موقع Allah Mahabba هَل أَعرِفُ المـَسيحَ أَمْ أَعرِف عَنْهُ؟
لا يُخبِرنا الإِنجيليّ مَتَّى وَلا باقي الإِنجيليّين الإِزائِيّين، عَنْ المُدَّة الَّتي قَضاها الرَّبّ يَسوع مَع تَلاميذِهِ قَبلَ أَن يَسأَلَهُمْ عَنْ هُوِيَّتِهُ الحَقيقيَّة. بينَما يُخبِرُنا الإِنجيليّ يوحَنَّا في مَطلَعِ بِشارَتِهِ أَنَّ التَّلاميذ الأَوائِل آمَنوا بِهِ عَلى أَنَّهُ المـَشيحا. يُقَدِّمُ لَنا الإِنجيليّ مَتَّى ثَلاثَ مَحَطَّات (عِظات) مِنَ الوَعظِ وَالتَّعليمِ وَالآياتِ الَّتي أَجراها الرَّبَّ يَسوع عَلى مَرأى وَمَسمَعِ التَّلاميذ. في المَحَطَّة الثَّانِيَة جَعَلَ رُسُلَهُ يَختَبِرونَ سُلطانَ مَسيحانِيَّتِهِ إِذْ أَرسَلَهُم أَمامَهُ إِلى الخِرافِ الضَّالَّةِ مِنْ آلِ إِسرائيل. انطِلاقاً مِنْ هُنا، نَكتَشِفُ أَنَّ سُؤالَ يَسوع لِتَلاميذِهِ كانَ مَبنِيّاً عَلى أَساسٍ تَربَويّ وَإِنسانيّ، فيهِ الكَثير مِنَ الحِكمَةِ وَالفِطنَة.
مِنَ الجَيِّد لَنا التَّوَقُّف عِندَ الإِطارِ المَكانيّ لِسُؤالِ يَسوع. هَو لَمْ يَسأَل التَّلاميذُ وَلا مَرَّةٍ قَبلاً، مَنْ هوَ بِالنِّسبَةِ لَهُم، على أَثَرِ تَعليمٍ صَدَرَ مِنهُ أَو مُعجِزَةٍ اجتَرَحَها. أَوَّلُ مَرَّةٍ صَرَخوا أَنَّهُ بِالحَقيقَةِ ابنُ اللهِ، كاَنت لَحَظَةَ نَجَّاهُمْ مِنَ الغَرَقِ في البَحرِ، وَرُغمَ ذَلِكَ لَمْ نَسمَعْهُ يَسأَلُهُم عَنْ هُوِيَّتِهِ، بَل عَنْ إِيمانِهِم.
يَمضي يَسوع بِتَلاميذِهِ إِلى خارِجِ إِطارِ رِسالَتِهِ الجُغرافِيَّة. يَخرُجُ بِهِم إِلى مَكانٍ قَفِرٍ في نَواحي قَيصَرِيَّةِ فيليبُّس. كَأَنَّهُ يأتي بِهِم إِلى خُلوَةٍ روحِيَّة، وَهُناكَ طَرَحَ عَلَيهِم سُؤالَين لِجَوابٍ واحِد: مَنْ أَنا في قَولِ النَّاس، وَمَنْ أَنا في قَولِكُم أَنتُم؟. نَحنُ أَيضاً مَدعُوُّون لِنُجيبَ على سُؤالِ يَسوع في خُلوَةِ صَلاتِنا الشَّخصِيَّة، مَنْ هوَ بِالنِّسبَةِ لنا شَخصِيّاً.
مِنْ خِلالِ جَوابِ التّلاميذ، وَأَخيراً جَوابَ سِمعانَ بُطرُس نَتَعَلَّمُ أَمرَين:
الأَوَّل، أَهَمِّيّة إِعادَة قِراءَة حَياتَنا وَخِبرَتَنا مَعَ الرَّبّ، وَتَأثير أَقوالِ النَّاسِ فينا. أَيُّ انطِباعٍ يُقَدَّمُ لَنا عَنْ الرَّبِّ مِنَ النَّاس؟ لَقَد رأَوا بِيَسوع وَجهَ النَّبِيِّ الثَّائِرِ وَالقَويّ، هوَ مِثلُ إِيليَّا وَإِرميا وَيوحَنَّا المـَعمَدان. مِن هُنا نَكتَشِف وَجهَ يَسوعَ في المـُجتَمَع. إِنَّهُ شَخصِيَّة قِيادِيَّة حُرَّة وَمُؤَثِّرَة، أَذْهَلَت النَّاس، وَأَخافَت السُّلُطات الدّينيَّة وَالسياسَيَّة.
