موقع Allah Mahabba يَسوعُ يُحَرِرُكَ مِنْ إِنشِغالاتِكَ اليَوميَّة، لِكَي تَتبَعَهُ!
تُفتَتَحُ بِشارَةُ العَهد الجَديد في عِبرِ الأُردُن مَع يوحَنَّا المـَعمَدان، وَفي الجَليلِ مَعَ الرَّبَّ يَسوع. وَالسّؤالُ يُطرَح لِماذا لَم تَنطَلِق البِشارَةُ مِن هَيكَلِ أُورَشَليم، وَفقًا للإِيمانِ اليَهوديّ حَيثُ حُضورُ الله؟ يُختَصَرُ الجَوابُ بِأَمرَين: تَجديدُ مَسيرَةُ سُكنى وحضور اللهِ حَيثُ شَعبَهُ يُقيم، وَدَعوَةُ اللهِ المـُوَجَّهة إِلى الجَميع وَلَيسَ فَقَط إِلى آلِ إِسرائيل. هَيكَلُ أُورَشَليمُ هوَ فَقَط مَركَزُ العِبادَة الخاصّ بِاليَهودِ، وَفيهِ رِواقٌ لِلوَثَنِيّين يُسمَح لَهُم الدُّخول إِلَيهِ لِأَسبابٍ أَوَّلُها سِياسِيّ، إِجتِماعيّ وَإِقتِصاديّ، وَآخِرُها روحيّ. مَعَ هذا التَّحَوُّل يُصبِح أَنَّ الرَّبَّ قَصَدَنا وَافتَقَدَنا بِكَلِمَتِهِ حَيثُ نَحنُ، قَبلَ أَن نَقصُدَ المَكانَ الَّذي نَعتَقِد أَنَّهُ مُقيمٌ فيهِ بِشَكلٍ حَصريّ.
بَعدَ أَن خُفِتَ صَوتُ يوحَنَّا المـَعمَدان، وَبَعدَما أُلقِيَ في السِّجنِ، نَسمَعُ صَوتَ يَسوعَ يَعلو في جَليلِ الأُمَم، وَنراهُ يَدعو تَلاميذَهُ الأَوَّلين. يَبدَأُ تَأسيسَهُ لِكَنيسَتِهِ إِنطِلاقًا مِنْ لِقاءاتِهِ الشَّخصِيَّة مَع الَّذينَ يَدعوهُم لِيَكونوا تَلاميذَهُ وَبَعدَها سَيُصبِحونَ رُسُلًا باسمِهِ.
يُخبِرنا الإِنجيليّ مَرقُس عَنْ مَضمون كِرازَةِ يَسوع مِن خِلال ثَلاثِ نِقاط: أَوَّلًا الوَقت الحاضِر. ثانِيًا دُنُو مَلَكوت الله. وَثالِثًا أَهَمّيَّة قَبول البِشارَة بإِيمانٍ وَتَوبَة. “حانَ الوَقت وَاقتَرَبَ مَلَكوتُ الله، فَتوبوا وَآمِنوا بِالبِشارَة” (مر 1: 15). يُضافُ إِلى كَلِمَة يَسوع أَهَمّيَّةُ اللِّقاء الشَّخصيّ وَالإِنطِباعَ الَّذي يُؤَثِّر عَلى مَنْ يَسمَع بِإِيمانٍ وَتَوبَة، وَيَقبَل دَعوَتَهُ.
نَرى يَسوع بِشَخصِيَّةِ الفُضوليّ الَّذي يَمضي إِلى أَشخاصٍ مُنهَمِكينَ في عَمَلِهِم، يُكَلِّمُهُم عَنْ مَوضوعٍ لا يَعني إِنشِغالاتِهِم المُباشَرَة، وَلَكِنَّهُ يَعني كُلَّ حَياتِهِم وَعَلاقَتِهِم بِالله، فَيَجعَلَهُم يَتبَعونَهُ عَلى الفَور. هَل استَخدَمَ أُسلوبَ المـَنطِقِ وَالإِقناع، أَم شَخصِيَّتَهُ عَكَسَت تَمامًا مَضمونَ الحَقّ الَّذي نَطَقَ بِهِ؟ مِنَ المـُؤَكَّد أَنَّهُم وَجَدوا فيهِ أَنَّهُ الطَّريقُ وَالحَقُّ وَالحَياة، فَتَبِعوهُ مِنْ دونِ تَرَدُدٍ، لِأَنَّهُم أَيضًا لَمَسوا فَرَحَهُ وَسَلامَهُ وَعَرَفَوا مَحَبَّتهُ لَهُم.
