتَمِّمُ مَشيئَتَهُ القُدّوسة. العالَم اليَوم بِأَمَسِّ الحاجَة لنورِ المـَسيح، وَعلى كُلّ واحِدٍ مِنَّا أَن يَحمِلَ نورَ الإِنجيل لِكَيْ يَعرِفَ العالم الحَقَّ في الخَيرِ وَالمـَحَبَّة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!