الثَّاني، أَهَمِّيَّة التَّنَبُّه في إِعادَةِ قِراءَةِ خِبرَتِنا مَع الرَّبّ، إِلى ما يَكشِفهُ لَنا الرُّوحُ القُدُس في حَياتِنا. إِنَّهُ يُعَبِّر عَنْ هُوِيَّتِهِ الإِلَهِيَّة. هذا الأَمر يَفوقُ قُدرَةَ عَقلِنا وَفَهمِنا.
مَع إِعلان سِمعان بُطرُس أَنَّ يَسوع هوَ لَيسَ فَقَط المـَسيح المـُنتَظَر، إِنَّما ابنُ اللهِ الحَيّ. نَكتَشِف المـُفارَقَة الَّتي قادَهُ الآبُ إِلَيها بِروحِهِ القُدُّوس. يَسوع أَعظَمْ مِنْ نَبِيّ. يَسوعُ هوَ الإِبن الحَبيب، هوَ مَرضاةُ الآب. انطِلاقاً مِنْ هُنا، أَصبَحَ كُلّ التَّعليم وَكُلّ المُعجِزات الَّتي جَرَتْ على مَرأى وَمَسمَع التّلاميذ، تَعنيهِم شَخصِيّاً لِكَيْ يَدخُلوا في عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَع مَنْ هوَ القُدّوس وَالحَيّ. هُناكَ فَرقٌ كَبيرٌ وَشاسِع ما بَين أَن أَعرِف عَنْ الشَّخصِ أَشياءً انطِلاقاً مِمَّا يَقومُ بِهِ، وَأَن أَعرِفَهُ شَخصِيّاً، فَأَعرِفَ أَنَّ كُلّ ما يَقومُ بِهِ هوَ ناتِجٌ عَنْ هُوِيَّتِهِ الحَقيقيَّة.
وَجَّهَ يَسوع سِمعانَ بُطرُس إِلى مَصدَرِ جَوابِهِ، مُعِّلماً إِيَّاهُ الإِصغاءَ لِعَمَلِ الرُّوحِ القُدُسِ في حَياتِهِ، لِكَيْ يُدخِلَهُ أَكثَر في جَوهَرِ الكَشف الإِلَهيّ. على هذا الأَساس أَظهَرَ نُقطَتَين:
الأُولى: تَعني هُوِيَّة سِمعان بُطرُس الجَديدَة وَدَعوَتَهُ في قَلبِ الكَنيسَة. دائِماً مَعرِفَةُ الرَّبّ تَبقى المَدخَل الأَساسيّ إِلى مَعرِفَةِ أَنفُسِنا الحَقيقيَّة وَفقاً لِنَظرَتِهِ المُحِبَّة لَنا.
الثَّانِيَة: يُشيرُ بِها إِلى أَنَّ إِكتِمال تَجَلّي هُوِيَّتَهُ المَسيحانِيَّة وَالإِلَهِيَّة كَإِبنٍ لله، سَتَتَحَقَّق في المَوتِ وَالقِيامَة.
يَبقى السُّؤال مَطروحاً على كُلِّ واحِدٍ مِنَّا، مَنْ هوَ يَسوع بِالنِّسبَةِ لي؟ هَل أنا أَعرِفْهُ شَخصِيّاً، أَم أَعرِف عَنْه؟
فَلنَطلُب مِنَ الآبِ السَّماويّ، أَن يسمَح لَنا كَما سِمعانَ بُطرُس أَن نَعرِفَ ابنَهُ الحَبيبِ يَسوع، وَأَن نُعلِنَ عَنْ إِيمانِنا بِهِ مِنْ خِلالِ اتِّباعِنا لَهُ كَتَلاميذَ حَقيقيّين. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!