مُعظَمُنا نَنشَغِلُ في أُمورٍ عَديدَة، فَيُهدَرَ وَقتُنا سُدًى، وَنَجِد أَنفُسَنا بِحالَةٍ مِنَ الغَضَبِ. نَسْمَعُ يَسوع يَدعونا لِنَتَنَبَّه إِلى أَهَمِيَّة الوَقتِ الحاضِر، وَمِن خِلالِهِ يَربُطُنا بِمَلَكوتِهِ. هذا ما فَعَلَهُ مَعَ تَلاميذِهِ الأَوَّلين. كُلُّنا نَسعى إِل تَأمينِ احتِياجاتِنا المادّيَّةِ، وَلَكِنْ يَسبِقُها مَعرِفَة مَحَبَّة اللهِ وَعِنايَتِهِ اللَّذَينِ يُوَلِّدانِ سَلامًا وَقَناعَةً وَفَرَحًا. نَسمَع يَسوع يَدعونا إِلى التَّوبَة، وَالَّتي عَنى بِها عَودَتُنا إِلى أَصلِ هُوِيَّتِنا، وَبِالتَّالي عَودَتَنا إِلى عَيشِنا البُنُوَّة مَعَ اللهِ أَبينا. تُؤَمِّنُ لَنا هَذِهِ العَودَة الضَّمانَة لِحَياتِنا، لِأَنَّنا نَكتَشِفُ مَعَ يَسوع عِنايَةَ الآبِ السَّماويّ بنا، وَأَيضًا تُعطينا المَعنى فَلا نَهدُر حَياتَنا سُدًى. لِهذا السَّبَب تَرَكَ التَلاميذُ شِباكَهُم وَالصَّيدَ وَتَبِعوا يَسوع. نَسمَع يَسوع يَدعونا إِلى الإِيمانِ بِكَلِمَتِه، وَهذا ما فَعَلَهُ مَعَ تَلاميذِهِ، إِذ لَمَسوا صِدقَ الحَقِّ الَّذي يَنطِق بِهِ، لا على مُستَوى العَقلِ وَالمـَنطِق، بَل عَلى مُستَوى الكِيان وَالوجود. ما زالَ يَسوع يَدعونا لِنُؤمِنَ بِكَلِمَتِهِ، فيما نَحنُ نُؤمِن بِكَلامِنا عَن أَنفُسِنا وَبِكلامِ الآخَرينَ عَنَّا. إِذا شُتِمْنا نَظُنُّ أَنَّنا لَسنا بِصالِحين، وَلَكِن الَّذي يُؤمِنْ بِكَلِمَةِ اللهِ لا يَسمَح لِكَلامِ روحِ العالَم أَن يَعصِفَ فيهِ.
إِنطِلاقًا مِن هُنا، نَكتَشِفُ أَنَّهُ لا أَحَدَ يَستَطيعُ أَنْ يَتَخَلَّى عَن شَيءٍ يَملِكْهُ قَبلَ أَن يَأخُذَ شَيئًا مَكانَهُ وَأَكثَر أَهَمِيَّةً مِنْهُ. هذا ما صَنَعَهُ يَسوعُ مَع تَلاميذِهِ، وَيُريدُ أَن يَصنَعَهُ مَعَنا. هوَ لا يُعطينا ضَماناتٍ مادِّيَّة، وَلا أَفكارٍ فَلسَفِيَّة، هوَ يُعطينا قيمَةَ وَأَهَمِيَّةَ أَن نَعيشَ مَعَهُ وَأَن يَكونَ روحَهُ فينا، وَهذا الأَمر يَجعَلُنا بِحالَةٍ مِنَ السَّلامِ الدَّاخِليّ، لِأَنَّنا نَعلَمُ أَنَّ تَعزِيَتَنا لا نَأخُذَها مِنْ هذا العالَم، وَلا أَجرَنا، بَل إِتِّباعَنا لِشَخصِهِ يَجعَلُنا نَجِدْ أَنفُسَنا مَحبوبينَ مِنَ الآبِ السَّماويّ وَمَغمورينَ بِروحِهِ الحَيَّ وَالقُدُّوس.
فَلنَطلُب مِنْ يَسوع أَن يُحَرّرَنا دائِمًا مِنْ إِنشِغالاتِنا لِكَيْ يَكونَ هوَ نَفسُهُ شُغْلنا الدَّائِم، بِقَّوةِ مَحَبَّتِهِ وَغُفرانِهِ وَسَلامِه.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!